في عالم الاقتصاد، يُعد التقلب التشريعي أو عدم استقرار القوانين وتغيير القرارات بفترات زمنية قريبة، أحد أكثر العوامل السلبية على الاقتصاد والاستثمار، وما القرار الأخير للبنك المركزي بحصر عمليات بيع وشراء العقارات عبر المصارف فقط، الا واحدة من مظاهر التقلب التشريعي.

عقار الـ100 مليون.. طريقة غير مباشرة لاخضاع جميع مبيعات العقارات للمساءلة عن مصدر الاموال

سبق للبنك المركزي في عام 2023 ان حصر بيع وشراء العقارات بمبلغ 500 مليون دينار فما فوق بالمصارف حصرًا، في آلية تتيح مساءلة المشتري للعقار عن مصدر أمواله التي تعادل نصف مليار دينار فما فوق، لكن ابتداء من شهر شباط المقبل، ستكون هذه العملية مطبقة حتى على العقارات بمبلغ 100 مليون دينار فما فوق، ولأنه لا توجد عقارات على الأغلب بمبالغ اقل من هذا السقف، فهذا يعني عمليًا أن كل من يشتري عقار في أي مكان سيكون عليه تحضير اجابات للمصارف عن مصدر أمواله.

ركود العقارات بقرار الـ100 مليون.. اعتقاد غير واقعي منطلق من استنتاجات خيالية

رافق القرار الكثير من الاراء الايجابية والسلبية، لكن أهم ما رافق هذا القرار، هو الاعتقاد الواسع بأن هذه العملية ستتسبب بركود سوق العقار وانخفاض اسعاره، وينطلق المعتقدون بهذا الرأي من فكرة ان المشترين قد يحجمون عن الشراء بسبب التعقيد أو ان البائعين سيخفضون اسعار عقاراتهم تحت الـ100 مليون لغرض عدم الذهاب للمصارف وزيادة التعقيد على المعاملات، وهذا رأي غير منطقي في الغالب، فعملية الدفع بالمصرف مطبقة اساسًا على الرسوم والضرائب احيانًا مسبقًا.

اموال الفساد لن تشتري العقارات.. هدف غير مضمون

لكن الرأي الأخير الذي قد يتطابق فعلا مع حقيقة إمكانية انخفاض العقارات بسبب هذه العملية، هو الاعتقاد بأن أصحاب أموال الفساد سوف لن يتمكنوا من شراء عقارات بشكل كبير لغسل أموالهم، حيث سيكون عليهم الذهاب للمصرف والافصاح عن مصدر أموالهم.

قرار قد يحاصر اموال الفساد ولكن.. لن يؤثر على سوق العقارات اجمالا

لكن هذا الرأي أيضا فيه نقاش، فغالبا أصحاب أموال الفساد لا يشترون عقارات بأسعار حول الـ100 مليون دينار، واساسًا منذ اكتشاف سرقة القرن، اصبح شراء العقارات بأموال الفساد مسألة مفتوحة عليها الأنظار ولا يلجأ اليه الكثيرون من أصحاب أموال الفساد، ما يعني ان القرار لن يؤثر كثيرا على أسعار العقارات او تؤدي الى الركود، باستثناء إمكانية محاصرة أموال الفساد بالفعل وليس على سوق العقارات عمومًا.

“باب رزق” جديد للفساد.. عامل اضافي لاستحصال الرشى والتلاعب

لكن من المتوقع أن يؤدي هذا القرار الى منح دوائر التسجيل العقاري بوابة جديدة لاستحصال الرشى، او زيادة التلاعب، فقد يتفق البائع والمشتري على مبلغ مخالف لما سيكتب في العقد، أو ان يتم منح الموظف المسؤول مبلغا من المال مقابل اتمام المعاملة دون اجبار الاطراف على مراجعة المصرف.

المركزي العراقي يعاقب 10 مصارف عراقية بسبب مخالفات الحوالات الخارجية