سباقات الذكاء الاصطناعي مقالا للكاتب وليد الزبيدي

وليد الزبيدي
ليس سباقًا واحدًا الَّذي يجري في ميادين الذَّكاء الاصطناعي، فبعد الإعلان عن تطبيق ومنصَّة (chatgpt) أواخر العام 2023، يشهد الذَّكاء الاصطناعي التَّوليدي ماراثونًا غير مسبوق على الإطلاق.
لا يستطيع المتابع العادي الإمساك بالتَّطوُّرات الَّتي تحصل على شكل قفزات، بربع ما يحصل في تلك الغُرف والقاعات الَّتي تطلق خوارزميَّاتها في أوقات متقاربة، والمختصُّون يواجهون صعوبة ملاحقة كُلِّ شيء في هذه العوالم، شهد العام 2024 انتقالات هائلة، وتشي الأجواء والتَّطوُّرات بأنَّ العام الحالي 2025 سيكُونُ المرتكز لثورة لا يعرف أحَد ماذا بعدها، وما هي العناوين والمساحات الَّتي سيشغلها هذا العالَم؟ كما أنَّه من الصعوبة التَّكهُّن بالجوانب الَّتي سيشعلها.
لقَدِ ازداد اهتمام وسائل الإعلام بمختلف فئاتها بالذَّكاء الاصطناعي، كما لم يحصل مع أيِّ منتجات أخرى وصناعات وابتكارات على مرِّ التَّاريخ، يرصد المراقب لِمَا تقدِّمه المنصَّات ووسائل الإعلام أنَّه وللمرَّة الأولى ثمَّة أمْر ينافس الأخبار السِّياسيَّة، فإذا انشغلتْ وسائل الإعلام بحدَثٍ رياضي دولي كبير، فإنَّ ذلك لا يأخذ مساحة كبيرة وقد يستغرق عدَّة ساعات لعدَّة أيَّام، مِثل ذلك وعلى درجات أقلَّ تشغل التَّطوُّرات الاقتصاديَّة المهمَّة مساحة من وسائل الإعلام، خلاف ذلك يزحف خبر الذَّكاء الاصطناعي صوب المنصَّات الإعلاميَّة على شكل هجمات واسعة، وتتشابه وجهات النَّظر والتَّحليلات الَّتي يقدِّمها الباحثون والتقنيُّون والمهتمُّون، لدرجة أنَّك يُمكِنك الاكتفاء بعدَّة آراء بدلًا من البحث والتَّفتيش عن المزيد، وفي الوقت نَفْسه يتَّفق غالبيَّة هؤلاء على أنَّ الذَّكاء الاصطناعي قد يُشكِّل خطرًا داهمًا على البَشَريَّة.
يرَى البعض طبيعة الخطر من التَّطوُّرات الَّتي لم تكُن بالحسبان في زوايا وواجهات الذَّكاء الاصطناعي، وتجد بهذا الخصوص من يحذِّر بقوَّة ويحدِّد سقفًا زمنيًّا ليس بالبعيد، يستند هؤلاء إلى مرونة التَّطوير باستخدام الخوارزميَّات ووجود عباقرة في استخدام تلك الخوارزميَّات، والخوض في غمار عوالم لا حدود لها، البعض الآخر من الباحثين وعلماء الاجتماع ينظرون إلى سباقات الذَّكاء الاصطناعي من زاوية اجتماعيَّة، فعندما يُشير معدَّل إقصاءات النَّاس وإبعادهم عن سُوق العمل نتيجة لدخول الذَّكاء الاصطناعي وتعدُّد استخداماته، فإنَّ التَّحذير لم يتوقفْ من خطورة ذلك وارتداداته السلبيَّة على المُجتمع، بمعنى في حال وجد مئات الملايين من النَّاس أنْفُسَهم خارج أماكن عملهم، وأصبحتْ ملايين العوائل بِدُونِ مصدر عيش في مثل هكذا أوضاع ماذا يحصل للنَّاس والمُجتمعات؟
تعرَّض البعض في العقود الماضية إلى الإبعاد عن وظائفهم بعد دخول الأتمتة العديد من المجالات الصناعيَّة والزراعيَّة، لكن سرعان ما وجد هؤلاء فرصًا للعمل، أمَّا ما يجري حاليًّا فهو أسرع بآلاف المرَّات من ذاك الَّذي حصل وأوسع بمئات المرَّات، إذ يضرب هذا التَّطوُّر المتسارع وفي سباقات خطيرة جميع المجالات في الحياة اليوميَّة.
حتَّى المؤتمرات الدّوليَّة الَّتي تناقش تطوُّرات، بل قفزات الذَّكاء الاصطناعي لم تخرج بما يطمئن النَّاس من مستقبل مجهول.
صحيح أنَّ النَّاس يفرحون بالإبداع والتَّطوير الَّذي يحصل، لكن ماذا إذا انقلب التَّطوُّر حتَّى على المطوِّر نَفْسه؟