رحيل علاء حسن مقالا للكاتب وليد الزبيدي

وليد الزبيدي

علاء حسن صديق العمر يرحل عن هذه الدنيا، صافي السريرة مثالًا للنقاء والخُلق الرفيع، عاشقًا للحياة، نسمةً طريَّة مع كُلِّ مَن عمل معه وصادفه في حياته.

عملنا معًا وكان مثالًا للمهني والوطني والإنسان، جمعتنا سنوات طويلة في العمل الصحفي خلال الحصار وفي بداية الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003، ولم يغادر للعمل في مؤسَّسة أخرى (إذاعة سوا) إلا بعد أن استأذنني، شجَّعته وقلت له أنا واثق أنَّ عينك وقلبك على العراق أينما عملت، وفي حقبة الزلزال الكبير الَّذي عصف بالعراق والعراقيين تحت عواصف الاحتلال لم يتأثر بها علاء حسن الصحفي والكاتب والمراسل المتميز، فقد تابعت الكثير من تقاريره والمقابلات الَّتي أجراها، وكان حريصًا على خدمة ناسه وبلده، وعندما عصفت «أوهام الطائفيَّة» بالكثيرين من الَّذين كنَّا نُطلق عَلَيْهم «النُّخب الثقافيَّة والإعلاميَّة» فقَدْ حصَّن علاء حسن نَفْسَه من تلك الأوبئة الخطيرة، بقي ابن المناضل المرحوم حسن العتابي والده الَّذي زرع في عائلته الالتزام الوطني والسَّير بثبات ووضوح وشجاعة نادرة.
اتَّصل بي هاتفيًّا عندما كنتُ المشارك المستقل «رُبَّما» الوحيد في مؤتمر الوفاق الَّذي عقدته جامعة الدوَل العربيَّة في نوفمبر 2005، ليخبرَني أنَّ مجموعة من (البرلمانيِّين العراقيِّين) قد وجَّهوا رسالة للأمين العامِّ لجامعة الدوَل العربيَّة عمرو موسى لمنعي من المشاركة في المؤتمر تحت لافتة الاتِّهامات والمزاعم الباطلة والجاهزة عند البعض، وردَّ عَلَيْهم بشجاعة وبثّ تقاريره بصوته نافيًا تلك الاتِّهامات، وكتبَ في أكثر من مطبوع عن صديقه وليد الزبيدي المستقل في جميع الأزمنة، مؤكدًا أنَّ الَّذين يكرهون العراق سرعان ما يوجِّهون الاتِّهامات لصديقه وأخيه الَّذي يعرفه جيدًا، لقَدْ خشيتُ عَلَيْه من بعض الوحوش الكاسرة لدفاعه وإصراره على تسمية المُسيئين بشجاعته المعروفة، وأرسل تقاريره وكتاباته لجامعة الدوَل العربيَّة وقد أخرس تلك الأصوات السيئة.

عندما تمَّ اختطافي في العام 2006 ودفعت فدية كبيرة جدًّا، رفض جميع الكلمات والمحاولات للاعتذار عن قَبول مشاركته بمبلغ، وكان الوحيد الَّذي قبلت مشاركته، إذ رفض وبإصرار جميع محاولاتي للاعتذار.

لم تنقطع اتصالاتنا رغم هجرتي الاضطراريَّة خارج العراق منتصف العام 2006، علاء حسن وكاظم غيلان والأستاذ عادل سعد ومحمد مزيد وزيدان الربيعي وعلي كريم حسن ومناضل التميمي وهيثم رواد وعلي حبش ووليد الزبيدي.

كنَّا نُمارس عملنا الصحفي والإعلامي تحت القصف الأميركي المُخيف، لم نتوقف عن العمل وكان الأكثر عملًا وإنتاجًا علاء حسن وكاظم غيلان ويقطع الأستاذ عادل سعد مسافات طويلة ليعملَ بخبرته الطويلة وبجد ومثابرة، أتحدث عن أسابيع الغزو الأميركي في ربيع العام 2003.
يأتي أُناس ويذهب أناس، وتبقى مواقف الرجال الحقيقيِّين محفورة في ضمائرنا وعقولنا، لم يسجل أيّ صديق وزميل لعلاء حسن مثلبة واحدة عَلَيْه «إنسانًا وصحفيًّا»، ونأى بنفسه بعيدًا عن «اللغو» الكثير الَّذي صاحب زلزال الاحتلال وارتداداته الخطيرة.
رحم الله الفقيد الأخ والصَّديق علاء حسن أبا أحمد.