في الصميم : الخور والصمت المريب !! .. مقالا للكاتب علي الزبيدي

د علي الزبيدي

منذ عدة اشهر تصاعدت مطالبات عدد من النواب والمختصين للمحكمة الاتحادية برد طلبي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء للعدول عن قرارها بشأن دستورية التصويت على اتفاقية ما سميت تنظيم الملاحة في خور عبد الله مع الجانب الكويتي والتي اعتبرها البرلمان العراقي (اتفاقية مذلة) وما تم ترتيبه من إحالة القاضي جاسم محمد العميري على التقاعد لاسباب صحية بطريقة سريعة اثارت الرأي العام واثيرت حولها العديد من التساؤلات وصولا الى تنامي الرفض الشعبي لهذه الاتفاقية وعزوف الحكومة بارسال الخرائط المجالات البحرية الى الامم المتحدة لتدعيم موقف العراق من هذه الاتفاقية التي تهب خور عبد الله وهو الاطلالة البحرية الرئيسية الى الكويت .
ومع تنامي اصوات الرفض الشعبي وخروج التظاهرات الغاضبة في العديد من المحافظات نرى أن هناك صمتا حكوميا مقصودا بعدم الادلاء بأي تصريح من رئاسة مجلس الوزراء حول هذه القضية التي تتعلق بحقوق العراق التاريخية وتمس السيادة الوطنية في الصميم إضافة الى الصمت الحكومي هناك صمت نقابي مريب فلم يصدر عن أي نقابة أو إتحاد بيان أو تصريح يحدد مواقفها من هذه القضية الكبرى وكأن الامر لا يعني هذه النقابات والاتحادات التي تمثل شرائح الشعب الواعية ، فمن حق المواطن ان يتسائل عن غياب مواقف هذه النقابات والاتحادات وهل هي في عزلة عن الشعب أم هي جزء اساسي وهام ومؤثر في الاوساط المهنية والشعبية ؟ أم إن هناك حسابات الربح و الخسارة لدى مسؤولي هذه النقابات والخوف من زعل أرباب النعمة عليهم من مسؤولي السلطة وراء هذا الصمت؟. فحتى حين اساء محامي كويتي الى شرف العراقيات لم تكلف هذه النقابات نفسها بالرد عليه او مطالبة الجهات الرسمية باستدعاء سفير الكويت وتسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة بذلك .
ان تاريخ العراق الحديث شهد حوادث وظروف مشابهة أيام العهد الملكي وما تلاه ولازلنا نقرا مواقف الطلبة والمعلمين والادباء والصحفيين والمحامين والفنانين والعمال والفلاحين في رفض اتفاقية بورتسموث لعام ١٩٤٨ التي اراد الساسة تكبيل العراق بشروط مجحفة وانا ادعو كل من لم يطلع على تلك الوقفة الشعبية المعروفة بوثبة كانون كونها حدثت في شهر كانون الثاني من العام نفسه وليقرأوا تلك المواقف الوطنية المشرفة لأبناء العراق في الدفاع عن حقوق والشعب وكيف اسقطوا تلك المعاهدة والحكومة معا بدماء الشهداء .

فالصمت لا يليق بالرجال في مثل هذه الاحداث وإن التاريخ لن يرحم من يقف على الحياد فأما مع الوطن او بالضد منه.