يُجسِّد فيلم (الألماس الدَّموي) الصُّورة الحقيقيَّة لأطماع الآخرين في ثروات الدوَل والشُّعوب، وكيف تتحوَّل تلك الثَّروات النَّادرة إلى مصادر للشَّرِّ والفتنة والقتل والتَّشريد والدَّمار.
يُسلِّط الفيلم الضَّوء على أحداثٍ شنيعة حصلتْ في سيراليون عام 1999 وقَبله وبَعد ذلك التَّاريخ، ويتناول تجارة الألماس والصِّراعات الدَّمويَّة الَّتي عاشَها المُجتمع بسبب التَّنافس على هذا المعدن الثَّمين، الَّذي يدخل في صُلب التِجارة العالَميَّة.
اكتشف النَّاس البسطاء وجود الألماس بكميَّات هائلة في مختلف مناطق سيراليون الإفريقيَّة، ولم يتعرَّفْ كثيرون في البداية على تلك الكنوز الثَّمينة، لذا بقِيَتْ لفتراتٍ طويلة ضِمْن الموادِّ المهملة، ولم تجذبْ انتباه الكثيرين، حتَّى أدرك البعض أهميَّة الألماس باعتباره أحَد أندر وأغلى المعادن الَّتي تدخل في صناعة الحُليِّ والمجوهرات، الَّتي سيكُونُ مكانها في البيوت الأرستقراطيَّة ومنازل كبار المسؤولين وأصحاب الشَّركات. انتقلَ كثير من تلك القِطع المُذهلة من الأوحال والتِّلال وبَيْنَ طبقات الأرض لِتُستخدَمَ في زينة الثريَّات في أوروبا وأميركا وبقيَّة بُلدان العالَم.
وبحبكةٍ وتسلسلٍ دراميٍّ، تمكَّن فريق العمل، المؤلَّف من إدوارد زويك (مخرج) وتشارلز ليفيت (قصَّة وسيناريو)، وكادر التَّمثيل ليوناردو دي كابريو، دجيمون هونسو، جينيفر كونيلي وغيرهم، من الغوص في هذا العالَم وعرض القضيَّة باعتبارها أحَد أوْجُه دوافع الصِّراعات الدَّمويَّة الَّتي شهدتها العديد من الدوَل بسبب وجود الثَّروات في أرضها وفي أماكن أخرى.
لا نريد التَّركيز على تفاصيل القصَّة، وكيف تمزَّقتِ العائلة، وطُرق تجنيد الأطفال، وكيفيَّة استعباد الرِّجال للعمل في مناجم الألماس، والعبث الَّذي يفتك بالبيئة والمُجتمع.. فكُلُّ هذه التَّفاصيل يَعرضها الفيلم في نقلات سينمائيَّة ذكيَّة وبحبكةٍ عالية. لكنَّ ما يبرزُه الفيلم هو الدَّوْر الَّذي لا يغيب في مثل هذه الوقائع والأحداث؛ لِدَوْر الإعلام الأميركي، من خلال المراسلة الصحفيَّة الَّتي يكُونُ لها الحضور البارز في سرد تفاصيل مهمَّة من تلك القصص المرتبطة بموضوع الألماس، والبحث عَنْه، وتجارة الأسلحة، والمعاناة الكبيرة الَّتي تعيشها العوائل الَّتي تحوَّلت من حياةٍ بسيطةٍ هادئةٍ إلى العنف والتشتُّتْ والعبوديَّة، بسبب دخول شركات البحث والتَّنقيب عن هذا المعدن الثَّمين. وبَيْنَما تضع الدوَل والشَّركات الخطط الدَّقيقة والمحكمة للحصول عَلَيْه، فإنَّ أدوات الحصول عَلَيْه تكُونُ عبارة عن مجاميع وأفرادٍ من أبناء الشُّعب في سيراليون.
وبقدر ما تطرح مِثل هذه الأفلام قضيَّة الأثَر السَّوداوي والدَّموي على شعوبٍ وجدت ثرواتٍ في بلادها، ثمَّ سرعان ما تحوَّلتِ الحياة في البلد إلى جحيمٍ حقيقيٍّ، فإنَّها، وفي الوقت نَفْسِه، تُثير الكثير من التَّساؤلات عن شعوبٍ ودوَلٍ أخرى عاشتْ وما زالتْ تعيش ذات المأساة، وربَّما أكبر وأبشع مِنْها؛ لأنَّها تمتلك الثَّروات والمعادن الثَّمينة. وفي حال رغب أحَدهم في إحصاء الشُّعوب الَّتي عانتْ وتلك الَّتي ما زالتْ تُعاني بسبب ثرواتها، فإنَّ القصَّة ستكُونُ صادمةً، خصوصًا تلك الَّتي سرعان ما طمعتْ بها دوَلٌ وشركات، وتوجَّهتْ للسَّيطرة عَلَيْها واستغلالها وسرقتها، بَيْنَما بقي النَّاس يجلسون على الثَّروات، ولا يحصلون حتَّى على العاقو
