حين تلقى إيكار فراهام، استاذ علم الآشوريات في جامعة ييل مكالمة من وزارة الداخلية مع طلب الحضور الى نيويورك تلقييم الالواح السومرية، كان مفتوناً بفرصة تقديم تقييم لمحتوى هذه القطع الاثرية القديمة واصولها.
فراهام، الذي يعد واحداً من بضع مئات الناس في جميع انحاء العالم الذين يمكنهم قراءة النصوص المسمارية بدقة، تم نقلهم الى مكان لم يكشف عنه في المدينة حيث كان لديه ما يقرب من يومين ونصف لدراسة هذه النصوص في مستودع كانوا يعملون فيه مؤقتاً.
المخزن فيه قرص بحجم هاتف خلوي، عليه الكثير من الاضرار وقشور ملحية تغطي اجزاءً كبير من أسطحها الرماد. يقول فراهام واصفاً هذا اللوح “يبدو ان العديد من هذه الاقراص تأتي بنفس الارشيف الذي يجب ان يكون قد وضع فريسة للدمار في وقت ما، ومع سقوط الاقراص على الارض تعرض احد الجانبين الى الدمار والاخر محمي”.
ويضيف فراهام “هذا اللوح يشبه الحزام الناقل، وكان لدي حوالي ثلاث او اربع دقائق لفحصه، وبعضه كان الاكثر صعوبة لفك ما مكتوب فيه وقد يكون هناك سر كبير على كل جهاز”.
الالواح المسمارية العراقية اُرسلت الى الولايات المتحدة بعد ان تم الاستيلاء عليها من موظفي الجمارك قبل ان تصل وجهتها المقصودة. “لقد تم الاعلان عنها بأنها بلاط خزفي بقيمة 300 دولار”. هكذا قال مسؤولو الجمارك.
يتحدث فراهام عن صعوبة فك تشفير هذه الالواح المكتوبة باللغة المسمارية التي تضم اكثر من 900 علامة في اللوح الواحد وهو معقد للغاية. ولكل واحد من هذه، اشارات وقراءات مختلفة وفقاً للسياق في الوقت الذي كُتب فيه، بحسب فراهام.
تمكن فراهام من وضع حقائق اساسية حول الاجهزة اللوحية، بما في ذلك – بإستثناءات قليلة – صحتهم ومكانهم الاصلي جنوب العراق. يقول البروفيسور فراهام إن “الجزء الكبير من هذه الالواح تعود تاريخها الى الفترة الثالثة قبل الميلاد والفترات البابلية القديمة، وهي في الاساس وثائق ادارية وقانونية”.
واحدة من هذه الالواح تستحضر الآلهة (آن) وانليل وإنكي وتطلب المساعدة الالهية لترميم المدينة، مع عدد قليل من القطع المماثلة المعروفة. وفيما توجد الواح لافتة للنظر مستخدمة في مدارس البابليين القديمة، فضلاً عن الرسائل الخاصة بالعقود بتلك الفترة.
يعتقد فراهام ان هذه الالواح تعود الى منطقة أور وتحديداً في مدينة كانت تحمل اسم إيريسجريج التي تقع على طول مسار نهر دجلة القديم. وبدأت عملية تحديد الاقراص عام 2003 حين تمت مصادرة اعداد كبيرة من النصوص الادارية المنهوبة من قبل مسؤولي الحدود الاردنية بحسب الباحث فراهام بعد فترة وجيزة من انتهاء الغزو الامريكي للعراق.
في عام 2004 ظهرت الواحاً في السوق وتحديداً على موقع التسوق الالكتروني (eBay) الامريكي. وقام باحثون بجمع كل المعلومات المتوفرة على الاشارات اللوحية بشكل منهجي وانشئوا في السنوات التالية مركزاً في هذا الشأن، وتبين ان مصدر هذه اللوحات (Irisagrig) وهو أسم مدينة سومرية تقع ما بين النهرين.
ومن بين أكثر اللوحات إثارةً من بين القطع التي وقعت بيد فراهام، لوح على شكل ثيقة كبيرة تسجل توزيعات قطع الأراضي الملكيين. فيما توضح العديد من الالواح اصدار حصص الإعاشة الى موظفي القصر، فضلاً عن توزيعات غذائىة للمبعوثين الملكيين والمسؤولين الاخرين.