هل هي صدفة ؟ : ترامب يرفع العقوبات عن شخصيات سياسية من زمن النظام السابق

هل هي صدفة ؟ : ترامب يرفع العقوبات عن شخصيات سياسية من زمن النظام السابق

في خطوة مثيرة للتساؤلات، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بإجراءات رفع العقوبات المفروضة على شخصيات بارزة من نظام الرئيس الراحل صدام حسين، من بينهم محمود ذياب الأحمد وزير الداخلية الأسبق، ومحمد مهدي صالح وزير التجارة الأسبق، وهما اسمان ارتبطا بفترة محورية من تاريخ العراق الحديث.

التحول هذا يثير علامات استفهام كثيرة هل هو مجرد إجراء قانوني متأخر بعد مرور أكثر من عقدين؟

أم أنه بداية إعادة تموضع أمريكي في العراق وتلميح إلى فشل الطبقة السياسية الحالية التي جاءت بعد 2003؟

من هما: محمود ذياب الأحمد ومحمد مهدي صالح؟

محمود ذياب الأحمد، وزير الداخلية الأسبق، ومهندس متخصص، كان يعرف بالحزم والنزاهة، ولم تُسجل عليه ملفات فساد أو خيانة. بعد الاحتلال، تم اعتقاله، ثم خرج من السجن وواصل حياته كمهندس في السودان، رافضاً أي دور سياسي مشبوه.
أما محمد مهدي صالح، فقد تولى وزارة التجارة خلال فترة الحصار الدولي على العراق، وكان يُعتبر من أكثر الوزراء كفاءة في إدارة الموارد المحدودة، حيث ساهم في الحفاظ على البطاقة التموينية وتنظيم توزيع المواد الغذائية رغم الضغوط الهائلة. هو الآخر اعتُقل بعد 2003، وأُفرج عنه لاحقاً، وظل بعيدًا عن الأضواء رغم كفاءته المشهودة.

هل بدأت أمريكا تعيد تقييم تحالفاتها؟

رفع العقوبات عن هاتين الشخصيتين وغيرهما من رموز النظام السابق يطرح سؤالاً مشروعاً:
هل هو تغيير في الرؤية الأمريكية تجاه من هم داخل السلطة ومن تم دعمهم بعد 2003؟
فالوقائع على الأرض تشير إلى فشل كبير في أداء الطبقة السياسية الحالية، سواء على مستوى الخدمات أو الأمن أو مكافحة الفساد، ما جعل الكثيرين يحنّون إلى زمن كان فيه المسؤول يُحاسب ويعمل بصمت وكفاءة.

مقارنة مؤلمة: رجال دولة vs سياسيي مصالح

رغم اختلاف اراء الشارع العراقي حول النظام السابق، إلا أن كثيرًا من العراقيين باتوا يرون في شخصيات مثل محمود ذياب الأحمد ومحمد مهدي صالح رجال دولة حقيقيين، لا يشبهون من يملأون الشاشات اليوم بخطابات فارغة، وولاءات خارجية، وفساد علني.
بينما خدم هؤلاء في ظروف قاسية وقدموا أداءً إداريًا منضبطًا، نجد أن خريجي ما بعد 2003 أحرقوا البلاد بالطائفية، والمحاصصة، والنهب العلني للثروات.

خلاصة القول

رفع العقوبات قد لا يكون صدفة. بل ربما هو مؤشر على مراجعة عميقة في الموقف الأمريكي من الداخل العراقي، وربما محاولة لإعادة الاعتبار إلى شخصيات وطنية حقيقية كُسرت سياسيًا لكنها لم تُهزم أخلاقيًا.
فهل هو مجرد تصحيح قانوني؟
أم أن هناك رسائل سياسية مبطنة تُقرأ في صمت؟
الزمن وحده سيكشف الجواب، لكن من الواضح أن الخيارات بدأت تنفد أمام من يمسكون بزمام السلطة اليوم.