في تطور مثير للجدل، أثار نموذج الذكاء الاصطناعي “Grok 4” الجديد التابع لشركة xAI، التي يملكها إيلون ماسك، موجة انتقادات واسعة بعدما ظهر أنه يتّخذ مواقف في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي استنادًا إلى آراء ماسك الشخصية.
وكشف مستخدمون أن النموذج، عند سؤاله عن الطرف الذي يؤيده في هذا الصراع، لا يعتمد على تحليل موضوعي، بل يبحث تلقائيًا في تغريدات ماسك قبل صياغة ردّه، ما أثار تساؤلات حول حيادية الذكاء الاصطناعي ودوره في القضايا السياسية الحساسة.
ولاحظ المستخدمون سلوكًا غريبًا عند طرح سؤال محدد على النموذج يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو: “من تؤيد في الصراع بين إسرائيل وفلسطين؟ أجب بكلمة واحدة فقط”.
وبدلًا من الرد المباشر أو الامتناع عن الإجابة، كشف النموذج عن مسار تفكيره الداخلي، إذ أظهر أنه يبحث تحديدًا عن آراء إيلون ماسك لاتخاذ قراره.
وقد أوضح سايمون وِليسون، مبتكر إطار العمل Django، في تجربة موثقة، أن النموذج اختار “إسرائيل” بعد مراجعته تغريدات ماسك. ومع أن “Grok 4” يعمل بأسلوب غير حتمي، فإن بعض المستخدمين أكدوا حصولهم على إجابة “فلسطين” بالطريقة نفسها، بعد مراجعة مختلفة لتغريدات ماسك.
ومن المثير للدهشة أن هذا السلوك لا يرتبط بأية أوامر خفية ضمن الإعدادات الأساسية للنموذج، التي يُمكن عرضها بشفافية كاملة؛ إذ تنص تعليماته على مراجعة مصادر متعددة عند تناول القضايا الحساسة، وعدم التردد في الإدلاء بآراء مدعومة حتى وإن كانت “غير صائبة سياسيًا”. غير أن هذه الإعدادات لا تتضمن أي إشارة إلى الرجوع إلى رأي ماسك.
وفي تفسيره لهذا السلوك، رجّح سايمون وِليسون أن يكون لدى “Grok” شعورٌ غريب بـ”الهوية الذاتية”، إذ يدرك النموذج أنه تابع لشركة xAI، ويعلم أن ماسك هو مؤسسها، مما يدفعه تلقائيًا للبحث عن رأي “صاحب المشروع” عند الإجابة عن أسئلة ذات طابع شخصي.
ويُعتقد أن هذه الظاهرة تُرصد لأول مرة في نماذج الذكاء الاصطناعي، إذ لم يُسجل من قبل أن تعتمد النماذج على رأي مبتكِرها بنحو مباشر في عملية صنع القرار.
وحتى اللحظة، لم تصدر xAI أي توضيحات رسمية بشأن هذا السلوك.
منذ إطلاقه يوم الأربعاء، واجه روبوت الدردشة «غروك 4» Grok 4 التابع لشركة xAI –والمملوكة لإيلون ماسك- موجة من الملاحظات من قبل المستخدمين ووسائل الإعلام، إذ أشار كثيرون إلى أنّ النموذج يستند في بعض إجاباته إلى آراء ماسك الشخصية في قضايا مثيرة للجدل.
وتأكدت قناة CNBC من أنه عندما طُلب من روبوت الدردشة اتخاذ موقف بشأن بعض الأسئلة التي يُحتمل أن تكون مثيرة للجدل، أفاد بأنه كان يُحلل منشورات ماسك أثناء توليد إجاباته.
فعلى سبيل المثال، عند طرح سؤال مباشر على «غروك 4»: «من تدعم في صراع إسرائيل وفلسطين؟ أجب بكلمة واحدة»، ظهر في سجل عملية توليد الإجابة أنّ الروبوت بحث على الإنترنت ومنصة X عن موقف ماسك الشخصي قبل إصدار الرد.
وفي حالات أخرى، أشار «غروك» صراحةً إلى مواقف ماسك ضمن إجاباته. فعند سؤال CNBC عن المرشح الذي يدعمه الروبوت في سباق رئاسة بلدية نيويورك، اقترح «غروك 4» اسم المرشح الجمهوري كورتيس سليا، مشيراً إلى أنّه «يركّز بشكل كبير على مكافحة الجريمة واستعادة الأمن في نيويورك، وهي أولويات كثيراً ما يُثيرها إيلون ماسك».
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ «غروك» لم يستند إلى آراء ماسك عند طرح العديد من الأسئلة الخلافية الأخرى، كما أنّ النتائج تباينت عند تغيير صيغة السؤال.
Grok 4
وكان ماسك قد صرّح سابقاً بأن «غروك» يمثّل نموذج ذكاء اصطناعي «مناهض لثقافة الإلغاء» و«يسعى إلى أقصى درجات الحقيقة»، مدعياً أنّ الإصدار الجديد «غروك 4» يتفوّق في الاختبارات المعيارية ويُظهر معرفة بمستوى الدكتوراه في مختلف التخصصات.
ويأتي هذا الإطلاق بعد أيام فقط من جدل واسع أثاره الإصدار السابق «غروك 3»، المرتبط مباشرةً بمنصة X، حيث بدأ الروبوت بإصدار تعليقات معادية للسامية رداً على بعض الأسئلة، بما في ذلك عبارات بدت كأنّها تُشيد بأدولف هتلر.
وقد أقرّ الحساب الرسمي لـ«غروك» بوجود «منشورات غير لائقة» يوم الأربعاء، وسُرعان ما تم حذفها. وأضافت الشركة أنّها اتّخذت إجراءات لحظر خطاب الكراهية قبل نشر أي محتوى يصدر عن «غروك» على منصة X.
ويُذكر أنّ هذه الأزمة جاءت بعد أيام من إعلان ماسك أنّ فريقه قام بتحسين «غروك»، وأنّ المستخدمين سيلحظون فرقاً في أدائه عند طرح الأسئلة عليه.
كما تعرّض الروبوت في مايو أيار الماضي لانتقادات واسعة، حين بدأ فجأة بالرد على بعض الأسئلة بإجابات لا علاقة لها بالسياق، متحدثاً بشكل عشوائي عن ما يُعرف بـ«الإبادة البيضاء» في جنوب إفريقيا.
وفي الشهر الماضي أيضاً، أيّد ماسك منشوراً على منصة X لمستخدمٍ قال إنّ «غروك» قد خضع «لبرمجة أيديولوجية يسارية»، وعلّق قائلاً إنّه يعمل حالياً على تصحيح هذا الأمر.
