بعد مرور 24 عاما على هجوم الحادي عشر من أيلول والذي تبنتاه تنظيم القاعدة عام2001، لا تزال الولايات المتحدة منخرطة في الحرب التي بدأتها في العراق. كان الرئيس جورج دبليو بوش مهووسًا بالرئيس العراقي صدام حسين وقام عمدًا بتضليل الشعب الأمريكي بشأن من كان مسؤولاً عن هجوم 11 سبتمبر.
كنت في البيت الأبيض في 12 سبتمبر/أيلول 2001، ضمن طاقم مجلس الأمن القومي. لقد عثرت مؤخرًا على مذكراتي الجيبية لعام 2001. وكتبت فيه ملاحظات مختصرة عن النشاط اليومي في البيت الأبيض حيث كنت مديرًا كبيرًا للشرق الأدنى. لقد التقيت بمستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس كل يوم وبوش بنفس القدر تقريباً بسبب الانتفاضة الثانية. وكنا نحاول باستمرار احتواء العنف ومنع نشوب صراع إقليمي أوسع. عند مراجعة المذكرات، كنت مهتمًا بملاحظتين.
التداعيات السياسية والعسكرية:
الغزو الأمريكي للعراق:
استغلت إدارة بوش هجمات سبتمبر لشن حرب على العراق، رغم عدم وجود أي دليل على تورط النظام العراقي في الهجمات.
صعود التطرف والعنف:
نشأت عن الفراغ الأمني وتزايد الأيديولوجيات المتطرفة منظمات مثل تنظيم القاعدة في العراق ثم ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ما أشعل حرباً أهلية وشهدت البلاد أعمال عنف واسعة.
تعميق الانقسامات الطائفية:
تسببت الفوضى في زيادة حدة الانقسامات الطائفية، حيث استغلت الفصائل المسلحة ذلك لزيادة نفوذها، مما أضعف الدولة وزاد من التوترات السياسية.
زيادة النفوذ الإيراني:
ساعد تزايد قوة الأحزاب المدعومة من إيران على زيادة النفوذ الإيراني في العراق، بما في ذلك تعزيز دور المليشيات المسلحة الموالية لإيران.
انسحاب القوات الأمريكية:
رغم سحب القوات الأمريكية من العراق عام 2011، إلا أن الفراغ الأمني وازدياد نفوذ المجموعات المسلحة استمرت في زعزعة استقرار البلاد، بحسب
التداعيات الإنسانية والاجتماعية:
التدمير والنزوح:
خلفت الحرب دماراً هائلاً وخسائر بشرية فادحة، مما أدى إلى نزوح ملايين العراقيين وإعادة تشكيل البنية الاجتماعية والعمرانية في البلاد، كما أشارت مقالة في صحيفة الإندبندنت.
تدهور الأوضاع المعيشية:
فقدت الحياة في العراق استقرارها بعد الحرب، حيث يعاني السكان من مشاكل معيشية يومية مثل انعدام الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، بجانب تفاقم خطر الإرهاب وعودة ظهور الجماعات المتطرفة.
الشعور بالإهمال والغضب:
تزايد شعور العراقيين بأنهم دفعوا ثمناً باهظاً لحرب لم يكن لهم دخل فيها، وتزايد الاستياء من إحياء الذكرى الهجمات في المنطقة، حسب تقرير لـ بي بي سي.
في الرابع عشر من سبتمبر/أيلول، كنت مع بوش عندما أجرى مكالمته الهاتفية الأولى بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وقال بوش على الفور إنه يخطط “لضرب” العراق قريباً. لقد أصيب بلير بالدهشة بشكل واضح. وضغط على بوش للحصول على أدلة تثبت ارتباط العراق بهجوم 11 سبتمبر وتنظيم القاعدة. وبطبيعة الحال، لم يكن هناك أي شيء، وهو ما كانت المخابرات البريطانية تعرفه.
في 18 سبتمبر/أيلول، بعد أسبوع من أحداث 11 سبتمبر/أيلول، جاء السفير السعودي الأمير بندر بن سلطان إلى البيت الأبيض لزيارة بوش. تم عقد الاجتماع على شرفة ترومان. وكان نائب الرئيس ريتشارد تشيني ورايس هناك أيضًا. تقول ملاحظتي أن الرئيس “يعتقد بوضوح أن العراق يجب أن يكون وراء ذلك. أسئلته لبندر تظهر تحيزه.” كان بندر في حيرة واضحة. وقال لبوش إن السعوديين ليس لديهم أي دليل على أي تعاون بين أسامة بن لادن والعراق. في الواقع كان تاريخهم عبارة عن كونهم أعداء.
وبعد ذلك، أخبرني بندر على انفراد أن السعوديين كانوا قلقين للغاية بشأن الاتجاه الذي يتجه إليه هوس بوش بالعراق. كان السعوديون يشعرون بالقلق من أن مهاجمة العراق لن تفيد سوى إيران، مما أدى إلى عواقب وخيمة مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة. وضغط السعوديون على بوش ليعلن علناً دعمه للدولة الفلسطينية كما وعد سراً ولي العهد الأمير عبد الله آل سعود.
في 28 سبتمبر/أيلول، استقبل بوش الملك الأردني عبد الله. وحث الملك الرئيس على اتخاذ إجراءات لاستئناف محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية. وأكد أن الصراع الفلسطيني هو القوة الدافعة وراء شعبية تنظيم القاعدة وشرعيته. لكن الرئيس ركز على العراق.
لقد دخلت الولايات المتحدة في حرب مع العراق في وقت قريب بما فيه الكفاية. وكانت إدارة بوش حريصة على حشد معاناة هجمات الحادي عشر من سبتمبر لدعم الحرب. وعلى الرغم من الاستنتاج القاطع الذي توصل إليه مجتمع الاستخبارات بأن العراق لا علاقة له بأحداث 11 سبتمبر أو بتنظيم القاعدة، إلا أن الإدارة سمحت للأميركيين بالاعتقاد بعكس ذلك.
ونتيجة لذلك، خاضت الولايات المتحدة الحرب في العراق بحجة كاذبة مفادها أنها تنتقم بطريقة أو بأخرى لأولئك الذين قتلوا على يد تنظيم القاعدة. استطلاع رأي أجرته صحيفة واشنطن بوست بعد عامين من أحداث الحادي عشر من سبتمبر بشكل دراماتيكي مصورة القصة: 69% من الأميركيين في ذلك الوقت كانوا يعتقدون أن صدام حسين كان متورطاً “شخصياً” في هجوم 11 سبتمبر. وثبتت براءة العراق بعد أعوام من غزو العراق والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن 82% يعتقدون أن صدام قدم المساعدة لأسامة بن لادن. كلاهما كانا كاذبين تماما.
أحد الدروس المستفادة من السنوات الــ24 الماضية هو ضرورة وجود جمهور مطلع. ومن المؤسف أننا لا نزال بعيدين عن الجمهور المستنير.
