3 مقالات عن العراق بالصحف العربية يوم الجمعة

1 داعش»… «السر الكبير»! صالح القلاب جريدة الجريدة الكويتية

كلما جرى حديث وضغط لإخراج إيران من سورية، أو على الأقل تقليص وجودها في هذا البلد العربي، ظهر تنظيم داعش مجدداً بكل لياقته العسكرية، وكل هذا في حين أن المفترض أن هذا التنظيم قد انتهى، ولم يعد له أي وجود فعلي، لا في العراق ولا في الأراضي السورية، إلا كأفراد يختبئون في بعض المناطق السكنية المهملة، أو كمجموعات صغيرة مشتتة، يهيم أفرادها على وجوههم في الصحارى البعيدة، التي لا يسكنها لا إنس ولا جن ولا حتى الضباع والذئاب التي رحلت بعد تزايد أعداد السكان في “محمياتها” القديمة إلى المناطق والأماكن الأكثر أماناً لها في هذه الصحارى القاحلة البعيدة.
وكل هذا في حين أن المفترض أيضاً أنه لم يعد لهؤلاء أي وجود لا في مناطق الحدود العراقية – السورية ولا داخلها، ولا بالقرب منها، بعد تلك الحملة العسكرية العرمرمية التي أعلن بعدها الرئيس الروسي، وأكثر من مرة، أنه لم يعد هناك أي وجود لهؤلاء الإرهابيين، وهذا قاله الناطقون بلسان بشار الأسد، وقاله رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، و”أشار” إليه أيضاً بعض كبار المسؤولين الأميركيين ولكن بأقل “حماس” مما قاله هؤلاء المشار إليهم كلهم!
والغريب أن كل هذه التأكيدات تلاحقت وبقيت تقال وتتردد في حين أنه كان لـ”داعش” وجود مسلح في مخيم اليرموك الفلسطيني المهدم، الذي أصبح في قلب دمشق بعد تمددها خلال نصف القرن الأخير، وأيضاً فيما يسمى الجبهة الجنوبية، ما بين درعا والقنيطرة، وأيضاً في بعض مناطق غربي نهر الفرات المحاذية لـ”دير الزور” و”البوكمال”… وامتداداً في اتجاه البادية السورية – العراقية.
والسؤال هنا: لماذا يا ترى لم يتم القضاء على هؤلاء الإرهابيين في تلك الحملة التي جمعت الروس والأميركيين والإيرانيين ومعهم أو وراءهم نظام بشار الأسد، وأيضاً تركيا التي من الواضح أن القضاء على حزب العمال الكردستاني – التركي، لصاحبه عبدالله أوجلان، القابع في إحدى زنازين أحد السجون التركية منذ فترة بعيدة، له الأولوية بالنسبة إليها من القضاء على هذا “الداعش” الذي بات يشبه “راجح” الأسطوري في مسرحية المبدعة فيروز: “بيّاع الخواتم”!
بصراحة، لا شك في أن هناك تواطؤاً من قبل الروس، وتآمراً من قبل إيران، ومعها بالطبع نظام بشار الأسد… وأيضاً صمتاً مريباً من قبل أميركا (العزيزة)… وإلا ما معنى أن يتم الإبقاء على هذا “الداعش” ويتم الاستنجاد به كلما جرى ضغط، سواء فعلياً أو شكلياً، على غرار ما يجري الآن لإخراج الإيرانيين من سورية… وهنا يجب عدم إغفال أن هذا التنظيم الإرهابي بدأ إخراج أعداد من نزلاء السجون السورية وإرسالهم إلى بغداد، لينفذوا أول عملية لهم ضد وزارتين هما الصحة والخارجية… وهذه المسألة باتت مؤكدة ومعروفة وعلى من يشك في هذا أن يراجع (كاك) هوشيار زيباري، خال مسعود بارزاني، الذي كان يومها وزير خارجية بلاد الرافدين!
2 هل يصلح عبطان لـ«رئاسة الوزراء» في العراق؟ زيد شحاثة
الحياة السعودية

لم تثرِ شخصية الجدل حولها كما فعل وزير الشباب العراقي عبدالحسين عبطان، فصار محبوباً لدى الشباب لإنجازاته، كنجاحه في بناء سلسلة من المنشآت الرياضية في ظرف سياسي ومالي صعب، وجوهرة الإنجازات، نجاحه في توحيد الجهود، لرفع الحضر عن الكرة العراقية بعد مرور عشرات السنين من فرضه.
ليكون تقييمنا صحيحاً لما يمكن عده إنجازاً لعبطان يجب الاطلاع على واقع حال وزارة الشباب والرياضة، فهي ليست سيادية أو من التي يمكنها «درّ» المال لتتقاتل عليها الأحزاب، ولم تملك كادراً فعالاً كما تظهره مستويات نشاطاتها خلال السنوات السابقة، ولم تخصص لها ميزانية تحقق ولا حتى «عُشر» ما حققته الآن، فكيف نجح هذا الشاب في تفعيلها لتحقق كل هذه الإنجازات؟
من الواضح امتلاك الرجل كاريزما شخصية تميزه عن غيره، ونجاحه على رغم قلة خبرته في المجال الرياضي بتشكيل فريق استشاري موفق، وتعامل مع الشركات التي تنفذ تلك المنشآت باحترافية عالية وثقة راسخة، ما دفعها لتنجز أعمالاً كانت ترفضها من دون دفع المال مسبقاً، كما هو معتاد لدينا بأن يعمل المقاول بأموال الدولة! بساطته وتواصله اليومي مع الشباب، وهم غالبية الشعب العراقي، على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي وإجابته على كل المتداخلين أعطاه شعبية وتفرداً عن بقية الساسة والمسؤولين، وحتى من هاجمه فيها نجح في تجيير هذا الهجوم لمصلحته من خلال ردود عقلانية مهذبة.
يظهر ما تنشره مواقع الوزارة الإعلامية وصفحاته وما يتداوله محبوه ومتابعوه، نشاطاً غير طبيعي للرجل مقارنة بغيره من الوزراء في المتابعة المستمرة والحثيثة لكل مواقع مشاريع وزارته، ومشاركته في كثير من الأحداث الرياضية وتفاعله الإنساني والعاطفي مع المشاركين، وامتلاكه طريقة مميزة في التحدث بعاطفية محببة، جعلت كثيراً من العراقيين يحبونه وهم بعيدون عن الرياضة وبمرحلة عمرية ليست شبابية.
أكثر ما ينتقد به أنه لم ينجز وإنما أكمل ما بدأه سابقه وهذا ميزة له لا عليه، وكذلك انتمائه لتيار إسلامي، فهاجمه العلمانيون واليساريون وحتى منافسيها الشيعة، والحقيقة أن طريقة عمله ونجاحه المثير، وهذا الانتقاد الفارغ، أتاح للجهة التي ينتمي إليها عبطان أن تظهر بأنها يمكن أن تقدم نموذجاً ناجحاً لرجل الدولة، وأن ما تسوقه من مشاريع سياسية يمكن أن يكون صادقاً، فصارت ميزة له ولها، لا انتقاصاً عليهما.
كل تلك العوامل والمميزات التي يمتلكها الرجل، هل هي كافية لتتيح له تولي مسؤولية قيادة بلد مثل العراق بكل تعقيداته ومشكلاته المتراكمة وأزماته وتخالف فرقائه وتناحرهم؟
الواقع يقول: «إن من يتولى الحكم في العراق يأتي به تحالف قوي متماسك يقوده من يحقق النتائج الأعلى في الانتخابات ولديه خطوط تواصل ومقبولية مع القوى المؤثرة دولياً»، والتيار الذي ينتمي إليه عبطان ليس مقرباً من إيران وأميركا، لكنه ليس عدواً لهما، وكليهما يحترمانه لمواقفه المعتدلة».
مؤثر آخر يتعلق بدول الإقليم، فهي يمكن لها إغراق أي حاكم بالمشكلات أو خنقه اقتصادياً وتمنع أدواتها المحلية من التعاون معه وتنجح بإفشاله، ولو كان يحمل
معه المعجزات!
العامل الأهم في نجاح الحاكم، هو وقوف الجمهور معه في تنفيذ خطته ومشروعه، والصبر معه في أي إجراءات تتطلب حزماً وتنظيماً اقتصادياً وقانونياً.. فهل نحن مستعدون لهكذا حالة؟
عوامل النجاح والفشل ليست دوماً مرتبطة بالشخص نفسه، وقد تتأثر بعوامل خارجة عن إرادته، لكن القائد الحقيقي سينجح في تحقيق ما لن يحققه غيره من الرجال العاديين، وعبطان حقق لحد الآن، في كل المناصب التي تولاها، شيئاً غير مألوف من ساسة وقادة العراق، ولديه كل مؤهلات القيادة اللازمة.
فهل سينجح في قيادة العراق، وهل سيتاح له أصلاً أن يجرب قدراته في هكذا منصب قريباً، مع وجود كل هذه الشخصيات، التي ربما تملك ما لا يملكه؟
3 معركة “منتظرة ” في حرب العراق وليد الزبيدي الوطن العمانية

في الأسبوع الأخير من حرب غزو العراق وفي بداية شهر نيسان ـ ابريل 2003، انتظر الكثيرون صدور بيانات في العاصمة العراقية تعلن بدء معركة بغداد “المرتقبة”، هذه المعركة التي انتظرها الجميع وتحدث عن حتمية وقوعها غالبية العراقيين حتى قبل أن تبدأ حملة الغزو الأميركية ـ البريطانية، وفي تحليل المتوقع من التطورات فإن الشارع العراقي رسم صورة “دراماتيكية” لأحداث ستقع على أسوار بغداد.
قال البعض إن الجيوش الغازية ستحاول تنفيذ عملية إنزال جوي في أحياء بغداد السكنية، وإن الرجال سيخرجون لهم ويتصدون لهؤلاء مهما كانوا مدربين ومدججين بمختلف أنواع الأسلحة، وإن مصير هؤلاء سيكون الهلاك لا محالة، ومنذ دقائق القصف الأولى فجر العشرين من آذار ـ مارس 2003 والكثيرون يرقبون السماء، فالمتوقع أن يهبط بالمظلات آلاف الجنود من البحرية الأميركية في مناطق بغداد، وأن المناطق المرشحة لذلك ـ كما تداول البعض من العراقيين ـ قد تكون منطقة الصالحية في جانب الكرخ من العاصمة العراقية، مستهدفين مقر مبنى دائرة الإذاعة والتلفزيون، وسبب هذا الترشيح لهذه المنطقة، ما علق في أذهان العراقيين عبر العقود الماضية من صدور بيانات الانقلابات العسكرية من دار الإذاعة والتلفزيون في منطقة الصالحية، التي تعني إنهاء أية محاولات للدفاع عن الحكومة، وهذا الإرث يمتد إلى العام 1958 عندما صدر البيان رقم واحد والذي أعلن الضباط الأحرار الذين قادوا الانقلاب سيطرتهم على الأوضاع وإنهاء الحقبة الملكية في العراق، ومثل ذلك صدرت بيانات العام 1963 وبعد ذلك بيان تموز ـ يوليو في العام 1968.
توقع البعض أن يكون إنزال عسكري أميركي في المناطق الميحطة بالقصر الجمهوري بجانب الكرخ وربما في القواعد الجوية والمعسكرات في بغداد وتلك المنتشرة في محيطها. لكن أي من تلك التوقعات لم تحصل، بل إن القوات التي دخلت المطار في الثالث من نيسان ـ أبريل 2003 لم تكن من خلال الإنزال الجوي وإنما دخلته قوات برية، بعد أن سلكت الطريق الدولي السريع قادمة من جنوب بغداد وصولا إلى العاصمة.
التصور الأوسع بين العراقيين ذهب باتجاه نقطة تبين أنها بعيدة جدا عن التصور والقراءة الواقعية، التي يمكن من خلالها استشراف وقائع الحرب وتطوراتها، هذا التصور استند إلى مجموعة معطيات تبدو بعضها واقعية وتخلص في النهاية إلى أن القوات الأميركية ـ البريطانية لن تحقق أهدافها بسهولة ويسر، وحتى في حال حققت التقدم المرسوم، فإنها لن تصل العاصمة العراقية إلا بعد أن تتعرض لخسائر جسيمة ولإنهاك واسع، وأن السقف الزمني لوصولها لن يكون أقل من نصف عام، أصحاب هذا التوقع استندوا فيما استندوا إليه أن الحرب بدأت في الثلث الأخير من شهر آذار ـ مارس 2003، وتحديدا مع بداية أيام الربيع في العراق، ولأن هذا الفصل المعتدل قصير جدا في بلد مثل العراق، فإن القادم من الأيام والأشهر هو فصل الصيف شديد الحرارة، وأن جميع العوامل ستتعاون لردع الغزاة، وقال البعض إذا كان الجنرال “ثلج” قد تسبب بخسائر جيوش نابليون على أبواب موسكو في حربه الشهيرة مطلع القرن التاسع عشر ضد روسيا، فإن الماريشال “الحرّ الشديد” سيفعل فعله مع عوامل أخرى ضد الجيش الأميركي والبريطاني.
لكن سرعان ما سقطت كل هذه الرهانات ودخل الغزاة بغداد في ثلاثة أسابيع وقبل أن يغادر الربيع أجواء العراق.