نعرف جميعًا أن الوقت يبدو وكأنه يمر بسرعات مختلفة حسب المواقف التي نمر بها. فمثلًا، عندما نسافر إلى أماكن جديدة وغير مألوفة، نشعر وكأن الوقت يمر ببطء، وأسبوع واحد في بلد أجنبي يبدو أطول بكثير من أسبوع نقضيه في المنزل. كما أن الوقت يمر ببطء عندما نشعر بالملل أو الألم. وعلى العكس، يبدو الوقت وكأنه يمر بسرعة عندما نكون منغمسين في عمل ما.

هذه الاختلافات البسيطة في إدراك الوقت ليست سوى جزء من الصورة.

هناك تجارب يطلق عليها “تمدد الوقت” (Time Expansion Experiences – TEEs)، حيث يمكن أن تمتد الثواني لتبدو وكأنها دقائق. تحدث هذه التجارب بشكل خاص في مواقف الطوارئ أو الحوادث، مثل الحوادث المرورية أو السقوط.

وقد أظهرت دراسات عديدة أن هذا الشعور يرتبط غالبًا بزيادة التركيز الذهني وفرصة اتخاذ قرارات سريعة في وقت محدود.

فلماذا يحدث ذلك؟

أحد الأسباب الرئيسية لهذا التمدد هو زيادة الانتباه إلى التفاصيل الدقيقة في اللحظات الحاسمة، كما ينقل موقع “لايف ساينس”.

في مواقف الطوارئ، يصبح الدماغ قادرًا على معالجة المزيد من المعلومات في وقت قصير، مما يمنح الشعور بوجود وقت أطول لإنجاز أمور كان من المستحيل فعلها في ظروف عادية.

على سبيل المثال، روت امرأة تعرضت لحادث مروري كيف تمكنت من تفادي حاجز معدني كان على وشك السقوط على سيارتها، موضحة كيف أن “تباطؤ اللحظة” منحها الفرصة للتفكير في كيفية الهروب.

تتسع تجارب تمدد الوقت لتشمل مجالات أخرى، مثل الرياضة، حيث وصف أحد لاعبي الهوكي كيف شعر أن المباراة استمرت عشر دقائق بينما كانت في الواقع حوالي ثماني ثوان فقط. هذه التجارب تحدث أيضًا في لحظات السكون الذهني، مثل التأمل أو الاسترخاء في الطبيعة، حيث يتغير الإحساس بالوقت بشكل جذري.

ورغم أن تمدد الوقت يرتبط في الغالب بمواقف الطوارئ، فإنه يمكن أن يحدث أيضًا تحت تأثير بعض المواد المخدرة مثل LSD، حيث يشعر المتعاطون أن الوقت يمر ببطء شديد. أحد الأشخاص وصف تجربته مع هذا العقار قائلًا إن الثواني بدت وكأنها تمتد لدرجة أنها أصبحت أشبه بالدقائق.

توجد عدة تفسيرات علمية لهذه الظاهرة.

يرى بعض العلماء أن هذه التجارب ناتجة عن إفراز هرمون النورأدرينالين في حالات الطوارئ، وهو ما يرتبط بآلية “الكر أو الفر”.

ومع ذلك، هذه النظرية لا تفسر التجارب التي تحدث في ظروف هادئة مثل التأمل.

نظرية أخرى تشير إلى أن تمدد الوقت هو مجرد وهم استرجاعي، حيث يصبح وعينا أكثر حدة في اللحظات الطارئة، مما يؤدي إلى تخزين المزيد من المعلومات في الذاكرة، وهو ما يخلق انطباعًا بأن الوقت مر ببطء.

من منظور علمي، قد تكون هذه التجارب نتيجة لحالات وعي متغيرة.

في مواقف الطوارئ أو أثناء الأنشطة التي تتطلب تركيزًا شديدًا، مثل الرياضة، يصبح الاستغراق الكامل في النشاط سببًا في تباطؤ الوقت بشكل ملحوظ. هذه الظواهر تشير إلى أن إدراكنا للوقت ليس مجرد بعد ثابت، بل هو جزء من عملية نفسية معقدة تتأثر بحالات وعي مختلفة.