السجن 7 أعوام لسفيرة ليبية سابقة بتهمة الفساد

أصدرت محكمة جنايات طرابلس، حكما بالسجن 7 أعوام على الرئيسة السابقة لبعثة ليبيا الدبلوماسية لدى بلجيكا ولوكسمبورغ، السفيرة أمل الجراري، في قضايا اختلاس، بعد عدة أشهر من التحقيقات في القضية التي باتت حديث الرأي العام.

وبجانب السجن، قضت المحكمة بتغريم الجراري ضعف المبلغ المختلس، وحرمانها من حقوقها المدنية مدة العقوبة، وفق ما جاء في بيان لمكتب النائب العام الليبي، الخميس.

وحسب البيان، فإنه ثبت للمحكمة تعمد السفيرة ارتكاب واقعة كسب غير مشروع، واستيلائها على مال عام دون وجه حق، والتسبب في إلحاق ضرر بالمصلحة العامة.

تسريبات صوتية للسفيرة

طرقت القضية آذان الليبيين في يوليو 2023، حين تداولت صفحات ليبية على مواقع التواصل الاجتماعي، تسجيلين صوتيين للسفيرة، تطلب فيهما تحويل مبلغ 200 ألف دولار من مخصصات علاج مرضى ليبيين إلى حسابها الخاص.

وخرجت سكرتيرة سفيرة ليبيا لدى بلجيكا، نديمة القريتلي، في وسائل إعلام ليبية، لتثبت صحة التسجيلين، وهما عبارة عن مكالمتين لها مع السفيرة، مشيرة إلى توثيقهما في مكتب محام.

ومما تم الكشف عنه حينها أنه في التسجيل الأول، طلبت السفيرة السابقة من نديمة، بناء على مقترح من شخص يدعى عبد السلام، (لم تذكر طبيعة عمله)، إعداد فاتورة وهمية باسم مريضة مصابة بالسرطان (وهمية أيضا)، وعلاجها مكلف، وإرسالها إلى وزارة الصحة للتوقيع عليها، حتى تصرف من حساب الوديعة الخاصة بالصحة في السفارة الليبية لدى بلجيكا، وتتمكن من الحصول على الأموال بطريقة تجنّبها الملاحقة القانونية.

وأما التسجيل الآخر، فهو محادثة أخرى تتحدث فيها عن الفاتورة الوهمية، بعدما انتشر الموضوع وتحوّل إلى قضية رأي عام، وتطلب من السكرتيرة المساعدة تسوية الأزمة.

وعلى إثر ذلك، أصدرت هيئة الرقابة الإدارية في أغسطس 2023، قرارا بإيقاف السفيرة ببلجيكا عن العمل احتياطيا، بسبب ارتكابها عدة مخالفات.

قضية أخرى في بلجيكا

لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، ففي أكتوبر عام 2023، فتح مكتب المدعي العام في بلجيكا تحقيقا حول “تحويلات مالية مشبوهة للسفيرة الليبية أمل الجراري، إلى شركة يملكها ابنها”.

ونقلت وسائل إعلام ليبية عن جريدتي “لو سوار” و”7 سير 7″ البلجيكيتين في هذا الشأن، أن السفيرة خضعت لجلسة استماع إدارية في طرابلس، بعد إيقافها عن منصبها حول مزاعم ضلوعها في الفساد، والتحقيق معها لدفع مئات الآلاف من اليوروهات لشركة ابنها، وسط نفي السفيرة وابنها ارتكاب أي مخالفات، مؤكدين أن “الأموال لم يتم اختلاسها، بل جرى تخصيصها عبر عقد حقيقي”.

ووفق الإعلام البلجيكي، فإن الحديث دار حول تحويل مبلغ 231 ألف يورو من حساب السفارة البلجيكية إلى شركة بلجيكية في مدينة ليدكيرك، بهدف إرسال 220 ألفا و500 يورو إلى الشركة الألمانية التي يملكها ابنها، لشراء أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، ولم تصل الأموال إلى وجهتها، مما أثار شبهات اختلاس الأموال.

من ناحيته، اتخذ مكتب المدعي العام البلجيكي قرارا بتجميد حسابات الشركة، لكنه لم يسترد سوى 118 ألف يورو، وجرى إجراء تحويلات أخرى يبلغ مجموعها 319 ألف يورو مباشرة إلى الشركة الألمانية التي يملكها الابن لشراء معدات طبية.

وفي أكتوبر أيضا، أمرت النيابة العامة الليبية حبس السفيرة السابقة احتياطيا، بتهمة الفساد، وذلك بعد إعلان إقالتها من منصبها.

وذكرت النيابة في بيان، أن السفيرة استُجوبت حول “ارتكاب واقعة تحقيق منافع مادية غير مشروعة، والاستيلاء دون وجه حق على مال عام”، وبعد “وجاهة أدلة إثبات مخالفتها للفروض المسلكيَّة”، اتهمها النائب العام “وأمر بحبسها احتياطيا على ذمة التحقيق”.

وهذه أحدث قضية من بين قضايا أخرى، توجه فيها اتهامات بالفساد في عدة سفارات وبعثات ليبية، ومن أبرزها:

• قبل نحو شهر أمرت النيابة بحبس المراقب المالي السابق في بعثة ليبيا لدى تونس احتياطيا، حيث “ظهرت مؤشرات على انحرافه عن مقتضيات الوظيفة العامة، ومخالفته قواعد وضوابط إدارة المال العام، بتعمده تحويل 20 مليون دينار ليبي إلى مؤسسات علاجية من دون تلقيه مستندات وفواتير استشفاء تثبت تلقي الخدمة العلاجية وعدالة التصرف”.

• منذ نحو عام بدأت النيابة العامة في ملاحقة التجاوزات في عدة سفارات وقنصليات، وطالت الاتهامات في هذا الملف عدة أشخاص، بينهم 3 رؤساء سابقين للبعثة الدبلوماسية في أوكرانيا، وسفير ليبيا لدى إيطاليا الموقوف، والمراقب المالي في سفارة ليبيا لدى جنوب إفريقيا.

• من بين المتهمين كذلك رئيس سابق للبعثة الدبلوماسية في أوغندا والمراقب المالي بالسفارة، والمسؤول السابق عن القنصلية الليبية العامة في تركيا والمراقب المالي بها، والمراقب المالي للبعثة في المغرب.

تدخل ميليشياوي بارز

وكانت مصادر تحدثت لموقع “سكاي نيوز عربية”، اتهمت قادة في ميليشيات ليبية بممارسة ضغوط كبيرة على النيابة لوقف التحقيقات في قضيتي المراقبين الماليين في بعثتي ليبيا بمصر وتونس.

وقالت المصادر إن أحد هؤلاء القادة حاول “بكل ما يملك من أدوات للضغط” كي يغلق الملف، خصوصا المتعلقة بالمراقب المالي السابق في سفارة ليبيا لدى مصر الذي تجمعه به “قرابة شخصية”.

وحسب المصادر كذلك، فإن المتهم شغل منصب المراقب المالي لثلاثة سفارات وقنصلية في نفس الوقت خلال عام 2018، مما خلق موجة تململ بين الدبلوماسيين الآخرين، وأيضا لدى أفراد الجاليات الذين اعترضوا على ممارساته.

المرور للمناصب عبر الميليشيات

ويوضح مسؤول سابق في وزارة الخارجية الليبية  في تقرير خاص حصلت عليه صحيفة العراق عن ، دور المليشيات في انتشار الفساد في عدة سفارات خلال السنوات الماضية.

وقال وكيل وزارة الخارجية الليبية سابقا حسن الصغير، تعليقا على هذه الوقائع بناء على ما عايشه خلال توليه منصبه في الوزارة:

• الميليشيات بالفعل فتحت الباب أمام البعض للالتحاق بالبعثات الدبلوماسية بالخارج في الفترة الماضية عبر الرشاوى، أو من خلال الولاءات والقرابة.

• حين كنت أتولى منصب وكيل وزارة الخارجية، سعت الوزارة إلى إنهاء الفوضى في السلك الدبلوماسي وتقليل الأعداد التي تضخمت بشكل لافت مؤخرا، وإنهاء مناصب مستحدثة وغريبة مثل “ملحق قضائي” و”ملحق اجتماعي”.

• إلا أن حكومة فايز السراج السابقة أجهضت تلك الجهود، وفق تصريحات الصغير.

البلاد والعباد وآفة الفساد