نعى حزب الله رسمياً القيادي حسن علي بدير (الحاج ربيع)، ونجله علي حسن بدير (جواد)، اليوم الثلاثاء، اللذين استشهدا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت فجر اليوم، مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وكانت وزارة الصحة اللبنانية قد أفادت باستشهاد أربعة بينهم امرأة، وإصابة سبعة آخرين. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» باستشهاد أحمد محمد محمود وشقيقته هيام محمد محمود من بلدة الدوير الجنوبية، في عدوان الضاحية، مشيرةً إلى أن والدتهما إيمان أصيبت بجروح استدعت خضوعها لعملية جراحية.

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الثلاثاء، تنفيذ غارة جوية دون إنذار مسبق استهدفت أحد عناصر حزب الله في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وذلك بتوجيه من جهاز الأمن العام (الشاباك).

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان مشترك مع جهازي الأمن العام (الشاباك) والاستخبارات (الموساد)، اليوم الثلاثاء، أنه اغتال حسن بدير القيادي في حزب الله، في الغارة على مبنى في الضاحية الجنوبية.
وزعم جيش الاحتلال في بيانه أنّ الغارة جاءت للقضاء على “التهديد الذي يشكله هجوم إرهابي يهدف إلى إيذاء المدنيين الإسرائيليين”، مضيفاً أنّ بدير كان ينتمي إلى ما قال إنها “الوحدة 3900 التابعة لحزب الله وفيلق القدس الإيراني، في منطقة الضاحية الجنوبية”. وتابع البيان أن بدير كان يتعاون مؤخراً مع حركة حماس وساعد مقاتليها “في التخطيط والتحضير لهجوم إرهابي كبير ووشيك ضد مدنيين إسرائيليين”.
وكانت وكالة “فرانس برس” قد نقلت، في وقت سابق اليوم، عن مصدر مقرّب من حزب الله قوله إنّ الغارة استهدفت مسؤولاً عن الشؤون الفلسطينية في الحزب. وأضاف المصدر، طالباً عدم الكشف عن هويته، أنّ الغارة استهدفت “حسن بدير نائب رئيس المكتب السياسي للحزب للملف الفلسطيني”، الذي كان “في منزله مع عائلته” وقتها.

ويأتي هذا الهجوم في ظل تصاعد الخروقات الإسرائيلية المتواصلة بعدما تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله اللبناني في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

عون: الغارة إنذار خطير

من جانبه، أدان الرئيس اللبناني جوزاف عون في بيانٍ الغارة الاسرائيلية، معتبراً أن “هذا الاعتداء على محيط بيروت، للمرة الثانية منذ اتفاق 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، يشكل إنذاراً خطيراً حول النيات المبيتة ضد لبنان، خصوصاً في توقيته الذي جاء عقب التوقيع في جدة على اتفاق لضبط الحدود اللبنانية السورية، برعاية مشكورة ومثمنة من قبل المملكة السعودية. كما أتى بعد زيارتنا لباريس والتطابق الكامل الذي شهدته في وجهات النظر مع الرئيس إيمانويل ماكرون”.

وقال عون إنّ “التمادي الإسرائيلي في عدوانيته يقتضي منا المزيد من الجهد لمخاطبة أصدقاء لبنان في العالم، وحشدهم دعماً لحقنا في سيادة كاملة على أرضنا، ومنع أي انتهاك لها من الخارج، أو من مدسوسين في الداخل، يقدمون ذريعة إضافية للعدوان”. وأضاف “كما يقتضي مزيداً من الوحدة الداخلية خلف الأهداف الوطنية المُجمع عليها في خطاب القسم وبيان الحكومة، وهو ما سنجسّده في عملنا وتعاوننا مع الحكومة ورئيسها، لوأد أي محاولة لهدر الفرصة الاستثنائية لإنقاذ لبنان”.
كذلك أدان رئيس الحكومة نواف سلام العدوان الإسرائيلي، واعتبر في بيان أنّه “يشكل انتهاكاً صارخاً للقرار الأممي 1701 الذي يؤكد على سيادة لبنان وسلامته، كما هو يشكل خرقاً واضحاً للترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية التي تم التوصل إليها في تشرين الماضي”. وتابع سلام تداعيات العدوان مع وزيريّ الدفاع ميشال منسى والداخلية أحمد الحجار.

بري: “إسرائيل” تغتال 1701

أكد رئيس مجلس نواب نبيه بري أن الغارة الاسرائيلية الغادرة التي إستهدفت الضاحية الجنوبية فجراً وللمرة الثانية في غضون أيام “ليست خرقاً يضاف إلى الـ2000 خرق إسرائيلي لبنود وقف إطلاق النار والقرار الأممي 1701 فحسب ، بل هي عدوان موصوف على لبنان وعلى حدود عاصمته بيروت في ضاحيتها الجنوبية”. وأضاف بري أن العدوان “محاولة إسرائيلية بالنار والدماء والدمار لاغتيال القرار الأممي ونسف آليته التنفيذية التي يتضمنها الاتفاق، والذي التزم به لبنان بكل حذافيره”. رأى أن العدوان “استهداف مباشر لجهود القوى العسكرية والأمنية والقضائية اللبنانية التي قطعت شوطا كبيرا بكشف ملابسات الحوادث المشبوهة الأخيرة في الجنوب والتي تحمل بصمات إسرائيلية في توقيتها وأهدافها وأسلوبها “.
وأضاف بري: “لن ندين ما هو مُدان بكل المقاييس، فجريمة الفجر في الضاحية الجنوبية لبيروت وكل الجرائم التي ارتكبتها العدوانية الإسرائيلية هي دعوة صريحة وعاجلة للدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار للوفاء بالتزاماتها وإرغام الكيان الإسرائيلي على وقف اعتداءاته على لبنان واستباحة سيادته والانسحاب من أراضيه المحتلة “.

عمار: لصبر المقاومة حدود

قال النائب عن “كتلة الوفاء للمقاومة” علي عمّار، إنّ “العدو يعتدي على لبنان والمنطقة والإخوة الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه يعتدي أيضاً على سمعة ومكانة ما تُسمّى بمؤسسات المجتمع الدولي، ومن هنا نتساءل عن موقف هذه المؤسسات والتي خرج من بين طيّاتها اتفاقيات الـ1701 حيال ضرب العدو الإسرائيلي بعرض الحائط لهذه الاتفاقيات وهذه القرارات”.
وأضاف عمّار في تصريحات صحافية من المكان الذي استهدفه الاحتلال بالضاحية الجنوبية لبيروت: “إذا كان (الهدف) من وراء الاستهداف ثنينا عن ممارسة حقنا وواجبنا في مقاومة العدو والتجهّز له وتوفير كل الإمكانيات والاستعدادات اللازمة لدرء عدوانه ومنعه من تحقيق حمله الأسطوري بدولة إسرائيل الكبرى، فهذا حلمه وإن شاء الله المنطقة بخير”. وشدد على أن “حزب الله استعاد كامل قوّته وعافيته إن كان على المستوى السياسي أو الميداني والمادي والعسكري والأمني، وما يحاول العدو زرعه بنفوس الناس لتحقيق الهلع فهو خاطئ بذلك، إذ إن حزب الله والمقاومة الإسلامية في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد واستطاعت أن تتعافى على مستوى كل مقدراتها لمواجهة هذا العدو”.
وحول احتمال ردّ الحزب على الاعتداءات الإسرائيلية بعد استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت مرّتين، قال عمّار: “نحن حتى اللحظة نمنح الدول التي رعت القرار 1701 وكانت هي الراعية للاتفاقيات الفرصة، ولكن للصبر حدوداً. أما مسألة الردّ فالأمر متروك لقيادة المقاومة والمقاومين بتحديد التوقيت المناسبة واللغة المناسبة ميدانياً وعسكرياً والتي تتناسب مع ردع العدوان”، وأضاف: “حزب الله لا يريد حرباً ولكن إذا ما فرضت الحرب عليه وهذا متوقف على الروحية واللغة التي تصدر عن العدو، فهو على أهبّة الاستعداد لدرء أي عدوان”.
وأشار إلى أن “ما يحصل اليوم ليس فرض حرب، بل اعتداءات متفاوتة بين وقت وآخر وضربات يحاول العدو من خلالها أن يقول لنا وللعالم إن يده طويلة، وهو لا يعلم أن صبرنا هو صبر استراتيجي متوقف عند حدود التوقيت المناسب وبالتالي الطريقة المناسبة”، ولفت إلى أنه “ليس سرّاً أن هناك ضغطاً أميركياً كبيراً لجرّ لبنان والمنطقة إلى التطبيع مع العدو عبر الضغط العسكري والأمني والسياسي والاقتصادي ونحن نقول بأنّ أي تطبيع يشكل خيانة للأمة وللمقاومة وللشهداء”.

الموسوي: العدوان نقل المرحلة إلى مكان آخر

على صلة، أدان عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب إبراهيم الموسوي العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، واعتبر أنّ ما جرى “مخالف للقوانين الدولية” و”كبير جداً ونقل المرحلة إلى مكان آخر”، محمّلاً الولايات المتحدة المسؤولية الكاملة.
ورأى أنّ “مسؤولية المجتمع الدولي أن يتحرك لوقف هذا العدوان”، مشددا على أنه “ينبغي على الحكومة ورئاسة الجمهورية التحرك بأعلى مستوى وأن يحمّلوا المجتمع الدولي مسؤوليته”.
وأضاف: “سمعنا إدانة رئيسي الجمهورية والحكومة لكن الأمر يجب ألا يقف عند حدود ذلك وينبغي على الحكومة استدعاء سفراء الدول الكبرى”.

وهذه المرة الثانية التي يقصف فيها الاحتلال الضاحية الجنوبية لبيروت بعد وقف إطلاق النار، حيث شنّ طيران الاحتلال، يوم الجمعة الماضي، غارة عنيفة على منطقة الحدث في الضاحية، بعد إصداره تهديداً مسبقاً بقصفها إثر إطلاق صاروخين من لبنان صباحاً باتجاه شمالي الأراضي المحتلة. وحينها، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن رصد إطلاق صاروخين من لبنان باتجاه المستوطنات الحدودية، بعد إطلاق صفارات الإنذار في المنطقة، مشيراً إلى اعتراض أحدهما وسقوط الآخر في منطقة مفتوحة.

وهبي (اقصى اليمين) وعقيل (يسار) والعسكريون الثلاثة عشر الذين قتلوا في غارة إسرائيلية (وسائل التواصل)
وهبي (اقصى اليمين) وعقيل (يسار) والعسكريون الثلاثة عشر الذين قتلوا في غارة إسرائيلية (وسائل التواصل)

ويوم السبت الماضي، أكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنه “إذا لم تلتزم إسرائيل بوقف الاعتداءات على لبنان وإذا لم تقم الدولة اللبنانية بالنتيجة المطلوبة فلن يكون أمامنا إلا العودة إلى خيارات أخرى”.

وأضاف قاسم في كلمة متلفزة له بمناسبة “يوم القدس العالمي”، “لتعلم إسرائيل أنها لن تأخذ بالضغط لا من خلال احتلال النقاط الخمس أو عدوانها المتكرر ما تريده”، وأكد “لن نسمح لأحد أن يسلبنا حياتنا وأرضنا وعزتنا وكرامتنا ووطنيتنا”، وأضاف “لسنا ضعفاء في مواجهة مشاريع أميركا وإسرائيل”، ولفت إلى أن “كل المتغيرات في المنطقة تصب في صالح القضية الفلسطينية”.

وفي بيان للحزب، أشار إلى أن وهبي لعب دورا أساسيا في تطوير القدرات البشرية في الحزب، وتولى مسؤولية قوة الرضوان حتى مطلع عام 2024، وعاد لتولّي مسؤولية الوحدة بعد استشهاد القائد الحاج وسام الطويل.

وكان حزب الله قد أكد رسميا في وقت متأخر مساء أمس الجمعة ما أعلنته إسرائيل بشأن اغتيالها عقيل.

وقال الحزب في البيان “التحق اليوم (الجمعة) القائد الجهادي الكبير الحاج إبراهيم عقيل بموكب إخوانه من القادة الشهداء ‏الكبار”.

ويعدّ عقيل المسؤول الكبير الثاني في حزب الله الذي تغتاله إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت بعد فؤاد شكر، منذ فتح حزب الله جبهة مساندة لقطاع غزة إبان العدوان الإسرائيلي عليها في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

مصادقة هاليفي

وفي إسرائيل، بدأت وسائل الإعلام بنشر بعض التفاصيل التي جرت قبل عملية الاغتيال أمس وطريقة اتخاذ القرار.

وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن خطة الاغتيال تم تحديد موعدها ووضعت حيز التنفيذ في وقت قصير وصدّق عليها رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي.

وأشارت الإذاعة إلى أن مصدرا استخباراتيا موثوقا نقل معلومة بشأن اجتماع قادة فرقة الرضوان التابعة للحزب جعلت الجيش ينفذ عملية الاغتيال.

ووفقا لقناة “كان” الإسرائيلية، فقد صدق هاليفي على اغتيال عقيل خلال لقائه مع قادة لواء الشمال صباح أمس الجمعة.

وكان مصدر أمني لبناني قد أكد لمراسل الجزيرة أن الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت استهدفت اجتماعا للجنة قيادة قوة الرضوان في حزب الله يضم أكثر من 20 شخصا.

وأكد المصدر أن المقاتلات الإسرائيلية أطلقت 4 صواريخ على الأقل دمرت المبنى واخترقت موقف السيارات فيه ووصلت إلى مكان الاجتماع الذي كان ينعقد في الطابق الثاني تحت الأرض. وأشار المصدر إلى إصابة عدد من المشاركين في الاجتماع.

وفي أحدث حصيلة لضحايا الهجوم، قالت وزارة الصحة اللبنانية إن 31 شهيدا بينهم نساء وأطفال ونحو 68 جريحا سقطوا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مبنيين سكنيين في منطقة الجاموس بصواريخ من مقاتلة إف-35 مما أدى إلى انهيارهما.