في ذكرى رحيل شيخ بغداد وعلامتها الكبير الدكتور حسين علي محفوظ

د علي الزبيدي

– العراقي الاصيل الذي حمل العراق بقلبه وعقله ووجدانه

فهو القائل :

إنّ اربعةً من الحروفِ تُشكْلُ اسم وطني العراق فالعينِ مِن العزةِ ، والراء مِن الرِفعةِ ، والألف مِن ألأصالةِ ، والقاف مِن القِدِمِ ، وهي تُشيرُ الى العلّوِ والرُقيّ وألاًخاءِ والقوةِ.
علي الزبيدي
ولد شيخ بغداد العلامة الدكتور حسين علي محفوظ سنة 1929، وتوفي في 19 كانون الثاني سنة 2009
ولد في الكاظمية، وتعلم فيها وتخرج في دار المعلمين العالية حاصلاً على (ليسانس آداب سنة 1948) ونال دكتوراه الدولة في الآداب الشرقية (الأدب المقارن) في سنة 1952من جامعة طهران .
موسوعة في إنسان فهو مؤرخ، جغرافي، لغوي، فقيه، أديب، شاعر، كتب في الاختصاصات كافة، ترك اكثر من(400) اثر بين كتاب ودراسة ومقالة وتحليل وجداول في إحصاء العلوم والآداب فهي خلاصة اجتهاده القائم على علم المقارنة، وخلاصة تتبعاته الاستقرائية القائمة على حس فطري بالأشياء..
قال الشعر، وكانت أول قصيدة أثبتها أبيات في وصف الربيع نظمها في سنة 1939، ونظم الشعر التعليمي في سنة 1941، وشعره مجموع في عدة دواوين، ولم يتكلف نظمه، بل لحاجة في نفسه..! وتعود بدايات اشتغاله بالتأليف الى مطلع سنة 1941، وكانت رسائله الأربع القصار في الرضي والمعري والمتنبي وابن زيدون أوائل أعماله الأدبية سنة 1942.
عين مدرسا في دار المعلمين العالية في بغداد سنة 1956 ومفتشاً اختصاصياً للغة العربية في وزارة المعارف حتى سنة 1959 ثم انتقل الى كلية الآداب وأسس فيها قسم الدراسات الشرقية 1969 ورأسه، ودرس العربية وآدابها في الكلية الشرقية في جامعة لينين غراد منذ سنة 1961- 1963، وجلس على كرسي الشيخ محمد عباد الطنطاوي، ولقب هناك بأستاذ المستشرقين ومنح (منشور التقدير) الذي وقعه الأساتذة في قسم اللغة العربية .
انتخب عضوا في اللجنة الأدبية في بعض المجامع العلمية في الشرق سنة 1952، وفي الجمعية الآسيوية الملكية في لندن سنة 1954، ثم انتخب عضوا مراسلا في مجمع اللغة العربية في القاهرة سنة 1956 ـ وهو رابع عراقي يدخل المجمع ـ والمجمع العلمي الهندي في عليكرة سنة 1976. مثلّ العراق في عشرات المؤتمرات العالمية والاستشراقية والندوات والمجالس العلمية والحلقات الدراسية والمهرجانات الأدبية في العراق والبلاد العربية منذ سنة 1954.. وتقديرا لإبداعاته نال (وسام الثناء) في الثقافة 1957 و(وسام إقبال الذهبي) 1978 وفاز كتابه (المتنبي وسعدي) بجائزة (أحسن كتب العام) سنة 1958، ورشحته جامعة بغداد لعدة جوائز علمية وعالمية، وهو الأستاذ الأول في كلية اللغات سنة 1993، والأستاذ الأول في جامعة بغداد سنة 1993 والأستاذ المتمرس سنة 1995، وهو عضو مجلس الإدارة في مركز البحوث النفسية منذ تأسيسه سنة 1987 ، وقد اشترك بجميع المؤتمرات والندوات الباراسايكولوجية وله دراسات عديدة في هذا المجال، منها:

الفراسة و(رسالة الفراسة) وابن الخوام البغدادي، سنة 1992م .
الواعظ الكاشفي جامع العلوم الخمسة في التراث الباراسايكولوجي، سنة 1995م .
شجرة الباراسايكولوجي في التراث (تقديم وتعريف)، سنة 1996م .
نظرة في التراث الباراسايكولوجي، سنة 1997م .
من التراث الباراسايكولوجي (أمثال وخوارق)، سنة 1998م .
الباراسايكولوجيا في التراث، سنة 1999م .
الباراسايكولوجيا علم السيمياء في التراث، سنة 2000 م .
الشيخ بهاء الدين العاملي من أعلام الباراسايكولوجي الكبار في التراث، سنة 2001م .
ويُعد العلامة محفوظ، اول من نظر في موضوع “الباراسايكولوجي في التراث ” ومن أهم إسهاماته في هذا المجال، توثيقه لمئات المصطلحات الباراسايكولوجية في التراث العربي الإسلامي .

أنجز العديد من الدراسات التراثية في مختلف الموضوعات، ومنها العمارة والفلك والتقويم والطفل والزراعة والصيدلة وعلم الوثائق والخط والأوزان والمكاييل والمرأة والحرب، ووضع (علم المخطوطات) في سنة 1975 وجمع ضوابطه وقواعده ومصطلحاته وألفّ (مصطلحات المخطوطات) و(مصطلحات المكتبة العربية) ووضع (نظرية التأهيل) في سنة 1981 في تأهيل التراث العربي بأسلوب علمي منهجي وابتكر (دائرة التأهيل) للتطبيق والإيضاح وابتكر (دائرة الأهلة) في سنة 1978 و(دائرة التقويم) في سنة 1979 و(جدول الأدوار والكبائس لستة آلاف سنة هجرية) في سنة 1979 والبحث وأردفها بابتكار (أوائل الشهور الاثني عشر في القرن الخامس عشر) في سنة 1981. له في التحقيق منهج خاص وأسلوب معروف، إذ استعمل في دراساته وأبحاثه العلمية واللغوية الحساب والإحصاء واعتمد النسب والأرقام .. تتبع المصادر الشرقية للدراسات العربية أحصاها وصنفها وحللها وعرف بها، وإهتم بالتراجم الباقية عن المؤلفات الضائعة ودرس أثر اللغة العربية في اللغات الشرقية وبعض اللغات الأفريقية والأوربية وبينّ أن نسبة الألفاظ العربية في اللغة الاردوية هي (41،95%). وفي اللغة التاجيكية (46،39%) وفي اللغة التركية (49،70%) وفي اللغة الفارسية (60،67%).
ألفّ عدة معاجم، منها: (معجم الآلات والأدوات) ومعجم (العلامات والرموز) ومعجم (الأضداد) ومعجم (الألوان) وقاموس التراث، وإهتم بدراسة تأريخ البلدان .
ومن إنجازاته المهمة إضافة كبيسة واحدة في الدور الرابع والثمانين من أدوار الكبائس، وقد قرر كبس سنة 505 هـ وهي الكبيسة المحفوظية نسبة اليه، و من نتاجه (التقويم المقارن)، (الدلائل الأدبية على قدمية الخط العربي) وله (الوفاق بين المذاهب الإسلامية) بينّ فيه أن دلائل الوفاق في وسائل الخلاف، وأثبت أن نسبة الخلاف لا تزيد على (6%) من مسائل الخلاف لا من مجموع مسائل الفقه وكتب الرسالة الفلسفية (من أجل الإنسان) سنة 1959.. ومن أعماله أيضا: دراسة إحصاء المسلمين وسجل الأيام والوقائع والحروب وتقويم حياة النبي وإحصاء أحاديث الأخلاق في السنة واستخراج المقاييس الإنسانية في التراث العربي وفضل اللغة العربية وبراءتها من النقص.
كان رحمه الله من مؤسسي مجلس الخاقاني الثقافي هو والمرحوم الدكتور علي الوردي وصاحب الفكرة العلامة الشيخ عيسى الخاقاني والذي كان من اشهر المجالس البغدادية في العراق والذي تم افتتاحه في الخامس من اذار 1989 وبإدارة الدكتور محمد عيسى الخاقاني واستمر الى يوم احتلت بغداد في التاسع من نيسان 2003 ,
رحل العلامة الدكتور حسين علي محفوظ الى رِحابِ ربهِ في التاسع عشر من كانون الثاني ودغن في الروضة الكاظمية المقدسة وبرحيله فقد العراق وبغداد واحدا من اعلامها الاجلاء رحم الله العلامة الدكتور حسين علي محفوظ بواسع رحمته ورضوانه.

في الصميم بغداد والسياحة العربية مقالا للكاتب علي الزبيدي