لماذا يريد اليمين المتطرف في فرنسا إعادة فتح بيوت الدعارة بعد 80 عاما من الإغلاق ؟

فرنسا

قد تشهد فرنسا عودة بيوت الدعارة بعد نحو ثمانية عقود من إغلاقها، في حال وصل اليمين المتطرف إلى السلطة. فنواب حزب “التجمع الوطني” يعملون حاليا على إعداد مقترح في هذا الاتجاه، رغم أن باريس كانت قد أغلقتها بموجب قانون “مارت ريشارد” عام 1946. فما هو الإطار القانوني المتعلق بعمل الجنس في فرنسا اليوم، ولماذا يسعى اليمين المتطرف إلى قلبه؟

بيوت دعارة على شكل تعاونيات

فقد أعلن النائب اليمين المتطرف جان فيليب تانغي في حديث لصحيفة لوموند أنه “سيقترح إعادة فتح بيوت الدعارة، ولكن بإدارة العاملات في الجنس أنفسهن، على شكل تعاونيات”، مشيرا إلى أنه “بصدد إعداد مشروع قانون بهذا الخصوص”.

لكن هذا المشروع غير المتوقع قد يعيد إشعال الجدل حول نظرة المجتمع حول الدعارة والإطار القانوني المحيط بها، وفقا للصحيفة.د

الإطار القانوني الفرنسي

فقد أعلنت فرنسا منذ زمن طويل نيتها “القضاء على الدعارة”، بدءا بإقفال بيوت الدعارة عام 1946، وصولا إلى قانون أقر عام 2016 في عهد الرئيس فرانسوا هولاند أصبح بفرض عقوبة على الزبائن أنفسهم وألغيت جريمة التماس الزبائن في الأماكن العامة.

كما أُنشئ القانون الجديد مسارا لمساعدة العاملات للخروج من هذا المجال، مع دعم اجتماعي وإمكانية الحصول على تصاريح إقامة، وهي تدابير كثيرا ما انتقدها اليمين المتطرف.

تداعيات على العاملات

وبالنسبة لتانغي، أدت هذه القوانين إلى دفع العاملات إلى الاختباء وممارسة نشاطهن أبعد من المدن، في الغابات أو أماكن أكثر خطورة، حيث قد يتعرض للضرب “وأحيانا تُقطع حناجرهن، ولا أحد يتحدث عن ذلك”. وأضاف: “النظام الحالي هو قمة الرياء البرجوازي”.

“ميدان جديد” لليمين ولوم الأجانب

لكن الصحيفة الفرنسية ترى أن هذا الاقتراح يشكل “ميدانا جديدا” لليمين المتطرف، فهو يتقدم في ميادين لم “يهتم بها سابقا”.

ففي عام 2013، عندما أقرت حكومة هولاند قانون تجريم الزبائن، اعتبرت مارين لوبن ذلك “فكرة غبية” قد تجلب “خطرا أكبر” للعاملات في الجنس.

وألقت اللوم حينها على الأجانب، إذ طالبت بـ”إعادة هؤلاء الشابات إلى بلدانهن الأصلية” و “شن حرب حتى الموت على المافيات الأجنبية”.

مقترح بعيد المنال

ويرى متابعون أن نجاح مقترح اليمين المتطرف يبدو بعيد المنال، ومن المرجح أن يواجه رفضا واسعا في أوساط المجتمع والجمعيات المعنية. فبعد نحو ثمانين عاماً على إغلاق بيوت الدعارة، تبدو فكرة إحيائها منفصلة عن الواقع ومتناقضة مع التوجه الفرنسي الحالي، وفقا لـ”لوموند”، وبصورة خاصة نتيجة لرؤية المجتمع الفرنسي الحديث للدعارة لنوع من العبودبة والاتجار بالبشر.

فالعديد من الجمعيات ترفض مضمون المقترح من أساسه، وحتى الجمعيات اليسارية التي تدعو إلى إنشاء تعاونيات على غرار “بيوت دعارة بلا أصحاب” كما في نيوزيلندا وبلجيكا وبعض الكانتونات السويسرية، تشعر بالانزعاج، إذ يرفضون أي تحالف مع اليمين المتطرف أو مع من يسعون إلى طرد الأجانب.