يشهد سوق العقارات العراقي جدلا واسعا بعد صدور قرار البنك المركزي بحظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها 100 مليون دينار (76 ألف دولار) إلا عبر المصارف.

ويتوقع خبراء أن يؤدي هذا القرار إلى انخفاض الطلب على العقارات وزيادة تكلفة المعاملات، مما قد يؤثر سلبا على القطاع العقاري.

في تقريرا خاص ورد لصحيفة العراق اليوم الاربعاء يتحدث عن ان وزارة العدل قد تتجه، إلى اعتماد أنظمة إلكترونية حديثة لبيع عقارات القاصرين خلال المدة المقبلة.

وقال مدير قسم الإعلام في الوزارة مراد الساعدي إن “الوزارة وضمن أولوياتها لحماية حقوق القاصرين وضمانها، تستعد قريباً لتوفير خدمة إلكترونية عبر منصة (أور) الإلكترونية، تتيح للأوصياء تقديم طلبات بيع العقارات إلكترونياً من خلال منصة خاصة”.

وأضاف أن “الإجراء سيمكن الوصي من تقديم طلب البيع عبر نافذة مخصصة، إذ يُطلب تحميل الوثائق الضرورية، كحجة الوصاية والمستمسكات الرسمية للقاصر، والسند الخاص بالعقار، ليتم التحقق بعدها إلكترونياً من جميع البيانات، ما يقلل من وقت الإجراءات، ويضمن الشفافية والنزاهة”.

وبين الساعدي أن ” لجنة من دائرة رعاية القاصرين، تضم فريقاً من البحث الاجتماعي والتدقيق، ستقوم بمراجعة الطلب، والتحقق من أن العقار البديل المطروح مطابق أو أعلى قيمة من العقار السابق”.

هل يجوز للوصي بيع عقار القاصر في القانون العراقي؟
لا يجوز للوصي على القاصر التصرف في ممتلكاته العينية العقارية إلا بإذن من محكمة الأحوال الشخصية والبطلان النسبي للتصرف المخالف 
هل يجوز للقاصر التوقيع على عقد بيع؟
ويجوز للقاصر المأذون له بالإتجار أن يباشر تجارته، وله أن يفي ويستوفى الديون المترتبة على هذه التجارة، وذلك وفقاً للحدود الصادر بها الأذن. وفي جميع الأحوال لا يجوز للقاصر أن يتصرف في صافي دخله إلا بالقدر اللازم لسد نفقاته ومن تلزمه نفقتهم شرعاً.

ربط بيع العقارات في العراق بالمصارف يهدد مستقبل القطاع

انقسمت الآراء بشأن القرار، ففي حين يرى البعض أن هذا القرار خطوة إيجابية لمكافحة الفساد يرى آخرون أنه سيؤدي إلى تجميد السوق العقاري وزيادة الأعباء على المواطنين.

وأصدر البنك المركزي في كتاب رسمي في وقت سابق توجيهات إلى دائرة التسجيل العقاري تقضي بحظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها 100 مليون دينار.

ووفقا للآلية والتعليمات الجديدة، لا يمكن بيع العقارات إلا عبر المصارف بهدف الحد من عمليات غسيل الأموال.

توضيح “المركزي”

بدوره، أوضح حسين علي معاون مدير مكتب مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التابع للبنك المركزي الأسباب التي دعت إلى اتخاذ هذا القرار، مؤكدا أن القرار لم يأتِ بشكل مفاجئ أو عشوائي، بل هو نتاج دراسات وتجارب امتدت لعامين كاملين.

وفي حديثه للجزيرة نت، صرح علي بأن مجلس مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وضع إستراتيجية واضحة منذ عام 2022، وكان أول قرار اتخذ هو تحديد سقف للبيوع العقارية تتم من خلال المصارف بقيمة 500 مليون دينار (380 ألف دولار) فأكثر.

وأوضح أن الهدف من تحديد هذا السقف كان تقييم نقاط القوة والضعف في هذا القرار، وبالتالي تم تخصيص فترة زمنية تقارب العامين لدراسة كافة الجوانب والتحديات المتعلقة بتنفيذه.

وأكد علي أن القرار أثبت نجاحه الكبير في خدمة الأهداف المرجوة، وتم اتخاذ قرار بتخفيض هذا السقف تدريجيا ليشمل فئات أكبر من البيوع العقارية.

وأشار إلى أن هذا القرار يساهم بشكل كبير في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، إذ يوفر قواعد بيانات مهمة تستخدم في التحقيقات التي تقوم بها الجهات القانونية والتحريات المالية التي يجريها مكتب مكافحة غسيل الأموال، كما أنه يحفظ حقوق كل من البائع والمشتري، إذ يتم توثيق جميع الحركات المالية المرتبطة بالبيع في المصارف.

وأضاف علي أن البنك المركزي عمل خلال العامين الماضيين على تجهيز المصارف وتأهيلها لتنفيذ هذا القرار، وذلك من خلال إنشاء بنية تحتية قوية وتزويدها بالخبرات اللازمة.

ولفت إلى أن هذه الطريقة معمول بها في معظم دول العالم، وذلك لأن التعاملات العقارية تعتبر من أكثر القطاعات عرضة لغسيل الأموال، لذلك فإن إجبار المشترين على إيداع الأموال في المصارف يسهل على الجهات المعنية تتبع هذه الأموال.

و تجدر الاشارة إلى أن هناك خططا مستقبلية لربط دائرة التسجيل العقاري بالمصارف إلكترونيا، وذلك لتسهيل الإجراءات وتقليل المعاملات الورقية.

كما أكد على أن البنك المركزي يتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية حقوق المواطنين من أي عمليات فساد أو ابتزاز قد تحدث.

من جهته، أعرب همام الشماع الخبير الاقتصادي في سوق العقارات عن اعتقاده بأن قرار البنك المركزي العراقي الأخير المتعلق ببيع العقارات لن يؤثر بشكل كبير على العقارات الصغيرة، موضحا أن ذلك يعود إلى أن أموال هذه العقارات تكون في الأغلب ذات مصدر معروف.

وشدد الشماع في حديثه للجزيرة نت على ضرورة تطبيق هذا القرار بشكل مثالي لتحقيق الهدف منه، وهو مكافحة غسيل الأموال، محذرا من استغلاله بطرق سلبية من قبل بعض الأشخاص.

وأوضح أن القرار السابق كان يحدد قيمة 500 مليون دينار لبيع وشراء العقارات التي تحتاج إلى متابعة من البنك المركزي، لكن البنك خفّض هذا السقف حاليا إلى 100 مليون دينار، مع ضرورة إتمام المعاملة مصرفيا.

وأكد أن دائرة التسجيل العقاري لن تسجل أي عقار إلا بعد التأكد من إيداع قيمته في أحد المصارف العراقية، سواء كانت أهلية أو حكومية.

وبيّن الشماع أن الإجراء يتضمن توجيه المصرف سؤالا إلى الشخص الذي يرغب في إيداع الأموال عن مصدرها، ويلزم بإحضار وثيقة تثبت مصدر هذه الأموال، سواء كانت من بيع عقار سابق أو حلي ذهبية أو من التجارة، أو غيرها.

وأكد أن هذه خطوة مهمة لمكافحة غسيل الأموال شريطة تطبيقها بشكل صحيح دون أي فساد أو رشوة، محذرا من استغلال موظفي دائرة التسجيل العقاري هذه الإجراءات لتمرير معاملات البيع دون الحاجة إلى إثبات إيداع المبلغ في المصرف.

تحرك برلماني 

بدوره، أعرب النائب حسين السعبري نائب رئيس لجنة الاستثمار في البرلمان العراقي عن استيائه الشديد من قرار البنك المركزي العراقي الأخير المتعلق ببيع العقارات، وأكد أن هذا القرار يعد جزءا من سياسة التخبط التي تتبعها المؤسسة المصرفية.

وبيّن السعبري في تصريح خاص للجزيرة نت أن قرار البنك المركزي سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الاقتصاد العراقي والمواطن وتراجع إيرادات الدولة نتيجة تراجع تقييمات أسعار العقارات من قبل المواطنين وتجنبهم التعامل بها، مما سيؤثر سلبا على خزينة الدولة.

كما أكد أن القرار سيواجه المواطنين بصعوبات كبيرة في بيع وشراء العقارات نتيجة الإجراءات المعقدة التي فرضها.

وأشار السعبري إلى أن القرار سيزيد عدم الثقة لدى المواطنين بالمؤسسة المصرفية، خاصة أن أغلبية العراقيين لا يثقون بالمصارف ولا يودعون أموالهم فيها، مبينا أن القرار سيؤدي إلى ركود كبير في القطاع العقاري، مما سيؤثر سلبا على البيئة الاستثمارية بالبلاد.

وأشار إلى أنه في حال كان هناك لغط عن موضوع غسيل أموال فإن هذه العقارات بعيدة عن هذا التوصيف كونها تمثل أموالا معلومة للمواطنين داخل العراق، متسائلا: أين غسيل الأموال في هكذا تعاملات بسيطة وهي لا تهرّب خارج البلد؟

وشدد السعبري على أن قرار البنك المركزي لا يتماشى مع الواقع الاقتصادي العراقي ولا يراعي المصالح العليا للمواطنين، مؤكدا أن أغلبية النواب واللجان البرلمانية يرفضون هذا القرار.

وأوضح أن لجنة الاستثمار في البرلمان ستوجه كتابا رسميا إلى محافظ البنك المركزي تطالبه فيه بدراسة هذا القرار والتراجع عنه.