زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء التركي أردوغان الى بغداد بهذا الموعد

 من المحتمل أن يجري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زيارة إلى العراق نهاية شهر آذار الحالي، لحسم عدد من الملفات والقضايا العالقة بين البلدين، ومن أبرزها ملف المياه وتصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي.

وفي 26 يونيو الماضي، أعلنت الحكومة العراقية، عن زيارة مرتقبة لأردوغان إلى العاصمة بغداد، لعقد مباحثات مع المسؤولين العراقيين، دون كشف أي تفاصيل عنها وعن موعدها الرسمي، فيما أثار تأخرها أنباء متضاربة بشأن إلغائها أو تأجيلها، دون أي تعليق رسمي عراقي بشأن ذلك.

لكن مصادر سياسية قالت، ان الجانب العراقي أبلغ بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى العراق ستكون نهاية شهر مارس/اذار الجاري وتستغرق هذه الزيارة يومين، مشيرة الى ان زيارة أردوغان إلى العراق ستركز على ملفات وقضايا عالقة بين البلدين منذ فترة طويلة، أبرزها ملف المياه وإعادة تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي، وكذلك ملف الامن.

كما ناقش وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين مع نظيره التركي، هاكان فيدان، على هامش أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي، في (29 شباط 2024) برنامج الزيارة المرتقبة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان إلى بغداد.

يشار الى ان رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني، أجرى زيارة رسمية إلى العاصمة التركية أنقرة، في مارس/آذار الماضي، على رأس وفد وزاري وأمني كبير، بحث خلالها عدة ملفات أبرزها: الأمن، والحدود، والمياه، والطاقة، وتوسيع نطاق التجارة بين البلدين.
وتعتزم تركيا والعراق افتتاح مكاتب بشكل متبادل، لمتابعة الأعمال المتعلقة بمشروع “طريق التنمية”.

الرئيس التركي يستبق زيارة بغداد بغارات لطائرات مسيرة

الرئيس التركي يستبق زيارة بغداد بغارات لطائرات مسيرة
الرئيس التركي يستبق زيارة بغداد بغارات لطائرات مسيرة

حدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جانبا مسبقا من جدول أعمال زيارته المرتقبة إلى بغداد بالسماح لقواته بشن هجوم بطائرات مسيرة في شمال العراق، استهدفت عددا من القياديين في حزب العمال الكردستاني، وذلك من أجل إلزام الحكومة العراقية بقبول فكرة أن الضربات التركية داخل العراق حق مسبق لأنقرة.

وتشن تركيا هجمات بالطائرات والمدفعية والصواريخ منذ عدة سنوات، ينطلق بعضها من قواعد تركية داخل الأراضي العراقية، إلا أن أكثرها إثارة للجدل كان الهجوم على منتجع سياحي في مدينة زاخو والذي أدى إلى مقتل تسعة أشخاص بينهم أطفال في يوليو العام الماضي، وهو أمر استدعى انعقاد البرلمان العراقي وعقد اجتماع خاص بحضور وزيريْ الدفاع والخارجية ورئيس أركان الجيش، إلا أن الحكومة اكتفت بالتنديد من دون اتخاذ أيّ إجراء آخر ضد تركيا، التي تنصلت من الهجوم.

وكذلك عندما قصفت تركيا مطار السليمانية في أبريل الماضي عندما كان مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية موجودا في المطار للقاء زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني. وهو أمر دفع الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد إلى مطالبة تركيا بتقديم اعتذار رسمي، وهو ما لم يحصل.

ويقول مراقبون إن تركيا تريد من هجماتها الجديدة أن تدفع الحكومة العراقية إلى عدم التركيز على قضية الهجمات خلال الزيارة المنتظرة لأردوغان إلى بغداد، باعتبار أن تركيا “تكافح الإرهاب”، وأن هذا الموضوع لا يستلزم النقاش بشأنه، حتى وإن كانت هذه الهجمات تتم من دون استشارة الجهات المعنية في بغداد أو إبلاغها المسبق.

وكان جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان العراق قال إن أربعة من مقاتلي حزب العمال الكردستاني لقوا حتفهم وأصيب آخر الجمعة في محافظة السليمانية، في غارة تركية بطائرة مسيرة.

وذكر شاهو عثمان رئيس بلدية منطقة شاربازير أن الأشخاص الخمسة كانوا في سيارتهم في المنطقة حين أصابتهم الطائرة المسيرة، وأن السيارة تعرضت للضرب مرتين في غضون عشر دقائق.

وكشفت المخابرات التركية أيضا عن مقتل القيادي في حزب العمال الكردستاني مسعود جلال عثمان الذي كان يحمل الاسم الحركي «زاجروس تشيكدار»، في عملية نفذتها في منطقة سنجار التابعة لمحافظة نينوى في شمال العراق.

ونقلت وكالة الأناضول التركية عن مصادر أمنية أن “عثمان كان ضالعاً في ممارسات التجنيد القسري للشباب في سوريا، كما أنه قام بإعطاء تعليمات لتنفيذ العديد من الهجمات التي استهدفت القوات التركية”.

وتؤكد هذه العمليات للمراقبين أن أنقرة تتمسك بشن هجمات داخل العراق، وأنها لن توافق على مطالب بغداد بأن يجري التنسيق معها قبل تنفيذ هذه الهجمات، وذلك على اعتبار أن الضرورات الأمنية هي التي تمنع من التنسيق المسبق.

وعلى الرغم من تأكيدات الحكومة العراقية المستمرة بأنها لا تسمح بأيّ نشاطات معادية لتركيا تنطلق من أراضيها، وعلى الرغم من أن حكومة أربيل التي يقودها الحزب الديمقراطي الكردستاني ترتبط بعلاقات وثيقة مع أجهزة المخابرات التركية وتقدم لها تسهيلات ومعلومات عن النشطاء الأكراد، بمن فيهم غير المسلحين مما يساعدها على تنفيذ اغتيالات لهم، إلا أن تركيا تواصل اتهام العراق بأنه ما يزال يؤوي مجموعات مسلحة تابعة لحزب العمال الكردستاني.

وتقول مصادر حكومية عراقية إن وجود جماعات مسلحة تنتشر في المناطق الجبلية أمر قائم منذ أكثر من نصف قرن، ولا يمكن تنجب حركة المسلحين على أطراف الحدود بسبب الطبيعة الوعرة للمناطق الجبلية. وتركيا نفسها لم تنجح في استئصال شأفة المسلحين الأكراد داخل أراضيها، ولكنها تريد مطاردة فلولهم داخل العراق.

 

ويرى مراقبون أن تركيا تتخذ من هذه القضية ذريعة فقط لأجل أن تبقي قواعد لها داخل العراق، وأن تتخذ من وجود مسلحين يتحركون عبر الحدود بين تركيا والعراق وسوريا ذريعة مجردة للتدخلات، وفرض حضور أمني داخل العراق.

وكانت آخر زيارة لأردوغان إلى العراق جرت في مارس 2011، عندما كان في منصب رئيس الوزراء. ومن المنتظر أن يلتقي أردوغان خلال الزيارة مع الرئاسات العراقية الثلاث، ومع القيادات السياسية العراقية أيضا، وذلك لمناقشة 3 ملفات مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تتعلق بمكافحة حزب العمال الكردستاني وملف المياه، وكذلك إعادة تصدير نفط إقليم كردستان العراق عبر ميناء جيهان التركي.

وكان من اللافت أن أنقرة لم تعلن عن موعد الزيارة. ويبدو أن الأمر يتصل بسعي تركيا لكي تملي تصوراتها لنتائج الزيارة من قبل أن تتم بالفعل. ولأنها بالنسبة إلى أردوغان ليست على غرار جولته الأخيرة التي شملت الرياض والدوحة وأبوظبي. لأنه ذهب إلى هذه العواصم ليطلب مساعدات واستثمارات، بينما يذهب إلى بغداد ليفرض شروطا ومطالب أمنية واقتصادية.

ويتوقع مراقبون أن يطالب أردوغان بتخلي بغداد عن التعويضات البالغة نحو 1.5 مليار دولار التي فرضتها المحكمة التجارية في باريس على تركيا لتصديرها نفط كردستان من دون موافقة بغداد.

أما بالنسبة إلى إمدادات المياه، فإنه ربما سوف يعرض من جديد إمدادات إضافية لمدة شهر واحد أو شهرين، وذلك على غرار ما فعل عندما قام السوداني بزيارة أنقرة في 21 مارس الماضي. بينما تقول وزارة الموارد المائية العراقية إن “العراق الآن لا يتسلم إلا 35 في المئة من استحقاقه الطبيعي من المياه في دجلة أو الفرات”. مما يجعل إمدادات المياه أعطية من العطايا، وليست استحقاقا طبيعيا أو قانونيا.

تأجيل زيارة إردوغان إلى العراق

تأجيل زيارة إردوغان إلى العراق
تأجيل زيارة إردوغان إلى العراق

رغم أن مسؤولين في الحكومة العراقية نفوا إلغاء الزيارة المرتقبة للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، فإنهم أكدوا أن موعدها لم يحدد بعد رغم تأجيلها مرات عدة. وقالت مصادر عليمة لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة صارت مستبعدة؛ بسبب فشل الطرفين في الاتفاق على حل خلافات تتعلق بتصدير النفط، وملفَي المياه والأمن.

وكان من المفترض أن تمهّد المباحثات التي أجراها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الشهر الماضي في بغداد، الأرضية لزيارة إردوغان، لكن المصادر قالت إن هاكان عاد بانطباعات لا تشجع إردوغان على زيارة بغداد، موضحة أنه «ربما، شعر الأتراك بأن الزيارة تحتاج إلى ظروف نجاح، ليست متوفرة في الوقت الراهن».

خلاف متصاعد

ووفقاً لنواب في البرلمان العراقي، فإن «رسائل غير مباشرة من الأتراك تفيد بأن الخلاف المتصاعد بين حكومتي بغداد وأربيل، حول الموازنة والرواتب وتصدير النفط، لا يوفر مناخاً سياسياً لزيارة الرئيس إردوغان».

مع ذلك، أكد مسؤول عراقي كبير، لـ«الشرق الأوسط»، أن بغداد تواصل التحضير لزيارة إردوغان، الذي سيجري جولة إقليمية تشمل العراق.

وأشارت المصادر إلى أن «الخلاف حول مسألة تصدير النفط لم يحسم مع تركيا حتى الآن»؛ بسبب عدم الاتفاق على تنازل العراق عن دعوى لدى المحكمة الدولية التي أوقفت تصدير نفط إقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي. وفي مارس (آذار) الماضي، ربح العراق القضية ضد تركيا بعد صراع دام سنوات بشأن صادرات النفط من إقليم كردستان العراق. وحينها، توقف عمال الميناء التركي عن تمرير أي سفينة شحن تحمل نفطاً من إقليم كردستان، وفقاً لوكالة «رويترز».

تصدير النفط

واشترطت الحكومة التركية على بغداد، مقابل استئناف تصدير النفط، التنازل عن الحكم؛ لإعفاء أنقرة من التعويض المطلوب، المقدر بـ2.6 مليار دولار، بينما رفعت أنقرة دعوى قضائية تطالب بغداد بتعويضات أخرى بلغت أكثر من 900 مليون دولار. وقالت مصادر عراقية إن هذا الملف شائك للغاية، ولم يتمكن الطرفان من حسمه حتى بعد زيارة الوزير هاكان لبغداد.

لكن بغداد، ووفقاً لمعطيات داخلية، ليست في وضع يسمح لها باستمرار وقف تصدير النفط بسبب التزامات مالية تتعلق بالموازنة، لذلك تحاول إيجاد صيغة مشتركة مع الأتراك لاستئناف تصدير النفط الكردي. ومع ذلك، تقول المصادر، إن الصيغة «غير متوفرة الآن بسبب تعقيدات سياسية وفنية، ومن دون شك، فإن موعد زيارة إردوغان مرتبط كثيراً بالتوصل إلى حل في هذه القضية».

قصف جوي

ميدانياً، قالت وسائل إعلام كردية إن قواعد عسكرية تركية في إقليم كردستان تعرضت، صباح السبت، إلى قصف جوي، بينما رجحت مصادر ميدانية أن الهجوم نُفّذ بطائرات من دون طيار. وقالت وكالة «شفق نيوز» المحلية، إن «أربع قواعد احترقت بشكل شبه كامل دون معرفة الأضرار البشرية».

إلى ذلك، أكد جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان أن طائرة مسيّرة تابعة للجيش التركي قصفت مفرزة لمسلحين تابعين لحزب العمال الكردستاني بقضاء «ماوت» في السليمانية، مشيراً إلى أن الهجوم أسفر عن مقتل اثنين من المسلحين وإصابة ثالث بجروح.

مضمون زيارة حلال عقد أردوغان الى بغداد هذا اليوم