هل رفُعت العقوبات عن سورية حقا ؟ سري للغاية .. مقالا للكاتبة سالي عبيد

ترامب ورفع العقوبات

تحليل مهم جدا واجب القراءة، للسيدة سالي عُبيد وهي رائدة اعمال ومديرة تنفيذية متخصصة في مجال الذكاء الصناعي وتحليل الاستراتيجيات، تتضمن رؤية عميقة كيف يتعامل صناع القرار الامريكان، وليس ترامب، مع سلطة احمد الشرع ليس “كإدارة سياسية” لمرحلة انتقالية، بل كملف امني “لإدارة مؤقتة عالية المخاطر” …

‏فإذاً …ما جرى إدراجه في قانون تفويض الدفاع الوطني الأميركي (NDAA) لعام 2026 لا يُمكن، تحت أي تعريف جاد، اعتباره رفعًا للعقوبات عن سوريا … هذا توصيف مضلل. ما حدث فعلياً هو تعليق مشروط تحت نظام عقابي مُسبق التجهيز، جوهره كلمة واحدة يتجاهلها المروّجون عمداً (((Snapback.)))
‏هذه الكلمة هي آلية قانونية صلبة تعني إعادة العقوبات فوراً، تلقائياً، ودون الحاجة لأي تصويت جديد في الكونغرس أو قرار دولي. لا يوجد مسار قانوني سوري للاعتراض، ولا لجنة تحكيم، ولا ضمانات. يكفي أن تُقدّر الإدارة الأميركية أن الشروط لم تُحترم فتُعاد العقوبات كما كانت، وربما أشد. هذا فعلياً حبل مشنقة مُعلّق فوق الدولة.
‏وذلك لا يشترط قراراً رسميا، ولا سياسة حكومية، ولا حتى توجيهاً رئاسياً. بل يذكر صراحة أن الإخلال قد يكون صادراً عن الرئيس أو ضباط عسكريين منفلتين أي أن الدولة تُحاسَب على الفوضى، وتُعاقَب على العجز، وتُدان حتى لو لم تكن هي الفاعل المباشر. حادثة واحدة، اعتداء واحد، مقطع مصوّر واحد، كفيل بإعادة سوريا إلى مربع العقوبات خلال ساعات.
‏الوثيقة تسمّي السلطة القائمة باسم إدارة أحمد الشرع فهي لا تعترف بها، ولا تمنحها شرعية، ولا تتعامل معها كدولة ذات سيادة. اللغة المستخدمة ليست لغة شراكة، بل لغة تفتيش سنزور، سنتأكد سنراقب سنقيّم هذا توصيف دولة خاضعة للمراقبة، لا دولة في مسار إعادة بناء. سوريا تُدار اليوم دولياً كحالة أمنية، لا ككيان سياسي.
‏التركيز الحصري تقريباً على الأقليات الدينية والإثنية ليس تعبيرا عن عدالة، بل عن فشل كامل في تخيّل دولة وطنية. لا ذكر للدستور، ولا للانتخابات، ولا للعدالة الانتقالية، ولا للمعتقلين، ولا للمساءلة. الشرعية الوحيدة المطروحة هي هل تستطيع السلطة منع قتل الأقليات؟ هذا اختبار ضبط أمني منخفض السقف.
‏بهذا المعنى، لم تُمنح الأقليات موقع الشريك في الدولة، بل جرى تحويلها إلى أداة قياس دولية. أي اعتداء عليها، أو حتى عجز عن حمايتها، لا يُقرأ كجريمة داخلية، بل كفشل سياسي يستدعي العقاب الخارجي. وهذه معادلة مدمّرة، لأنها تُبقي البلاد رهينة لأي انفجار طائفي، سواء كان مفتعلًا أو تلقائيا.
‏حادثة تدمر، والاعتداءات على الكنائس، وحرق رموز دينية مسيحية، ليست أحداثاً جانبية. هي الخلفية الفعلية التي كُتب فيها هذا النص. الولايات المتحدة لم تحتج إلى تقارير استخباراتية معقدة؛ الوقائع كانت كافية لتأكيد الشكوك. هذه الأحداث قُرئت في واشنطن كإشارات مبكرة على أن السلطة الجديدة إما غير قادرة على ضبط المجال الأمني، أو غير راغبة في ذلك. وفي الحالتين، النتيجة واحدة وكما اسميتها من قبل (حكومة الـ لا ثقة )
‏ذكر السويداء بالاسم ليس صدفة ولا تعاطفاً. هو إعلان أن المحافظة تحوّلت إلى نقطة اختبار دولية. أي خطأ فيها لن يُناقَش محليًا، ولن يُعالَج سياسياً، بل سيُترجم مباشرة في واشنطن كذريعة قانونية جاهزة لتفعيل snapback.
السويداء اليوم ليست ملفاً داخليًا، بل زرّ ضغط خارجي.
‏إعلان عقد جلسة استماع في مجلس النواب مطلع 2026 هي أدوات بناء ملف، لا منصات نقاش. هي المكان الذي تُجمع فيه الروايات، وتُثبّت الوقائع، وتُصاغ المبررات القانونية لأي قرار لاحق. من يظن أن الملف أغلق، إما ساذج أو مضلِّل فالولايات المتحدة لا تثق بهذه السلطة، ولا تراهن على استقرارها، ولا ترى فيها مشروع دولة. هي تتعامل معها كـإدارة انتقالية عالية الخطورة، تُمنح هامش حركة ضيقاً، وتُراقَب بلا توقف، مع إبقاء العقوبات في وضعية الاستعداد الدائم.
‏كل من يروّج اليوم لخطاب رفع العقوبات يبيع وهماً. ما رُفع مؤقتًا هو سقف الضغط، لا العقوبات. أما البلاد، فهي دخلت مرحلة الاختبار القاسي، حيث الخطأ الواحد لا يُغتفر، والحادثة الواحدة قد تُسقِط كل شيء فهي ليست بداية التعافي هي فعلياً بداية العد
التنازلي.. ونحن هنا نسمع ونرى