أجواء وأفكار متضاربة، راودت “مستشارة السلام السابقة في المعهد الأوروبي للسلام”، نسيبة يونس، البريطانية المسلمة، والتي كانت بمهمة لنزع التطرف وإعادة دمج “عرائس او نساء داعش”، من انطلاقها من غرفة نائبة عراقية كانت تجهزها قبل ان يذهبن سوية الى مخيم للاجئين يضم نساء داعش، لتراودها أفكار عن انها كانت ستكون واحدة من عرائس داعش بالفعل لو مرت بظروف مشابهة لهذه النساء.
قالت يونس في مقال ترجمته السومرية نيوز، انه “في مساء أحد أيام شهر فبراير/شباط، في المنطقة الخضراء ببغداد، وجدت نفسي أفتّش خزانة ملابس إحدى عضوات مجلس النواب العراقي، كانت قد نظرت الى ملابسي من أعلى إلى أسفل، ولاحظت أني أرتدي تنورة وكعباً عالياً، وقالت لي: “يتعين عليك أن ترتدي ملابس محتشمة حتى تتمكني من مقابلة نساء تنظيم داعش”.
وتضيف ان “ذلك كان في عام 2019، وكانت مسيرتي المهنية تدور حول جهود فاشلة في الغالب للمساعدة في استقرار العراق، بما في ذلك محاولات التأثير على سياسة الولايات المتحدة في العراق واجتماع قادة عراقيين بارزين في عمليات سلام مختلفة سخيفة، لقد نشأت بنصف عراقي في المملكة المتحدة أثناء غزو العراق وشعرت أنني ملزمة بمساعدة وطني الأم”.
وأوضحت انه “في نهاية المطاف، أصبحت مستشارة لبناء السلام وقضيت معظم وقتي في بغداد في لقاء الساسة، كنت أحثهم على تبني الإدماج السياسي كوسيلة لمنع عودة التطرف العنيف، وكانوا يصفونني بالمتعاطفة مع الإرهابيين، وكنا نكرر هذه الرقصة مرارا وتكرارا، لكنني سئمت من الافتقار إلى التقدم، لذا، عندما اقترحت الحكومة العراقية أن أركز على مشكلة جديدة – مصير أسر داعش – انتهزت الفرصة”.
وتكمل: “ارتدينا أنا والنائبة العراقية ملابسنا الأكثر احتشاما وقمنا بزيارة مخيم للاجئين للتحقيق، ورتبت لنا سلطات المخيم لقاء بعض النساء المشتبه في انتمائهن إلى داعش، وقفنا للحظة خارج الخيمة، وشعرنا بالخوف فجأة، ماذا لو كانت هؤلاء النساء خطيرات؟، لكن دخلنا، وجلست أربع نساء على مراتب إسفنجية رقيقة على الأرض، كن يرتدين أغطية رأس ملونة وفساتين طويلة، وأقدامهن السوداء عارية، ونعال بلاستيكية مكدسة عند المدخل الخلفي، ركض عشرات الأطفال إلى الداخل والخارج، وهم يصرخون أثناء لعبهم”.
قالت إحدى النساء: “جاء تنظيم داعش إلى قريتنا وأخذ الفتيات للزواج، ماذا يمكننا أن نفعل؟ لا نستطيع أن نقول لا”.
وتبين انه “لقد قضيت حياتي المهنية بأكملها في محاولة أن أُؤخذ على محمل الجد باعتباري واحدة من النساء القليلات اللاتي يعملن في مجال سياسة الشرق الأوسط، وعندما نظرت إلى النساء، شعرت بالغباء لأنني شعرت بالخوف، فهؤلاء النساء، مثل أغلب النساء في المخيمات العراقية، ضحايا “.
وتابعت المرأة: “نحن لسنا مثل الأجانب الذين أتوا من الخارج للانضمام إلى داعش، لم يكن أمامنا خيار آخر”، وتعلق الكاتبة: تحولت أفكاري إلى الفتيات البريطانيات المراهقات اللاتي سافرن إلى داعش، الدولة الإسلامية. وهن الآن يجلسن في معسكرات على الجانب الآخر من الحدود في سوريا. هل يمكن اعتبارهن ضحايا؟ أثار هذا الفكر قلقاً عميقاً.
عندما سافرنا عائدين إلى بغداد، تساءلت عن سبب شعوري الشديد بعدم الارتياح، لم أشعر بالشفقة تجاه نساء داعش فحسب، بل شعرت بارتباط شخصي بهن، في تلك اللحظة أدركت أنني اقتربت من التطرف بنفسي، ولو توافرت الظروف المناسبة، لكان من الممكن أن أصبح عروسة لداعش.
لقد كنت دوماً شخصاً متعاطفاً مع الآخرين: ولهذا السبب انخرطت في مجال بناء السلام. ولكن عندما كنت مراهقاً، كان هذا الدافع نفسه ليدفعني إلى الانضمام إلى جماعة إرهابية. فقد نشأت وأنا أشاهد أمي تبكي على عمليات القتل الجماعي في البوسنة، وأتممت امتحانات الشهادة العامة للتعليم الثانوي بينما كانت المملكة المتحدة تقصف أفغانستان، وأستعد لامتحانات المستوى المتقدم عندما غزونا العراق، وكانت جثث المسلمين على شاشات التلفزيون منتشرة في كل مكان، وشعرت وكأن ذلك كان مستهدفاً ومتعمداً. وفي أحد فصول الصيف، عندما كنت في السابعة عشرة من عمري، درست مع الشيخ أنور العولقي، وهو رجل دين يمني أميركي كاريزمي تحدث بشكل مقنع عن تعرض المسلمين للحصار. وقد أذهلني ذلك الشيخ. وبعد بضع سنوات، انضم العولقي إلى تنظيم القاعدة. ولم يحاول قط تجنيدي، ولكن ماذا لو فعل؟ ماذا لو أخبرني أنني أستطيع الدفاع عن أرواح الأبرياء، وأن الأشياء الرهيبة التي سمعتها عن تنظيم القاعدة كانت مجرد دعاية غربية؟ ربما كنت لأصدقه.