صدفة قادتني ان ادخل الى احد دور المسنين . وياليتني مادخلت اباء وامهات تم تركهم من اولادهم وبناتهم بدواعي اقل مايقال عنها جحد وافتراء وكره وطمع بعد ان حصلوا على كل ماقدمه ولي نعمتهم ابائهم !؟. لايمكن ان انقل ماشاهدته رجل انزوى على حافة الحديقة منفردا يلوذ بصمت رهيب
وما ان سلمت عليه وسالته عن سبب وجوده هنا تدفقت دموعه وبحسرات متلاحقة قال مااريد اي شيْ سوى اشوف اولادي … لم اتمالك نفسي واتجهت الى امرأه طاعنة في السن وبنفس سؤالي ردت علي وقالت اعرف لايزورونني لكن اريد اشوف صورهم . ماتحملت كلامها وكلام غيرها . فخرجت مسرعا وانزويت في مكان لايراني فيه احد لانفس عن حزني وغضبي . حينها قفز سؤال في مخيلتي وهو – اين رجال الدين واين القضاء واين المراجع واخيرا اين الحكومة التي تتخذ من الاسلام دينا رسميا لها ! فعقوق الوالدين ليس مجرد خطأ أخلاقي أو خلل في التربية، بل جريمة إنسانية بكل المقاييس. .عندما يشيخ الوالدان، ويبلغان من العمر عتيًّا، يحتاجان إلى الرعاية والاهتمام أكثر من أي وقت مضى، لكن المفارقة المؤلمة أن بعض الأبناء يختارون التخلي عنهم، وإرسالهم إلى دور المسنين، أو حتى الإساءة إليهم ماديًا ومعنويًا.
العقوق في ميزان الشرع
جميع الأديان السماوية منحت شأنا عظيما للوالدين، واعتبرت برّهما من أسمى القيم الإنسانية. في الإسلام، وفي الآية الكريمة: ” وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا . وهي تأكيد قاطع على قدسية العلاقة بين الأبناء والآباء. في المسيحية، جاء في الوصايا العشر: “أكرم أباك وأمك”، وهو أمر إلهي يربط بين البر والبركة في الحياة.
لكن رغم هذه الوصايا، نرى اليوم مشاهد تدمي القلوب، أبناء يتخلّون عن آبائهم في لحظات الضعف، وكأنهم عبء يجب التخلص منه.
هل نحتاج إلى قانون يجرّم العقوق؟
نحن اليوم أمام واقع يتطلب تدخّل القانون إلى جانب الأخلاق والتربية. بعض الدول سنت قوانين تحمي الوالدين من العقوق، مثل الصين التي تلزم الأبناء بزيارة والديهم ورعايتهم، ودول أخرى تفرض عقوبات مالية وايضا قد يكون السجن على من يسيء إلى والديه.
فلماذا لا يكون لدينا قانون واضح يجرّم كل من يتخلّى عن والديه، سواء بإهمالهم أو بإرسالهم إلى دور المسنين دون رضاهم؟ لماذا لا تكون هناك عقوبات صارمة على من يسيء إليهم نفسيًا أو جسديًا؟
الشعور القاتل: خيانة الأبناء
تخيّل أمًّا سهرت الليالي، وربّت وضحّت بكل شيء من أجل أبنائها، ثم تجد نفسها في غرفة باردة في يجد نفسه مهملًا ومنسيًا. أي شعور هذا؟ إنه ليس مجرد حزن، بل خيانة تُميت الروح قبل الجسد.
بين العقوبة والتوعية
القانون قد يردع، لكنه ليس الحل الوحيد. نحتاج إلى توعية مجتمعية شاملة تعيد للوالدين مكانتهما. الإعلام، المناهج الدراسية، والخطاب الديني يجب أن يكون لها دور أساسي في ترسيخ قيم البر والرحمة فهي قضية ضمير قبل أن تكون قضية قانون. فمتى نرى اليوم الذي يصبح فيه عقوق الوالدين جريمة يُحاسَب عليها القانون . ولنا عوده