3 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الجمعة

1 زلزال الأخبار من محيط المطار وليد الزبيدي
الوطن العمانية
لم يعرف غالبية العراقيين بالخبر الذي أكد دخول القوات الأميركية مساء يوم الخميس المصادف الثالث من نيسان – أبريل 2003 المطار الواقع على بعد 30 كيلومترا من قلب العاصمة العراقية، لكن الذين سمعوا الخبر أصيبوا بصدمة حقيقية.
جاء أول اعتراف عراقي بوصول القوات الأميركية إلى المطار، وأعلن الصحاف في يوم (4/4/2003) أن مطار صدام سيكون مقبرة للغزاة، وقال إن “القوات العراقية وفدائيي صدام نجحوا في جعل الأرتال التي أنزلوها بالقرب من المطار جزرا منفصلة عن بعضها البعض، وأصبح هؤلاء المرتزقة في ورطة، وأنهم الآن مطوقون تماما ولن ينجو أحد منهم إلا إذا استسلم”.
بعد أن ألح الصحافيون في الاستفسار عن طبيعة الموقف، وما مدى صدق البيانات الأميركية، التي قالت إن قواتها استولت على المطار، قال الصحاف، وبلهجة فيها الكثير من التحدي “إن هذه الليلة (يقصد الجمعة على يوم السبت) ستشهد عملا غير تقليدي، ستلقن فيه قواتنا المسلحة المعتدين درسا لن ينسوه أبدا”. واستدرك حينها الصحاف وقال “سوف نستخدم سلاحا”، (توقف ووصفه باللغة الإنجليزية بقوله (Not Military) أي ليس عسكريا، ومع أن هذا المصطلح كان غامضا، إلا أنه من الواضح يقصد أن الفعل سيكون لفدائيي صدام. في حين ساد اعتقاد لدى البعض، من أن العراق قد يفاجئ العالم ويستخدم أسلحة غير تقليدية مع كل ما قيل عن معركة المطار، وما تردد من أحاديث وقصص وتحليلات، فإن البيان المرقم (18) الذي أعلنه الناطق العسكري يوم (السبت) (5/4/2003) كان دقيقا في وصف المعركة، فقد جاء فيه (شوهدت تجمعات للعدو في طريق مطار صدام الدولي، فدكت صواريخ أرض ـ أرض حرس جمهوري هذه التجمعات، وأكدت مصادرنا مقتل المئات من أوغاد العدو).
في يوم السبت (5/4/2003) أيضا، اجتمع الرئيس صدام حسين مع كبار المسؤولين، ومن بينهم نجله قصي المشرف على الحرس الجمهوري وعدي المشرف على فدائيي صدام ووزير الدفاع، كما ظهر في الصور التلفزيونية قائد الحرس الجمهوري سيف الدين فليح الراوي.
ووجه الرئيس العراقي في ذات اليوم رسالة إلى القوات المسلحة وفدائيي صدام، يدعو فيها الجميع لمقاتلة العدو وقال “لتضعفوا العدو وتسرعوا في هزيمته، مع انهزامه في وصول بغداد”، وقال “إن ما جاء به العدو على بغداد حتى الآن، هو أقل مما تحتمل بغدادكم، وسوف يحميها الله كرمز للفضيلة والإيمان والجهاد، حتى لو جاء عليها حمل أثقل”.
كان ذلك اليوم حافلا بنشاطات الرئيس صدام حسين، لكنها جميعها كانت تؤكد ما رفض تصديقه غالبية العراقيين قبل 48 ساعة وهو احتلال المطار من قبل القوات الأميركية، الأمر الذي يمثل نقطة تحول خطيرة في معنويات الجيش والأجهزة الأمنية وقادة الحرس الخاص والحرس الجمهوري.
تناقل العراقيون في تلك الأثناء صورا بثتها الفضائيات الأميركية تظهر فيها دبابات أميركية ضخمة تتجول في شارع المطار وتصل حتى ساحة أم الطبول القريبة من مستشفى اليرموك، وتعمدت الصور إظهار مجموعة تماثل في تلك المنطقة لعدد من ثوار مايس في العام 1941، في تأكيد على اقتراب الدبابات الأميركية من المناطق الحيوية في قلب العاصمة العراقية، كما انتشرت العديد من القصص عن معارك شرسة داخل المطار، دون أن يتحدث المسؤولون العراقيون عن الذي يجري في ذلك المكان الذي دخلته القوات الأميركية قبل أسبوع تقريبا من السيطرة على بغداد بصورة كاملة يوم التاسع من نيسان ـ أبريل 2003.
2 دجلة الخير يشكو الظمأ احمد صبري الوطن العمانية
”.. ظل العراق يعاني من انكفائه على اليابسة من دون إطلالة على البحر مثل دول الجوار المنفتحة على البحار والخلجان. وهذا الانكفاء حرم العراق من الانفتاح على العالم، وأصبح ذلك هاجس ساسته منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وحتى الآن، وأصبحت دول الجوار العراقي وهي إيران وتركيا وسوريا والأردن والسعودية والكويت كمصدات الرياح.”

أزمة تلد أخرى، هكذا هو حال العراق منذ احتلاله وحتى الآن، من دون أمل في وقف تداعيات الأزمات التي تخيم على المشهد السياسي وتنغص حياة العراقيين؛ فبعد أزمة الكهرباء والخلاف على نتائج الانتخابات بدأت أزمة ربما تهدد حياة ملايين العراقيين بنضوب نهر دجلة بعد أن بدأت السلطات التركية بملء سد اليسو المقام على نهر دجلة، الأمر الذي حول النهر إلى مستنقع وجزر متناثرة بعد أن شحت مياهه إلى حد عبور سكان الموصل النهر مشيا على الأقدام.
ولم يُغبن بلد من الدول المتشاطئة على نهري دجلة والفرات مثل العراق بفعل التجاوز على حقوقه ما ألحق أضرارا جسيمة بالأرض والإنسان منذ عقود وحتى الآن، لا سيما وأن شرعة الأمم المتحدة وقوانين البحار والأنهر والخلجان تضمن حقوق الدول المتشاطئة وتنظمها بشكل يتم بموجبها التقاسم العادل للمياه من المنبع، مرورا بالدول التي تمر بها الأنهر أو التي تقع بمحاذاة البحار والخلجان. ورغم هذه الضمانات إلا أن العراق لم يتمتع بحقوق الدول المتشاطئة؛ فحصته المقررة من مناسيب نهري دجلة والفرات في تناقص ووصلت إلى حد أن سكان بعض القرى التي يمر بها نهر دجلة شمال بغداد يعبرونه مشيا على الأقدام، ناهيك عن تدني معدلات نهر الفرات.
وتحولت بلاد ما بين النهرين إلى أرض شبه قاحلة يضربها التصحر بسبب انخفاض مناسيب النهرين، وأصبح العراق يشكو الظمأ بعد أن هجر المزارعون أراضيهم التي كانت تروى منهما.
ولم تكتف تركيا وسوريا وإيران بالتجاوز على حقوق العراق المائية، وإنما راحت هذه الدول إلى إقامة مشاريع على الأنهر وتخزين المياه في خزانات كبيرة لحجبها عن العراق خصوصا تركيا وسوريا، فيما عمدت إيران إلى إغلاق نحو 45 نهرا وجدولا مشتركا مع العراق.
وسلسلة التجاوزات على حقوق وأمن العراق المائي قابلها موقف رسمي لا يرقى إلى مستوى التجاوزات، ما يثير علامات استفهام حول حقيقة هذا الموقف الذي لا يعكس الحرص على مصالح العراق العليا إلى حد التفريط بها.
وظل العراق يعاني من انكفائه على اليابسة من دون إطلالة على البحر مثل دول الجوار المنفتحة على البحار والخلجان. وهذا الانكفاء حرم العراق من الانفتاح على العالم، وأصبح ذلك هاجس ساسته منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وحتى الآن، وأصبحت دول الجوار العراقي وهي إيران وتركيا وسوريا والأردن والسعودية والكويت كمصدات الرياح تحول دون إطلالته على البحار إلا من خلالها حسب قوانين الجغرافيا والتاريخ.
ودفع العراق جراء غبن الجغرافيا الكثير من دون تصحيح هذه المعادلة رغم أنه يطل على الخليج بأفق محدود، غير أن هذا الأفق ظل على مدى التاريخ مثار خلاف مع جيرانه، وبسبب هذا الخلاف خاض العراق حربا مع إيران دامت ثماني سنوات، وكلفت البلدين خسائر جسيمة بالأرواح والأموال من دون حل لهذه المعضلة رغم تبدل الأنظمة والحكام.
وبفعل الإحساس بغبن الجغرافيا التي حرمت العراق من منفذ على البحر وتدني معدلات المياه التي تصب في أراضيه عبر نهري دجلة والفرات فإن واقع الحال يشير إلى أن العراق يعيش أزمة مائية ربما ستحوله إلى بلد يضربه التصحر ويشكو الظمأ.
ونختم برائعة شاعر العراق الراحل محمد مهدي الجواهري الذي خص نهر دجلة بقصيدة رائعة عندما كان النهر متدفقا وحيويا حين قال:
حييت سفحك عن بعد فحيني – يا دجلة الخير يا أم البساتين
حييت سفحك ظمآنا ألوذ به – لوذ الحمائم بين الماء والطين
3 مع الصدر أيضاً في هذا الموقف!! صالح القلاب الراي الاردنية
ما كان يجب أن تمر دعوة السيد مقتدى الصدر ليهود العراق، الذين غادروا بلاد الرافدين «بلدهم» مبكراً والذهاب إلى فلسطين وفقاً لمؤامرة صهيونية دفعتهم دفعاً إلى الرحيل تحت وطأة مخاوف مفتعلة، أن تمر مرور الكرام، والواضح أنَّ هذا القائد العراقي الكبير كان يقصد ما قاله وأنه أراد أن يقول للعالم أن لهؤلاء، أي اليهود، أوطانهم التي بإمكانهم العودة إليها وأن هذه البلاد التي هم فيها الآن هي وطن الشعب الفلسطيني منذ ألوف السنين وحتى الآن. وحقيقة أن يهود العراق الذين كانوا غادروا «بلدهم» التاريخي في عام 1950 تحت ضغط الحركة الصهيونية وضغط بعض الجهلة العرب هم الوحيدون من بين اليهود الذين هاجروا أو ذهبوا إلى فلسطين من البلدان العربية الذين حافظوا على عاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم السابقة، ولعل من استمع لبعض البرامج الغنائية التي كانت وربما لا تزال تبثها الإذاعة الإسرائيلية قد أدرك كم أن هؤلاء مازالوا متمسكين بتراث بلاد الرافدين القديم وهذا يدل على أنهم ما زالوا يحنون إلى العودة إلى هذه البلاد رغم أن بعضهم من الجيل الثالث الذي ولد في إسرائيل، وهنا فإنه على من يشك في هذا الأمر أن يسأل أياًّ من الفلسطينيين الذي أصبحوا يوصفون بأنهم عرب الـ 48 !!. ربما أنه غير معروف أن وزير الشرطة الإسرائيلية الأسبق موشي شاحال، الذي هو من مواليد بغداد في عام 1934 والذي هاجر مع عائلته، عائلة «فتّال» إلى فلسطين في عام 1950 والذي إنضم إلى حزب العمل الإسرائيلي وتقلد مناصب عليا متعددة، قد طلب من الرئيس المصري حسني مبارك ومن العاهل الأردني الراحل الملك حسين أن «يتوسط» له عند الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ليعود إلى بلده القديم ولو لمجرد زيارة وليتعرف على بيت أهله وعلى أملاك عائلته في بلاد الرافدين. وحسب ما علمت وهذا مؤكد أن الرئيس العراقي الأسبق قد أبلغ الذين فاتحوه بهذا الأمر بترحيبه بـ «شاحال» وبموافقته على هذا الطلب وبأنه مع أن يعود اليهود العراقيون إلى وطنهم وإلى أملاكهم، لكن ما حدث لاحقاً أنه طلب تأجيل هذا الأمر إلى أن تنتهي الحرب العراقية – الإيرانية كي لا يستغل النظام الإيراني هذا الأمر ويبدأ حملة تحريضية عليه وعلى نظامه في فترة كانت في غاية الصعوبة.
الآن بالإمكان بعدما فتح السيد الصدر هذه الصفحة علينا كعرب معنيين أن نلتقط هذه اللحظة المناسبة وبخاصة إننا سمعنا قبل أيام أحد أكبر الحاخامات اليهود في الولايات المتحدة يعقوب شبيرو يقول إن الحركة الصهيونية حركة قومية استعمارية وإن اليهودية دين لا دولة ولا علاقه لها بالقدس إلا بالتوجه نحوها من أجل الصلاة.