5 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الجمعة

1 خروج إيران من العراق لا يكفي فاروق يوسف العرب بريطانيا
ما لم يتحرر العراق من قبضة الأحزاب الدينية الموالية لإيران وما لم يُنزع سلاح حزب الله في لبنان وما لم يتم إسقاط الانقلاب الحوثي بشكل نهائي فإن إيران ستظل تمارس دورها الشرير في المنطقة.
دور إيراني مثير للجدل
قد تضطر إيران إلى مغادرة محمياتها في العراق ولبنان واليمن وسوريا في محاولة منها للتظاهر بتفاعلها الإيجابي مع الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة من أجل ألا تبدأ في فرض عقوباتها الاقتصادية.
خطوة الاضطرار تلك لن تكون نافعة في شيء بالنسبة لحاضر تلك البلدان التي صارت تتعثر بين ولاية الفقيه وتجييش المجتمع من خلال تسليحه وثقافة الموت المشبعة بروائح قبور الأولياء الصالحين.
عبر عقود نجحت إيران في اختراق الجسد العربي وفخخته بسمومها الطائفية وأحالته إلى مختبر لتجاربها في العزف المنفرد على شعارات كان أبرزها “الموت لإسرائيل. الموت لأميركا” فيما كانت تدرك جيدا أنها تقوم في الحقيقة بتقديم أعظم خدمة لإسرائيل من خلال تمزيق العالم العربي وشحن مجتمعاته بفايروسات الكراهية.
لم تفعل إسرائيل بالعرب ما يوازي أو يساوي ما فعلته إيران بهم. كان الدور الذي لعبته إيران في المنطقة مبهجا لإسرائيل، فبالمقارنة بين ما فعلته إسرائيل في أوقات سابقة وما تفعله إيران اليوم يمكن الحكم بالغلبة للأخيرة.
لقد هزمت إيران المجتمعات العربية من داخلها في حين لم تنجح إسرائيل إلا في إلحاق الهزيمة بجيوش عربية، كان من اليسير عليها أن تستعيد قدراتها ومعنوياتها لتستعد لجولات تالية.
كان الدور الذي لعبته إيران أكثر لؤما وخبثا، ذلك لأنه هطل من الداخل إمكانية أن تقف المجتمعات العربية عند خط شروع واحد في مواجهة العدو الإسرائيلي، بل تجاوز ذلك إلى زرع الفتنة بين صفوف الشعب الواحد. الأمر الذي أدى إلى أن يتوزع ذلك الشعب بين طوائفه وقبائله ليفقد القدرة على النظر بطريقة موحدة إلى جهة بعينها.
لم تعد إسرائيل هي العدو الوحيد للعرب، لأن إيران أرادت ذلك حين تحوّلت تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية إلى مصدر تهديد وجودي، ليس من الصعب تخيل تأثيره على المصير العربي.
فعلت إيران كل ذلك من خلال ميليشياتها المسلحة التي موّلتها ودعمتها وجعلتها تفتعل حروبا مدمرة، كما هو حال حزب الله في لبنان أو تدخلها طرفا في حرب دولية ضد الإرهاب كما هو حال الحشد الشعبي في العراق أو تنسف من خلالها شرعية حكومة كما هو حال الحوثيين في اليمن. لذلك فإن إيران إن عزمت على الخروج من لبنان فإنها ستخلف حزب الله هناك الذي سيكون بالتأكيد أشد حرصا على تنفيذ الأجندات الإيرانية من الإيرانيين أنفسهم.
بالقوة نفسها فإن إيران ستكون متأكدة من أن وجودها في العراق لن يتأثر بخروجها منه وذلك من خلال ثقتها بأن الحشد الشعبي سيحرص على مصالحها كما لن يفعل الحرس الثوري الإيراني لو أنه ملك زمام الأمور في العراق.
قد يبدو المشهد في اليمن وسوريا أقل سوادوية. فإن انسحبت الميليشيات الموالية لإيران من مواقعها هناك فإن إيران لن تظل مهيمنة عن طريق وكلائها، وهو ما لا يمكن الرهان عليه في الوقت الحاضر. لذلك فإن قطع الطريق على إيران هو المطلوب. وهو ما يجب أن تعمل عليه شعوب البلدان المنكوبة بالتدخل الإيراني.
لقد صار واضحا أن لا غد لشعوب المنطقة في ظل هيمنة عملاء إيران على مصائر بلدان، صار يُنظر إليها باعتبارها مناطق أمامية لدفاع إيران عن نفسها. إيران وعملاؤها هما الشيء نفسه.
لذلك فما لم يتحرر العراق من قبضة الأحزاب الدينية الموالية لإيران وما لم يُنزع سلاح حزب الله في لبنان وما لم يتم إسقاط الانقلاب الحوثي بشكل نهائي فإن إيران ستظل تمارس دورها الشرير في المنطقة حتى وإن لم تكن مهيمنة بشكل مباشر على الأوضاع في الدول الثلاث.
خطر إيران على السلم والأمن والاستقرار في المنطقة لا ينحصر في مخططها التوسعي فحسب بل في مشروعها الطائفي الذي صارت له أذرع اكتسب البعض منها نوعا من القبول الدولي الصامت كما هو الحال في العراق.
وهو ما يدعوني إلى التأكيد مرة أخرى على أن خروج إيران من العراق لا يكفي لكي تستعيد المنطقة عافيتها.
المطلوب عمليا البدء بمحو الآثار التي ترتبت على التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية في السنوات الماضية.
2 إيران قطعت الكهرباء عن العراق واشترطت الدفع بالدولار عبدالمنعم ابراهيم اخبار الخليج البحرينية
الاحتجاجات الشعبية التي تندلع هذه الأيام في البصرة ومدن عراقية أخرى هي نتيجة تراكمات سياسية وطائفية اعتمدتها الحكومات العراقية السابقة حين سلمت قرارها السياسي بيد إيران نكاية بدول الخليج العربية.. وها هي إيران تتخلى عن العراق بقطع إمدادات الكهرباء الإيرانية عن البصرة، ما تسبب في اندلاع احتجاجات شعبية واسعة على عدم توافر فرص العمل رغم أن العراق صدر من حقوله الجنوبية (البصرة وحقل الزبير) حوالي أربعة ملايين برميل يوميا.. إلا أن شرارة الاحتجاجات كانت تتمثل في قطع إيران للكهرباء عن البصرة. بالأمس نشرت (أخبار الخليج) تقريرًا لمراسل الجريدة بالعراق الدكتور (حميد عبدالله) جاء فيه إن إيران أقدمت على قطع الكهرباء لإصرار الجانب الإيراني على أن يكون الدفع بالدولار الأمريكي وليس بالدينار العراقي، ولكن الجانب العراقي قال إنه ملتزم بالعقوبات الأمريكية على إيران بعدم تزويد طهران بالدولارات الأمريكية، وأن إيران كانت تزود العراق بـ1200 ميجاوات عبر 3 منافذ لكنها أوقفت الكهرباء بشكل مفاجئ.. وعلى أثر ذلك كلف رئيس الوزراء العراقي (حيدر العبادي) وزيري النفط والتخطيط بالتوجه إلى السعودية لتأسيس مستوى عال من التعاون بين البلدين في مجال الطاقة عوضا عن الكهرباء الإيرانية.. وقال مصدر حكومي عراقي إن خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمر بتجهيز العراق بالطاقة التي يحتاج إليها فورًا، وإيصال الكهرباء السعودية إلى العراق. أحداث البصرة والمدن الشيعية الأخرى والاحتجاجات الشعبية تثبت أن أي حكومة عربية -وليس العراق فقط- تعتمد على النفوذ الإيراني وتتحالف مع إيران ضد جيرانها العرب هي في النهاية (الخاسرة).. كيف تتحالف مع دولة مثل (إيران) لديها مشاكل سياسية مع (واشنطن) ودول الخليج العربية وتتوجس منها دول أوروبا والعالم؟النموذج العراقي سوف ينطبق أيضا على (قطر) التي فضلت التحالف مع إيران على حساب الأشقاء العرب.. ومثلما دفع العراق ثمن الغدر الإيراني.. سيأتي يوم وتدفع (قطر) ما هو أسوأ بسبب الغدر الإيراني.. من يدري.. ربما احتلال قطر بأكملها في المستقبل من قبل الحرس الثوري الإيراني؟!.. كل شيء جائز.
3 الوطن العراقي في مخاض الولادة محمد علي فرحات الحياة السعودية

إذا صدقت مواقع التواصل الاجتماعي فالعراق يغرق في الفوضى، لكن المواقع كثيراً ما تنقل الرغبات وقليلاً ما تعرض الواقع. وأياً كان الأمر، فإن قطع التيار الكهربائي عن مناطق الجنوب من مصدره الإيراني، يؤكد الصورة السلبية للسلطتين في طهران وبغداد، فالحكومة العراقية امتنعت عن سداد ثمن الكهرباء انسجاماً مع الحصار الأميركي والدولي على إيران، وهذه الأخيرة لم تتحمل أن تأتيها الضربة «من بيت أبيها» العراقي فقطعت التيار انتقاماً لا حفظاً لحقوق لم تسددها بغداد. لكن الكهرباء التي لم تصل الى البيوت وأماكن العمل وصلت إلى أعصاب المواطن فاستنفرتها، وخرجت الجموع لتعلن اعتراضات طالما بقيت حبيسة النفوس. هذا الحكم العراقي الذي يديره حزب «الدعوة» يذكّر بحكم «الإخوان» مدة سنة في مصر: تقريب «إخوان العراق الشيعة» من مراكز السلطة في مستوياتها كافة وإتاحة الفرص لهم لاغتنام كثير من المال «الحرام»، أي لعبة الفساد التي تحطم دولاً ومجتمعات، فكيف بالحري إلحاق أذى بالعراق يتجاوز الحروب التي خاضها، والاحتلال الذي حطم إدارته وجيشه، والتعصب السلطوي الذي أتاح للإرهاب الداعشي أن يقيم دولته على مساحات تزيد على تلك التي تحكمها دولة حزب «الدعوة».وتبعث الاعتراضات والتظاهرات في مناطق الوسط والجنوب برسالة إلى العالم تقول إن الطائفية لم تحقق لشيعة العراق فائدة، بل أساءت الى مواطنتهم ودفعتهم إلى التهميش والجوع وألحقتهم بالنظام الخميني رغماً عنهم. من هنا تركيز المتظاهرين على إدانة الحضور الإيراني وإبراز سلبياته استناداً إلى قطع الكهرباء كمثال. وإذا كانت «الهبّة» العراقية آيلة إلى الانحسار نتيجة وعود حيدر العبادي وانسداد الأفق أمام المتظاهرين، فهي في النهاية عيّنة على أن حاضر العراق ومستقبله القريب موعودان بوقفات احتجاجية تشهد في الدرجة الأولى على أن صيغة الحكم الحالية فاشلة، وعلى أن العراق لم يصل بعد إلى صيغة بديلة لأسباب داخلية وإقليمية ودولية. وقد تبيّن بعد ما حدث ويحدث في العراق وسورية، أن البلدين كانا ولا يزالان مخيّرين بين الديكتاتورية والفوضى، أي استعباد الإنسان أو تشتيته، وهذا ما لاحظه العالم في الدولة القوية الفاسدة وفي الثورات الفوضوية المفسدة. ومن سوء حظ العراقيين أنهم يقدمون كأفراد نخباً تنجح خارج الحدود وتفشل في الداخل، لأن هذا المجتمع يتنصل منها ويأنس الى مأثوراته فيبدو أشبه بمتحف لبشر لا يتغيرون. وليست المشكلة في شيوخ القبائل ورجال الدين، بمقدار ما هي في العجز عن تكوين الوطنية العراقية لأسباب أيديولوجية واجتماعية مضافة إلى ضغوط الجوار الإيراني والتركي. ورفضت الدولة العراقية، الحديثة شكلاً، خلال عقود مضت على ولادتها، الاعتراف بشخصية قومية للأكراد ومثل ذلك للتركمان، كما أدارت ظهرها للجار الإيراني ولم تبادر الى علاقة واضحة معه تحفظ للوطن العراقي شخصيته وتضغط على الآخر للاعتراف بها انطلاقاً من احترام متبادل بين وطنين وشعبين يضبط التداخل في إطار القانون، هذا فضلاً عن أن الدولة العراقية الوليدة سلّمت إدارتها إلى شخصيات من مدن بغداد والموصل والبصرة على رغم وجود ممثلين عن الأرياف والبوادي في البرلمان والحكومة، وبذلك لم تشعر غالبية العراقيين بوجود الدولة، عدا الجيش والشرطة وجباة الضرائب. من معوقات ولادة وطن عراقي تحكمه دولة حديثة تمثل شعبه، وجود الانقسام الطائفي أيديولوجياً لا اجتماعياً، يغذيه بعض رجال الدين بعلم منهم أو من دون علم، والتفتت الاجتماعي الناتج عن غلبة الانتماء القبلي على الوطني. لكن أبرز المعوقات هو المبالغة في رفع شعار العروبة، وصولاً الى اقتراحات بوحدة مع دولة أو دول عربية أخرى، مع الأردن مثلاً، لم يكتب لها النجاح. كان الاتجاه الى الوحدة قفزاً فوق مشاكل الدولة الوطنية، كما حدث في الوحدة بين مصر وسورية على سبيل المثال. وبالنسبة إلى العراق أساء شعار الوحدة الى الدولة الوطنية، خصوصاً أن العروبة لا تعني كثيراً الأكراد والتركمان، بل تؤكد تهميشهم. العراق الآن في انهيار سياسي واقتصادي واجتماعي، لن ينجو منه إلا برفع الشعار الوطني واستنهاض الشعب، في مكوناته كلها، حول الدولة الوطنية الديموقراطية التي تحقق المساواة وتتميز عن دول الجوار ، مع محافظتها على المصالح المشتركة في الإقليم.
4 إيران وثورة الجنوب العراقي نغم التميمي عكاظ السعودية

لم تكن الأحداث التي تعيشها محافظة البصرة جنوبي العراق ومحافظات العمارة، ذي قار، النجف، كربلاء، بابل وواسط، لم تكن هذه الأحداث وليدة اللحظة ولَم تكن الأولى وقد لا تكون الأخيرة.
فثورة الغضب التي شهدتها محافظة البصرة عاشت أجواءها محافظات الجنوب العراقي ومطالب المتظاهرين لا تتعدى أبسط الحقوق ومقومات العيش البسيط، لكن تلبية هذه المطالب دائما ما تكون متأخرة، الأمر الذي أسهم في إشعال لهيب غضب الآلاف من المواطنين الذين يبحثون عن حقوق سلبتها الأحزاب الموالية لإيران والتي تسيطر على هذه المحافظات.
الثورة العارمة التي تعيشها محافظة البصرة الغنية بالحقول النفطية يرى الكثيرون أن إيران أسهمت بشكل كبير في إشعال لهيبها والأسباب عديدة وواضحة للعيان.
الجميع يعلم أن محافظة البصرة ترزح تحت درجات حرارة عالية وهي نصف درجة الغليان، وبما أن إيران المتعاقدة منذ أعوام مع الحكومة العراقية هي من تزود البصرة والمحافظات الجنوبية بالكهرباء، وبصورة مفاجئة تمتنع عن تزويد الكهرباء للمحافظات، أمر لا يحتاج إلى تحليل، فهي من تسعى دوما إلى تفجير الشارع العراقي، حفاظا على استقرارها الأمني.
التظاهرات في البصرة تستمر ويستمر معها الغضب الشعبي.
كيف لا ومحافظة البصرة «فينيسيا الشرق»، كما كان يطلق عليها، تتحول إلى مدينة تنعدم فيها أبسط مقومات الحياة بالحصول على مياه عذبة والسبب أيضا الجارة إيران، حيث ترتفع التراكيز الملحية في مياه شط العرب بسبب الإطلاقات الملحية الإيرانية غير المسبوقة.
هذه الإطلاقات قضت على المئات من الهكتارات الزراعية وأدت إلى تجريف الآلاف من أشجار النخيل بعد هجرة المزارعين لأراضيهم تارة، وتهجيرهم قسرا تارة أخرى، من قبل جهات متنفذة تارة أخرى.
ارتفاع نسبة الملوحة في مياه البصرة وموت الزراعة فيها يرجعه الكثير من المتابعين لشأن المحافظة التي تمتلك أبرز موارد الدولة العراقية من حقول نفطية ومنافذ حدودية يرجعه إلى عدم امتلاك الحكومات العراقية المتعاقبة أوراق ضغط سياسية واقتصادية تجبر إيران على وقف إطلاقاتها الملحية المتعمدة صوب مياه شط العرب.
الثورة الشعبية التي امتدت في كافة مناطق الجنوب العراقي حدت بالمتظاهرين لحرق مكاتب حزبية موالية لإيران، الأمر الذي يظهر مدى الغضب الشعبي العراقي على إيران التي تسعى جاهدة لفرض نفوذ أحزابها على التشكيلة الحكومية المقبلة.
وبما لا يقبل الشك نستطيع أن نرى بوضوح الأيادي الخفية لإيران في ثورة الحق هذه، سواء كانت في صب الزيت على النار، أو كانت تدعم المندسين بين المتظاهرين الذين يحاولون إخراج التظاهرات من سلميتها بالاعتداء على ممتلكات الدولة والمال العام، كما حدث في مطار النجف، الذي توقفت حركة الملاحة فيه لعدة ساعات.
5 ماذا يحدث في العراق ؟ أحمد الدواس السياسة الكويتية

جنوب العراق منطقة تنتج نحو ثلاثة أرباع النفط العراقي، لكنها تعاني الفقر والبطالة. الأهالي فيها يشترون الماء من سيارات نقل المياه بأسعار باهظة، رغم امتلاك العراق لنهري دجلة والفرات، ويصعب على أبناء المنطقة الحصول على وظيفة، فشركات التنقيب عن النفط وظفت 50 ألف عامل أجنبي، وهؤلاء يتقاضون رواتب تصل الى ثلاثة آلاف دولار شهريا.
أبناء البصرة يتخرجون في أربع جامعات، ولكن يصعب على الخريجين الحصول على الوظائف في شركات النفط والجهات الحكومية، فيضطر الخريج الى العمل سائق سيارة أو يفتح كشكاً للسكائر في الشارع وهو يكابد ضنك العيش، أو يلتحق بإحدى الميليشيات العسكرية المسلحة التي تنتمي الى أحزابٍ دينية.
في يوم 8 يوليو الجاري بدأت الشرارة الأولى التي سببت الاحتجاجات الحالية، فقد نشب شجار بين شاب من قرية في شمال البصرة وصاحب سيارة نقل المياه، اعتقد خلاله الشاب ان الرجل يعرض سعراً للماء مبالغاً فيه، وتحول النزاع المحلي الى شجار بين القبائل امتد الى الشوارع. واتسعت دائرة الاحتجاجات لتتجمع عند ثلاثة حقول نفطية، وامتدت لمطار النجف فحطمت إحدى بواباته، وحاول المتظاهرون إغلاق ميناء أم قصر، وساروا قرب الحدود الكويتية والحدود الإيرانية، الزعيم السياسي مقتدى الصدر وصف التظاهرات بـــ ” ثورة الجيـاع “.
ما ذكرناه سبب اقتصادي للاحتجاجات الشعبية في العراق، ومن بين الأسباب عجز السياسيين العراقيين عن تشكيل حكومة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في العراق يوم 12 مايو الماضي، ووجهت إليهم تهم بالفساد، فاعـيد فرز الأصوات مرة أخرى لاحتساب عددها، وتأخر افتتاح دورة البرلمان الجديد وتشكيل الحكومة الجديدة، فالجميع من كتلٍ سياسية وطوائف دينية وعرقية أمام مأزق تشكيل حكومة يتفق عليها الجميع.
انتشار الفساد في الجهات الحكومية، وارتباط السياسيين الشيعة القوي مع ايران جعل العراقيين يشعرون بغضبٍ شديد، فحرقوا مقر كتائب “حزب الله “العراقي، وهو ميليشيا عراقية مؤيدة لإيران. وقال أحدهم وهو يحتج في التظاهرات: لقد سئمنا هذه الأحزاب التي تضع مصالح إيران قبل مصالحنا، ومايحدث الآن هو انفجار بعد سنين طويلة من الضغط علينا، نريد حقوقنا ولن نخسر شيئاً، لأنهم أخذوا كل شيء.
وعند الهجوم على مقرات حزب الدعوة في النجف، قال محتج آخر مشيراً الى هذا الحزب الذي هيمن على السياسات العراقية منذ سنة 2006، واصفاً إياه بــــ ” حزب الدعوة الإيراني ” وصاح متظاهرون: أحرقوا الأحزاب العراقية، وصوت آخر يقول: نريد ان نتخلص من هذه الأحزاب السياسية الفاسدة، مثلما تخلصنا من صدام، حزب الدعوة امتص دماءنا منذ سنة 2003، وانظروا إليهم الآن، إنهم أغنى الناس.
رئيس الحكومة حيدر العبادي استعمل جهاز الشرطة والجيش في ضرب المحتجين مع قطع الاتصال الهاتفي والانترنت، وفرض حضر التجول الليلي على البصرة، وتم القبض على مئات المواطنين كمحاولة لتهدئة الوضع بالمنطقة، وحتى تستمر شركات النفط في عملها.
خلال الأيام الماضية، وعد العبادي بإنفاق 3 مليارات ونصف مليار دولار على تطوير نظام الكهرباء والماء في منطقة البصرة، وتوفير آلاف الوظائف، لكن الأهالي لايثقون بالحكومة، ويعتقدون ان هذه الأموال أيضا ستجد طريقها الى جيوب الفاسدين ورفاقهم.
الاضطراب السياسي في العراق زاد من استياء العراقيين وهم يرون تدهور الوضع الداخلي على كل المستويات، وفقد العراقيون الثقة بالحكومة، واعتبروها لن تجلب لهم أي تغييرات جيدة في حياتهم المعيشية، ما جعلهم يخرجون الى الشوارع يشتكون من الوضع فاستقبلتهم قوى الأمن بالغاز المسيل للدموع، ومات في الاحتجاجات حتى الآن نحو عشرة أفراد، وجُرح الكثيرون.
ينبغي على الحكومة ان تنفق ملايين الدولارات على البصرة وسكانها للتخفيف من معاناتهم المعيشية الصعبة، في وقت قطعت ايران الكهرباء عن العراق هذا الشهر لأنه لم يدفع لها الدين البالغ مليار دولار وفقا للجدول الزمني المتفق عليه معها في السنة الماضية.