1 هبة تموز: كيف جوّع الساسة الفاسدون العراق؟ افتتاحية القدس العربي
كرّر محلّلون كثيرون تعبير «ثورة الجياع» لتوصيف حركة الاحتجاجات الجماهيرية الكبيرة الجارية حالياً في العراق، وهو توصيف صحيح بالتأكيد لكنّه لا يقدّم تفسيرا لسبب جوع سكان أحد البلدان الأكثر غنى بالثروة النفطية في العالم، كما لو أن هذا الجوع كارثة طبيعية مقدّرة على العراقيين الذين يحكمهم قدر مأساويّ، يتكرّر بطبعات مختلفة عبر التاريخ، فيحوّل البلاد إلى مناحة كبرى، منذ اسطورة الإله تموز ومقتله التراجيدي كل عام، مرورا بقرون الذكريات الكربلائية لمقتل الإمام الحسين، ووصولاً إلى هذه الفاجعة الكبرى التي تمتد من البصرة في الجنوب، مدينة حقول النفط الجائعة التي ابتدأت فيها التظاهرات، إلى الموصل في الشمال التي هدمتها الطائرات المغيرة على رؤوس ساكنيها.
المفارقة الكبرى التي تقدّمها انتفاضة العراقيين الأخيرة هي اعتبارهم مقارّ الأحزاب السياسية الدينية الشيعية، كالفضيلة والحكمة والدعوة، رموزا للمتسببين بأحوال الجوع والعطالة ونقص الخدمات التي يرزحون تحتها، باعتبارها مراكز الفساد المهول الذي يعمّ العراق، ومنابع الصراع على السلطة والمحاصصة، وهذا استفتاء واضح على رفض النظام السياسي القائم.
الأغرب من ذلك أن عناصر هذه الأحزاب، التي تحوّلت إلى ميليشيات مسلّحة وصارت مهامها تتركز على جمع النفوذ والسلطة والمال، لا تجد حرجا في إطلاق النار على المتظاهرين الذين تدّعي تمثيلهم في البرلمان، والنطق باسمهم في الحكومة، فهي محصنة حين تنتهب مصالح العراقيين وتفقرهم وتصادر مستقبلهم وهي أيضا قادرة أيضا على سلبهم حياتهم لو حاولوا الاحتجاج عليها، في احتياز عجيب لسلطة القوّة التي هي خاصيّة الدول وأجهزتها الأمنية وليست مسؤولية الأحزاب السياسية، وبذلك ترتكب هذه الأحزاب الجرائم السياسية والأمنية من دون أن تخشى عقابا لأن النظام السياسي الفاسد يؤمن لها الحماية، بل إن هذا النظام، وبدل أن يحاسب قطاع الطرق والفاسدين والمجرمين، فإنه يرفع من شأنهم ويسلمهم الوزارات والمناصب!
ومن العجيب أن تبعيّة هذه الأحزاب المباشرة أو غير المباشرة لدولة أجنبية، إيران، هي أحد أسباب الحصانة الكبرى التي تتمتع بها، ليس تجاه المواطنين البؤساء فقط، بل أيضاً تجاه سلطات الدولة نفسها، التي لا تستطيع أن تشتبك مع هذه الأحزاب المتطرّفة لأنها لا تستطيع أن تقاوم نفوذ طهران الكبير الذي يدير شؤون البلاد من وراء الكواليس، وأحيانا، حين الاضطرار، علناً وعلى رؤوس الأشهاد، وكان ظريفا أن يردد علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، قبل أيام إن إيران لن تنسحب من البلاد إلا إذا طلبت منها حكومتها ذلك، كما لو أن الحكومة هي مالكة أمرها في علاقتها مع طهران.
للتغطية على الاعتداءات التي يتعرّض لها المنتفضون العراقيون ولإجهاض الانتفاضة الشعبية فقد قامت السلطات العراقية أمس بقطع وسائل الاتصال عبر الانترنت، وهو أسلوب بائس لسلطات بائسة، ولتزداد المفارقة فقد كان رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، يحيّي الذكرى الستين لتأسيس الجمهورية العراقية، وذكرى ثورة 14 تموز 1958 قائلا إن تلك الثورة «رفضت سياسة المحاور» و«عززت الاستقلال الاقتصادي والمالي» وهي أهم مواطن خلل الدولة التي يرأسها.
لقد استنفد النظام السياسي العراقي الذي نشأ بعد احتلال أمريكا للعراق عام 2003 كل صلاحياته، كما استنفد كل مبرراته التي خلقها، من منع عودة حزب البعث، إلى محاربة الإرهاب. لقد تحوّلت دعوة اجتثاث البعث إلى عملية انتقام كبرى طائفية لحواضر ومناطق الأنبار السنّية، وحين بدأت هذه المناطق ثورتها السلمية واعتصاماتها بالتناظر مع الثورات العربية، أطلقت أجهزة النظام الأمنية مئات من مقاتلي «القاعدة» السجناء، لوأد الحراك السلمي والمساهمة في خلق «بعبع» تنظيم «الدولة»، وصولا إلى ما لحق من دمار شامل للعراق.
هبة تموز هي عنوان اكتمال دورة الخراب في العراق وإعلان للأحزاب السياسية المجرمة بأن ترحل.
2 الانتفاضة الشعبية في العراق وما هو المطلوب منها د. سعد ناجي جواد رأي اليوم بريطانيا
ما يجري في العراق ليس بالأمر الغريب او غير المتوقع، وانما الغريب فيه هو لماذا تاخر الانفجار كل هذا التأخير. ان كل ما جرى في العراق، منذ 2003 وحتى هذا اليوم، كان لابد وان يقود الى ثورة شعبية عارمة، و لا ادري ماذا كان ينتظر العراقيون بعد ان اُحُتُلٓٓ بلدهم وسرقت ثرواته على مراى ومسمع منهم، و قُتِلٓ ابنائهم واخوانهم وآبائهم واحبائهم على اسس طائفية، وهجروا على نفس الأسس. وحرموا من الخدمات والماء الصالح للشرب، و موخرا من اي نوع من انواع المياه حتى وان كانت عكرة، ومن الكهرباء والخدمات الطبية اللائقة، وابتُلوا بتوزيع مواد غدائية فاسدة و أدوية منتهية الصلاحية، وعانوا، ولا يزالون، من ميلشيات طائفية ودموية و منفلتة دمرت مدنهم و خطفت وغيبت وقتلت ابنائهم، ولا زال قسم منها يمارس أساليب الابتزاز والخطف والقتل لحد هذه اللحظة. والاخطر من ذلك نسبة البطالة العالية والضائقة المادية التي تعاني منها شرائح واسعة في المجتمع. وهذا لعمري غيض من فيض. أليست كل واحدة من هذه الاسباب، التي ذكرت والتي لم تذكر، كافية لدفع العراقيين للثورة؟ وهل يوجد بعد كل هذه الكوارث من يلوم العراقيين على الانتفاض على هذا الواقع الماساوي؟ ثم أليست هذه الكوارث كافية لتجعل كل مراقب ان يتعجب على صمت العراقيين كل هذه المدة؟
من ناحية اخرى فان تمادي الاحزاب الحاكمة وتجاوزاتها وفسادها وإصرارها على تدوير نفس الوجوه الفاسدة والكالحة، سواء في البرلمان او الحكومة، مٓثّٓلٓ ولا يزال، استفزازا لمشاعر العراقيين جميعا. ولم تُعِر الاحزاب الحاكمة ابة أهمية للتظاهرات او للاحتجاجات السابقة، ولم يتعظوا من مصير الحكومات المثيلة في دول العالم المختلفة، ولم يفسروا استهجان الناس لهم وعزوف 80% من الناخبين عن الذهاب للانتخابات التفسير الصحيح، ولا استهجان كل الشرائح للطريقة التي اُديرٓت بها العملية الانتخابية الاخيرة، ولا الحجم الهائل والمفضوح من التزوير الذي شابها، خاصة بعد ان تم إقتِطاع حوالي ثلثمائة مليون دولار من ميزانيتهم، التي تعاني اصلا من عجز كبير، لشراء اجهزة (الكترونية؟) لتمنع التزوير؟؟، واذا بها تظهر بان اغلبها لا يعمل، و الذي عمل بُرمِجٓ بطريقة لكي يُظهِر نتائج مزورة. ولم يتم احالة اي من اعضاء المفوضية العليا المستقلة [كذا] للانتخابات الى المحاكم، او اي نوع من انواع المُسآلة. في حين ان الكتل التي أظهرت هذه النتائج المثيرة للجدل، انها (فائزة)، اهتمت فقط بكيفية تشكيل التحالفات للوصول الى تشكيل حكومة فاسدة اخرى.
لا اعتقد ان احدا يختلف مع الرأي الذي يقول ان إصلاح العملية السياسية الفاشلة بل والمدمرة و الممزقة للعراق وشعبه، من قبل الاحزاب الحاكمة، هو اضغاث احلام. وكذلك الذي يعتقد ان اي من الوجوه التي فازت بالانتخابات، والتي يمكن ان تشكل الوزارة القادمة، يمكن ان تشن حملة على الفساد، لسبب بسيط هو انها هي بالاساس مليئة بالفاسدين اولا، ولان الفساد في العراق، بالاضافة الى تجذره وانتشاره بصورة رهيبة، فانه اصبح ايضا محميا بمليشيات مستعدة لقتل وتصفية كل من يحاول ان يتصدى له،
ان الهبة او الثورة الشعبية التي تشهدها محافظات العراق الجنوبية بقدر ما هي مفرحة و تدعو الى التفاؤل، الا انها لابد وان تثير القلق. كونها مفرحة فهذا لانها جاءت ردا مناسبا على الفساد الذي فاق كل الحدود اولا، وثانيا، وهو الأهم، انها قامت وانتشرت في المحافظات الجنوبية، والتي كثيرا ما تبجحت الحكومات والأحزاب الطائفية بانها تمثلها، وان ابناءها هم حاضنتها، وان منها يأتي الدعم الكبير لكل سياساتها.
و مقلقة لسببين، الاول ان بعض ما يترشح عنها يُظهِر بانه صراع بين الكتل والمليشيات المختلفة، ويُشٓم منه رائحة تدخل خارجي. وثانيا وهو الأهم، ان الجزء الصادق والحقيقي فيها، وهو ليس بالصغير او القليل، يبدو وكأنه تائه وبدون قيادة منظمة تحركه، مما يجعلها لقمة سائغة للمندسين و للمليشيات التي ستبدا بالانقضاض عليها. ان الحاجة الوطنية تقول، لكي تنجح هذه الانتفاضة فان على القائمين عليها ان:
اولا: يجب ان لا تكون مطالبها ( الانتفاضة) وأهدافها انية ومرحلية وشخصية ومادية، او حتى تهم شريحة معينة من المجتمع. بل يجب ان تكون جوهرية، فبدلا من المطالبة بتعيينات او تحسين شبكة الكهرباء مثلا، فأن على القائمين عليها ان يرفعوا شعارا واحدا موحدا وهو محاربة الفساد وإحالة الفاسدين الكبار للمحاكم والتحفظ على ممتلكاتهم، التي باسمهم او اسماء عوائلهم، واموالهم المهربة كخطوة أولى لاستردادها. وان لا يهدأ المنتفضين حتى يشاهدوا، كبداية، بعض رؤوس الفساد خلف القضبان و تم اعادة ما سرقوه الى خزينة الدولة. ان اكثر ما يثير اشمئزاز وحنق العراقيين هو ان يشاهدوا كل يوم رؤوس الفساد وهي تتحدث عن النزاهة والعفة وضرورة محاربة الفساد. و ليس اسهل على الفاسدين من ان ينثروا جزءا من الأموال التي نهبوها، اما لافشال الانتفاضة وتصفيتها، او الادعاء بإصلاحات كاذبة لإسكات المتظاهرين لكي يبقوا هم، الفاسدون، في مناصبهم، ويعاودوا فسادهم فيما بعد وبعد ان تهدأ الأمور.
ثانيا: ان يحافظوا على سلمية تظاهراتهم، وان لا يلجأ المتظاهرين الى تخريب الممتلكات العامة لانها ملكهم ولخدمتهم وان يصونوها، فهذه الممتلكات ليست هي عدوهم وانما من يديرونها من الفاسدين، هم فقط اعدائهم.
ثالثا: ان لا يلجأ الثائرين الى التصادم مع القوات الأمنية وقوات الجيش، لان الغالبية العظمى من منتسبي هذه المؤسسات العسكرية يعانون نفس معاناة بقية أبناء الشعب، وان يعملوا على كسبهم، وسيجدون ان من يطلق النار عليهم ويقتلهم او يجرحهم او يروعهم هم أفراد المليشيات التابعة للأحزاب والشخصيات المشتركة في العملية السياسية، هذه المليشيات التي لن تتورع عن مهاجمة حتى منتسبي القوات المسلحة، او حرق العراق باكمله اذا ما وجدت ان ذلك في مصلحتها ويبقي على نفوذها. (بالمناسبة فان أصابع الاتهام في اخر حوادث اطلاق النار في البصرة تتجه لبعض هذه المليشيات). كما ان على القوات الأمنية والجيش ان تحمي المتظاهرين السلميين وان تدعم مطالبهم، بل و تتبناها و تدافع عنها لانها تمثلهم كعراقيين متضررين ايضا.
وأخيرا وليس آخرا ان يطالبوا الحكومة بإعلان نتائج التحقيقات في التزوير الذي شاب الانتخابات الاخيرة، و التي يجمع الكل على انها كانت مزورة، وبأسرع وقت.
واذا ما نجحت هذه التظاهرات في التقيد بهذا المسار عندها فقط يحق للجميع ان يفرحوا و يتفائلوا بها. و سيتولد بالتأكيد لدى العراقيين الشعور بان الثورة الشعبية تسير في الطريق الصحيح.
3 نتمنى ألا يدخل العراق في دوامة «الفوضى الخلاقة» عبدالمنعم ابراهيم
اخبار الخليج البحرينية
انضم العراق إلى دول عربية عديدة شهدت في الآونة الأخيرة مظاهرات احتجاجية على غلاء الأسعار وزيادة الرسوم والضرائب، مثل المغرب والأردن والجزائر والسودان.. لكن انفجار الوضع في (البصرة) ومدن عراقية أخرى الذي حمل عنوان الاحتجاج على نقص فرص العمل ونقص الخدمات، وخصوصا الكهرباء والماء، له أسباب أخرى إلى جانب الوضع الاقتصادي والمعيشي، متمثلة في الوضع السياسي المأزوم بالتركيبة الطائفية والعرقية في نظام (المحاصصة) داخل (الحكومة).. وازداد الوضع تأزما بعد نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جاءت بحصص مقاعد برلمانية مفاجئة للكثيرين.. ودخلنا في دوامة شك وتشكيك في نزاهة الانتخابات، وحرق صناديق اقتراع، وتشكيل لجنة تقصي حقائق بتشكيل هيئة انتخابية جديدة. هذا الوضع السياسي المتأزم في العراق هو أحد أسباب انفجار الاحتجاج الشعبي الحالي في البصرة ومدن عراقية أخرى.. وصار الكثيرون يعرفون أن (القرار السياسي) في العراق يخضع لنفوذ إيراني ونفوذ أمريكي.. وكانت هناك (أعوام عسل) بين الطرفين في فترة حكم الرئيس الأمريكي (باراك أوباما)، وبالتالي لم تكن هناك (صدامات نوعية) بين الطرفين آنذاك، بل كانت إيران بمندوبها السامي الجنرال (قاسم سليماني) تتحرك في مراكز النفوذ السياسي وفي القرارات الحكومية بضوء أخضر أمريكي. لكن الوضع تغير مع مجيء الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) إلى البيت الأبيض في واشنطن، إذ وضع مواجهة النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ضمن أولوياته السياسية.. وهكذا عادت المواجهة مجددا في العراق.. وإلى الآن لم يستطع كلا الطرفين تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، أو الاتفاق على شخصية (رئيس الحكومة). طبعا هذا لا يعني أن الأحزاب السياسية العراقية لا تتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع السياسية والمعيشية.. فهي تتحمل قسطا كبيرا من ذلك، لأنها بمجرد الانتهاء من المعارك الطاحنة مع (داعش) عادوا إلى التناحر والصراع على (السلطة) تاركين الملايين من الشعب العراقي يعانون من الفقر والعطش والجوع والتشرد في خيام مهترئة خارج مدنهم المدمرة. نتمنى للعراق أن يضمد جراحه سريعا ولا يدخل دوامة الفوضى (الخلاقة)!
4 الدعم الممكن للعراق أو الانزلاق في فوضى لاتطاق!! أحمد بودستور الوطن الكويتية
هناك قول اسكتلندي (اجتماع السواعد يبني وطن واجتماع القلوب يخفف المحن) ولاشك أن العراق في محنة عظيمة فهو على حافة الهاوية لو استمر الغضب والغليان الشعبي قد تنزلق البلد في مستنقع حرب أهلية لا تبقي ولا تذر فالشعب العراقي فقد الأمل في الطبقة السياسية والنظام الحاكم فقد شبع من الوعود البراقة الزائفة.
أيضا هناك أطراف خارجية لديها أذناب عراقية تسعى إلى تفجير الوضع وإدخال العراق في حالة من الفوضى الشاملة حتى تتمكن من تدميرها ونهب ثرواتها وخيراتها حتى يسهل ابتلاعها ولعل أبرز هذه القوى أو الأطراف هو الراعي الرسمي للإرهاب العالمي النظام الايراني الذي يخلق الفوضى الشاملة حتى يسهل عليه التحرك والهيمنة والسيطرة على العراق وتنصيب حكومة موالية له فهناك صراع بين الأحزاب السياسية حول تشكيل الحكومة مما يدخل العراق في فراغ دستوري يدفع النظام الإيراني للتدخل من خلال أدواته وأذنابه من الأحزاب العراقية وكذلك ميليشيا الحشد الشعبي الموالية للنظام الإيراني.
هناك مثل يقول (رب ضارة نافعة) فقد اكتشف المتظاهرون من الشعب العراقي الذين لهم مطالب عادلة بعض المندسين من الجنسية الإيرانية الذين ينفذون تعليمات ملالي طهران بتحويل المظاهرات السلمية إلى تدمير وتخريب المنشآت الحيوية مثل المطارات وحقول البترول وكذلك الاعتداء على رجال الأمن والشرطة والاستيلاء على أسلحتهم بقصد إحداث فوضى قد تخرج عن سيطرة الأمن العراقي وبالتالي يحدث مالا يحمد عقباه من حرب أهلية شرسة لها أبعاد طائفية .
نعتقد أن القناع الإيراني قد سقط لذلك كانت هناك اعتداءات من المتظاهرين على مقرات الأحزاب العراقية الموالية للنظام الإيراني وهي معروفة مثل حزب الله العراقي وعصائب الحق وفيلق بدر والحشد الشعبي وقد طالب المتظاهرون برحيل إيران وطردها من العراق وكذلك إبعاد أذناب إيران عن المناصب العليا.
صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله تلقى اتصالا هاتفيا من أخيه معالي رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حيث أعرب سموه على استعداد الكويت لتقديم كل الدعم الممكن للعراق ليتمكن من تجاوز ما يمر به من أحداث مؤلمة سائلا الله أن يحقق للشعب العراقي كل مايتطلع إليه من تقدم وازدهار.
أيضا من المقرر أن يعقد اجتماع حكومي نيابي لمناقشة طلب نيابي حول آخر التطورات في العراق ومدى استعدادات الحكومة لكافة الاحتمالات بشأن الأحداث في العراق وسوف يعقد الاجتماع في مبنى مجلس الأمة اليوم الثلاثاء بحضور عدد من الوزراء المعنيين أبرزهم نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد ووزير الداخلية والدفاع بالإنابة الشيخ خالد الجراح وسوف تبحث سبل تقديم الدعم الممكن للعراق .
الجدير بالذكر أن العراق يعاني من أزمة حادة في الكهرباء وسوف يغادر وزير الكهرباء العراقي إلى المملكة العربية السعودية لمناقشة حل هذه الأزمة ونعتقد أن الكويت تملك فائضا من الكهرباء تستطيع أن تدعم به العراق بشكل مؤقت ونقصد مدينة البصرة القريبة من الكويت بدل أن تكون تحت رحمة النظام الإيراني الذي يمدها بالكهرباء من أجل السيطرة عليها وقد صرح قبل فترة وزير الكهرباء الكويتي أن الكويت تملك فائضا يمكن أن تساهم في سد النقص في الدول الخليجية.
إن المطلوب من الدول الخليجية وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ودولة الكويت حيث أن لديهم حدود مشتركة مع العراق تقديم كل الدعم الممكن للعراق حتى لايرتمي في أحضان إيران ويعود للحضن الخليجي والعربي خاصة في المحنة التي يمر بها وأن تساعد العراق على الخروج من الأزمة السياسية حيث إلى الآن فشلت الكتل السياسية في الاتفاق على تشكيل الحكومة العراقية وكذلك تسمية رئيس الوزراء العراقي الجديد الذي تسعى إيران جاهدة لتشكيل حكومة عراقية موالية لها وكذلك تعيين رئيس وزراء عراقي محسوب على النظام الإيراني وبالتالي يكون العراق جزءا من محور الشر وليس جزءا من محور الخير الذي يسعى إلى إرساء السلام والمحافظة على أمن واستقرار دول المنطقة .
5 الباشا نوري السعيد رجا طلب الراي الاردنية
أحد أهم الشخصيات في التاريخ العربي المعاصر رغم انه ليس عربيا، واهميته متعددة الابعاد، فهو رئيس للوزراء في بلد محوري كالعراق وفي حقبة زمنية فارقة كان العراق فيها قلب الشرق العربي وعقله،”ابو صباح”استلم رئاسة الوزراء في العراق لاول مرة في اكتوبر من عام 1932 واستمر وعلى فترات زمنية يتولى ذات المنصب حتى الانقلاب المشبوه على الحكم الهاشمي في العراق في عام 1958 زمن حكم الملك فيصل الثاني الصديق الصدوق للملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، والانقلاب المشبوه كان يراد منه ابادة العرش الهاشمي سواء اكان في العراق او الاردن الا ان حكمة وحنكة “الحسين”وطريقة تعامله قللت حجم الكارثة وجعلت الاردن خارج مشروع الالغاء والشطب رغم قناعتي ان المشروع لم يدفن وهو متجدد في الكثير من دوائر صنع القرار تحديدا في واشنطن وتل ابيب. ” الخطيئة الاكبر” للباشا نوري السعيد في نظر اعداء الهاشميين كانت مشروع الاتحاد الهاشمي بين المملكتين “العراقية والاردنية”، ودفع الباشا نوري السعيد حياته ثمنا لهذا المشروع، وتم قتله وسحله في شوارع بغداد بصورة همجية تؤكد غياب الرحمة والاخلاق في ضمائرالانقلابيين. لا اود الاستفاضة في حيثيات ما جرى في تلك الحقبة من جراح وألم، وتحديدا لدى الراحل الكبير”الحسين بن طلال”، فمقالي هذا اردت منه تسليط الضوء على شخصية ادعي انها من الشخصيات السياسية الابرز في التاريخ العربي الحديث مع عدم التقليل من شأن شخصيات كثيرة زامنته او اعقبته. ما يهمني في هذا الاستحضار التاريخي لدولة الباشا نوري السعيد، ليس ادارة الدولة وعلاقاتها الخارجية التى ادارها بمنتهي الذكاء والدهاء، وليس صلابته العجيبة في التعامل مع بريطانيا العظمى التى طالما اتهم بانه مجرد عميل لها، ولا عنفوانه في رفض التبعية لمصر في ظل حكم الرئيس جمال عبد الناصر ذي الشخصية “المؤثرة والشعبية”، ولا تعنته في التعامل مع المشروع الاميركي للسيطرة على نفط العراق، كان”ابو صباح”، وصباح هو ولده الوحيد وكان يطرب لمناداته بهذا اللقب، كان انتحاريا بحكم ادراكه للظروف الخطيرة الداخلية والاقليمية التى كانت توثر على العراق، الا انه لم يكن يعيرها ذلك الاهتمام المطلوب. الميزة الابرز في”نموذج نوري السعيد” انه لم يكن فاسدا في ظل ولاية عامة مارسها على مدى 28 عاما. ولابد لي في هذا المقام من سرد واحدة من تلك القصص الكثيرة التى كان فيها نوري السعيد يمارس دوره كرجل دولة يحترم القانون ويمارس الولاية العامة، القصة وهي منقولة من عدة مراجع تاريخية تتحدث عن ان الملك غازي طلب من صباح ابن نوري السعيد خلال احتفال عسكري اقيم عام 1936 المشاركة بالاحتفال من خلال بعض الالعاب الجوية كونه من امهر الطيارين العراقيين الا ان الملك اشترط على صباح اصطحاب احد خدم القصر الملكي المعروف عنهم خفة الدم والفكاهة والخوف من الطيران، وخلال العرض امسك الخادم ونتيجة للهلع بيدى صباح ومنعه من الحركة مما افقده القدرة على التوازن فسقطت الطائرة وتوفى الخادم واصيب صباح نوري السعيد بجروح بالغة نقل على اثرها للعلاج في لندن وهناك تماثل للشفاء وكانت كلفة العلاج وقتذاك قرابة 400 دينار عراقي وهو مبلغ باهظ بارقام وقيمة ذلك الوقت، دفعها نوري السعيد من جيبه الخاص، وبعد فترة قدم نوري السعيد مطالبة مالية بالمبلغ كون المتسبب بالحادث هو الملك غازي الذي اقترح اصطحاب الخادم في عرض الطيران، فقام وزير المالية برفض المطالبة والذي هو وزير لدى نوري السعيد وتفجر خلاف داخل مجلس الوزراء بسبب القضية، استقال على اثره عدد من الوزراء وسقطت الحكومة برمتها كون وزير المالية وعدد من زملائه كانوا على قناعة ان الخلاف المالي محصور بين صباح نوري السعيد والملك ولا علاقة للمالية العامة للدولة به. والسؤال..اين العراق اليوم من عراق نوري السعيد؟، واين حكوماتنا في الاردن من نموذج نوري السعيد الذي كان اول رئيس وزراء للاتحاد الهاشمي؟