3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الخميس

1 بداية حرب التخوين بين عملاء النظام الإيراني في العراق حامد الكيلاني العرب بريطانيا
نتجه بعجالة إلى مرحلة طوارئ إيرانية في العراق، ظواهرها استنفار الأحزاب والميليشيات الطائفية ضد حيدر العبادي لإعلانه التزام العراق بالعقوبات رغم تعاطفه مع إيران وتعجيله بتحديد موعد فوري لزيارة طهران لتداول “القضايا الاقتصادية”.
دفع العراق كلياً إلى أحضان الميليشيات التابعة لهاما إن دخلت الوجبة الأولى من العقوبات الاقتصادية على نظام طهران حيز التنفيذ، وهي عقوبات دولية في شموليتها المتنامية، حتى بدت الأعراض المرضية في السياسة والاقتصاد والأمن جلية وواضحة في العراق. بغداد من ضمن أربع عواصم عربية تقع تحت نفوذ وسيطرة إيران، حسب تصريحات الملالي، بل إن بغداد اختارتها مخيّلة حلمهم التوسعي عاصمة لإمبراطوريتهم بناء على المتغيرات الجوهرية بعد الاحتلال الأميركي ومحتوى التفاهمات في تسليم العراق إلى نظام ولاية الفقيه وعملائه، رغم أن الإدارات الأميركية المتعاقبة في البيت الأبيض على إطلاع بتاريخ العلاقة القريبة بين البلدين، وأيضاً على معرفة بحجم الألغام في بيئة وتركيبة المجتمع العراقي. ألغام بمعظمها مشخصة ومعلومة وكانت قبل الاحتلال مسيّجة كأرض حرام تمنع الدولة الاقتراب منها، ويتعرض من يتجاوز خطوطها إلى إدانة مجتمعية قبل إدانة القانون.
إيران بعد العقوبات، إما إنها ستسحب العراق إليها لتناور به في تدعيم اقتصادها وسد الثغرات في ردات فعل المواطن الإيراني، أو ستدفع بالعراق إلى هاوية مواجهات دموية وزعزعة بقايا استقراره ووحدته لتصنع منه ساعي بريد سريع التوصيل لرسائل تهديد ترتقي إلى الإرهاب تأكيداً منها على مخاطر الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في تحذير تضعه على طاولة دول الاتحاد الأوروبي، ومنها الدول الموقعة على الاتفاق لحثها على الإبقاء عليه وخرق العقوبات مستغلة “الحرب الضريبية والتجارية” وكذلك التلويح الجاد بإعادة تنشيط مفاعلاتها النووية، مع إطلاق خبر تجهيز إيران باليورانيوم المخصب من روسيا في إشارة لتسريع إنتاج أجهزة الطرد المركزي.
يبدو أننا نتجه بعجالة إلى مرحلة طوارئ إيرانية قصوى في العراق، ظواهرها استنفار الأحزاب والميليشيات الطائفية ضد رئيس الوزراء حيدر العبادي لإعلانه التزام العراق بالعقوبات رغم تعاطفه مع إيران وتعجيله بتحديد موعد فوري لزيارة طهران لتداول “القضايا الاقتصادية”.
الميليشيات في العراق تلاطمت أمواج مشاعرها وفاضت على منصات الخطابة والإعلام حد أنها صدحت بما يتعدى “بالروح بالدم نفديك يا إيران”، فديون عراق الميليشيات لولاية المرشد خامنئي لا يمكن إيفاؤها؛ لذلك كان التصعيد بعدم استقبال العبادي إيرانياً مع تأخير نتائج الانتخابات النهائية وتعثر تشكيل الكتلة الأكبر وقطع إمدادات الكهرباء والوقود من إيران وتصاعد الاحتجاجات. تضع الميليشيات وتحالفها السياسي قوة ردع لأي حكومة مقبلة يتوقع أن يقف من خلفها برلمان بمقاعد ميليشياوية وأصوات طائفية حد النخاع ساهمت مسبقاً في تدنيس وحدة العراق وطعنت بحرائره وتشفت بتدمير مدنه وتشريد أهله وإذلالهم.
ربما أخطأ المرشد ونظامه مع ميليشياته في العراق بالتهجم على أحد أبناء حزب الدعوة من المخلصين للملالي وولاية الفقيه، فالعبادي بقراره “المدروس” أدرى بأعضاء حزبه في الدعوة وتربصهم في دولة قانون نوري المالكي لولاية ثالثة لشخص المالكي أو لمن يرشحه أو لمن يدعمه من مرشحي الميليشيات، لكن يبدو أن رهان العبادي على تفاهماته مع المرشد أثناء زيارته الملغاة أو المؤجلة لطهران، قطعت عليه الطريق نحو فترة ثانية في التحكم بالعراق من أحد طرفي معادلة الاحتلال الأميركي الإيراني؛ رغم أن النظام في إيران كان يمكنه تقييم دور العبادي على ضوء مرحلة العقوبات كوسيط إيراني كامل الأهلية بقناع دولة عراقية مستقلة وذات سيادة تمارس دورها في المجتمع الدولي وتلتزم بالقرارات المؤثرة في كيانها.
القرار الإيراني اتجه أو يتجه إلى الاختيار الثاني في دفع العراق كلياً إلى أحضان الميليشيات التابعة لها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في مواجهة العقوبات، وتلك إرادة تتزاحم فيها المحاور الدولية، ولا تمثل بالضرورة إرادة كلية للنظام في طهران إذا ما قارنا بين الإمكانات الفعلية في إيران وتجرئها على عدم تقدير مخاطر تهديدها لممرات تجارة النفط العالمية، أو تصعيدها المتعلق بتطوير برنامج صواريخها الباليستية أو برنامجها النووي أو مطالبتها الاتحاد الأوروبي بعدم الاستجابة للعقوبات.
الاجتماعات الإيرانية – الروسية – العراقية – السورية في بغداد والتنسيق تحت مبرر الحرب على الإرهاب ينسحب كما رددنا مراراً نحو نيات التمدد الروسي أو التمهيد له بمواطئ قدم استثمارات نفطية وتجارية محددة في إقليم كردستان وباقي العراق، والرغبة بإنشاء قاعدة عسكرية دائمة فيه ربما تكون من بعض قواعد إرساء خرائط تموضعات روسية أميركية قابلة للتحقق في ظل موازين متباينة بين دولة عظمى ودولة كبرى، رغم إدراكنا أنها تباينات ضاربة في نشرات الأخبار غير أنها لا علاقة لها بالحبال السرية التي تشد المصالح كما تشد وترخي عصب التوازنات في العالم.
انخفاض سعر العملة الوطنية في العراق مقابل الدولار بمجرد فرض العقوبات على إيران، مع انهيار ثقة المواطن بغده في ظل نظام سياسي أثبت فشله وعجزه وفساده طيلة أكثر من 15 سنة من الاحتلال، ولانعدام احترام المواطن للنظام ومؤسسات الدولة لغياب النموذج أو المثال واستمرار الأحزاب بالسرقات والاغتناء، وما رافق الانتخابات البرلمانية من فضائح تزوير وحرائق، دفع بعض العراقيين من الذين يمتلكون أدوات الطباعة التقليدية وغير المتخصصة بطباعة العملة النقدية إلى استسهال طباعة العملة العراقية وأيضاً العملة الصعبة بسذاجة فنية بالغة لتسويقها على البسطاء، رغم أن هذا النوع من الطباعة تحتكره دول معينة لمواصفاته الفنية المعقدة ولحاجته لكوادر مدربة ذات خبرة عالية، وما أقدم عليه هؤلاء أمر لا يؤثر كثيراً على الاقتصاد إنما له مردودات إنسانية وحياتية على من يقعون ضحية المقايضة في أرزاقهم اليومية.
الأثر الأكبر في التخوف يكمن في نشاطات أكبر وتعاملات مصرفية تحت إشراف مافيات غسيل الأموال وتبادلات مالية كالتي جرت عند تبديل العملة العراقية بعد الاحتلال في جريمة اقتصادية أثرى من خلالها المئات أو الآلاف من المزورين بملايين العملة الجديدة بعد التواطؤ باستلام العملات المزورة وحرقها رسميا.
سبق لإيران وأن ساهمت بتدمير العملة في زمن الحصار وذلك بضخ العملة الصعبة المزورة المطبوعة في إيران، إضافة إلى وسائلها الأخرى بتدمير الزراعة كما تفعل في الحاضر؛ ثمة إرباك وفوضى نقدية ستزداد مع تقدم العقوبات وهيمنة الميليشيات والقرار الإيراني في العراق الذي سمح لآية الله مجتبى الحسيني ممثل الإمام الخامنئي في العراق بإصدار بيان يشكر فيه المواقف المؤيدة لإيران ويندد ويهاجم “عديمي الوفاء تجاه المواقف الإيرانية من العراق”.
للحقيقة لم أكن أعلم وجود ممثل دائم للولي الفقيه الخامنئي في العراق، وحسن الظن ذهب بي إلى تدخلات إيرج مسجدي في الشؤون العراقية وواجبات الجنرال قاسم سليماني وأوامره كمستشار لرئيس وزراء “العراق” للشؤون الأمنية.
ماذا يعني وجود ممثل دائم للخامنئي في العراق من رجال الدين؟ فضلاً عن إصداره بيانا من داخل العراق يشكر فيه كل عملاء الاحتلال الإيراني ويستكثر على حيدر العبادي حتى “خائنة الأعين” في تعامله مع العقوبات بصفته رئيس وزراء للعراق؛ رغم أن العبادي وحزب الدعوة والأحزاب الطائفية وغالبية من شارك بعملية المحتل السياسية، طالما خانوا، من أجل المرشد وولاية الفقيه، بلادهم ووطنهم الأم.
2 العراق متحرراً من إيران فريد أحمد حسن الوطن البحرينية
بشن هجوم عنيف ضد رئيس وزراء العراق حيدر العبادي فور إعلانه موقف العراق التزامه بالعقوبات الأمريكية على إيران فضح النظام الإيراني نفسه وأكد أنه يعتبر العراق مستعمرة إيرانية وأن تواجده في هذا البلد العربي ليس من أجل سواد عيون العراقيين، ما اضطر العبادي إلى إلغاء زيارته المرتقبة إلى طهران والتي نفت طهران علمها بها رغم أن هدفها شبه المعلن هو بحث القضايا الاقتصادية بين البلدين.
وسائل الإعلام الإيرانية شنت هجوماً عنيفاً على العبادي، ونشر الحرس الثوري تقريراً مطولاً عبر وكالة «تسنيم» التابعة له ذكر فيه إن «الأوساط الإيرانية تستنكر هذا الموقف من رئيس الوزراء العراقي».
المثير في هذه التطورات أن الجماعات والأحزاب الشيعية الموالية لطهران انتقدت القوى العراقية وقالت إنها تقوم بتخريب العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، ما يعني أن إيران بدأت ممارسة ضغوطها على العبادي من خلال تلك الأحزاب الموالية لها والمتحالفة معها.
ما جرى يعني باختصار أن «النظام الإيراني يعتبر العراق تابعاً له وأن عليه أن يقف معه في كل الأحوال وأنه في حال تعرض إيران لضربة فإن على العراق أن يتقاسمها معه.. فأفضال النظام الإيراني على العراق كثيرة.. وحكامه تم تعيينهم من قبله فهم ممثلون له وتابعون ينفذون المطلوب منهم». هكذا ينظر النظام الإيراني للأمور وللعراق ولمسؤوليه، أي أن العبادي ليس فقط ما كان ينبغي منه أن يصرح بذلك التصريح وإنما كان عليه أن يحصل قبل أن يصرح به على رخصة من قادة النظام الإيراني، وإلا فما هو تفسير النائب في البرلمان الإيراني الذي نشره عبر تغريدة في حسابه على «تويتر» رداً على تصريحات العبادي بخصوص العقوبات الأمريكية على إيران وجاء فيه إن «على إيران أن تطالب العراق بدفع 1100 مليار دولار كغرامة عن أضرار الحرب الإيرانية العراقية ؟!
موقف النظام الإيراني من تصريحات العبادي وإعطاء ترسانته الإعلامية الضوء الأخضر للهجوم عليه يفهم منه أن على العبادي أن يتراجع عن تصريحاته وإلا فإنه سيطير لأنه ليس إلا ممثلاً لخامنئي الذي هو ظل الله سبحانه وتعالى على الأرض.
لا يهم النظام الإيراني إن كان موقف العراق تجاه العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران «نابع من المصلحة العراقية العامة» كما قال المتحدث باسم مكتب رئيس الحكومة العراقية، ولا يهم النظام الإيراني القول بأن هذا الموقف «لم يكن ارتجالياً أو متسرعاً بل خضع لدراسة وحسابات تخص مصلحة العراق والعراقيين ولم يكن فيه أي تأثر بمواقف دول أخرى أو أحزاب سياسية معينة»، كل هذا لا يهم النظام الإيراني ولا يعني له شيئاً لأنه يريد من العراق أن يكون تابعاً له، بل أنه يعتبره كذلك، وبالتالي فإن عليه ألا يغامر بالقيام بشك خيط في إبرة من دون موافقة الولي الفقيه !
النظام الإيراني يعتبر تصريحات حيدر العبادي تمرداً عليه ووقوفاً مع المعسكر الأمريكي، وهو ما أكده موقع «الدبلوماسية الإيرانية» التابع لوزارة الخارجية الإيراني الذي نشر مقالاً باسم أحد الكتاب «يصف فيه موقف العراق بموقف أصحاب الإمام الحسين عليه السلام الذين تركوه يواجه مصيره وحيداً في صحراء كربلاء»!
ما سيحدث الآن وتالياً هو أن النظام الإيراني سيقوم بحملة شرسة ضد العبادي لمنعه من الوصول إلى ولاية ثانية، وسيدفع من أجل ذلك بكل عناصره وخصوصاً ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري.
يقول العرب «رب ضارة نافعة»، فهل يستغل العراق ما حصل ويعلن تمرده على النظام الإيراني و«يؤمم» نفسه؟ وهل يواصل العبادي موقفه ليخرج وقد نقش اسمه في تاريخ العراق والمنطقة بأحرف من نور؟
11
3 العبادي.. المطرود من جنة “ولاية الفقيه”!
وليد صبري
الوطن البحرينية
وجد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نفسه فجأة في موقف لا يحسد عليه، بين مطرقة إيران وسندان أمريكا، لاسيما فيما يتعلق بقضية التزام بلاده بتنفيذ عقوبات واشنطن على طهران، خاصة وأن العبادي أطلق تصريحات الأربعاء الماضي، نقلتها وسائل إعلام محلية ودولية، أتت قبل عزمه القيام بزيارة إلى كل من أنقرة وطهران الثلاثاء والأربعاء، قبل أن يلغي زيارة الثانية، أكد فيها أن «بغداد ستلتزم بالعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران»، مشيراً إلى أن «ذلك لحماية مصالح شعبه»، واعتبر أن «بلاده ستخسر بخلاف ذلك»، في إشارة إلى عدم التزامها بتلك العقوبات، حيث رأى من جهة نظره أن «عدم الالتزام بتلك العقوبات لن يقدم شيئاً لإيران»، مضيفاً «بل على العكس عدم الالتزام سيؤذي شعبنا وبلادنا وهذا أمر غير مقبول».
وحاول العبادي أن يكون دبلوماسياً لأقصى درجة وألا يستفز أنصار إيران في العراق وخارجها خاصة الميليشيات المسلحة وقبلها الأحزاب الموالية لطهران، حينما لفت إلى أن «بلاده لن تستطيع التعامل بالدولار الأمريكي إلا عن طريق البنك الفيدرالي الأمريكي ولن تستطيع الخروج عن المنظومة الاقتصادية العالمية»، لاسيما وأن العقوبات الأمريكية الجديدة ضد طهران والتي فرضتها واشنطن الثلاثاء الماضي تستهدف مشتريات طهران من الدولار الأمريكي، وتجارة الفحم، والسيارات، وتجارة المعادن، وبرمجيات الصناعة، فيما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واضحاً في تحذيره بمنع الشركات التي تتعامل مع طهران من القيام بأية أنشطة في أمريكا، وفقاً للعقوبات الجديدة المفروضة على حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني.
لكن تلك التصريحات كانت سبباً رئيساً ومباشراً في أن تفتح طهران وميليشياتها المسلحة في العراق، النار على العبادي وتصريحاته، مهاجمة إياه، ولم يكن الهجوم عتابا بقدر ما كان محاولة إذلال لرئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، الذي وجد نفسه فجأة مطروداً من جنة «ولاية الفقيه»، خاصة وأن طهران وميليشياتها المسلحة غمزت من قناة «نكران الجميل» و«عدم الاعتراف بفضل إيران على العراق»، وفسر ذلك جلياً في تصريحات مجتبى الحسيني، ممثل المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي لدى العراق، حينما صب جام غضبه على العبادي قائلاً «تصريحات رئيس الوزراء اللامسؤولة لا تنسجم مع الوفاء للمواقف المشرفة للجمهورية الإسلامية ودماء الشهداء التي قدمت للدفاع عن العراق وتطهير أرضه من لوث «داعش»»، مضيفاً «نأسف على موقفه هذا (…) إنه يعبر عن انهزامه تجاه أمريكا» كما أنه «لا يتلاءم مع الروح العراقية التي قدمت بطولات كبيرة في مقارعة «داعش» المدعوم من قبل أمريكا».
وابتزاز إيران للعراق تمارسه الأولى بين فترة وأخرى، لعل آخرها قبل نحو شهر، حينما قطعت الكهرباء التي تصدرها إلى جنوب العراق، من أجل تشكيل حكومة موالية لطهران، خاصة وأن إيران تنتج نحو 58 ألف ميغاواط تحتاج منها نحو 42 ألف ميغاواط للاستهلاك المحلي، الأمر الذي أدى إلى اندلاع احتجاجات حاشدة ضد العبادي وحكومته.
واكتمل الهجوم الإيراني على العبادي برفض زيارته لطهران، والتي كانت مقررة الثلاثاء، بإعلان المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الإيرانية برهم قاسمي لوكالة «إيسنا» الإيرانية شبه الرسمية والتي قال فيها «ليس لدينا أي معلومات عن مثل هذه الزيارة»، في إشارة إلى عدم رغبة طهران في تلك الزيارة وتجاهلها، خاصة وأن وسائل إعلام إيرانية كانت قد أعلنت قبل أيام عن موعد زيارة العبادي لطهران وترتيباتها.
الميليشيات والأحزاب العراقية الموالية لإيران، لم تكن أقل مستوى في هجومها على العبادي من ممثل خامنئي في العراق، خاصة منظمة «بدر» بقيادة هادي العامري، و«عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، وقبلهما حزب «الدعوة الإسلامية» الذي ينتمي إليه العبادي، حيث لم ترفض تلك الكيانات العقوبات الأمريكية فقط، بل شنت هجوماً عنيفاً على رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته.
وحاول العبادي عبثاً احتواء الموقف وأن يحتفظ بخط رجوع حينما أكد قبل ساعات، «التزام بلاده بعدم التعامل بالدولار»، مستبعدا «التزام بلاده بالعقوبات الأمريكية على طهران»، لكن اللافت في التصريحات الأخيرة للعبادي باستثناء قضية تراجعه عن مسألة الالتزام بالعقوبات، هجومه الضمني الشرس على الميليشيات المسلحة في العراق، حينما قال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي «لا نتراجع عن حقوق شعبنا، يريدون أن يضغطوا علينا حتى نقدم مصالح عصابات على مصالح الشعب العراقي، هذا لا يمكن».
ووفقاً لإحصائيات اقتصادية بثتها وكالة الصحافة الفرنسية فإن «قيمة الواردات العراقية من إيران باستثناء المحروقات بلغت نحو 6 مليارات دولار، فيما يعد العراق ثاني أكبر مستورد للمنتجات الإيرانية»، بيد أن المعلومة الأبرز التي أوردتها الوكالة هي أن «المحافظات العراقية المتاخمة لإيران تعتمد بشكل كبير على إيران في دعم الطاقة لاسيما قضية تزويدها بالكهرباء»، وهو ما ذهبت إليه في تقدير أن العراق سوف يكون المتضرر الأكبر من العقوبات الأمريكية على إيران نتيجة احتياجات حكومة بغداد من المنتجات الإيرانية الأساسية بالإضافة إلى الطاقة المستوردة من طهران، وهذا ما يفسر الابتزاز الإيراني الأخير للعراقيين.
وقفة:
يبدو أن العبادي لم يدرك أن تبعية العراق لإيران طوال السنوات الماضية لها ثمن باهظ لن يقف عند حد ابتزاز «ولاية الفقيه» للعراقيين وإذلالهم بقطع الكهرباء عنهم فقط!