عندما يكون خصمك وزيراً ! .. مقالا للكاتب علي محمد ابراهيم

مقالات

لم تكن حرب التسريبات التي اخترقت المدن المحصنة واقتربت من المناطق الحساسة وطرقت الأبواب الموصدة حالة عابرة وعادية في العراق خلال السنوات القليلة الماضية بل إنها واقع افتراضي تداولته وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير لكن ما يميزه انك لا تستطيع أن تصدقه بالمطلق ولا تنكره بالمطلق سوى أنه يرفض بالكامل من الذين ينسب إليهم وهذا أمر طبيعي ، والتسريب هو شكل من أشكال التنصت والتجسس وقد يرقى إلى مرتبة الخيانة في أحيان كثيرة ، يحرمه الشرع والقانون ، رغم أن الأخير يبيحه في حالات خاصة تتعلق بالأمن القومي والحفاظ على سلامة الدول من عدوان خارجي ، ما يهمنا من كل ذلك أن حرب التسريبات تلك موجودة فعلاً في العراق ولها آثارها الكبيرة وهي حتى اليوم لم تخرج من دائرة البيت السياسي العراقي في أغلب الأحوال ، والتسريب الذي طال البيت الصحفي اليوم محاولاً تمزيق الصحافة الورقية هو عبارة عن تكملة لكتاب قيل إنه صدر عن وزارة التخطيط تقول الفقرة رابعاً منه : يتم الاستغناء عن النشر في الصحيفة الوطنية ويكون النشر في المنصة الإلكترونية الصادرة عن وزارة التخطيط وينفذ بعد مرور سنة من عمل أو عمر المنصة ، في الواقع لم يتم التأكد من صحة هذه الورقة المسربة خاصة هي تكملة ملحقة بالكتاب وهي لا تحمل رقم ولا تاريخ وبناء على ذلك لا نستطيع هنا أن نقول انها صادرة عن وزارة التخطيط حتى الآن ، لكن مايثير الاستغراب والدهشة أنها كتبت بلغة إدارية رصينة ومختصة بهذا الشأن تحمل جميع المعلومات الخاصة به وبذلك علينا أن نكذب هذا (الطيش الالكتروني) مرة لننهي الجدل حوله ثم نفترض أنه سيكون حقيقة فيما بعد لنقول ما نريد أن نقول ، أن وزارة التخطيط التي تعرفنا لوائح النظام الداخلي عنها وتقول أن مهامها هي تقديم الخطط واقتراح المشاريع ومراقبة التغيرات السكانية ورسم السياسات المستقبلية لإدارة مشاريع الدولة وليس من واجباتها القيام بما تقوم به في ما يسمى المنصة الإلكترونية لأن في ذلك مصادرة واضحة لدور الاسرة الصحفية في هذا الحق الذي من الممكن أن تتولاه هيئة الإعلام والاتصال أو نقابة الصحفيين العراقيين أو حتى وزارة الثقافة ، أن هذا السعي المنسوب للوزارة إن صح فهو سيقطع تمويل الصحف كلها بالاعلانات الحكومية ما يؤدي إلى انهيارها وتسريح العاملين فيها وحرمان قرابة خمسة آلاف مستفيد بين صحفي واداري وطابعي وقطع أرزاقهم ، نتمنى على التخطيط أن تكتفي بمهامها الكبيرة والصعبة تجاه الاستثمار الذي جعل المدن أن تلد مدن أخرى فالمجمعات السكنية لا تحلو لها إلا الأماكن المكتظة بالسكان والبناء إلى درجة أن مدينة الزوراء وهي رئة بغداد لم تسلم من اجتياح (المستثمر) الذي يريد أن يحولها إلى مجمعات للسكن ، لن نتدخل في واجبات أو مهام الوزارة أبداً رغم أن السلطة الرابعة تملك ذلك الحق ولكن نقول لو أن وزارة التخطيط تسعى إلى عملية التحول الرقمي فهذا الأمر جيد ولكن لا يتقاطع أو يلغي وجود الصحف الورقية ، كما أن الوزارة تملك الحق الكامل في إقامة منصة إلكترونية إدارية وليست صحفية لأن العمل الصحفي له ادوات ومستلزمات خاصة به غير موجودة عند الطرف الآخر ، نقول إن من حق الوزارة القيام بذلك من باب التحول الرقمي ويكون ذلك إلى جانب دور الصحافة الورقية ، وأخيراً نأمل أن لا يجعلنا ما تقدمنا به خصماً للوزارة أو معالي الوزير لأننا نتحدث هنا في إطار حرية الرأي والشفافية ، كما نتمنى أن لا يفسد هذا الرأي في الود قضية .