يقع مركز الأرض على بعد نحو 6400 كم تحت أقدامنا، ولوضع ذلك في سياقه، فإن أعمق ما حفره البشر على الإطلاق هو 12.2 كم، واستغرق الجيولوجيون نحو 20 عاما للوصول إلى هذا الحد.
ماذا يوجد داخل الأرض؟
يتكون كوكب الأرض بشكل عام من القشرة والوشاح (اللب) والنواة. وتستضيف القشرة جميع أشكال الحياة المعروفة، ولكنها مجرد الغلاف الخارجي للأرض، حيث تمثل 1% فقط من الحجم الإجمالي للكوكب. وتشكل طبقة الوشاح، أو اللب، أو الطبقة الوسطى، 84% من حجم الأرض، وتشكل الطبقة الداخلية، النواة، نسبة 15% الأخيرة، وفقا لجامعة إلينوي أوربانا شامبين.
القشرة
تنقسم القشرة إلى قشرة محيطية وقشرة قارية. ويبلغ سمك القشرة المحيطية من 5 إلى 10 كم (3 إلى 6 أميال) وتقع تحت المحيطات، بينما يصل سُمك القشرة القارية إلى 80 كم (50 ميلا)، وفقا لمشروع سيسمين في جامعة كوليدج لندن.
وتتكون القشرة المحيطية في الغالب من صخور البازلت، وهي أكثر كثافة من القشرة القارية، والتي تتكون إلى حد كبير من الغرانيت. لذلك عندما تصطدم صفيحة محيطية بصفيحة قارية، تنتقل القشرة المحيطية الأكثر كثافة تحت القشرة القارية، وفقا لموقع “سبيس”. وتستغرق هذه العملية وقتا طويلا ولكنها في النهاية ترسل القشرة المحيطية إلى الوشاح بمعدل 2 إلى 8 سنتيمترات سنويا، وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.
الوشاح
قالت سونيونغ بارك، الأستاذة المساعدة التي تدرس البنية الداخلية للأرض في جامعة شيكاغو، لموقع “لايف ساينس”: إن الوشاح ليس سائلا، لكنه أقل صلابة من القشرة المحيطية الغارقة. وأضافت: “في المقياس الزمني الجيولوجي، يبدو وكأنه سائل تقريبا، على الرغم من أنه صخرة صلبة”.
وأشارت بارك إلى أن الوشاح يتكون من معادن مختلفة، ولكن من المحتمل أن يكون البريدجمانيت هو الأكثر وفرة.
ويمتد هذا الجزء من الأرض إلى عمق نحو 2900 كيلومتر (1800 ميل)، وفقا لمشروع سيسمين، ويوجد وشاح علوي ووشاح سفلي.
وترتفع درجة الحرارة الداخلية للأرض بين حدود الوشاح العلوي وأسفل الوشاح السفلي، وتتراوح ما بين 1000 إلى 3700 درجة مئوية (1800 إلى 6700 درجة فهرنهايت)، بحسب موقع “سبيس”.
النواة
يمثل بحر يبلغ سمكه 2300 كم (1400 ميل) من الحديد المنصهر والنيكل بداية قلب الأرض. يحيط هذا البحر السائل، المعروف باسم النواة الخارجية، بكرة حديدية صلبة في الغالب – يبلغ عرضها نحو 2440 كم (1520 ميلا) – تسمى النواة الداخلية. وتدور النواة الخارجية للحديد السائل حول النواة الداخلية، ما يعطي الأرض مجالها المغناطيسي.
وتشكل كوكبنا منذ نحو 4.6 مليار سنة، ومع تبريده، هاجرت العناصر الأثقل مثل الحديد والنيكل إلى الداخل لتكوين النواة.
وقالت بارك إن باطن الأرض ما يزال يبرد، وبينما يحدث ذلك، تستمر النواة الداخلية في التشكل.
ووفقا لبارك: “تماما كما يتحول الماء إلى جليد، فإن الحديد يصبح متصلبا ويتحول إلى نواة داخلية، وبالتالي فإن النواة الداخلية تنمو فعليا”. وأضافت أنها تنمو بشكل أبطأ من ظفر الإنسان.
وتبلغ درجة حرارة النواة الداخلية نحو 5200 درجة مئوية (9400 فهرنهايت)، بما يعادل درجة حرارة سطح الشمس تقريبا، لكن الضغط الهائل يبقيها صلبة في الغالب. ويوجد داخل النواة الداخلية النواة الأعمق، وهي عبارة عن كرة معدنية صلبة يبلغ عرضها 725 كم (450 ميلا).
محيط عملاق في باطن الأرض يحمي الحياة على سطحها
تغطي البحار والمحيطات نحو 70 بالمائة من سطح كوكبنا الأزرق، لكن هذا لا يشكل إلا جزءا من كمية المياه في كوكبنا، كما أكتشف العلماء مؤخراً. فقد توصل باحثون إلى أن الأرض تحتوي على محيط ضخم تحت سطحها، وهو من الأهمية بمكان بحيث لا يمكن تخيل الحياة على سطح الأرض من دونه. فمياه هذا المحيط في جوف الأرض لها أهمية كبيرة في تحريك الصفائح التكتونية ونشوء البراكين وتوليد التربة.
وفي هذا السياق تنقل صحيفة “الديلي ميل” البريطانية عن مايناك موخيرجي من جامعة فلوريدا الأمريكية قوله: “للأنشطة البركانية دور مهم في نشوء القشرة الأرضية، التي نعيش عليها”. وركز موخيرجي مع فريقه البحثي على دراسة العمق الذي يمكن أن يوجد الماء في الوشاح الأرضي، وهي طبقة أرضية تحتية يبلغ سمكها نحو 4000 كيلومتر، وتوصلوا إلى نتائج مذهلة. إذ يجري الماء إلى عمق 600 كلم بفعل ضغط معدن البروسيت.
ماذا يكمن في أعماق مركز الكرة الأرضية ؟
كشف فريق من العلماء عن الوصول إلى رؤية جديدة حول ما يكمن في أعماق مركز الكرة الأرضية.
وأشار فريق من العلماء من الصين والولايات المتحدة إلى أن النواة العميقة لكوكب الأرض تحتوي على منطقة مستقلة أخرى في المركز.
ويعتقد الفريق أن بنية بلورات الحديد في هذه المنطقة تختلف عن تلك التي وجدت في القشرة الخارجية للنواة الداخلية للأرض.
ونشرت هذه الاكتشافات في دورية ناتشر جيوساينس.
لكن مع عدم القدرة على استكشاف ما يوجد في باطن الأرض، فإن هذا الأمر يكتنفه نوعا من الغموض.
وبدلا من ذلك، استخدم العلماء صدى صوت ينتج عن الزلازل لدراسة نواة الأرض، من خلال تحليل التغييرات التي تطرأ على موجات صدى الصوت أثناء مرورها على الطبقات المختلفة في باطن الأرض.
وقال البروفيسور شياودونغ سونغ، من جامعة الينواس في أوربان-شامباني :”الموجات ارتدت ذهابا وإيابا من أحد جوانب الأرض إلى الجانب الآخر.”
وأكد سونغ وزملاؤه من الصين على أن هذه البيانات تشير إلى أن النواة الداخلية للأرض، المنطقة الصلبة التي تماثل حجم القمر تقريبا، مكونة من جزأين.
وكشفت الموجات الزلزالية عن أن البلورات في “قلب النواة الداخلية” تتخذ وضعا في اتجاه من الشرق إلى الغرب وتنقلب على جانبها، إذا كنت تنظر لكوكب الأرض من الأعلى فوق القطب الشمالي.
أما تلك الموجودة في “القشرة الخارجية في النواة الداخلية” فإنها تتخذ وضع محاذاة من الشمال إلى الجنوب، لذلك فهي تكون في وضع عمودي إذا نظرت من الأعلى إلى السفل.
ويوضح البروفيسور سونغ، أنهم اكتشفوا تكوينات مختلفة في مناطق مختلفة من النواة الداخلي، ويقول :”يمكنها أن تخبرنا شيئا عن التاريخ الطويل للكرة الأرضية.”
وتوجد النواة على عمق خمسة آلاف كيلومتر، وبدأت تأخذ الوضع الصلب منذ حوالي مليار عام، ومازالت تنمو حتى الآن بمعدل 0.5 ملليمتر سنويا.
ويؤكد اكتشاف أن البلورات في باطن الأرض تتكون من أجزاء مختلفة، حقيقة أن الأرض نشأت في ظروف مختلفة عن بعضها البعض، وأنها تعرضت لتغيرات جذرية خلال هذه الفترة.
وتعليقا على هذه النتائج قال البروفيسور سيمون ريدفيرن، من جامعة كامبريدج :” التحقيق في عمق النواة الداخلية الصلبة يشبه تتبع ما حدث لها في الماضي، والعودة إلى بدايات تشكيلها.”
وأضاف :”لاحظ الناس من قبل اختلافا في طريق مرور الموجات الزلزالية التي مرت عبر الجزء الخارجي من النواة، لكنهم لم يشيروا من قبل إلى أن تكوين بلورات الحديد المكونة للجزء الداخلي من النواة تختلف عن تلك الموجودة في الجزء الخارجي.”
وأوضح أنه إذا كان هذا صحيحا، فإنه يعني أن شيئا كبيرا جدا حدث وأدى لقلب اتجاه النواة وحول محاذاة البلورات في النواة الداخلية بين الشمال والجنوب كما ينظر اليوم في الجزء الخارجي.
وأضاف “تشير دراسات أخرى إلى أن المجال المغناطيسي للأرض شهد تغييرا قبل نحو نصف قبل مليار سنة، والتحول بين المحاور الاستوائية والمحور القطبي.”
ويمكن أن تفسر المحاذاة الغريبة التي رأها البروفيسور سونغ في القلب الأعمق للنواة البصمات المغناطيسية الغريبة من الصخور القديمة التي قد تكون موجودة بالقرب من خط الاستواء قبل نصف مليار سنة.
ولفت ريدفيرن إلى أن النموذج المقترح في هذه الورقة يحتاج اختبارا في مقابل وسائل أخرى لتحليل الخصائص الزلزالية الأساسية الأعمق لباطن الأرض، خاصة أنه لم يتوصل أي بحث آخر إلى أدلة حول نفس النتائج الموجودة في الدراسة الحالية.
رصد ظاهرة تحدث كل بضعة عقود فى باطن الأرض
رجح علماء أن يكون باطن الأرض حاليا يغير اتجاه دورانه مقارنة بسطحها، وذلك وفقا لدراسة نشرتها مجلة “نيتشر جيوساينس” العلمية،
وحسب الدراسة التي سلطت عليها الضوء صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، فإن لب الأرض الداخلي يغير اتجاه دورانه ربما مرة كل بضعة عقود، و”في الوقت الحالي قد يكون أحد هذه التغيرات قيد التنفيذ”.
وبشكل أبسط، فإن الدراسة تشير إلى أن حركة قشرة الأرض الآن ربما تكون في الاتجاه المعاكس لحركة باطنها.
وربما يثير هذا الطرح القلق من آثار قد تكون مدمرة على سطح الأرض، لكن الدراسة تؤكد أن “لا داعي للقلق، فلن ينتج عن هذا أي شيء مخيف”، مشيرة إلى أن “هذه الظاهرة ربما تحدث منذ أزمان سحيقة”.
لكن الباحثين يسعون من خلال دراستهم إلى تعزيز فهم أعماق الأرض وعلاقته بسطحها الخارجي، وسط تكهنات بشأن تأثير تغير اتجاه دوران سطح وباطن الأرض على طول الأيام في كوكبنا.
تعليقات عالم الزلازل في جامعة بكين الصينية مؤلف الدراسة شياودونج سونج:
• لب الأرض الداخلي يشبه كوكبا داخل كوكب، لذا من الواضح أن طريقة تحركه مهمة للغاية.
• نرى دليلا قويا على أن اللب الداخلي كان يدور أسرع من السطح ، لكن بحلول عام 2009 تقريبا توقف.
• اللب الداخلي الآن يتحرك تدريجيا في الاتجاه المعاكس بالنسبة لسطح الأرض.