رغم تحقيق العراق تقدماً ملحوظاً في تحسين منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لا تزال هناك ثغرات قد تبطئ هذه الجهود، فبينما خرجت بغداد من قوائم المراقبة الدولية، يواجه النظام المالي تحديات تكنولوجية وتشريعية، إضافة إلى استخدام العملات المشفرة في عمليات غسل الأموال. شهد العراق تحسّنًا ملحوظًا في جهوده لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب،
لا سيما بعد إدخال إصلاحات تشريعية ومصرفية تهدف إلى تعزيز الشفافية المالية وتقوية الرقابة على القطاع المصرفي،و لكن لا يزال هناك العديد من الثغرات التي تؤخر هذه الجهود نوعا ما، فبينما خرجت بغداد من قوائم المراقبة الدولية، يواجه النظام المالي تحديات تكنولوجية وتشريعية كبيرة، بالإضافة إلى استخدام العملات المشفرة في عمليات غسل الأموال.
وجاء في تقرير تابعته صحيفة العراق ، انه : “منذ عام 2018، تمكن العراق من الخروج من قائمة مجموعة العمل المالي (FATF) للدول الخاضعة للرقابة، كما رُفع اسمه من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول عالية المخاطر في 2021″. و لكن مسؤولين عراقيين يعترفون بأن هناك حاجة إلى مزيد من التعديلات التشريعية لمواكبة التهديدات المستمرة،
حيث قال حسين المقرم معاون مدير عام مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في العراق، إن:”المكتب لا يزال يعمل على تحديث الإطار القانوني والتشريعي لمواجهة التحديات المستجدة”. وتُعد العقارات أبرز القطاعات المعرضة لمخاطر غسل الأموال في العراق، وفقاً لتقرير التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال الصادر عام 2022.
ونتيجة لذلك، فرضت الحكومة قيوداً جديدة، حيث اعتمدت آلية تلزم تسديد ثمن البيوع العقارية من خلال الجهاز المصرفي وبدعم من البنك المركزي العراقي، وعدم إجراء نقل الملكية إلّا بعد ورود دائرة التسجيل العقاري إشعاراً من المؤسسة المالية بما يضمن قيام الأخيرة بالتحري عن مصدر الأموال وسلامة المعاملة المالية ومشروعيتها. ولكن فعالية هذه الإجراءات لا تزال موضع تساؤل في بلد يواجه تحديات بخصوص فرض الرقابة المالية، بحسب عزيز البياتي، مدير سابق لقسم إبلاغ في أحد المصارف العراقية،
وقال لمصدر سياسي، ان:”العراق منطقة حرجة وهو عرضة لنمو عمليات غسل أموال بسبب اعتماده بشكل كبير على عمليات النقد في التعاملات التجارية وتقدم بطيء في عمليات الدفع الإلكتروني ناهيك عن بقاء مبيعات البنك المركزي العراقي تناهز 300 مليون دولار يومياً، وهو رقم كبير قياساً بحجم السلع التي تدخل للعراق”. وتشكل العملات المشفرة تهديداً متزايداً، حيث أكد المقرم أن:”السلطات العراقية تواجه صعوبة في تتبع المعاملات الرقمية، بسبب درجة السرية التي توفرها هذه العملات”. وقال المقرم:”في ضوء هذه التحديات تتبع الجهات المعنية في جمهورية العراق عدة استراتيجيات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب باستخدام العملات الافتراضية، تشمل التعاون والتنسيق المستمر مع المؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية والإبلاغ عن التعاملات مجهولة المصدر، وكذلك إعداد لجان مشتركة من الجهات الحكومية ذات الصلة لغرض تتبع المتعاملين والمضاربين بها”. ولكن مدى فاعلية هذه الجهود
تاتي تلك الخطوة في ظل ضعف البنية التقنية يبقى محل تساؤل. كان التحدي الأول تشريعياً، وقد نجحت الجهات المعنية في الحد منه إلى أدنى مستوى ممكن، بإشراف الجهات الرقابية الدولية. لكن التحدي الأبرز هو التحدي التكنولوجي في بيئة أعمال متغيرة،
وفق الاستشاري في شؤون مكافحة غسل الأموال مرتضى خالد. ويرى خالد في حديث لمصدر سياسي، أن:”العراق بحاجة إلى قدرة رقابية فعالة للتكيف مع هذه التحديات، خصوصاً في القطاعات غير المالية، التي تستحوذ على الحصة الأكبر من عمليات غسل الأموال، وعلى رأسها قطاعا العقارات والذهب”. ورغم انضمام العراق إلى مجموعة “إيجمونت” (Egmont Group) المعنية بتبادل المعلومات المالية بين الدول، فإن التحدي الحقيقي يكمن في التنفيذ الفعلي للإصلاحات. إذ يتطلب تحسين الرقابة المالية تطوير القدرات التقنية والموارد البشرية، وهي نقطة ضعف أشار إليها المكتب العراقي نفسه. وكما أن استمرار الحاجة إلى تحديثات تشريعية متكررة يعكس خللاً في مواكبة العراق لمعايير المكافحة العالمية. فبينما يتحدث المسؤولون عن تحقيق تقدم، تظل هناك أسئلة مفتوحة حول مدى القدرة على تنفيذ هذه الإصلاحات في بيئة مالية لا تزال تعاني من تحديات سياسية وأمنية.
علاقة بين “الاندومي” وتهريب الدولار في العراق