قدم حسن الياسري من اتباع الشيرازي مسؤول منظمة العمل في ايران وهو دكتوراه في الفقة الاسلامي وطرق الطلاق من رئاسة هيئة النزاهة
وقال في بيانه على مدى السنواتِ الثلاثِ المنصرمةِ من تسنمنا المسؤوليةَ في هيأةِ النزاهة ، قمنا بإتخاذ خطواتٍ جديدةٍ مثلّت نقلةً نوعيةً في عمل الهيأة ، فبعد أن كان البعض قد لا يعرفُ إسماً لهيأةِ النزاهة ، أضحتِ اليومَ تتصدرُ نَشَراتِ الأخبارِ بأعمالها وتحقيقاتها ، وباتت الأولى في عملها على المستويين العربي والأقليمي ، وواحدةً من هيئآت النزاهة المتقدمة على المستوى العالمي وتحظى بسمعةٍ دوليةٍ مرموقة ، والحديث هنا عن مشروع الهيأة وإجراءآتها بوصفها إحدى مؤسسات الدولة المستقلة ، وليس عن مشروع مكافحة الفساد عموماً على مستوى الدولة.
فلقد يعلمُ الجميعُ أن مكافحة الفساد هي مسؤوليةٌ تضامنيةٌ تقع على عاتق جميع مؤسسات الدولة الدستورية تشريعيةً وتنفيذيةً .
ولإثبات ذلك ، سنتحدث بلغة الأرقام ، إذ سنقوم اليوم بنشر خلاصةٍ لإنجازاتِ الهيأة وتحقيقاتها خلال السنوات الثلاث المنصرمة ، أرجو من الإخوة الأعزاء الإطلاعَ عليها فيما بعد .
لقد بلغت القضايا التي حققت فيها الهيأةُ وأحالتها الى محاكم التحقيق إبّان السنوات الثلاث الماضية أكثر من (29) الف قضيةً ، بلغ عدد المتهمين فيها قرابة الـــ (34) ألفاً ، وبلغ عدد القضايا التي إقتنعت بإدلتها محاكم التحقيق وأحالتها الى محاكم الجنحِ والجناياتِ قرابة الـــ (6) آلاف قضية .
وبلغ مجموع الأموال المحافظ عليها والمسترجعة أكثر من خمسة تريليون وربع .
وبلغ عدد الذين حققت معهم الهيأة وأحالتهم الى محاكم التحقيق المختصة من أعضاء مجلس النواب (48) نائباً من الحاليين والسابقين ، ومن الوزراء (48) وزيراً من الحاليين والسابقين و(17) ممن هم بدرجة وزير .
ومن المحافظين بلغ العدد (39) محافظاً من الحاليين والسابقين ، ومن أعضاء مجالس المحافظات بلغ عدد الذين حققت معهم الهيأة وأحالتهم الى القضاء خلال المدة المذكورة (438) من الحاليين والسابقين ، ومن المديرين العامين (624) من الحاليين والسابقين .
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل صدرت أوامر قبضٍ واستقدامٍ وإدانةٍ ، إذ بلغ عدد أوامر الإستقدام الصادرة من قضاء التحقيق المختص بناءً على تحقيقات الهيأة أكثر من (17,800) أمراً ، وأكثر من (7,400) أمر قبض ، منها (6) أوامر قبض بحق أعضاء مجلس نواب حاليين وسابقين و (50) أمر استقدام بحقهم .
و(38) أمر قبض بحق وزراء حاليين وسابقين و(49) أمر استقدام ، و(14) أمر قبض بحق من هو بدرجة وزير و(18) أمر استقدام .
و(64) أمر قبض بحق محافظين حاليين وسابقين و(142) أمر استقدام .
و(106) أمر قبض بحق أعضاء مجالس محافظات حاليين وسابقين و(592) أمر استقدام .
و(290) أمر قبض بحق مديرين عامين حاليين وسابقين و(619) أمر استقدام .
وقد إهتمت الهيأة بملفات إسترداد الأموال المتحصلة عن جرائم الفساد وإسترداد وتسلّم المحكومين ، إذ قامت في هذا الصدد بعقد العديد من مذكرات التفاهم مع الجهات الدولية المعنية ، أسفرت عن إنجازٍ تحقق لأول مرةٍ في تأريخ العراق ، تمثل بإسترداد أحد الوزراء وأحد الدرجات الخاصة رغم الصعوبات التي واجهت العمليتين.
وبلغ مجموع الملفات المتعلقة بإسترداد الأموال التي أعادتها الهيأة إبّان هذه المدة (285) ملفاً إستردت بمقتضاها ملايين الدولارات ، وبلغ مجموع الملفات المتعلقة بإسترداد وتسلم المحكومين في الخارج التي صدرت فيها نشرةٌ دوليةٌ حمراء من الإنتربول الدولي (380) ملفاً.
وليس بخافٍ عليكم أن الهيأة قامت بتفعيل ملف الكسب غير المشروع ، أو ما يُعرف بمبدأ (من أين لك هذا) ، ولأول مرةٍ في تأريخ العراق والمنطقة تقوم هيأةٌ مستقلةٌ مختصةٌ بمسائلة مسؤولين كبار في سدة المسؤولية عن هذا الملف وأحالتهم الى القضاء .
ولم تقف الهيأة عند حد معين ، بل ذهبت الى الملفات جميعاً ، ودخلت مداخل متعددةً يخشى منها الكثيرون ، ومنها ملف عقارات الدولة ، إذ قامت الهيأة بإرجاع عشرات العقارات الى ملكية الدولة قُدِّرت أقيامها بعشرات المليارات . وهكذا في ملف المنافذ الحدودية والكمارك وغير ذلك ، حتى انتهى المطاف الى الثورة التثقيفية التوعوية والثورة التشريعية .
فلقد كررنا القول غير مرة ، إن مكافحة الفساد هي منهجٌ وآلياتٌ لا غير ذلك ، ولذا قامت الهيأة بسابقةٍ قل نظيرها في عمل أجهزة مكافحة الفساد في العالم ، تمثلت بإعداد الهيأة مسودات مشروعات قوانين فاقت العشرين ، وقامت بوضع رؤيةٍ لمكافحة الفساد ورسمت خارطةَ طريقٍ لمكافحة الفساد ، ومن قبل ذلك كله أعدّت الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد .
لقد حققت الهيأة ذلك كله على الرغم من صعوبة الظروف وقلة الناصر وشحة التخصيصات المالية شبه المنعدمة .
وتأسيساً على ما تقدم ، إسمحوا لي بكل تواضع أن أتحدث بلغة التحدي العلمي لأقول لمن لا يعلم حجم المهمات التي أنجزتها الهيأة على وفق صلاحياتها :
إئتوني بهيأة نزاهةٍ أو هيأة مكافحة فساد في العالم – وهنا أتحدث عن إجراءآت الهيأة وليس عن إجراءآت مكافحة الفساد على مستوى الدولة عموماً – من شرقهِ الى غربه ، إستطاعت بلغة الأرقام أن تنجز نصف – وهنا أقبل بالنصف فقط – ما أنجزته الهيأة إبّان المدة المذكورة ، وهذا التحدي مفتوحٌ للجميع في داخل العراق وخارجه . ويشمل هيئات مكافحة الفساد في الدول المتقدمة وعلى رأسها سنغافورة وماليزيا واستراليا والدانمارك .
ولئن قال البعض ، مع هذه التحقيقات والإنجازات ، فما بالُ الفسادُ مستشرٍ ، وشنو الفايدة ، فنجيب بالقول ، إن المهم أن تقوم أية جهةٍ بواجبها القانوني والوطني وأن تنجز مهماتها ، وقد أنجزنا مهماتنا فوق مستوى العادة ، فلا تُسأل جهةٌ ما عن انجاز مهمات وواجبات غيرها بل تُسأل عن انجاز مهماتها وواجباتها فقط ، وهذا هو المعيار .
ومن جهةٍ أخرى ، فإن الهيأة تُعدّ جهةً تحقيقة فحسب ، وإن التحقيق والإحالة الى القضاء يستتبع صدور أوامرَ قبضٍ واستقدامٍ وتوقيفٍ وإدانةٍ بحق المتهمين ، وهل هذه الأمور بسيطةً لو تعلقت بمسؤول في الموقع ، إذ ان التحقيق مع هؤلاء سيمثل حرجاً بالغاً لهم ، يكون سبباً كافياً في أدبيات مكافحة الفساد العالمية لإقالتهم من قبل السلطات المختصة ، حتى مع عدم صدور حكمٍ من القضاء .
وإذا كان البعض يستغرب الان من هذه الأرقام لكونه ليس متابعاً لتقاريرنا التي ننشرها بإستمرار بكل شفافيةٍ ، أو متأثراً بموجة التشويش والتضليل التي تسود المشهد فهذه ليست مشكلة الهيأة .
إن البعض ، يحاولون إيهام الرأي العام بتحميل نتائج فسادهم على الأجهزة الرقابية من الهيأة وديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العموميين ، خلافاً للمنهج الذي تسير عليه دول العالم أجمع ، فإختصاصات هذه الجهات محدودةٌ ومحددةٌ بمتابعة قضايا الفساد الإداري والمالي ، المرتبط أساساً بالمخالفات القانونية في الوظيفة العامة ، وهو أضعف حلقةٍ من حلقات الفساد ، بخلاف أقسام الفساد الأخرى ، التي تفضي الى تولية غير الصالح وغير النزيه ، وعدم إزاحته .
وإذ كنت قد أعلنت عن استقالتي قبل مدةٍ ليست باليسيرة ، فإنني لم أتراجع عنها ، بل تريثت بها نزولاً عند رغبة السيد رئيس الوزراء .
وها أنا ذا أعلن اليوم عن استقالتي بعد إنتهاء مدة التريث ، لأسبابٍ طالما أعلنت عنها مراراً وجهاراً في المؤتمرات والندوات التي عقدتها الهيأة طيلة المدة المنصرمة ، بعد أن القيتُ الحجة على الجميع وأديتُ الأمانة وأبلغت في النصح ، فلا يسألن أحدٌ بعد ذلك عن التوقيت .
ويكفينا فخراً أننا لم نساوَم ولم نساوِم ولم نخضع لأحدٍ سوى الله ولم نقم وزناً لغير القانون ، وحافظنا على استقلالية الهيأة بأبهى صورة ، إذ لم نسمح لأحد بالتدخل في عمل الهيأة ، وفوق كل ذلك أرعبنا الفاسدين ، وأوصلنا رسالةً للجميع مؤداها إن الجميع خاضعٌ للقانون والمساءلة طال الزمن أم قصر . وأصبحت الهيأة اليوم على السكة الصحيحة .
أدعو الخيرين الى ضرورة دعم النزيهين ودعم الأجهزة الرقابية ودعم القضاء وإستقلاليته ، وأن لا يقفوا مع الفاسدين أو الكاذبين ضد الأجهزة الرقابية .
وإذ أشكرُ الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد التي شرفتني برئاستها للدورة الحالية ، فإنني أعتذر منها لعدم الإستمرار متمنياً لهم التوفيق .
ويطيب لي في الختام ، أن أتقدم بالشكر الجزيل الى المرجعية الدينية العليا راعية الإصلاح الأولى في العراق ، وأشكر ثقة رئيس الوزراء فينا ، كما أشكر كل من آزرنا وساندنا ولو بشطر كلمةٍ في يومٍ عزّت فيه المناصرة ، من المواطنين الأعزاء والفعاليات المجتمعية المختلفة والبرلمانيين والمؤسسات الإعلامية والإعلاميين الشرفاء ومنتسبي الهيأة.
راجياً ممن لم أستجب لطلباتهم في التعيين وغيره , تفهم ذلك لإنه يمثل التزاماً بالقانون وأمانةً حرصت على أدائها دائماً .
انتهى البيان