الصحفي العراقي زيد الحلي يستائل ماذا بعد ؟ .. أفتونا مأجورين

العراق ينتخب 2025
يقول الكاتب الصحفي زيد الحلي ودعنا أيام الانتخابات، وعادت الشوارع والساحات تكتسي بحُلتها المريحة للعيان، بعد أن غمرتها غابة من الإعلانات الدعائية. انتهى العرس الانتخابي وسط أفراح الفائزين وحزن الخاسرين… فماذا بعد ذلك؟
هذا السؤال بات شاغل الناس في جلساتهم ومحالّ أعمالهم، وغابت معه كلمات المجاملة وابتسامات عشاق الحياة في أروقة الجامعات وحدائقها، وفي محال التسوق وأزقة المناطق السكنية، وحتى في زيارات الأقارب. وحلت محلها عبارة واحدة تتردد في كل مكان:”ما أخبار الوضع الجديد بعد الانتخابات؟”
ولا أظن في ذلك مبالغة في الوصف؛ فهي الحقيقة كما هي. فالأيام التي سبقت موعد الاقتراع كانت حافلة بالوعود والعهود، مثلما كانت حلبة لصراع حاد ومؤلم بين المرشحين، وصل في بعض الأحيان إلى الضرب تحت الحزام.
لقد انتقلت حالة “المنافسة” إلى رموز الطيف الواحد والبيئة الواحدة، وتطورت إلى “صراع” مخيف كاد يفضي إلى تشظ خطير وينذر بخيبة أمل مجتمعية. فحين أنظر إلى ما كان يبثه الإعلام، أجد أن القناة الفلانية تستضيف مَن يبشّرون بما يوافق سياستها، فيما تستضيف أخرى من يهللون لنهجها. وبين هذا وذاك، أشاهد صور المرشحين وقد ازدحمت بعبارات تصل إلى حد السذاجة، فأشعر بالقلق؛ فنحن أمام أجواء من عدم الثقة بين ممثلي الطيف الواحد والمذهب الواحد. فكيف سيكون الحال إذا اجتمعوا حول طاولة واحدة لاتخاذ القرارات؟
ولستُ أستثني أحداً؛ فالكل يريد أن يختزل الوطن في رؤيته. فأين روح المشاركة العامة؟ لذلك بدأت الأنظار تتجه إلى حصاد تلك الانتخابات، وارتفعت الأسئلة عن “الخارطة المنتظرة” التي شبعنا من وعودها الخضراء… فإذا بهذه الأسئلة تزداد يوما بعد آخر.
وأنا لا أبخس حق من يرى نفسه أكثر تمثيلا وأعمق رؤية في بناء الوطن، لكنّي أقول إن هذا الشعور يجب ألا يدفعنا إلى بخس الآخرين حقهم في التعبير عن رؤاهم؛ وأقصد الذين لم يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع، فهم أيضا شركاء في محبّة العراق. فالتنافس بين الأنداد ينبغي أن يسلك طريق المحبة والاحترام، لا دروب الحقد والامتهان.
وآمل أن يعي مَن يتصدى للعملية السياسية في مرحلتها المقبلة ، التي كرّستها نتائج الانتخابات ، ضرورة ضبط المشاعر، وتنقية القلوب، وإخلاص النية، حتى لا ينتقل التنافس من “الضرب تحت الحزام” إلى الضرب فوقه!
وبكلمة موجزة أقول:
لا أحد يشك في أن الانتخابات، بوصفها حدثا وفعلا مجتمعياً، كانت وما تزال موضع أخذ وجذب بين مكونات الشعب. غير أنها تظل أداة أساسية من أدوات الديمقراطية، وآلية للتداول السلمي على السلطة كما هو مقرر من الناحية الدستورية. وتكمن أهميتها في كونها الوسيلة التي يمارس بها المواطنون حقهم في اختيار ممثليهم، والتأثير في صنع القرار، وضمان نزاهة العملية السياسية. كما أنها تعكس الإرادة الشعبية وتطلعاتها، وتشكل أساساً لبرلمان قادر على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة من خلال الرقابة والتشريع.
ختاماَ 

يأمل عراقيون في أن تغير نتائج انتخابات 2025 التوازنات التقليدية داخل مجلس النواب، إذ يرى الكثير من العراقيين أن الكتل الانتخابية التقليدية لم تنجح على مدار سنوات في إحداث تغيير حقيقي يتناسب مع تطلعات الشعب العراقي.

وتتقاسم مكونات ثلاث رئيسية السلطات في العراق، حيث تعود رئاسة الجمهورية تقليدا إلى المكون الكردي، ورئاسة الوزراء إلى المكون الشيعي، بينما يتولى السُنة رئاسة مجلس النواب.

ويأمل العراقيون أن تكون مخرجات انتخابات 2025 مختلفة عن سابقاتها من حيث النزاهة والشفافية، وأن تفضي إلى مجلس نواب يعبر بصدق عن الإرادة الشعبية، لا عن توازنات القوى أو المحاصصة الحزبية.

ويطالب الناخب العراقي بتحسين الأداء الحكومي بما يعود بالفائدة على الوضع الاقتصادي، فضلا عن مكافحة الفساد وتحسين الخدمات العامة وتعزيز استقلال العراق، بعيدا عن النفوذ الخارجي، سواء الإقليمي أو الدولي.

وفي حالة عدم تمكن أي من الكتل والأحزاب السياسية من إحراز الأغلبية المطلقة، فمن المتوقع أن تدخل هذه الكتل في محادثات لتقاسم المناصب الحكومية واختيار رئيس للوزراء.