1
الدكتور عبد الحسن زلزلة في ذمة الخلود
سعد ناجي جواد
الراي اليوم بريطانيا

فقد العراق والامة العربية قامة علمية ووطنية وعروبية كبيرة هو الدكتور عبد الحسن زلزلة. لقد كان الفقيد من القلائل الذين تمتعوا بمواهب وكفاءات كثيرة وبرع فيها جميعا.
منذ بداية حياته العلمية برز كاقتصادي كفوء وجريء عندما كتب أطروحة لنيل شهادة الدكتوراة في الاقتصاد من الولايات المتحدة (١٩٥٧) حول مساويء ارتباط العراق بمنظومة الاسترليني وسبل الخروج منها، الامر الذي تبنته ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ فيما بعد. وبالتاكيد فان حقيقة ان يكتب طالب بعثة رسالة بهذا الهدف في ظل النظام الملكي الذي كان مرتبطا، بل ومعتمدا بصورة وثيقة على بريطانيا كان أمرا جريئا ويستحق الإعجاب. ثم أكد علو كعبه. في مجال الاقتصاد عندما عين رئيسا لقسم البحوث في البنك المركزي ثم وزيرا للاقتصاد والمالية ومحافظا للبنك المركزي، بصورة متتالية، وكان اول من وضع خطة خمسية للعراق في عام ١٩٦٥، وأخيرا عندما عمل أمينا عاما مساعدا للشؤون الاقتصادية في الجامعة العربية. وفِي مجال عمله هذا ركز جهده على بناء وتمتين اواصر العمل العربي المشترك، و نشر آراءه هذه في كتب وبحوث عديدة. كما قاده تفكيره الاقتصادي الوطني العروبي الى ان يصل الى نتيجة مفادها ان النموذج الانمائي للراحل جمال عبد الناصر كان من بين النماذج القليلة الشاملة والمتكاملة في العالم الثالث، بل انه كان اقدمها عهدا وأكثرها أصالة في تعبيره عن الإرادة المستقلة والقرار الوطني لنفي التبعية والتحرر من اليات النظام الدولي المستٓغِل ومؤسساته الدولية وشركاته العملاقة التي لا تعير أية أهمية لمصالح الشعوب. ولهذا فهو يخلص الى ان الممارسات الناصرية سبقت المقولات النظرية وبمراحل في ترجمة الاعتماد على الذات بأبعاده الحضارية والسياسية والاقتصادية والوفاء بالاحتياجات الاساسية للجماهير الشعبية ومشاركتها.
كما كان للفقيد حضورا متميزا كدبلوماسي مثل بلاده والعرب في المحافل الدولية. فلقد كان سفيرا ناجحا للعراق في ايران والنمسا وكندا وأخيرا في مصر قبل ان ينتقل الى جامعة الدول العربية. وعن فترة عمله في القاهرة يقول المرحوم الدكتور زلزلة انها كانت من اثرى وانضج فترات عمله الوظيفي حيث سعد فيها بثقة الرئيس الراحل عبد الناصر شخصيا والرابطة الحميمة التي شدته به وباسرته.
الموهبة الاخرى التي امتلكها الدكتور زلزلة هي موهبة قرض الشعر بنوعيه العامودي والحر، ولقد كان لبيئته العائلية وبحكم تنقلها بين الكاظمية في بغداد ثم العمارة في الجنوب والنجف والعودة الى بغداد، وحضوره مع المرحوم والده المجالس الأدبية العديدة، اثر كبير في صقل موهبته هذه التي تمخض عنها نشر دواوين عديدة لعل أشهرها ديوانه (صهيل القوافي). كما ان الذي لا يعرفه الكثيرون في العراق وخارجه ان بعض قصائده الوطنية، التي كان يكتب قسم منها باسم مستعار في ظل النظام الملكي، ألهبت حماس الناس، وادت الى محاكمة الصحف التي نشرتها وغلق قسم منها لفترات مختلفة.
وأخيرا وليس اخرا فان الفقيد لم يغفل حسه وشعوره الوطني والقومي رغم كل اهتماماته الاقتصادية والأدبية، وانما كان دائما يحذر من مخاطر الفرقة العربية والاعتماد على الأجنبي والتنبيه الى الخطر الاسرائيلي الصهيوني. وكان من أوائل من حذّر من المفهوم الجزئي المجزأ فيما يخص الامن القومي العربي والذي يدعو الى احلال المظلة الخارجية محل الذاتية، واستبعاد البعدين التحرري والقومي للامن العربي.الذي لن يقود سوى الى اهدار الثروة النفطية وأمن الاستسلام للكيان الصهيوني. وبسبب مواقفه القومية الثابتة هذه لم يكن أمرا مستغربا ان يتم اختياره عضوا في مجلس أمناء موسسة الدراسات الفلسطينية واستشاريا وباحثا ومحاضرا في مركز دراسات الوحدة العربية.
ظل المرحوم الدكتور عبد الحسن زلزلة ملتزما بمواقفه الثابتة هذه حتى اخر ايّام حياته عندما كان يعيش في شقة متواضعة في كندا بعيدا عن بلده الذي تفنن ولا يزال في طرد ونفي وإستبعاد كفاءاته وعقوله النيرة البناءة، ليعطي مثلا كبيرا اخرا على نوعية الرجال الذي بنوا العراق والذين تساموا وتعالوا على الطائفية والأفكار الضيقة او الفئوية، ولم تمتد يدهم الى السحت الحرام او الى المال العام الذي كانوا يتصرفون به ومعه بامانة وشرف وغيرة وطنية وشخصية.
2 متى ستبدأ معركة تحرير العراق؟

السيـــــــد زهـــــــره
اخبار الخليج البحرينية

العراق بلد عربي كبير وعزيز على كل عربي.
العراق كبير بتاريخه وحضارته وبشعبه. شعب العراق شعب عربي أصيل مكافح عبر تاريخه الطويل.
العراق لا يستحق الحال الذي هو فيه اليوم. وشعب العراق يستحق حالا أفضل بكثير.
قبل فترة، أقامت الحكومة العراقية احتفالات بتحرير العراق من تنظيم داعش. لكن حقيقة الأمر ان معركة تحرير العراق لم تبدأ بعد.
الحقيقة المؤلمة التي يعلمها الجميع هي ان العراق خاضع للاحتلال. هو في الحقيقة خاضع لاحتلالات عدة.
قبل كل شيء، وأخطر من كل شيىء، العراق خاضع لاحتلال إيراني فعلي. النظام الإيراني فرض بالإرهاب وعبر القوى العميلة له ارادته في العراق.
النظام الإيراني يفرض كلمته على القوى السياسية في العراق بالإرهاب والقوة ويقاتل من اجل الحيلولة دون استقلال العراق فعلا وتحرره من النفوذ الإيراني.
لا يمكن ان تكون هذه هي إرادة الشعب العراقي العربي الحر. هي إرادة قوى طائفية عميلة لإيران.
والعراق خاضع لاحتلال الطائفية والنظام الطائفي.
الاحتلال الأمريكي أسس للنظام الطائفي الذي يحكم العراق. وسعى النظام الإيراني إلى تكريسه بأبشع السبل. لم يكن هذا عبثا. يريدون ان يظل العراق غارقا إلى ما لا نهاية في الفوضى والصراعات الطائفية.
هذه الطائفية لم يعرفها الشعب العراقي طوال تاريخه. على امتداد مئات السنين عاش العراقيون معا في وئام بكل طوائفهم وبكل انتماءاتهم.
والعراق خاضع لاحتلال الفاسدين الذين نهبوا موارده وثرواته على أوسع نطاق يمكن تصوره. ولا احد بمقدوره محاكمة هؤلاء الفاسدين ووقف نهبهم للبلاد بسبب النظام الطائفي المتحكم برقاب العراقيين.
والعراق خاضع لاحتلال المليشيات الطائفية المسلحة. ليس مهما ان يطلقوا على هذه المليشيات الحشد أو غير الحشد. هي في اغلبها مليشيات إرهابية تفرض سطوتها وترتكب الجرائم المروعة بحق العراقيين وهي احد اكبر أدوات النظام الإيراني لإبقاء احتلاله الفعلي للعراق.
كان غزو واحتلال العراق، كما أراده له الأمريكان والقوى الساعية إلى تدمير الأمة العربية، بداية طوفان الدمار والخراب الذي شهدته الدول العربية.
والكارثة ان العراق بعد الاحتلال وحتى اليوم، وبسبب هذه الاحتلالات التي تحدثنا عنها، وبالأخص بسبب فرض الوجود الإيراني الطائفي على العراق والعراقيين، اصبح مصدر واداة تهديد للدول العربية.
نعلم هنا في البحرين مثلا ان كثيرا من الإرهابيين الذين تم القبض عليهم في خلايا إرهابية تلقوا تدريبات لدى المليشيات الإرهابية الإيرانية هناك، وتم اعادتهم إلى البحرين لينفذوا مخططات إيران الإرهابية.
ولا يمكن للشعب العراقي ان يقبل هذا أو يرضى به. لا يمكن أن يقبل ان تكون بلاده مصدرا لتقويض امن واستقرار دول عربية شقيقة لحساب نظام إرهابي مثل النظام الإيراني.
اذا كانت موجة الدمار والخرب في العالم العربي بدأت مع غزو العراق واحتلاله، فإن تحرير العراق وعودته الفعلية إلى امته العربية سيكون بداية صحوة عربية عامة، وسيكون اكبر مؤشر على القدرة العربية على الدفاع عن دولنا وامنها.
لكن، متى تبدأ معركة تحرير العراق، ومن المفروض ان يخوضها؟
هذه معركة الشعب العراقي العربي الحر في المقام الأول.
شعب العراق لا يمكن ان يقبل ان تظل أوضاع بلاده هكذا.. لا يمكن ان يقبل ان تظل بلاده رهينة لإيران والطائفية والفساد والمليشيات الإرهابية.
ليس بالأمر المستبعد ان ينتفض شعب العراق في أي وقت ضد هذه الأوضاع وكي يحرر بلاده.
لكن شعب العراق بحاجة إلى كل الدعم العربي الممكن. الدول العربية يجب ألا تترك شعب العراق وحده في مواجهة هذه الأوضاع، ويجب أن تدرس بعناية أوجه الدعم والمساندة التي يحتاج إليها من اجل الخروج من اسر هذه الأوضاع.
3 شيعة الولايات المتحدة… والمرجعية (2) خليل علي حيدر الجريدة الكويتية

سنتناول في هذا المقال بشيء من التفصيل بعض قضايا الأقلية اليهودية في الوسط الشيعي، وبخاصة في إيران والعراق، ضمن حديثنا عن فتاوى السيد فضل الله، فقد اجتذبت صراحة إجابات “السيد فضل الله” ووضوحها الكثير من شباب الشيعة في الولايات المتحدة، وتضيف الباحثة الأميركية “لندا ولبريدج” أن ما اجتذب مريديه كذلك مجموعة من أفكاره التي اختلفت عن علماء الشيعة التقليديين، ومنها قول فقهاء الشيعة بـ”نجاسة الكافر”، أي غير المسلم عموماً.

ويرى السيد محمد حسين فضل الله (1935-2010) عكس الكثيرين منهم، أن “كل شخص طاهر بدنياً، لأنه لا يوجد دليل نصي بخلاف ذلك”، وهذا الرأي الفقهي، تقول الباحثة “مهم جدا لمن يعيشون وسط عدد من غير المسلمين”. وهذا رأي السيد “علي الخامنئي” مرشد الثورة الإيرانية كذلك، الذي يقول في رسالته الفقهية “أجوبة الاستفتاءات” إن النجاسة الذاتية لأهل الكتاب “غير معلومة، بل نرى أنهم محكومون بالطهارة ذاتاً”. وبالنسبة إلى نجاسة البوذيين أفتى الخامنئي بأنه “ما لم يُحرز ملامسة اليد والبدن مع الرطوبة المسرية للكافر غير الكتابي لا يُحكم بالتنجس”. (الجزء الأول، 1995، ص97- 100). أما البهائيون، كما بينا في مقال سابق، فيقول السيد خامئني بأن “جميع أفراد الفرقة البهائية الضالة محكومون بالنجاسة”.

ولكن لماذا انتظر الفقه الشيعي كل هذه القرون ليغير موقفه من نجاسة اليهود والمسيحيين الجسدية؟ هذا التطور بحاجة لدراسة خاصة.

لم تكن إيران فيما يبدو بيئة مشجعة لبقاء اليهود فيها، فالغالبية العظمى مثلاً من يهود “بخارى” وأفغانستان تركت إيران عام 1835، ويضيف كتاب “اليهود في البلدان العربية: 1850-1950″، عالم المعرفة- الكويت 1995، بإشراف المؤرخ “صموئيل أتينجر إنه “يمكن القول بشكل عام إن أهل السنّة من المسلمين كانوا أكثر تسامحاً من الشيعة تجاه اليهود، ولكن كان هناك عامل آخر حدد وضع اليهود، وهو مركزية السلطة، حيث إنه كلما كانت السلطة مركزية أكثر وقادرة على الهيمنة بكفاءة على مقاليد القوة المختلفة في المملكة، وخاصة إذا كانت هذه السلطة أجنبية كان وضع اليهود مريحا أكثر، ففي العراق نعم يهود العراق بالأمن عندما تولى الولاة الأتراك مقاليد السلطة، وشعر يهود عدن أيضا بالاستقرار في ظل الاحتلال البريطاني، وفي بخارى منذ أن حكمها الروس، أما في كردستان فإن قادة القبائل لم يتوقفوا عن اضطهاد اليهود أكثر مما كان عليه الأمر في البلاد الأخرى، ولكن هذا الأمر كان له استثناء؛ ففي اليمن حيث ضعفت هناك السلطة المركزية في صنعاء، وسيطر عليها زعماء القبائل القوية- حاشد ونجيل- كان اليهود ينعمون بوضع مريح، لأن العلاقات بين المسلمين واليهود هناك كانت تقوم على التقاليد القبلية لأهل البلاد ولم تكن قائمة على الشريعة الإسلامية.

ومن الواضح أن يهود الشرق كانوا يتعرضون لأضرار بالغة في الأماكن والفترات التي كانت تعجز فيها السلطة المركزية عن السيطرة على مجريات الأمور”. (ص21).

وقد نشط المبشرون المسيحيون في أوساط اليهود في دول المشرق، يضيف الكتاب، “ورغم حصول هؤلاء المبشرين على دعم البريطانيين والأميركيين في بلدان الشرق، فإنهم لم يحرزوا أي قدر يذكر من النجاح في أوساط اليهود، باستثناء إيران، حيث نجحوا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين في دفع المئات من يهود إيران لاعتناق الديانة المسيحية. ولم يعتنق هؤلاء اليهود الديانة المسيحية لأسباب دينية أيديولوجية بقدر ما كان اعتناقهم لها لأسباب اجتماعية، خاصة أن السكان الشيعة في إيران كانوا يعادون اليهود. وعلاوة على الظروف السياسية والاقتصادية التي شجعتهم على اعتناق المسيحية كان لضعف القيادات اليهودية في إيران دور أيضا في انصراف اليهود للمسيحية، أضف إلى هذا أنه كانت في إيران طوائف مسيحية وأرمنية على قدر كبير من القوة والتأثير. وحقا فقد كانت ظاهرة اعتناق اليهود للديانة المسيحية شائعة في إيران أكثر من أي بلد آخر”.

(ص 71).

ويلاحظ المؤرخ عدم ظهور عائلة يهودية ثرية في إيران حتى الحرب العالمية الأولى، “لأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ليهود إيران طيلة الفترة الممتدة من القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الأولى كانت متدهورة للغاية” (6 ص43).

كانت البيئة التنظيمية لليهود في إيران ضعيفة للغاية، يقول المؤرخ “وكان وضع قيادتهم الدينية متدنياً للغاية بسبب تدني مستوى معرفتها بالتوراة، ولم تتمكن القيادة التقليدية للمجتمع اليهودي بطبيعية الحال من أداء مهامها بسبب الضغوط التي تعرضت لها في المجتمع”. (ص 101).

وفي القرن التاسع عشر بدأ وضع يهود إيران بالتحسن بعض الشيء، وحاولت النخبة اليهودية إقامة نظام تعليمي حديث، وتزايدت قوة القيادة الثرية والمستنيرة وبخاصة في العهد البهلوي، وفي عهد الشاه محمد رضا بهلوي، يقول المؤرخ “وصل بعض يهود إيران إلى مرحلة ضخمة من الثراء الفاحش”، كما أن الطائفة اليهودية في إيران “وصلت الى مرحلة من التنظيم فاقت كل الطوائف اليهودية الأخرى بالشرق، فكانت البنية التنظيمة للطائفة تمارس العديد من الأنشطة في مجالي التعليم وتقديم التبرعات”. (ص 102).

وكان اليهود قد حاولوا الاندماج في المجتمع الإيراني وتخفيف المعاداة للأقلية اليهود بطريقين، حيث تمثل العامل الأول، يقول “أتينجر”، عن طريق” اعتناق الآلاف من اليهود بدءاً من منتصف القرن التاسع عشر للديانة البهائية إيماناً منهم بأن هذه الديانة تمنح المساواة للجميع، وعقد يهود إيران آمالهم على هذه الديانة، معتقدين أن انتشارها في كل إيران سيؤدي إلى تحسن أوضاعهم، ولكن هذه الديانة لقيت معارضة شديدة من قبل قادة المذهب الشيعي والحكام والسكان، ولذا فإنها لم تحقق الغرض المنشود لليهود”.

أما العامل الثاني في محاولة الاندماج فتمثل “في أن الكثيرين منهم حرصوا على إخفاء انتماءاتهم الدينية، إما عن طريق تغيير أسمائهم، وقطع علاقاتهم بالطائفة اليهودية، أو اعتناق الإسلام، وشاعت إبان فترة الحكم القاجاري (1794-1925) ظاهرة اعتناق أعداد كبيرة من اليهود للإسلام، وفي المقابل فإنه سادت إيران إبان فترة “الحكم البهلوي”- التي انتهت سنة 1979- ظاهرة قطع العلاقات مع الطائفة اليهودية، وفي العراق سادت هذه الظواهر في أوساط الشخصيات المستنيرة من يهود العراق، أما في إيران فإنها سادت في أوساط أصحاب المهن الحرة والتجار”.

(ص55).

ويلاحظ الباحث على الثورة الإيرانية عام 1979 أنه “بالرغم من أن آية الله الخميني حرص منذ توليه الحكم على تطبيق الشريعة الإسلامية، فإنه لم يطبق سياسة أهل الذمة تجاه اليهود”. وهذه ملاحظة بالغة الأهمية.

وفي العهد القاجاري الذي أشرنا إليه منذ قليل، يلاحظ الكتاب، “كان يهود إيران من أكثر يهود الشرق تعرضا للمضايقات، خصوصا في عهد ناصر الدين شاه الذي تولى مقاليد الحكم بإيران خلال الأعوام 1848-1896 وبالرغم من أن الشاه حاول إبان هذه الفترة إرساء أسس النظام الحديث في إيران وتحسين أوضاع اليهود فإن كل محاولاته لقيت معارضة شديدة من قبل قادة المذهب الشيعي، الذين لم يجدوا أي صعوبة في إثارة مشاعر السكان ضد اليهود. وباءت كل المحاولات التي بذلها ناصر الدين شاه للتقليل من نفوذ رجال الدين بالمجتمع بالفشل، ولم يكتف رجال الدين بتجاهل أوامر ناصر الدين شاه الداعية إلى عدم التعرض بالأذى لليهود، بل أصدروا مراسيم دعت الى ملاحقة اليهود واضطهادهم، ولم يتوقف قادة رجال الدين من المتطرفين عن مطاردة اليهود، مما دفع عزيز الله سيماني مندوب اليهود بالبرلمان الإيراني للاستقالة من منصبه بعد أن لم يسمح له أعضاء البرلمان بإلقاء كلمته”. (ص56).
4 أردوغان يعيد «داعش» إلى سنجار؟
محمد علي فرحات

الحياة السعودية

«داعش» حاضر في الجانب السوري من حدود العراق الشمالية الغربية، فضلاً عن تحركه في أنحاء عدة من العراق نفسه. لقد انتهت دولته واختفى خليفته، لكن عناصره يتغلغلون بين السكان المدنيين، وحاملو السلاح منهم يخوضون ما كان يسمّيه تشي غيفارا – «الشيوعي» – حرب الغوار أو حرب العصابات.

ما يسمّيه رجب طيب أردوغان «الإرهاب الكردي» دفعه إلى تهجير أهالي عفرين، وما يسمّيه الحكم في دمشق إرهاب الجماعات المسلحة يهجّر أهالي الغوطة الشرقية. وفي المأساتين تظهر صورة روسيا الصامتة أمام «الاحتلال» التركي، والمدبّرة لانسحابات المسلحين تسهيلاً لامتداد سلطة دمشق نحو غوطتها الشرقية.

الأرضية خصبة لامتداد «داعش» أو استيلاده مجدداً في سورية والعراق، ويفتقد مواطنو البلدين أكثر فأكثر أي تصوّر لسلام قريب ولدولة يقبلها الشعب وتتعامل معه بالعدل والمساواة. وإذا كان الداخل عنوان الأزمة فإن الخارج متعهدها ومحرّكها، خصوصاً الرئيس التركي الذي بدأ يهدد بـ «تحرير» سنجار العراقية من «الإرهاب» الكردي، ويتصل رئيس وزرائه بن علي يلدريم برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي واعداً بالتنسيق قبل «التحرير»، لكن حكومة بغداد أعلنت انسحاب مسلّحي حزب العمال الكردستاني من سنجار لتحل محلهم كتائب من الجيش العراقي وصولاً إلى الحدود التركية.

لا أحد يهتم بمهجّري عفرين والغوطة الشرقية الذين يشكّلون عبئاً يضاف إلى أعباء المجتمع في سورية. المدنيون هم الضحايا ولا أحد يركز على أصواتهم الجديدة هذه الأيام. يكتفي الشعب السوري بسماع أصداء صوته لدى انطلاقة الثورة عام 2011 ولا يهتم بالاحتجاجات الجديدة. وحده الصمت ملجأ للسوري حين يرى الأميركي والروسي والتركي والإيراني يتحكّمون بوطنه ومن دون خطة واضحة. تطرد واشنطن وأصدقاؤها ديبلوماسيين روساً، فيما تتعاون مع عسكريين روس في سورية، وأول من أمس دخل الجيش الحر المواكب للجيش التركي بلدة تل رفعت قرب عفرين سلماً، بعدما انسحب منها في وقت واحد المسلحون الأكراد ووحدات الشرطة العسكرية الروسية المرابطة هناك.

خطر امتداد «داعش» قائم في منطقة الحدود العراقية- السورية، حيث سنجار وجوارها، ويشتبك مسلحو التنظيم الإرهابي أكثر من مرة مع القوات العراقية، تحديداً في بلدة تل صفوك، كما تتحرّك مجموعات صغيرة لـ «داعش» في الجانب السوري وتوجّه ضربات سريعة تنتقل بعدها إلى أمكنة أخرى. ويكاد الخطر يتمركز، نتيجة الاحتلال والتهديد التركيين، في منطقة سنجار، التي أصبحت علامة تاريخية على بشاعة الجهاديين المسلحين، خصوصاً مع سبي النساء واستعبادهنّ وبيعهنّ في أسواق النخاسة في عاصمة الخلافة، الرقة. وهذا ما أساء ويسيء إلى الإسلام والمسلمين في أنحاء العالم.

لم يهتم أردوغان بمأساة سنجار لدى حدوثها. كل ما يعنيه هو الأكراد الذين يصمهم بالإرهاب، ولا يسمح لحليفه الأميركي بالتحالف معهم أو الدفاع عنهم. وإذ يتحرك أردوغان ضد الأكراد السوريين بشراً وأرضاً ويطمح بتكرار فعلته ضد الأكراد العراقيين فهو يحظى برضى ضمني من حليفيه الروسي والإيراني، وبموقف غامض من حليفه الأميركي.

استهتار تركي بـ «داعش» وبحث عن خصوم سياسيين لإلصاق تهمة الإرهاب بهم. كأن «داعش» مرحلة انطوت أو أنه كان لعبة آخرين، بينهم أصدقاء، وقد أقلعوا عنها. نحن أمام تخلٍّ واضح عن محاربة الإرهاب واحتقار لسكان المنطقة وحضارتهم يمارسه كبار الإقليم والعالم دونما إحساس بالخطأ التاريخي.
5
أخبار الحرب
وليد الزبيدي
الوطن العمانية

كانت أخبار الحرب وتطوراتها، تصل مبتسرة وغير متكاملة للعراقيين، ما عدا الذين يمتلكون أجهزة الاستقبال الفضائي، وكانت أعدادها حسب إحصائيات غير رسمية لا تتجاوز النصف مليون في مختلف أنحاء العراق، تأخذ بغداد حصة الأسد وفيها ما يقرب من مائتي ألف جهاز استقبال، وازدادت الطلبات على تلك الأجهزة مع تسارع الأحداث، وقرب بداية الحرب، ولم تتمكن الصحف العراقية من تغطية وقائع الحرب اليومية، إذ أن صفحاتها محدودة وعدم وجود مراسلين لها في مناطق العراق المختلفة، التي أصبحت غالبيتها عبارة عن جبهة ساخنة، ولم تكن هناك إمكانية لإيصال الصحف إلى مناطق العراق، كما إن البث التلفزيوني، كان متقطعاً بسبب قصف محطات الإرسال والتقوية، لذلك لجأ عامة العراقيين إلى الإذاعات الأجنبية، وكان في مقدمتها إذاعة الـ BBC، التي حرصت على تقديم صورة الحرب بتفاصيلها من خلال شبكة مراسليها في العواصم إضافة إلى مدينة بغداد.
وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف، لم يتمكن من عقد مؤتمراته الصحافية في قصر المؤتمرات، بسبب القصف الجوي الأميركي العنيف، وبعد انقضاء الأسبوع الأول من الحرب، يوم الأربعاء المصادف (26/3/2003)، وصل الوزير العراقي، إلى مكان ضيق داخل البناية الملحقة بالمركز الصحفي التابع لوزارة الإعلام في منطقة الصالحية، قرب الإذاعة والتلفزيون الرسمية، ورغم إن هذا المكان قصده أكبر حشد صحفي في ذلك الوقت، إلا أنه لم يكن مهيئاً لاستيعاب جميع الصحافيين، الذين وصلوا من مختلف أرجاء العالم، لتغطية وقائع الحرب من جبهة بغداد تحديداً.
تزاحم الإعلاميون على مقربة من المنصة الصغيرة، التي أعدت على عجل، تحلقوا حول وزير الإعلام العراقي ، الذي يرتدي بزته العسكرية، ويحرص على رسم ابتسامة على وجهه وهو يلقي التحية على الصحافيين، الذين ينتظرون أية معلومة أو موقف، لتتناقله وكالاتهم، ورغم انتهاء الأسبوع الأول من الحرب، إلا إن وسائل الإعلام، لم تمسك بمعلومات هامة من المسؤول العراقي، في ذلك اليوم، رغم أن بعضهم تذكر ما قاله وزير الدفاع الأميركي، قبل بداية الحرب، عندما أكد إن الحرب على العراق، قد تستمر لستة ايام أو ستة أسابيع. وفي هذا المؤتمر الصحفي، لم يأت الصحاف بموقف جديد يتناسب وانتهاء الأسبوع الأول من الحرب، وظهرت بيانات ذات طابع تعبوي، ولم تبرز الجوانب العسكرية، وبما يتناسب وحجم المواجهة، فقد أكد الصحاف على مسألة هامشية، إذ جاء في تصريحاته: أننا نرحب بكل ابن بار من أبناء العراق للمساهمة في شرف الدفاع عن الوطن. وكان ناطق عراقي مخول، قد أعلن، أن البريطانيين والأميركيين يجمعون المدنيين في بعض المناطق التي يمرون بها ليعتبروهم أسرى حرب (صحيفة الجمهورية العدد 11102 بتأريخ 27/3/2003). ومن الواضح أن البيان العراقي لم يذكر كلمة غزو أو احتلال في بيانه المشار اليه. وفي تأكيد واضح على مقاومة عراقية شرسة ضد القوات الأميركية أبرزت صحيفة (القادسية) في ذات اليوم (27/3/2003) العناوين التالية: تدمير دبابات ومدرعات وآليات العدو وإسقاط طائرة مقاتلة في الفرات الأوسط، وتدمير دبابتين من نوع (ابرامز) وأبطال الناصرية يدمرون رتلاً من (12) دبابة، وأبطال ديالى يسقطون طائرة مسيرة والعدو يعترف بشراسة قتال أبناء الشطرة والنجف. وأبرزت صحيفة (العراق) في ذات اليوم ضمن عناوين الصفحة الأولى، إن الأميركيين يواجهون مقاومة شرسة في البصرة والناصرية. أما صحيفة (الثورة) الناطقة بلسان حزب البعث الحاكم، فذهبت إلى الساحة الدولية، ونشرت تصريحاً لوزير الخارجية الفرنسي دومنيك دوفيلبان، قال فيه، إن أميركا لا تملك تنصيب نفسها شرطياً للعالم.
لكن في ضوء جميع هذه العناوين والأخبار والتحليلات فأن المعلومات، التي تؤكد على استمرار عملية تقدم القوات الأميركية، قد فرضت نفسها على الصحف العراقية، التي تخضع بقوة لسيطرة الحكومة، فقد نشرت صحيفة (الثورة) (بتأريخ 27/3/2003) خبراً قصيراً قالت فيه، إن قافلة إمدادات للمارينز تتعرض للهجوم، ونقلت القصة الخبرية عن مراسل وكالة رويترز (ماثيو جرين)، ولا شك إن نشر هذا الخبر، قد جاء ليؤكد حقيقة تقدم القوات الأميركية داخل الأراضي العراقية، من جهة الجنوب باتجاه العاصمة بغداد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

صحيفة العراقوكالة الاستقلال      |  العرب في اوروبا  |  IEGYPT  | سعر الدولار في بغداد