7 مقالات عن العراق يوم السبت في الصحف العربية

1 استراتيجية النفط والسلاح والبرلمان بيد الميليشيات في العراق حامد الكيلاني العرب بريطانيا

أكثر من 15 سنة من حكومات الاحتلال الأميركي والإيراني، انتهت إلى استراتيجية بناء دولة الفساد والمحاصصة والامتيازات، وزرع الانقسام بين أبناء المحافظات وأبناء المناطق داخل المحافظات.
المتظاهرون كتبوا بوعي أهازيجهم الشعبية ليصنعوا من راية العراق الموحد مظلة جماعية فوق رؤوسهم
أجهزت قوات مكافحة “الشعب” على خيام الاعتصامات في البصرة حيث أقامها المتظاهرون قبالة حقل غربي القرنة النفطي، وأيضاً أمام موقع حقل البرجسية في مدينة الزبير، والمسافة بين الحقلين توضح حجم الاحتجاجات وانتشارها على مساحة مركز المحافظة وأطرافه البعيدة.
القرنة، ملتقى دجلة والفرات في أحضان شط العرب، مدينة ابتليت بقذائف الراجمات والصواريخ ومدفعية الهجمات الإيرانية طيلة حرب الثماني سنوات، وقدمت المئات بل الآلاف من الشهداء، وتهدم من بيوتها الكثير، بل إنها تعرضت لخروقات عسكرية أثناء الحرب وبعد توقف إطلاق النار كذلك من مجموعات مرتزقة وفصائلهم الميليشياوية التابعة للحرس الثوري الإيراني، التي تتسيد المشهد السياسي اليوم في العراق.
كانت العشائر العربية الأصيلة تتصدى لهم رغم التضحيات وترصد وتراقب خفايا التغلغل، رغم أن هؤلاء من حَمَلة الجنسية العراقية ويتحدثون باللهجات المحلية. ولتلك الأيام ذاكرة لن تمحى لبطولات رجال ونساء مدينة القرنة.
تعرضت القرنة مثل كل المدن الحدودية للويلات، كما البصرة وتحديداً نصف البصرة الشرقي الذي غادرته الأسر عدة مرات تفادياً لمديات القذائف، بعد اكتساب السكان خبرات حربية ومعرفة بأنواع الأسلحة وأسمائها العسكرية وتشخيص أصوات المقذوفات وحجم أضرارها.
المدن الحدودية تمرّست على مواجهة عدوان نظام الملالي، وعدوان ميليشيات كانت تهددهم من خارج الحدود، ومنذ أبريل 2003 صارت تهددهم من داخل الحدود بالعنف والحساب والاعتقالات وأيضا بالجوع والعطش.
القرنة، نموذج لموقع جغرافي يمكن أن يتحول بجهد سنوات قليلة إلى مركز وقبلة سياحية للعالم توفر فرص عمل لأعداد غفيرة من الشباب العاطل عن العمل، إضافة إلى طبيعة سكان البصرة عموماً المنفتحة على عادات الشعوب ولغاتهم ويتجلى ذلك في الأسواق وأسماء الأماكن والبضائع شأنها في ذلك شأن خصوصية الموانئ في العالم.
هذه الأماكن البصْرية نزولاً إلى محافظة ميسان ثم محافظة الكوت وديالى جربت مأزق ومأساة الحرب الدامية في ثمانينات القرن الماضي، وبعض الأقضية والقرى والقصبات تهدمت جزئياً أو كليا، وشهدت هجرات جماعية إلى مدن أخرى نتيجة لعشوائية مفاهيم الحرب بين المواجهات العسكرية واستهداف المدنيين لقرب المدن من الحدود في الجانب العراقي.
العراقيون قاتلوا بضراوة على آبار نفطية معينة، وسُفكت دماء غزيرة وفي ظروف بيئية بالغة التعقيد، وكان استبسالهم وتضحياتهم من أجل ألاّ تذهب أراضيهم وثروات أجيالهم النفطية إلى من يريد احتلالها.
نفط القرنة من أفضل وأرخص عمليات التنقيب والاستخراج، وحتى في زمن الحرب كان حفر العشرات من الآبار مستمراً في جهد يتوخى توفير الزمن واختصار المراحل للمستقبل كآبار جاهزة واحتياطية وبأيادٍ عراقية خالصة.
وكانت رؤية تدفق النفط تلقائيا وإغراقه لبقعة واسعة من الأرض، من المشاهدات المألوفة لمرات التدفق التي كادت أن تغلق الطريق العام الرابط بين ميسان والبصرة؛ وعادة ما تحضر الآليات الهندسية لردم فوهة التدفق بصعوبة تتطلب ساعات من العمل.
رفع خيام الاعتصام بالقوة من أمام حقول النفط هو عمل إرهابي يستهدف معاقبة المتظاهرين الذين يحتمون بالتناوب من ضربات الشمس الحادة في درجة حرارة 44 في الظل وتزيد.
ضربات الشمس من الإصابات الخطيرة وإسعافاتها تحتاج إلى عمليات إسعاف سريعة وفورية؛ لذلك فإن الجيوش المتمرّسة تمنع مقاتليها من مزاولة أي نشاط تدريبي أو تشغيلي من الساعة العاشرة صباحا إلى ما بعد الرابعة عصرا بواقع أجواء ودرجات حرارة مماثلة لأجواء جنوب العراق؛ وطبعا لا توجد إحصاءات عن عدد الإصابات بضربة الشمس بين المتظاهرين بسبب التعتيم عليها.
المتظاهرون كتبوا بوعي أهازيجهم الشعبية ومقاومتهم لدرجات الحرارة ورفع خيام الاعتصام بالقوة، ليصنعوا من راية العراق الموحد مظلة جماعية فوق رؤوسهم في دلالة ورمز معبّرين عن استمرار الاحتجاجات وتواصلها.
لماذا اختار الثوار أماكن الاعتصام بالقرب من حقول النفط؟ لأنهم أرادوا أن يستعيدوا التفكير بما سردناه من إيجاز الوقائع لإيصال رسائل لأعداد لا تحصى من أرواح ودماء الشهداء، وإيصال رسائل المقاتلين الذين مازالوا على قيد الحياة من أهلهم من أبطال بلاد النفط والنهرين والروافد والنخيل ورز العنبر وبساتين الفواكه ومنابع التاريخ والعقول الثرية الخصبة بالإبداع والتعايش مع الإنسانية.
أكثر من 15 سنة من حكومات الاحتلال الأميركي والإيراني، انتهت إلى استراتيجية بناء دولة الفساد والمحاصصة والامتيازات، وزرع الانقسام بين أبناء المحافظات وأبناء المناطق داخل المحافظات. وهي استراتيجية بناء الميليشيات وتجهيزها بمعدات الجيوش والصلاحيات النيابية وثروة النفط في استباحة لمحرمات الدم العراقي بجرائم مافياوية وسرقات واعتقالات جماعية وفرض إرادات طائفية وتنفيذ اختطافات وإعدامات في وضح النهار.
دولة بنظام سياسي احتجز نفسه في الإثراء وعدم الثقة بمصير مستقبله في العراق، لذلك فإن العراق بالنسبة لهم لا يشبه عراق المتظاهرين أو آباء المتظاهرين أو أجدادهم، هناك فاصلة زمنية بمدة محدودة لهذا الاختطاف الذي حصل عن سبق قصد ورصد وتعمد بالاحتلال الأميركي عندما جاء بأحزاب متحاملة وحاقدة على العراقيين.
أحد زعماء الميليشيات من الذين دخلوا العراق بعد الاحتلال وصف، في جلسة خاصة، عمليات التسلل ومشاركته بها لتصيد الجنود في سنوات الحرب، وكيفية انتقامه لإصابة أحد عناصره، بمهاجمة وتفجير موضع وقتل أكبر عدد من الجنود العراقيين بشهية انتقام وتحت نوبة بكاء ودموع لمقتل صديقه.
عقلية جماعية كهذه، هل بإمكانها بعد استلام السلطة أن تساهم في بناء العراق، أو تتعاطف مع مطالب المتظاهرين، أو تحمي ثروات بلادهم أو تدافع عن غدهم واقتصادهم وناسهم، سواء في الموصل والبصرة أو في العمادية من محافظة دهوك إلى راس البيشه والفاو وخور عبدالله في البصرة؟ ثمة جوع لدى هؤلاء العملاء المرتزقة الغزاة، وثمة دموع لم تذرف بعد من مآقي الميليشيات تشفياً من أبناء جيل كان له في كل بيت من بيوت العراقيين شهيد أو أكثر على جبهات القتال مع النظام الإيراني.
كانت لي جارة وقورة، تحب متابعة مسلسل الخنساء، إنتاج حقبة ثمانينات القرن الماضي للفنانة منى واصف، ولأنها كانت تبكي لحال “أخيها صخرا” وتعليقها “خُفيّ” أخيها طوال حياتها حول رقبتها، فقد اقتدت الأم بالخنساء عندما رحل أول الشهداء من أبنائها إلى أن بلغوا الأربعة وهم كل أولادها؛ إلى أن رحلت أم صلاح وهي تمشي بتثاقل وإجلال تحت وطأة ما يتشبث برقبتها من بقايا الخنساء في تاريخنا العربي ومن بقايا الأبناء الأربعة في شباب التظاهرات والاعتصامات والثورة الكبرى على صعاليك الولي الفقيه.

2 “الغَزو الصَّدّامي” أم “الغَزو العِراقي” لدولة الكويت؟! خالد الجيوسي راي اليوم بريطانيا

لهي حادِثةُ أليمةٌ، ولها أسبابها السِّياسيّة التي دفعت بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين “غزو” الكويت، أو دخول الجيش العراقي إلى “الديرة” كما يُسمّيها أهلها، وهو دخولٌ أو “غزوٌ” بحسب الأدبيّات الكُويتيّة سيحمل اسم العراق، بغض النظر عن صاحبه، وزمانه، ومكانه، وترك وسيضل يترك في نُفوس أهلِه، ما ترك من غضبٍ، وحِقدٍ، وقهر، ولا تسامح فيما يبدو في ذلك الأمر عند الكويتيين، وعلى الأقل في الإطار الشعبي، والذي ليس له علاقة بمُسبِّبات “تجويع” الشعب العِراقي وحِصاره، والدَّفع برئيسِه نحو “هاوِيَة الغزو”.
نَكتُب هذه التَّقدِمة، في سِياق الجدل الحاصل حول مُطالبات السفير العراقي لدى الكويت علاء الهاشمي بتغيير تسمية الغزو العراقي إلى “الغزو الصدامي”، وذلك في المناهج الدراسيّة، والخِطاب الإعلامي، وهو ما أثار حفيظة الكويتيين، شعباً ونُوّاباً، بل واعتبروه تدخُّلاً بالشأن الداخلي للبلاد، وهو ما دفع بالسفارة العراقيّة لاحِقاً في الكويت إلى إصدار بيان، تُؤكِّد فيه على أنّ ما صدر من جانبها لا يعدو أن يكون “تمنِّياً” للإشارة إلى “الغزو” بالغزو الصدامي.
ربّما هي مُبادرة عراقيّة “نيّتها صافية”، وتَهدِف بالفِعل كما قال صاحبها الهاشمي إلى خلق التسامح، والتقارب بين البلدين، ومن كافّة النواحي، لكنّها فيما يبدو لم تستطع تعدِّي “مُر” الغزو، وما تعرّض له الشعب الكويتي من مرارة كما يصفها لغدر الجار، وهو إلى اليوم لا يستطيع الخُروج من دوّامة جُروحها، ويستمر في تكريس حُضورها في ذاكرة الأجيال الصاعدة، من خلال المناهج الدراسيّة، والخِطاب الإعلامي.
في هكذا زمان، يَكثُر فيه اللَّغط والجَدل الإعلامي أو بالأحرى الإعلامي الفِتنَوي، ربّما يكون من الجيّد أن “تترفّع” الدول عن خلافات الماضي، فكُل الذين وقفوا خلف هذا “الغزو” قد رحلوا تقريباً، ولهم عند الخالق حسابهم، ولسنا في إطار تقييمي لمدى صحّة فِعلة “الغزو” من عدمها، لكنّنا على يقين أنّها فخ نُصِب جيّداً للرئيس الراحل صدام حسين، حتى تُكتَب نهايته بعد حين.
التسامح، والعفو، وتلك الأُمور التي ليست من عادة البشر المُتداولة فيما بينهم، لا يكون باعتقادنا بتغيير المُسمّيات، فالغزو يحمل طابعاً عراقيّاً شِئنا أم أبينا، وتغيير توصيفه إلى “الصدامي” لا نعتقد أنه يُمكِن له أن يُغيّر ما في النفوس، أو يفتح صفحات ناصِعة البياض، طالما أنّ صاحب الصّفح لا فرق عنده بين العراقي، والصدّامي، بل ويُصِر على ربطه بالعراق العظيم أيّاً كان نظامه، وحكمه، وهي حالة تتعلّق بالقُدرة على التسامح، تُترك للكويتيين أنفسهم.
في المُقابل أيضاً، لا نفهم لما كل هذه الضجّة والجدل التي تَبِعَت تصريحات الهاشمي حول مُبادرته للتسامح، وجاءت في مقابلة مع صحيفة “النهار” الكويتيّة، ووصل إلى حد اعتباره تدخُّلاً في الشأن الداخلي، فالرجل لم يَطلُب تغيير اسم دولة الكويت، بل طالب بأمر يتعلّق ببلاده، وهو وكغيره اليوم يرفضون، وهو من حقّهم هذا “الغزو” الذي يُحمِّلون مسؤوليّة قراره لصدام حسين، وكُل أملهم فتح صفحة جديدة مع شقيقتهم “الديرة”، وإن كان لم يُوفّق بمُبادرة تغيير المُسمّيات، فوصف الجيش العربي السوري بقوّات الأسد في الإعلام العربي خلال الأزمة، لن ولم يُغيّر حقيقة عودة هذا الجيش إلى كامل الأراضي السوريّة، ولم يُسقِط نظامه بالتالي.
“الغزو” العراقي للكويت، شأنه شأن أي فُتوحات أو غزوات لن ينساها التاريخ سواء كانت عادلة أو ظالمة، المُهم أو الأهم ألا تُعطَى الفُرصة للمُنتصر أو الخاسِر بينهما فقط لكتابة هذا التاريخ وصياغته حسب زاويته، فالمُنتصر بالتأكيد سيُحدِّث أجياله اللاحقة عن انتصاراته التي سطّرها بالدَّم والتضحيات، ولن يَمُر حتى على مظلوميّة شعب هذا المهزوم، وتماماً كما الخاسر الذي سيكتب دون إنصاف لللاحقين عن ديكتاتوريّة “الغازي”، وما بينهما تضيع الحقيقة، لكن وللعجب الإنصاف دوماً يُترك للتاريخ، دونما النَّظر إلى كاتِبِه!
3 التظاهرات في العراق أكثر من إرهاصات للتغيير د. محمد عاكف جمال البيان الاماراتية

انضمت العاصمة العراقية بغداد بكثافتها السكانية ورمزيتها السياسية إلى المحافظات الغاضبة في الوسط والجنوب في تصعيد مقلق جداً لبعض الأوساط في العملية السياسية، فقد تجاوزت الشعارات المطروحة ما هو مطلبي يتعلق بتوفير الحد الأدنى من الخدمات التي تسمح بالعيش الكريم إلى ما هو سياسي يهاجم الأحزاب، ويطالب بإسقاطها، ويتجاوز ذلك إلى المطالبة بإسقاط النظام نفسه. الصيف هو الموعد مع التظاهرات منذ سنوات عدة فحرارة هذا الفصل تضع إنجازات! الحكومات المتعاقبة تضع الحكومات على المحك.
ومع أن الأيام الأولى لهذه التظاهرات شهدت مطالب وشعارات غير متسقة تكشف عن عفوية انطلاقها إلا أن الأيام التي أعقبت ذلك بدأت تشهد بروز هيكلية تنسيقية تجاوزت الأماكن التي تنطلق فيها إلى مدن في محافظات أخرى، ما عمق من مخاوف الطبقة السياسية الحاكمة.
لم تخلُ التظاهرات في بداياتها من أحداث عنف، إذ لم يكتفِ المتظاهرون بالتعرض إلى مقرات مجالس المحافظات بل صبوا جام غضبهم على أحزاب الإسلام السياسي التي تعرضت مكاتب بعضها إلى محاولات اقتحام، سقط فيها قتلى وجرحى ضاعفت من مخاوف اندلاع الصراعات المسلحة خاصة أن الدولة لم تنجح حتى الآن في حصر حيازة السلاح بأجهزتها. كما أن الحكومة لم تتردد من جانبها في استخدام القوة المفرطة في بعض الحالات مما دعا المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق ومكتب الأمم المتحدة في بغداد إلى التنديد بذلك، فالتظاهرات حق يضمنه الدستور للمواطن ويشترط قيام الأجهزة الأمنية على حماية المتظاهرين.
تأتي هذه التظاهرات في وقت تعاني فيه العملية السياسية من انسدادات خطرة وسط عجز الحكومة عن تقديم حلول ناجعة لمواجهتها بسبب غياب استراتيجية شاملة لمواجهة فداحة ما تراكم على مدى خمس عشر سنة من أخطاء وعمق ما وصل إليه الفساد من تغلغل، فقد طغت أخبار التظاهرات على أية أخبار أخرى تتعلق بالمفاوضات حول تشكيل الحكومة المقبلة التي أصبحت شبه معطلة تحت ضغوط هذه الاحتجاجات.
الأزمة مرشحة للتصاعد لأن أية من القضايا المطروحة، وهن كثار، تحتاج لفترة زمنية قد تصل إلى سنوات لإصلاحها، خلية الأزمة التي شكلها رئيس الوزراء العبادي عمدت إلى حلول ترقيعية لإسكات الأصوات الثائرة باستحداث درجات وظيفية في مؤسسات الدولة المترهلة أصلاً والتي تشكو من التضخم الذي يشكل عبئاً مرهقاً على ميزانية الدولة وهي بذلك تعمل على ترحيل المشكلة وليس حلها.
من الصعب إلقاء التهمة على جهة بعينها، فالكل مسؤول عما وصلت إليه أحوال العراق من تردٍ كما أن الطبقة السياسية المتنفذة لا تستطيع تقديم حلول حقيقية لافتقادها رؤى وبرامج لبناء الدولة. وقد عمدت بعض قياداتها إلى الاعتذار والاعتراف بالخطأ متجاهلة حقيقة أن الخطأ في عالم السياسة لا يعالج بالاعتذار بل يتطلب التنحي ولدينا عشرات الأمثلة عن ذلك في الدول الديمقراطية.
حظي الوضع السياسي في العراق بدراسات شتى من مداخل متعددة خرجت بسيناريوهات مختلفة لمقاربة أزماته لم تكن بمعزل عن التأثر بالأجواء السائدة محلياً وإقليمياً، والحقيقة أن الخلل الأساسي يكمن في بنية العملية السياسية نفسها، فقد بوشر بها مبكراً دون إعداد كاف وكُتب الدستور على عجل وأقر في ظروف شهدت الكثير من الضغوطات. هناك دعوات من جانب بعض السياسيين لتصحيح هذا الخطأ وهو الاستجابة لمطالب المتظاهرين وإلغاء نتائج الانتخابات وتشكيل حكومة طوارئ أو إنقاذ وطني لمدة سنتين أو أكثر يعاد فيها كتابة الدستور لتلافي العيوب والإشكالات الكثيرة فيه.
الإجراءات التي اتخذتها حكومة العبادي والوعود لم تنجح في تهدئة الغضبة الجماهيرية حيث لم تكتفِ الجماهير الغاضبة بالتظاهر في المدن الجنوبية وخاصة البصرة بل زادتها إلى القيام باعتصامات مفتوحة في مناطق اقتصادية وليس من المستبعد أن تقضي هذه الغضبة على فرص العبادي في الحصول على ولاية ثانية، وتنهي هيمنة حزب الدعوة، الأكثر إدانة له على ألسنة المتظاهرين، على مقاليد العملية السياسية وقد تتجاوز كل ذلك إلى ما هو أبعد.
حكومة العبادي تدير الأزمة باستراتيجية عدم الذهاب بعيداً في إغضاب الطبقة السياسية المتنفذة التي تتمسك بما حققته من مكاسب، مالاً وجاهاً، ومن هذا المنظور فهي غير قادرة على وضع حلول ناجعة لها.
4 بعد أُمِّ المعارك لصدام .. أمُّ كل الحروب لروحاني! حسن ناصر الظاهري المدينة السعودية

قال الشاعر العربي: «زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً .. أبشر بطول سلامة يامربع».
هذا هو حال التهديدات الإيرانية للولايات المتحدة الأمريكية ، وإيران لم تمتلك السلاح بعد، هاجم الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الرئيس الأمريكي ترامب قائلاً : «حسابكم مع فيلق القدس ونحن أقرب إليكم مما تتصورون، الفيلق خصم مساوٍ لقواتكم»، بينما وجَّه الرئيس الإيراني حسن روحاني رسالته إلى الرئيس (ترامب) قائلاً : «يجب أن تعلم بأن السلام مع إيران هو السلام الحقيقي، والحرب مع إيران هي أم كل الحروب» وفي تصريح آخر له وجَّه فيه رسالة إلى الرئيس الأمريكي قال : «لا تعبث بذيل الأسد فذلك لن يؤدي إلا للندم»!.
ولا أعلم عما إذا كان قد بات ليلتها الأمريكيون من شدة الخوف من التهديدات الإيرانية أم قابلوها بالسخرية والتندر؟! .. كيف للإيرانيين أن يواجهوا أكبر قوة في العالم وهم قد فشلوا في سوريا أمام قوات المعارضة محدودي السلاح، وقُتل منهم المئات من الجنود والخبراء، ولم يسعفهم من الفناء بالكامل سوى التدخل الروسي في سوريا؟!.
والتاريخ يذكرنا بأن النظام الحاكم في إيران كان يتراجع عن مواقفه وعناده متى ما أحس بالخطر أو شعر بالاستهداف المباشر، حدث هذا في 2003 حينما شكوا بأن بلادهم قد تكون الثانية في القائمة الأمريكية بعد غزو العراق، وتراجعوا عن برنامجهم النووي، وقبلوا بالبروتوكول الإضافي الذي يتضمن التفتيش المفاجىء،
وما تلك التهديدات، وهذه الثقة الزائدة لدى أولئك المتحمسين من أمثال روحاني وقاسم سليماني سوى ضرب من الأوهام والأحلام، يبددها الواقع السياسي والعسكري الفاشل والاقتصادي المتهالك في إيران.
لا نشك لحظة من أن استهداف الناقلات السعودية في باب المندب الذي تم مؤخراً تم بناء على توجيه من النظام الإيراني الذي يجهل ما تنطوي عليه العقوبات الدولية، إذ يُعد هذا التصرف من أهم المحظورات الدولية تستتبعه عقوبات سياسية واقتصادية وعسكرية، وقد يدفع بتشكيل تحالف عسكري دولي للتدخل لإيقاف تلك المهازل وتلك الخروقات، وتذكرنا هذه الحادثة بما أُطلق عليه «حرب الناقلات» التي تمت في الثمانينيات إبان الحرب العراقية الإيرانية، حيث تبادل الطرفان المتحاربان استهداف الناقلات النفطية، وتضررت جراء ذلك الناقلات الكويتية والسعودية، ولعل الإيرانيين يتذكرون كيف تصدت المملكة لهذا العبث بكل حزم وقوة فأسقطت طائرتين حربيتين إيرانيتين، ولم تفلح إيران بعدها من اختراق الحدود السعودية انتقاماً نظراً للقدرات القتالية المتفوقة التي تمتلكها المملكة، الأمر الذي أجبر إيران على أن تظل طائراتها في مجالها الجوي فقط.
ولا أعتقد أن الإيرانيين قد نسوا في غمرة اعتدادهم بقواتهم العسكرية أحداث 1988 عندما وقعت مواجهات بين سفنهم وسفن حربية أمريكية وانتهت بغرق ثلاثة من زوارقهم السريعة وتدمير رصيفين للنفط والعديد من المنشآت النفطية نتيجة اعتراضهم لناقلات كويتية تحمل العلم الأمريكي.
وليعلم روحاني، وحتى قاسمي ، بأن أي مغامرة غير محسوبة تعني المصير الذي آل إليه العراق، بل وأسوأ.
5 البغداديون يتصدون للصوص وليد الزبيدي الوطن العمانية

أول صدمة شاهدها الغزاة الأميركيون في ساعات الاحتلال وأيامه الأولى، تصدي أبناء بغداد الأصلاء لمجاميع السراق واللصوص الذين سارعوا لنهب الممتلكات العامة، ومارسوا عمليات الحرق المتعمد للمكتبات والأماكن التي تضم آلاف المجلدات والنفائس من المخطوطات، فقد تطوع الكثير من البغداديين لحمل السلاح بوجه العصابات، وهذا لم يكن متوقعا من قبل أصحاب ذلك المخطط الذي وضعه الغزاة والمتعاونون معهم، فقد هرع الكثيرون وتوزعوا بين من يحمل الكنوز الآثارية لحفظها في منازلهم، وبين من حمل السلاح للتصدي للعصابات والسراق، ونجح هؤلاء الناس وغالبيتهم من البسطاء، في المحافظة على الكثير من الآثار، التي كانت عرضة للسرقة بهدف تهريبها خارج العراق أو تدميرها، ضمن حرب تحطيم المعالم والمرتكزات الثقافية والحضارية العراقية، وبما يتماشى ومخطط الحرب الأميركية على العراق.
وفي الوقت الذي كان الصراع يشتد بجانب الكرخ، بين العصابات والسراق، الذين قصدوا المتحف العراقي، كان صراع يحتدم في منطقة الباب المعظم من بغداد، ويبعد أقل من أربعة كيلومترات من المتحف الوطني، فقد هاجمت عصابات أخرى بناية المكتبة الوطنية العراقية، التي تحتوي على الأرشيف الصحفي والثقافي والفكري للعراق، إضافة إلى نوادر المخطوطات القديمة، ولكن تصدى لهؤلاء من عصابات وسراق عدد قليل من الشباب، بينهم مثقفون هرعوا إلى ذلك المكان، وعملوا المستحيل لمنع عمليات النهب، التي تستهدف إنهاء وجود أي ذاكرة عراقية، ورغم التحوطات المكثفة، والاحترازات، إلا أن الذين عصفوا بالوزارات والدوائر وأشعلوا فيها الحرائق، وصلوا إلى هذا المكان، ولكن سارع المتطوعون إلى إخماد النيران بعد قليل من اشتعالها، ولم يتمكنوا من معرفة الأشخاص أو الجهات، التي تقف وراء تلك الجريمة البشعة.
إن موضوع الكنوز الآثارية العراقية، الموجودة في المتحف، أثارتها المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، في الأسبوع الثالث من الحرب، وأصدرت المنظمة في الخامس من أبريل/نيسان 2003 بيانا، عبّرت فيه عن قلقها على الثروات وآثار العراق القديمة المهددة، بسبب الحرب الدائرة على الأراضي العراقية. ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، فقد طالب علماء الآثار المصريون المنظمات الدولية المعنية، بحماية التراث والآثار العراقية بكل الأشكال، لأهميتها في تاريخ الإنسانية بعصورها وأزمنتها المختلفة، إلا أن تلك النداءات، لم تجد من يسمعها من الإدارة الأميركية، بل حصل خلاف ذلك تماما، وهم يعلمون، أن المتحف العراقي يضم آلاف القطع الآثرية القديمة المهمة من الحضارة السومرية مرورا بالحضارات الأخرى، وهناك ألواح من مكتبة الملك العراقي بانيبال، الذي امتلك أكبر وأهم مكتبة في التاريخ، من الألواح المكتوبة في شتى أنواع المعرفة، وضمنها الألواح الخاصة بقصة الطوفان، التي تتشابه من طوفان نوح.
لم تكن الحرب على التراث والثقافة أقل شراسة من حرب الدبابات والصواريخ والقنابل العملاقة بل كانت أكثر خسة.
6 العبادي والرزاز في مواجهة منصات الفساد
عادل سعد
الوطن العمانية

ما يحسب للنجاح في مهمة التصدي للفساد أن تكون هناك لجان قضائية, لا تترك للوقت والضغوط السياسية أن تملي شروطها, وأن يتم التركيز على (العرابين الكبار) مقدما, تماما كما ينشغل صيادو الأفاعي في التركيز على مسك رؤوسها, لأن الانشغال (بالذيول) يتيح الوقت لتلك الرؤوس أن تبث سمومها على عجل..
لأنهم ضمن شبكة محكمة النسيج وفي أسبقية لا تعرف إلا الإطباق على (الغنيمة), ولأنهم يملكون أصابع تستطيع التغلغل والمراوغة في أكثر من اتجاه واحد, ولأنهم أيضا يخضعون لأولويات يكون أساسها السطو على الأموال السائبة أولا ومن ثم يكتسبون خبرة الإيغال نحو الأموال الأبعد، ويجعلون لهم روادا ومريدين وحاشيات تسهر وتتمنطق بالنزاهة ونظافة اليد في أغلب الأحيان, لأنهم كل ذلك, يظل الحديث عن الفساد وعن إمكانية ملاحقته, أحد التوجهات التطبيقية المحفوفة بالكثير من التذبذب والمراوحة, إلا إذا كان التصدي حاسما وتحت ضغط حس أخلاقي تشارك فيه كل الفعاليات المجتمعية بدون استثناء, وأن تكون هناك خطة على الطاولة بتوقيتات وحيثيات تحقيقية متواصلة في مواجهة وسائل تضليل وافتراء وتشاطر لتأثيث الخراب.
لا تنتظروا أن يتطوع فاسد في بلدان عربية ويعترف بالصوت والصورة أنه خان أمانة المسؤولية ويضع نفسه بتصرف الجهات القضائية, وأنه مستعد أن يعيد ما سرقه إلى خزينة الدولة من أجل أن يريح ضميره وينتصر لشرفه.
لا تنتظروا فاسدا يكف عن سرقاته ويعف عن سلوكه الشائن لمجرد أن حكومة ما لوحت بتنظيم حملة على الفاسدين، وأنه يرغب في كسب الوقت والإفادة من فرصة تخفيف الحكم عليه إذا اعترف طوعا من ذاته قبل إجراءات تحقيق معه؛ فالعزة بالإثم صارت منهجا.
لا تنتظروا أو تعتقدوا أن فاسدين يضعون أنفسهم تحت سقف حملات تطهيرية بدون أن تكون أفعالهم في ذلك مجرد مناورات يحاولون من خلالها تغيير مسار الإجراءات باتجاهات خاطئة، وهذه هي أحد (الأسلحة) المستخدمة التي تكونت لها منصات اجتماعية وسياسية وأمنية أيضا, ولذلك أن يقول رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي إنه سيحارب الفساد والفاسدين إلى النهاية حتى وإن كلفه ذلك حياته, فهو بهذا إنما يعترف كم هو حجم تلك (المنصات) التي يملكها الفاسدون, وقد حصل ما يؤكد هذا القول. إذ إن موظفين عراقيين نزهاء وضعوا أيديهم على جرائم فساد وكشفوا عنها وكلفهم ذلك حياتهم في عمليات قتل تكررت خلال السنوات الخمس الأخيرة, وبذات الاتجاه أيضا أن يعلن رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز عزمه على محاربة الفساد، ويختصر ذلك بالقول إنه (داخل على هذا الموضوع كانتحاري) فهو لا شك يملك عددا من المعطيات التي تشير إلى صعوبة المهمة في هذا الشأن, والعينة الميدانية الأقرب عند معالجته لقضية السجائر المغشوشة خلال الأيام القليلة الماضية وتشعب هذه القضية.
هكذا, لا العبادي, ولا الرزاز يملكان مفاتيح جاهزة للتصدي إلى الفاسدين, ولكن تبقى المراهنة على الجهد الاستخباري الصامت وإبعاده من المداولات الإعلامية التقليدية, والكف عن لعبة الانتظار حتى تنضج (الثمرة).
ما يحسب للنجاح في مهمة التصدي للفساد أن تكون هناك لجان قضائية, لا تترك للوقت والضغوط السياسية أن تملي شروطها, وأن يتم التركيز على (العرابين الكبار) مقدما, تماما كما ينشغل صيادو الأفاعي في التركيز على مسك رؤوسها, لأن الانشغال (بالذيول) يتيح الوقت لتلك الرؤوس أن تبث سمومها على عجل، وعندها يحصل الاختلاط وتتوالد مضاعفات غير محسوبة قد تودي بحياة (الصيادين).
وتقتضي مهمة التصدي للفساد أيضا تقديم سيرة إعلامية موثقة عن آخر المستجدات بشأن القضايا التي تم وضع اليد عليها, ليكون ذلك بمثابة رد بنيوي على كل المحاولات التي تهدف إلى إثارة الشبهات على التحقيقات.
وما دام الأمر يتعلق بالتصدي, فإن من مستلزمات الردع القضائي أن لا يخضع لأية إمكانية للعفو إلا إذا جاء الاعتراف طوعا وإعادة كل المسروقات المالية إلى خزينة الدولة, لأن من الشواهد المرة المتداولة عراقيا أن إمكانية العفو عن المذنبين في هذا الميدان تظل قائمة, وهناك عشرات من لصوص المال العام قد حظوا في فرص من هذا النوع مع الأسف تطبيقا جائرا لمقولة (عفا الله عما سلف).

7 الثاني من آب بين مرحلتين
احمد صبري
الوطن العمانية

“.. وأمام هذا المشهد الذي نتذكره كل عام فإن الانشغال بالماضي وتكريسه سلعة متداولة للحاضر رغم مرور28 عاما على الاجتياح العراقي للكويت لن يصب في مصلحة البلدين، ولا يصب أيضا على إجراءات بناء الثقة وتعزيزها؛ لأنها ستنعكس سلبا على المحاولات الحقيقية لمغادرة تداعيات تلك المرحلة في تاريخ البلدين.”
28 عاما مرت على الاجتياح العراقي للكويت في الثاني من آب ـ أغسطس 1990م، غير أن هذا اليوم وتداعياته على البلدين والمنطقة ما زالت متواصلة رغم المحاولات الجادة للبلدين لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة أساسها الثقة والتعاون المثمر في شتى الميادين.
ومن دون التوقف عند الظروف والأسباب التي أدت إلى الغزو العراقي للكويت، فإن الموقف المسؤول يتطلب مزيدا من إجراءات بناء الثقة بين البلدين وطي هذه الصفحة وتداعياتها على عمق العلاقة الأخوية بين شعبي القطرين الشقيقين.
وما بين الثاني من آب ـ أغسطس 1990 والتاسع من نيسان ـ أبريل 2003 فاصلة زمنية شهدت ارتدادات الاجتياح العراقي للكويت الذي تحمل العراق وحده نتائجه الكارثية، خصوصا الحصار الذي حصد أرواح نحو مليون عراقي على مدى سنواته العجاف، فضلا عن تدمير بنيته التحتية بكل مفاصلها خلال حرب الخليج الثانية عام 1991.
وأصبح الثاني من آب ـ أغسطس 1990 بفعل ما أحدثه تأريخا فاصلا بين مرحلتين ما زلنا نئن تحت وطأته وتداعياته رغم المحاولات الجادة لطي صفحة الماضي، والتطلع إلى المستقبل وبناء الثقة بين العراق والكويت.
فدفع العراق جراء غزوه للكويت فاتورة ذلك اليوم، فتحول بفعل مرحلة ما بعد الثاني من آب بلدا محاصرا معزولا عن العالم لا يقوى على مواجهة قرارات مجلس الأمن التي فرضت الحصار عليه.
وأمام هذا المشهد الذي نتذكره كل عام فإن الانشغال بالماضي وتكريسه سلعة متداولة للحاضر رغم مرور28 عاما على الاجتياح العراقي للكويت لن يصب في مصلحة البلدين، ولا يصب أيضا على إجراءات بناء الثقة وتعزيزها؛ لأنها ستنعكس سلبا على المحاولات الحقيقية لمغادرة تداعيات تلك المرحلة في تاريخ البلدين.
ورغم ما أصاب العراق بعد احتلاله من تدمير أو انهيار الدولة ومؤسساتها ومفاصلها، والفوضى والعنف الطائفي الذي حصد هو الآخر أرواح مئات الآلاف من أبنائه. كما أن الكويت هي أيضا تحملت الأعباء الكبيرة لتداعيات ذلك اليوم، وهذا بتقديرنا يكفي لتضميد الجراح، لا سيما أن العراق قام بتنفيذ جميع القرارات التي ترتبت على غزوه للكويت، لا سيما غلق ملف المفقودين الكويتيين والتعويضات التي دفع معظمها لطمأنة إخوتنا بالكويت حتى يخرج العراق من تداعيات الثاني من آب ـ أغسطس.
إن الموقف المسؤول لمعالجة تركة الثاني من آب يتطلب الإقلاع عن سياسة الانشغال بالماضي وتكريسه سلعة متداولة للحاضر لاستذكار آلام ومآسي ذلك اليوم، وتعرقل أي محاولة مخلصة لتضميد الجراح والخروج من دائرة القلق والخوف والتردد.
ونخلص إلى القول: إن ما يجري في المنطقة والإقليم العربي من استقطاب سياسي وطائفي وأزمات تطلب من البلدين الشقيقين البحث عن المشتركات التي تعزز دورهما، وتسد أية نافذة للإضرار بمستقبل علاقتهما لمواجهة الأخطار المحتملة لتداعيات وارتدادات ما يجري من أجل تحصين بلديهما من أي اختراق جديد قد يطيح بإجراءات بناء الثقة المتواصلة، وتعزيزها بمواقف مسؤولة لحمايتهما من الرياح التي هبت على منطقتنا هي بالأحوال كافة أصبحت بالضد من طموحات شعوبها في الأمن والاستقرار والسلم المجتمعي.