وفيما يلي نص التقرير:
إن جهاز الأمن الوطني” العراقي، جهاز مخابرات عراقي يقدم تقاريره إلى رئيس الوزراء العراقي، يحتجز أكثر من 400 شخص في موقع غير رسمي، على ما يبدو، في شرق الموصل. في 4 يوليو/تموز 2018، كان هناك 427 رجل، احتُجز بعضهم لأكثر من 7 أشهر.
وصف أحد الأشخاص المحتجزين هناك لفترة قصيرة في أبريل/نيسان الظروف بالمروعة، وقال إن المحتجزين لا يمكنهم الوصول إلى محامين أو تلقي رعاية طبية أو زيارات عائلية. كما وصف وفاة أحد السجناء في أبريل/نيسان بعد تعرضه للتعذيب لأشهر. مُنحت هيومن رايتس ووتش إذنا بالدخول إلى المركز في 4 يوليو/تموز. بدت ظروف الاحتجاز محسّنة، ولكنّ الموقع لا يزال مكتظا.
قالت لما فقيه، نائبة المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “أخبرنا مسؤولو جهاز الأمن الوطني في بغداد أن وكالة المخابرات لا تملك أي سلطة لاحتجاز السجناء، لكنهم غيروا موقفهم عندما تمكنا من رؤية السجناء بأنفسنا. على بغداد أن توضح علانية أي سلطات لها الحق في احتجاز واستجواب المعتقلين”.
في 17 أبريل/نيسان، نفى مسؤول كبير في جهاز الأمن الوطني في بغداد إدارة أي مركز احتجاز، وادعى أن الجهاز يحتجز فقط أعدادا صغيرة من الأشخاص لمدة تصل إلى 48 ساعة قبل نقلهم إلى أماكن الاحتجاز الرسمي. لكن سُمح للباحثين بالدخول إلى المركز، حيث قال مسؤولون إن 427 سجين كانوا محتجزين في ذلك الوقت. أكد مكتب بغداد عبر رد خطي أن الجهاز يحتجز سجناء في مركز واحد في الموصل، ثم انتقل إلى الحديث عن عدة مراكز احتجاز. بالنظر إلى التناقض الخطير بين البيانات والحقائق على الأرض، على الجهاز توضيح عدد السجناء المحتجزين وعدد المراكز المستخدمة. على السلطات العراقية أن تعلن عن عدد مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء العراق، وعلى السلطات القضائية التحقيق في الادعاءات الواردة في هذا التقرير.
في 16 مايو/أيار، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلة مع عالم الآثار فيصل جبر (47 عاما) الذي قال إن 3 ضباط في وزارة الداخلية يرتدون الزي العسكري ورجلين مسلحين يرتديان ملابس مدنية اعتقلوه في 3 أبريل/نيسان في موقع أثري في شرق الموصل، وقال أحد الرجلين لـ “جبر” إنه “من مكتب رئيس الوزراء”، وادعت المجموعة أنه ليس لديه إذن ليكون في المكان واتهمته بإجراء حفريات غير قانونية في موقع تراثي عام. قال جبر إنهم أخذوه أولا إلى مكتب استخبارات، قبل تسليمه إلى ضباط من جهاز الأمن الوطني، حيث استدعوا أحد القضاة لتأييد الاعتقال. لم يُعطَ جبر فرصة للتحدث إلى القاضي. ثم استاقه الجهاز إلى منزل من طابقين بالقرب من مكتب الأمن الوطني في حي الشرطة في الموصل. أضاف جبر أنه رأى في الطابق الأرضي من المنزل 4 غرف تُستخدم كزنزانات لاحتجاز السجناء، ويقدر أن ما لا يقل عن 450 سجين احتُجزوا معه، بحسب تعداد الأشخاص اليومي.
قال جبر إنه مثل أمام قاضي تحقيق في محكمة الجنايات في الموصل في 4 أبريل/نيسان، ثم عاد إلى السجن ليلة ثانية وأُفرج عنه في اليوم التالي في انتظار المحاكمة. عند وصوله إلى السجن، قال إن الحراس صادروا نظاراته وساعته وأغراض شخصية أخرى. تابع جبر أنّه لدى الإفراج عنه، لم يعطِه الحراس حذاءه أو جواربه، وأرسلوه حافي القدمين، وأبقوا على حزامه، وسلسلة مفاتيحه، وسماعاته.
بالرغم من أن جبر احتُجز لمدة 48 ساعة فقط، قال إنه تحدث مع 6 رجال وصبي في الزنزانة معه، وأخبروه أن الجهاز احتجزهم لمدة تتراوح بين 4 أشهر وسنتين، وبعضهم نُقل إلى عدة مراكز تابعة للجهاز قبل الوصول إلى ذلك المركز تحديدا. زار باحثو هيومن رايتس ووتش المركز في 4 يوليو/تموز، وأراهم رئيس الجهاز في الموصل مبنى سجن جديد قرب المنزل الذي احتُجز فيه جبر. في المركز الجديد 3 غرف، احتُجز فيها 427 رجل، وفقا لمسؤول في الجهاز. قال هذا الأخير إنهم نقلوا جميع السجناء دون 18 سنة إلى مركز آخر، ذاكرا أن بعضهم كانوا في السجن لمدة تصل إلى 7 أشهر.
وقال مسؤول آخر في الجهاز، تحدث للباحثين بشرط عدم الكشف عن هويته، إن بعضهم احتُجز لمدة تزيد عن عام، بعد أن نُقلوا من القيارة إلى برطلة، ثم إلى الموصل،عندما افتُتح مكان الاحتجاز هناك قبل 7 أشهر. قال ضابط ثانٍ إنهم كانوا يحتجزون السجناء في منزل مجاور، ولكن بعد “ضغوط من بغداد”، بنوا قبل بضعة أشهر مبنى السجن الجديد ونقلوا السجناء لتحسين الأوضاع. كانت الغرف الثلاث نظيفة ومكيفة، ولكن حالها حال السجون العراقية الأخرى، مكتظة للغاية.
كما أوضح رئيس الجهاز في الموصل إن جميع السجناء مطلوبون للانتماء إلى “الدولة الإسلامية” (داعش)، ويُستجوبون قبل مثولهم أمام قاضي تحقيق أو تسليمهم إلى جهة أمنية أخرى، إذا كانت أسماؤهم على قواعد بيانات المطلوبين لدى تلك الجهة، بما في ذلك فرع الاستخبارات التابع لوزارة الداخلية أو المخابرات العسكرية. قال إنهم يعتقلون الأشخاص فقط بعد الحصول على مذكرة اعتقال، وإن جميع المعتقلين يمكنهم الوصول إلى قاضٍ ومحامٍ خلال 24 ساعة من اعتقالهم. لم تقابل هيومن رايتس ووتش أي سجين في المركز.
من جهتم تابع محاميان من الموصل يدافعان عن مشتبه فيهم بالانتماء إلى داعش إنه، استنادا إلى تجربتهما، يمثل العديد من السجناء أمام قاضي تحقيق خلال 24 ساعة، لكن ليس هناك محامٍ معين من قبل الحكومة موجود في ذلك الوقت، أو لاحقا عندما يستكمل الجهاز استجوابهم. بينما قال المعتقلون السبعة لجبر إنهم مثلوا أمام قاضي تحقيق، لكن لم يتمكن أي منهم من الاتصال بمحام ولم يعرفوا ما إذا كان المحامي حاضرا ليدافع عنهم أثناء جلسات الاستماع.
يسمح “قانون أصول المحاكمات الجزائية” العراقي للشرطة و”ضباط مسرح الجريمة” باحتجاز واستجواب المشتبه فيهم جنائيا إذا كان لديهم أمر قضائي. لا يعرّف القانون ضباط مسرح الجريمة بشكل محدد، ما يجعل من المستحيل التأكد من القوات المشمولة. قال رئيس جهاز الأمن الوطني في الموصل إن الجهاز مخول بالقبض على السجناء واحتجازهم واستجوابهم.
مع ذلك، قال حميد الزيرجاوي، نائب رئيس جهاز الأمن الوطني، لـ هيومن رايتس ووتش في 17 أبريل/نيسان، إن الجهاز لا يضمّ مراكز احتجاز شغالة، وإنّ المركز الوحيد في بغداد لم يتم تشغيله بعد. كما اعترف بأن جهاز الأمن الوطني احتجز عددا صغيرا من الأشخاص لمدة تصل إلى 24 ساعة بعد إلقاء القبض عليهم في أحد مكاتبهم، قبل عرضهم على قاضٍ قد يسمح باحتجازهم لمدة 24 ساعة إضافية، بانتظار نقلهم إلى مركز احتجاز رسمي. أضاف أنّ الجهاز لم يحتجز أي معتقل أكثر من 48 ساعة.