في مبادرة تعكس توق الشباب للأفضل وتبرز روح التطوع والعطاء لديهم، حيث بشكل شبه يومي طيلة سنوات وكخلية نحل تنشر رحيق الفن، وكفراشة تختال بألوانها تاركة أثرها أينما مرت.
يعكف أعضاء فريق “أثر الفراشة” العراقي الذي يضم مجموعة مواهب تشكيلية شابة على رسم جداريات ولوحات فنية، في مختلف شوارع وحواري ومدارس وأزقة العاصمة العراقية بغداد.
في مسعى لإضفاء لمسات جمالية على عاصمة بلادهم، وزرع البسمة والفرحة بين أطفالها وسكانها عامة، عبر تحويل الجدران الصامتة والجامدة، لمساحات إبداع وإمتاع عبر إيغال فرشهم العابقة بألوان الحياة فيها، كما يرون .
وتترك هذه المبادرة أصداء ترحيب واسعة في الوسط البغدادي، حيث يعبر رواد في المنصات الاجتماعية العراقيين عن ضرورة دعم وتوسيع نطاق مثل هذه المبادرات التطوعية التي تنشر الطاقة الايجابية، لتشمل مختلف المدن العراقية.
ويقول مؤسس فريق “أثر الفراشة” علي خليفة، في لقاء خص لصحيفة العراق .
فريقنا التطوعي تأسس في عام 2017، عبر فكرة رسم جدارية كإهداء لاحدى المدارس، وبعد أن لاقى العمل الاستحسان وأثار أصداء إيجابية وجذب الأنظار، توالت المطالبات لنا برسم جداريات في مدارس أخرى، وفي شوارع بغداد عامة، والتي كانت تكثر فيها الحواجز والكتل الاسمنتية والجدران المهملة، ما شكل حافزا لنا كفريق للمضي في وضع لمسات جمالية على عدد من المدارس والشوارع والأماكن العامة.
رسالة جمالية وتوعوية
وبعد رسم العديد من الجداريات في مختلف مناطق العاصمة، قررنا تشكيل فريق متكامل ومنظم لرسم لوحات فنية على الجدران بغية إضفاء عوالم جمالية وطاقة إيجابية على الفضاء العام، ولما سيتركه ذلك من صدى بين الناس ويحفز على العطاء والتطوع في سبيل نشر الفن والجمال والبهجة.
هكذا توسع الفريق
في البداية كنا 3 أعضاء، وشيئا فشيئا زاد عددنا من كلا الجنسين، حيث يبلغ عدد أعضاء الفريق الآن أكثر من 35 عضوا، بينهم أكثر من 25 شابة، وعدد من الأطفال ممن يمتلكون موهبة الرسم، كما وأن قسما من أعضاء الفريق طوروا مهاراتهم وصقلوا مواهبهم من خلال هذه التجربة، حتى أن بعضهم بادر بفتح ورشات تدريب وتعليم فنية، فضلا عن أن نشاطهم ضمن الفريق ساهم في نشر أعمالهم وتعريف الناس بها وتنظيم مشروعات ومعارض خاصة بهم.
دعم الطفل والمرأة
يشجع فريقنا على دعم الأطفال والنساء، كونهما الشريحتين الأضعف في مجتمعنا، من خلال الرسومات في المدارس ورياض الأطفال ودور الأيتام وغيرها.
تحمل رسوماتنا رسائل جمالية وتوعوية حول ذلك، علاوة على حرصنا على عكس الطابع الثقافي والتراثي العريق لمختلف المناطق والحواري، كما ننظم دورات تدريبية لتعليم الرسم للأطفال والمبتدئين مجانا.
هناك تعاون من أمانة بغداد معنا، عبر تسهيل منح الموافقات لأعمالنا، بالإضافة لادراجنا ضمن الفرق المساهمة في الحملات التطوعية والميدانية لتطوير واقع المناطق الشعبية والمهملة في العاصمة، ولشجيع هكذا مبادرات ثقافية وبيئية هادفة، حيث أننا تمكنا من رسم مئات الجداريات والأعمال الفنية.
سنواصل عملنا كفريق يسعى للأفضل لمدينته ووطنه، في سبيل أن تتشح بغداد بالألوان واللوحات النابضة بالحياة.
تونس.. رسام يحول جدران القرى والمدن للوحات ضخمة
اختار الرسام الشاب إسكندر تاج أن يحول عددا من شوارع مدن وقرى تونس إلى ورشة مفتوحة لإنجاز لوحاته ورسوماته على الجدران وفي الفضاءات العامة، متنقلا عبر 24 محافظة من شمال تونس إلى جنوبها في رحلة مع فن الشارع “الغرافيتي”.
ومنح تاج الجدران المهملة حياة جديدة عبر ألوانه ورسوماته، وبث من خلالها رسائل تهم الحياة الطبيعية وتشجع السياحة الإيكولوجية.
ونجح الرسام الشاب إسكندر تاج في تحويل الجدران البيضاء إلى متاحف تحتضن لوحاته التي يحدثنا أنه “يعبر من خلالها عن قصص وأفكار وأحلام تشكلت كلها في رسوم ومشاهد ليوثقها ولتسترعي اهتمام العابرين في شوارع تونس “.
وتابع تاج، في حوار خاص قال إنني قد “درست الفنون والحرف وعملت لسنوات داخل ورشتي الخاصة للفن التشكيلي، وكنت حينها أجوب العالم للمشاركة في المعارض إلى أن اكتشفت فن الشارع وتأثرت برسوم الغرافيتي الموجودة عبر العالم، وحينها تأكدت أن دوري يحتم علي الخروج للشارع ونقل الفنون لعامة الناس ومشاركتهم جمال الطبيعة بإعادة تصويرها”.
وأضاف: “بدأت أول رسوماتي في فن الغرافيتي في الشارع الذي أقطن فيه، أين رسمت جداريتي الأولى محملة برسائل بسيطة بتصوير الحياة الطبيعية من طيور وعصافير وأشجار والتي حاولت منحها حياة أخرى برسمها على جدران المدينة للفت انتباه العابرين إلى ضرورة حمايتها”.
ويعتبر إسكندر تاج أن صعوبة فن الغرافيتي تتمثل في الرسم على جدران مفتوحة وسط الشارع في مواجهة جمهور من كل الفئات الاجتماعية وبمزاج مختلف، حيث يواجه الفنان في ورشته المفتوحة “الشارع” ردود فعل متنوعة.
ويحدثنا الرسام عن ذلك بالقول: “اليوم تأقلمت مع مختلف ردود الفعل خاصة داخل المناطق الشعبية، وبعد أن جبت الشوارع طيلة عامين كاملين لأرسم لوحات الغرافيتي على جدران المدن والقرى الصغرى أصبحت تجمعني علاقة تفاعل مع الجمهور الذي لامس عالم الفنون وبات يتابع تشكيل لوحاتي ويحرص على حمايتها”.
وأكد إسكندر تاج أن هدفه الأساسي من خلال رسم الجداريات هو التعريف بالسياحة البيئية في تونس وإيصال صورة جميلة عن المناطق الجبلية الغنية بالتضاريس ومحميات الحيوانات النادرة إلى الناس، فضلا عن احتفائه بتصوير أنشطة الرعي والزراعة وتفاصيل حياة القرى والأرياف.
“كانت جدران القرية جرداء وميتة قبل أن يمر بها الرسام”، هذا ما حدثنا به أحد قاطني قرية صواف من محافظة زغوان شمال البلاد، مستطردا “أما اليوم فقد أصبحت أجمل بفضل جهود الرسام وقد انخرطنا بدورنا سكان القرية في تلوين الأبواب والشبابيك بلون موحد وتنظيف الشارع بتطوع من الشباب”.
مر الرسام اسكندر تاج من “صواف” إلى “تينجة” إلى” قرقنة “، وتستمر رحلته في استكشاف جمال الطبيعة عبر محافظات تونس مسجلا ما تقتنصه عينه على جداريات ضخمة تهتم بالجبال والتضاريس الصخرية في الشمال وتسجل الحياة البحرية في السواحل.
وقد كشف تاج من خلال الرسم عن مشاكل الصيادين بسب تلوث البحر من البلاستيك، ونجح في التعبير عن جمال جزيرة قرقنة وبساطة شواطئها وحياة أهاليها وعن صعوبة الحياة البرية في جبال زغوان والتهديدات التي تطال الطيور النادرة في غاباتها.
وحدثنا الرسام أنه سعيد بتحقيق جزء من أهداف مشروعه وهو “تنمية الوعي البيئي لدى الأهالي خاصة الأطفال منهم”؛ وأنه يستقبل استحسان الزوار للجداريات ولرسائلها البيئية بكل امتنان، عازما على مواصلة الرحلة بين القرى خاصة وأنه يحط الرحال حاليا بمغارة عين الذهب، بسليانة شمال البلاد، التي تعد واحدة من أجمل المناطق الأثرية في تونس، ليقدم منها رسائل عن ضرورة الحفاظ على المياه الطبيعية وصيانة عيون الماء الجارية وحسن استغلالها.
ويطمح الرسام إلى نشر هذه الرسائل عبر منصات التواصل ليقينه أن الصورة أكثر تأثيرا ونفاذا، مشددا على أن الفنون أكثر مساهمة في حماية الطبيعة من المحاضرات التوعوية، لأنها تنفد سريعا إلى قلوب الناس.