1 المؤامرة على العرب بدأت باحتلال العراق وتفتيت سورية والتحريض على ايران.. والأيام المقبلة ستشهد ضياع فلسطين كليا بسام ابو شريف
راي اليوم بريطانيا
الى كل الأخوة والأخوات الذين علقوا على مقالي المنشور في رأي اليوم ” المحدودية والقدرات ميزان يدل على معادلة الانتصار-24-5-2018 “
أشكركم جميعا، هل تعرفون لماذا ؟ لأنكم علقتم، أشعرتموني بأن الكلمة التي تكتب تحت سياط الاحتلال تجد من يقرأها، وتجد من يعلق عليها، فشكرا لكم فهذا يعطيني مددا وزادا .
الملتزمون بأهداف الشعب الفلسطيني وحلمه التاريخي يواجهون معارك ضارية، ليس فقط من جانب العدو الواضح ( ولن أجتر وأكرر حسب رغبة بعض المعلقين لكن هنالك أعداء ظهروا مؤخرا على الملأ، وكانوا مستمرين من قبل، الأخ النصلاوي الذي قضى في الولايات المتحدة 37 عاما – كما قال يعود لجذور المسألة، وهي ماخطط له البريطانيون قبل الحرب العالمية الأولى، والوعود التي قطعوها للجمعيات العربية التي كانت ثائرة ضد الاستعمار التركي آنذاك، وخرج البريطانيون بمشروعهم المخادع، وهو عبارة عن اتفاق بريطاني فرنسي يهودي عقد بعد اجتماع في جبل طارق، والفكرة الأساسية هي دحر العثمانيين مقابل وعود للعرب بالحرية والوحدة، وفي الواقع كان المقابل الذي يستهدفونه هو تقسيم المنطقة الى دويلات يتقاسمها الاستعمار البريطاني والاستعمار الفرنسي وتعطي فلسطين لليهود (لقاء المال وللتخلص من آفاتهم في اوروبا)، وعندما رأى البريطانيون شريف مكة الشريف حسين يرفض اعطاء فلسطين لليهود بدأوا يهيئون المسرح للوهابيين.
وسار المخطط كما أراد الاستعمار، واعتقل الشريف حسين ونفي ولم يتوج أولاده الا لمصلحة البريطانيين في العراق، وأقاموا للأمير عبدالله امارة شرق الاردن وشكلوا لها جيشا أسموه الجيش العربي كان قائده جون باغوت غلوب، أو غلوب باشا الذي نفذ وعد البريطانيين لليهود في العام 1948 بمنعه الجيش العربي الاردني الذي كان يضم ضباطا قوميين ووطنيين، منعه من الحاق الهزيمة بالعصابات الصهيونية – وكان قادرا- فقد شارف على الوصول لمشارف اللد خلافا لأوامر غلوب باشا، لكن الضباط أمروا مباشرة من الأمير عبدالله أن يتراجعوا حتى باب الخليل في القدس ” ارجع لكتاب عبدالله التل – الهاشميون “، هذا هو المخطط، لكن التمدد الاستيطاني غير كل الخطط، وأصبحت اسرائيل تطمح بأن تصبح مهيمنة على الشرق الأوسط بالتحالف مع العائلة السعودية ودول الهزالة الخليجية.
وهذا مايجري الآن، وحضر له باحتلال العراق وتحطيم جيشه العظيم، ومخطط تدمير سوريا وجيشها العربي، وضلوع اسرائيل في اغتيال معمر القذافي وانهاك ليبيا، ووضعها تحت الهيمنة الأميركية الأوروبية، والمذابح والتدمير الذي تشنه اسرائيل والولايات المتحدة في اليمن تحت لواء ” التحالف السعودي”.
كل هذا خطط له منذ العام 2000، أي بعد توقيع اوسلو المشؤومة، هذه الاتفاقية التي سهلت على الاسرائيليين القاء القبض على م.ت.ف واغتيال القائد التاريخي ياسر عرفات، وحتى لا أطيل هنا فالأمر لايحتاج للتكرار أو الاجترار – حسب تعبير أحد المعلقين: “اوسلو كانت فخا لياسرعرفات وفتح زينه لياسر عرفات من يحكمون الآن”، وكانت آخر جملة قالها لي ياسر عرفات قبل ذهابه لباريس : ” كان معك حق يابسام”، وكان يقصد ما كنت أحارب به الذهاب لاوسلو وهو “ميزان القوى المطلوب لاقامة دولة أو حتى دويلة”، فاسرائيل لا تريد سلاما ولا دولة للفلسطينيين، تريد شطب قضية فلسطين وتهجير الفلسطينيين من كامل فلسطين .
المعارك التي تخوضها اسرائيل وأميركا عبر كل التنظيمات الارهابية التي تمولها دول الخليج والجزيرة هي معارك تصفية قضية فلسطين بما في ذلك معركتهم لتحويل ايران الى عدو، والسبب موقف ايران الصلب من حقوق الشعب الفلسطيني ورفض اسرائيل.
الشعب الفلسطيني يواجه الآن الاحتلال الاسرائيلي الارهابي والدموي، ويواجه ما يجري داخل م.ت.ف، والذي تكلل بالمجلس الوطني الأخير – (ملاحظة للأستاذ الفلسطيني في الشرق الأقصى: أنا حاضرت في هارفارد وفي بيركلي وميتشيغان وغيرها في اعوام 1968 و1969، ولكن كنت أبني للثورة، وأدافع عن قضية فلسطين وأعود بعدها لخنادق المقاتلين”، وهذا ما يجب على المثقفين القادرين على مقارعة العدو في ساحات هامة كالجامعات أن يفعلوه .
ماجرى في المجلس الوطني للأخ الذي طلب مني الكتابة عنه أرشده الى مقالي وكان أول تعليق صريح على ما جرى، وأعتقد أنه نشر في رأي اليوم – تحت عنوان في ذكرى الكارثة “النكبة” تشهد كارثة ثانية هي ماجرى في المجلس الوطني – ارجع للمقال.
خلاصة القول ان الديمقراطية سلاح قوي يشد من لحمتنا كفلسطينيين، ويعطينا آلية لرص الصف وخوض المعركة التي لن تكون معركة الفلسطينيين ضد كل هذا المعسكر، بل ستكون معركة المقاومة الفلسطينية والعربية المدعومة من قوى التحرر الاقليمية والدولية لدحر مخطط أميركا الصهيونية وصهاينة العالم
شكرا لمن علق وسنبقى على العهد وفاء للشهداء وللأسرى والجرحى، وفوق كل شيء وفاء لهذه الأرض المقدسة التي يأمرنا الله عزوجل بأن نجاهد لاحقاق الحق فيها، والحفاظ على مسرى النبي ومن حيث عرج للسماء، وحيث ولد المسيح عليه السلام، نحن حراس المقدسات .
معركة تحرير فلسطين تدار الآن في كل بلاد العرب، يريدون الهيمنة على المنطقة عبرأنظمة شريكة واجيرة ” وستصبح ثروات بلادنا بأيادي الصهاينة من خلالها “، وذلك لسحق قضية فلسطين، وما الغاء الاونروا، وقطع المساعدات الدولية وتدفق أموال الأمة العربية على خزائن الصهاينة فيما تجوع غزة والضفة الا تهيئة لما يريدون، وللمعلومات الأكيدة حسبما طلب أحد المعلقين تدفع مئات الملايين من دولارات الأمة العربية لاسرائيل لتتمدد استيطانيا وتبني المزيد من المستوطنات على الأرض العربية بينما تبخل هذه الأنظمة الأجيرة بدفع مايلزم لبناء مستشفى أو مدرسة، للمعلومات ايضا ترفض اسرائيل بناء مدارس عربية في القدس، أو زيادة حجم المدارس الموجودة، وعليه فان عدد الأطفال الذين لايجدون مقاعد دراسية بلغ هذا العام 44 الفا وسيزداد العدد.
اذا عرفنا كل ذلك علينا أن نبني ميزان قوى يمكننا من الصمود، ومن التحرك للأمام وهنا بيت القصيد : من أين تؤكل كتف العدو، هذا ما حاولت أن أقوله في مقالي الذي جرى التعليق عليه، شكرا
2 الصدر… عنوان المواجهة في العراق! صالح القلاب الجريدة الكويتية
كما أن سورية واليمن ولبنان غدت ساحات مواجهة مع التمدد الإيراني، فإن العراق بدوره قد اشتدت فيه هذه المواجهة، مع هذا التمدد خلال وبعد الانتخابات النيابية الأخيرة. ولعل من حسن طالع العراقيين والعرب أن السيد مقتدى الصدر، هذا القائد العروبي الكبير، بقيادته لهذه المعركة تحت عنوان: “لا لتدخل إيران وأميركا في الشأن العراقي” قد أبعد عن هذا الصراع أي معطيات طائفية ومذهبية! هناك إصرار إيراني، الآن، سواء مباشرة أو من خلال الأتباع والامتدادات المعروفة، على إفشال هذه المعركة التي يقودها مقتدى الصدر ومعه بالطبع عمار الحكيم وكل الخيرين العراقيين، سنة وشيعة، فالمواجهة في بلاد الرافدين ليست طائفية ولا مذهبية… إنها مواجهة وطنية أولاً وقومية ثانياً، والشعب العراقي بغالبيته ومن كل الطوائف والقوميات ما عاد يحتمل كل هذه التدخلات السافرة في شؤون بلده الداخلية. والحقيقة أنّ هذا هو عنوان الصراع المحتدم في العراق الآن… وأيضاً في سورية واليمن ولبنان. كان الأميركيون، إمّا لحماقة أو لتآمرٍ، قد فتحوا أبواب العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين في عام 2003 للإيرانيين، الذين كانوا بدوافع قومية مغلفة بلون طائفي زائف يتضورون جوعاً للسيطرة على هذا البلد العربي واستعادة ما يعتبرونه “أمجاد فارس” القديمة، سواء في الفترة الصفوية المعروفة أو قبل ذلك، وهكذا فإنهم قد استغلوا التواطؤ أو الغباء الأميركي وانهيار الدولة العراقية كدولة، واندفعوا تلك الاندفاعة العسكرية والسياسية والاقتصادية المعروفة، وسيطروا على هذا البلد العربي الذي بات الآن يتعافى من كبوته، وبات ينشد التحرر والانعتاق بشيعته وسنته وبأقلياته القومية المعروفة كلها، بلا استثناء ولو قومية واحدة. والحقيقة أنّ هذه المعركة “الوطنية القومية” التي يقودها مقتدى الصدر ليست هينة ولا سهلة على الإطلاق، فإيران -كما هو واضح- ألقت بكل ثقلها في هذا الاتجاه، فهي تعرف، لا بل هي متأكدة من أن خروجها من العراق سيعني حتماً خروجها من سورية واليمن ولبنان… وسيعني أيضاً أن قبضتها على أوضاعها الداخلية ستصاب بـ”الارتخاء”، وأنه ستكون هناك، على المدى القريب أو البعيد، إيران أخرى غير هذه الإيران الحالية القائمة! نحن كعرب لا نتمنى لهذا البلد، الذي من المفترض أنه جار عزيز تربطنا به، رغم كل المنغصات السابقة واللاحقة، علاقات قديمة بالإمكان القول إنها كانت مقدسة، إلا الخير والازدهار والاستقرار… لكن ما العمل إذا كان هذا الحب من طرف واحد؟! وما العمل إذا كانت هذه “الثورة” التي كان معظمنا قد “صفقوا” لها حتى احمرت أكفهم قد انقلبت علينا قبل أن يصيح الديك، وذلك إلى حد أننا بتنا نتمنى عودة النظام الشاهنشاهي الذي كانت معاناتنا منه ومن تطلعاته التوسعية أقل بألف مرة من معاناتنا مع هذا النظام الذي كنّا راهنا في فبراير عام 1979 على أنه سيكون “عضيدنا” في مواجهة إسرائيل وتحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
3 «الوجبات السريعة» لا تشبع العراقيين داود الفرحان الشرق الاوسط البريطانية
من الغريب أن يدعو أحد الساسة الأميركيين، الآن وبعد خراب البصرة، إلى ترك العراقيين وشأنهم، بحجة أن النظام العراقي الحالي يعمل لصالح الشعب العراقي! وأن ما يُنشر وتتناوله وكالات الأنباء والصحف العراقية والعربية ومواقع التواصل الاجتماعي عن عمليات التزوير الواسعة في الانتخابات الأخيرة مجرد «مزاعم»!
لا أحد ينسى أن الولايات المتحدة هي أول مَن تدخَّل في شؤون العراق وشنّ حرباً مدمرة عليه أدّت إلى مقتل أكثر من مليون مواطن على مدى سنوات الاحتلال الثماني، تحت ذرائع ثبت باعتراف الأميركيين والبريطانيين أنفسهم أنها كانت كاذبة ومزورة، خصوصاً ما يتعلق منها بأسلحة الدمار الشامل المزعومة.
كان أمراً حسناً ومحموداً لو أننا قرأنا قبل 2003 أن سياسياً أميركياً يدعو إلى ترك العراقيين وشأنهم، لكن بعد أن حدث ما حدث وبعد أكثر من 15 عاماً على نكبة العراقيين الكبرى في العصر الحديث، فإن هذه الدعوة لا معنى لها، بل إنها تزيد الطين بِلّة في بلاد الرافدين. ويعرف الجميع الآن أن الخراب والفساد والميليشيات التي تشوه وجه العراق «الجديد» من العصائب إلى العصابات صناعة إيرانية استغلت فراغ الساحة بعد رحيل الأميركيين في عام 2011 لتنفرد بالعراقيين العُزَّل، وتحت تهديد أسلحة الميليشيات الطائفية تارة وشعارات «داعش» الإرهابية تارة أخرى.
ولا يستطيع أحد الجدال في الدور الإيراني، تخطيطاً وتنفيذاً، في كل ما حلّ في العراق من حرب أهلية ودمار مدن كاملة في نسخة مكررة مما حلّ بسوريا منذ عام 2011 حتى اليوم. «الإيرانيون مرّوا من هنا» شعارات لا ضرورة لكتابتها على الجدران في العراق وسوريا واليمن، لأن الرايات الطائفية والشعارات السياسية المغلفة بالدين كلها تنطق بالذي حصل.
ما زلنا نتذكر أيضاً أن سلسلة مؤتمرات «دول الجوار» بعد سقوط النظام العراقي السابق كان يتصدرها الإيرانيون من موقع قوة ونفوذ، وأحزاب حاكمة تدين بالولاء لمرشد الثورة الإيرانية، وهوس «تصدير الثورة» و«تشييع» المنطقة. لم تستطع تلك المؤتمرات الممولة من خزينة الشعب العراقي أن تقدم خطوة إيجابية واحدة للجم التدخل الإيراني، خصوصاً بعد إعلان واشنطن عن نيتها سحب قواتها من العراق، وهو ما حدث فعلاً باستثناء المستشارين الأميركيين وقوات حماية أمنية محدودة.
وطوال هذه السنوات لم تكف إيران، بمرشدها ورئيسها ووزير خارجيتها وقادة الحرس الثوري وفيلق القدس عن الحديث عن «انضمام العراق إلى الإمبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد»، ولم تتوقف طهران عن التدخل في شؤون العراق السياسية والاقتصادية والطائفية والسكانية، إلى درجة أنها كانت تحتفظ بالكلمة الأخيرة لنفسها في تشكيل الوزارات العراقية و«البيت الشيعي» والتحالفات الطائفية. ولم يرَ العراقيون أي دور لإيران في إعمار المدن والمنشآت المدمرة والبنى التحتية المخربة، ولم نقرأ أن إيران تبرعت بريال واحد في مؤتمر الدول المانحة لإعادة إعمار المدن المدمرة في حرب «داعش». لم تترك طهران سطراً واحداً لم تتدخل فيه من الطقوس الدينية، إلى الانتخابات البرلمانية، إلى توزيع الوزارات على المشاركين في العملية السياسية، إلى اختيار سفراء العراق في الخارج، إلى إخراج منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة من الأراضي العراقية بعد تدمير معسكراتها وقتل المئات من أعضائها، إلى دعم وتمويل وتسليح الميليشيات الطائفية وإرسال دفعات منها إلى سوريا تحت شعار «حماية المزارات الدينية».
الآن، علينا أن نتأمل بحذر دعوة هذا السياسي الأميركي لترك العراقيين وشأنهم. فقد كان مستشاراً سياسياً للسفارة الأميركية في بغداد خلال الأعوام من 2004 إلى 2006، وعلى معرفة جيدة بتشكيلات فرق الموت الشهيرة في العراق إلى درجة أن هناك تقارير تلومه على تشكيل فرق موت مماثلة في سوريا حين كان سفيراً لبلاده في دمشق يوم بدأت مظاهرات المعارضة في عام 2011. وهو يحاول أن يبدو محايداً في هذا الذي يحصل في العراق، لكنه ليس محايداً حين يجزم أن «النظام العراقي الحالي يعمل لصالح الشعب العراقي».
لسنا ضد حرية الرأي، لكننا ضد حرية التزييف أو الادعاء. من حق العراقيين وحدهم أن يقولوا ما إذا كان النظام العراقي الحالي يعمل لصالح الشعب العراقي أو لصالح الأحزاب والحركات والميليشيات المدعومة من طهران، لكن «الوجبات السريعة» لا تحل المشكلة، بدليل أن كل مؤتمرات «دول الجوار» التي انعقدت في أجواء سياحية ترفيهية لم تقدم رغيف خبز واحداً لطفل عراقي جائع.
الإدارة الأميركية في فترة رئاسة جورج بوش الابن هي التي «خربتها وقعدت على تلتها»، وليس من المنطق أن يدعو الآن السياسي الأميركي المتقاعد روبرت فورد إلى كفّ يد الأميركيين عما يحدث في العراق. عليهم أن يزيلوا آثار العدوان الأميركي على العراق أولاً ويرموا الإيرانيين خارج الحدود، ثم يتركوا الأمر للعراقيين ليختاروا ما يشاءون.
لكنني أستدرك لأقول إن معرفة وجهة نظر السياسي الأميركي المتقاعد الذي يقول إنه أمضى خمس سنوات في العراق، تتيح لنا أن نقرأ وجهة نظر أميركي شارك في إعداد «الوجبات السريعة» للعراقيين، ونسي أن يقدم لنا مشروبات غازية تمنع عسر الهضم! والأمثلة كثيرة: مجلس الحكم الذي قام على أساس المحاصصة الطائفية والعنصرية، حلّ الجيش العراقي والأجهزة الأمنية، الانتخابات المتسرعة والدستور غير المتوازن، وكل ما تداعت إليه الأمور بعد ذلك من حرب شبه أهلية وتهجير وهجرة وتغيير سكاني وفساد.
الدعوة لترك العراقيين وشأنهم كلام حق يراد به باطل. وكل «الوجبات السريعة» الأميركية التي عرفها العراقيون منذ الخمسينات من القرن الماضي لا تشبعهم، فقد تعودوا أن تكون مائدتهم عامرة بما لذ وطاب…
4 ليس الأمر كما يبدو عليه في العراق
مشرق عباس
الحياة السعودية
ليس الأمر كما يبدو عليه بالضبط في فهم سياق وديناميكيات التحالفات الحكومية في العراق، والسياسة الإيرانية ليست ساذجة إلى درجة أنها سترعى تشكيل حكومة تبعد الصدر من الواجهة السياسية، أو تضع خطوطاً حمراً على العبادي أو على أي مرشح آخر، ذلك لا يشبه أبداً طبيعة التفكير السياسي الإيراني، كما لا يشبه التحديات الكبرى التي تواجهها طهران وتفرض عليها وضع العراق في نطاق استراتيجية الربح والخسارة لمصالحها القومية. ومن البداية، يجب القول أن الضغوط الإيرانية في هذه المرحلة المبكرة لإعلان الحكومة العراقية تتركز على تليين المواقف المختلفة، للتوصل إلى تشكيلة إذا لم تضمن إعادة إحياء التحالف الشيعي مكتملاً بالسياقات السابقة، ففي الأقل ضمان حكومة يشترك فيها حلفاؤها، لكن كل ذلك في الشكل فقط، أما الجوهر فهو الحفاظ على سياسة عراقية مهادنة ومتعاونة تجاه الوضع الاقتصادي والسياسي المتدهور في إيران، ناهيك باحتمالات مفتوحة لمواجهة خطيرة مع واشنطن.
هل تريد إيران في هذه المرحلة تحويل العراق إلى ساحة خلفية كبرى للحرب المتوقعة مع الولايات المتحدة؟… يمكن القول أن إيران فعلت ذلك طوال السنوات الماضية، وأن تلك الاستراتيجية تغيرت بعد عام 2014 ليس لجهة اضطرارها إلى التخلي عن دعم ولاية المالكي الثالثة، بل لشعورها بأن موقف شيعة العراق منها يزداد عدائية، وأن مرجعاً حاسماً كالسيستاني بدأ يتخذ مواقف شديدة الخطورة من نفوذها، ولأن ذلك النفوذ استمر باعتباره سياسياً واقتصادياً فوقياً ولم يتحول إلى نفوذ اجتماعي وثقافي أبداً، وكذلك لأن طموحات الساسة الشيعة العراقيين وأحجام مقاساتهم بدأت تتسع باتساع دولة كبرى في المنطقة كالعراق على العباءة الإيرانية التي فصلت لهم عام 2003، فلم يعودوا «صبياناً» يفرحون بما ينعم عليهم المبعوثون الإيرانيون من دعم هنا وهناك. القول أن إيران تمكنت عبر تغيير استراتيجيتها في العراق من كسب حيز من النفوذ الثقافي والاجتماعي مختلف في طبيعته وآليات عمله عن السابق، لن يكون مجافياً للحقيقة بقراءة نتائج الانتخابات الحالية، والدور الذي لعبته إيران في دعم جهود الحكومة العراقية لتحرير المناطق العراقية من «داعش» كانت أهميته في الماكينة الإعلامية الإيرانية أو المتعاطفة مع إيران أكثر بكثير من أهميته الحقيقية على الأرض، وكان لافتاً أن الاستراتيجية الإيرانية الزاحفة من تمركزها السابق، تضع ثقلها هذه المرة في تجذير وجود أكثر عمقاً في الأرض العراقية، ليس في الساحة الشيعية فقط بل في الساحتين السنية والكردية أيضاً. هذا الواقع لا يمكن نسفه بتعريض الوضع السياسي في العراق إلى هزة كبيرة، كحرب أهلية شيعية على خلفية إدارة الحكومة، كما أنه واقع تأسس في ضوء وجود العبادي المتهم (من أنصار إيران لا إيران) بأنه ينفذ استراتيجيات أميركية، وفي ضوء زحف الصدر إلى الشارع مهدداً بقلب الأوضاع السياسية عام 2016. لا تريد طهران لنفوذها في المنطقة أن يتقلص، وإن كانت قلقة من الحراك الأميركي المتسارع لفتح مواجهة معها، وقد يكون النفوذ الإيراني في الخارج هو ورقة المساومة الأخيرة التي تستخدم عندما يحين وقتها، على غرار التسوية التركية – الإيرانية في سورية. لكن إدارة هذا النفوذ قد لا تتطلب حكومة عراقية بهوية إيرانية، بل قد تستدعي مرونة أكثر لتهدئة الوضع العراقي، فواشنطن ترامب باتت تفهم جيداً قوانين لعبة لَي الأذرع التي مارستها إيران معها طوال السنوات السابقة في بلاد الرافدين، ويبدو أنها لم تعد تأبه كثيراً لها، ولا حتى لخسارة دورها في التحالفات الحكومية الحالية، وهي مستعدة ليس فقط لإعادة العراق إلى «محور الشر» الأميركي لو تطلب الأمر، بل لاستخدامه كسبب لحرب شاملة. ليس الأمر كما يبدو عليه تماماً، وليس لدى إيران خطوط حمر في المسارين اللذين يتشكلان، وقد يكون المسار الذي يوصف بأنه أقرب إلى طهران، هو الأضعف في قائمة الاستراتيجيات الإيرانية في هذه المرحلة، فالأمر ليس نسخة لبنانية، بل ساحة معركة عمرها 15 سنة، عرف فيها كل لاعب حدود تحركه، ولن يجازف بحركة مميتة.