يولي الكثير من الناس حول العالم، أولوية قصوى لهواتفهم النقالة الذكية، التي تمكنهم من الاطلاع على كل ما يجري في العالم ورغم أهمية الدور الذي باتت تتمتع فيه الهواتف الذكية في حياة البشر
حيث بات الهاتف الذكي يعتبر جهاز العصر، إلا أن تزايد الاعتماد عليها يؤدي في بعض الأحيان، إلى نشوء ارتباط غير صحي بها، ففي حين تجمع “العلاقة الطبيعية” الكثير من البشر بهواتفهم، إلا أن هذا الوضع لا ينطبق على الجميع، حيث هناك فئة من الأشخاص ترتفع لديهم نسبة القلق إلى مستويات غير طبيعية، في حال عدم وجود هاتفهم بقربهم، وهو ما يُعرف برهاب النوموفوبيا.
وبحسب بحث نُشر مؤخراً في مجلة BMC للطب النفسي، فإن المصابين بـ “النوموفوبيا”، هم أولئك الذين يظهرون إدماناً على هواتفهم المحمولة، حيث يمكن لأي فئة عمرية أن تصاب بهذا الرهاب ولكن المراهقين هم الأكثر تأثراً بها.
وتقول الأخصائية في علم النفس العيادي دارين عماش، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن ظاهرة “النوموفوبيا” برزت في عصرنا الحالي الرقمي، حيث تُعد كلمة nomophobia أو “نوموفوبيا” اختصاراً لعبارة no mobile phone phobia، التي تعني “فوبيا عدم وجود الهاتف المحمول”، مشيرة إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الكثير من الناس يعانون من رهاب النوموفوبيا، ينبع من اعتمادهم المفرط على هواتفهم للقيام بجميع الأمور المرتبطة بحياتهم اليومية.
وبحسب عماش فإن هناك عوامل قد تلعب دوراً في تحفيز فرص تطور الإصابة برهاب النموموفوبيا، مثل قلة العلاقات الشخصية، عدم تقدير الذات، المعاناة الدائمة من القلق، المعاناة من اضطرابات عاطفية، كاشفة أن أعراض هذا الرهاب تشمل:
الاستخدام المفرط للهاتف المحمول حتى أثناء العمل، أو المناسبات الاجتماعية، أو أثناء القيادة.
القلق والذعر، حيث يمكن أن يؤدي انفصال الشخص عن هاتفه إلى زيادة مستويات القلق، لدرجة الإصابة بنوبات هلع، أو إلى شعور مكثف بالضيق.
التحقق المستمر: يقوم الأفراد “النوموفوبيون” بفحص هواتفهم بشكل متكرر، حتى عندما لا تكون هناك إشعارات أو أسباب تتطلب ذلك.
الغضب الفوري: إذ يصيب الغضب الأفراد فور عدم قدرتهم على الوصول إلى هواتفهم.
الأولوية للهاتف: قد يبدأ بعض الأفراد في تجنب الأماكن أو اللقاءات، التي لا يمكنهم خلالها استخدام هواتفهم بشكل مريح فيها.
أعراض جسدية: يمكن أن تتجلى أعراض القلق الجسدية، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب، والتعرق، والرجفة، عندما يكون الأفراد بلا هواتفهم.
الأطفال دفعوا ثمن آثار الأجهزة الذكية
يحذر العلماء بشكل متواصل من بقاء الأطفال لساعات طويلة أمام شاشات الأجهزة الذكية، لما لذلك من آثار سيئة على صحتهم النفسية والعقلية.
وكشفت دراسة حديثة أن وقت استخدام الأجهزة الذكية في بريطانيا، قد ارتفع منذ ظهور فيروس كورونا، مما أدى بالنتيجة إلى الاعتماد على الوجبات السريعة بشكل أكبر، وارتفاع نسب الاكتئاب والتوتر.
وشهد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 أعوام، زيادة بحوالي ساعة و23 دقيقة يوميا، بينما وقت مشاهدة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 17 عاما ارتفع بمقدار 55 دقيقة.
وقالت الباحثة شاهينا باردان، من جامعة أنجليا روسكين: “إن الأطفال الذين يقضون معظم وقتهم أمام الشاشات هم أكثر عرضة لتناول الطعام بشكل سيء، والمعاناة من مشاكل في العين، والإصابة بالقلق والعدوانية ونوبات الغضب.
أما بالنسبة للبالغين، فإن قضاء الكثير من الوقت على الأريكة يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب والوحدة والتعب وزيادة الوزن.
وينصح الباحثون دائماً، بمحاولة إيجاد أنشطة أخرى، تجعلك قادر على الابتعاد قدر الإمكان عن شاشات الأجهزة الذكية، كالمطالعة وممارسة الرياضة، بشكل يتيح لك التنعم بحياة صحية أفضل.
يؤثر على تركيزهم.. دراسة تحذر من إدمان “غريب” بين المراهقين
إحصائيات مثيرة للقلق تكشف عنها دراسة جديدة، بشأن إدمان جيل ما بعد الألفية على الفيديوهات القصيرة أو ما تسمى بـ”الريلز”، فيما يعيش الأهالي في حيرة من أمرهم بشأن التعاطي مع هذا الأمر.
إدمان الهواتف والشاشات اللوحية أصبح طبيعيا عند الكبار قبل الصغار، بالأخص في زمن تكنولوجي سريع وزيادة الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وربما هذا ما يبرر إدمان شباب “الجيل زد” أو جيل ما بعد الألفية، على فيديوهات “ريلز” على منصات التواصل الاجتماعي.
ما الجديد في هذه الدراسة ؟
الصادم في نتائج الدراسة الأميركية الجديدة، هو أنها كشفت عن إحصائيات مثيرة للقلق فيما يتعلق بإدمان المراهقين لفيديوهات الريلز. وشملت النتائج:
إدمان 60 في المائة من الشباب على ريل منصات التواصل لمدة 3 ساعات متواصلة في اليوم، مما يشعرهم بعد ذلك بالحزن والذنب، والإحساس بأن وقتهم ضاع.
جميع منصات وسائل التواصل الاجتماعي، مصممة لإبقاء المستخدمين على اتصال، وذلك لأنها تتضمن ميزات تجذب المشاهد، مثل التمرير اللانهائي والتشغيل التلقائي والمحتوى المخصص والموجه حسب الاهتمام والفئة العمرية.
هذه الاستراتيجية تعمل بنجاح كبير مع الأجيال التي تتراوح أعمارها ما بين 8 سنوات و23 عاما.
إدمان مقاطع الريلز يؤثر على تركيز الطلاب، ومدى انتباههم وتركيزهم بشكل عام.
65 في المائة من الطلاب شعروا أيضا بالذنب بعد فترات طويلة من مشاهدة الفيديو، خاصة وقت الامتحانات.
ما أسباب “إدمان الريلز”؟
الخبراء توصلوا إلى أنه قد يكون سبب إدمان الشباب على هذه الفيديوهات، هو الهروب من مشكلات العالم الحقيقي.
لكن أطباء نفسيين أكدوا أن ذلك يؤدي لمشاكل نفسية وعقلية خطرة، تشمل جودة النوم السيئة بسبب التعرض لانبعاثات الضوء الأزرق، وانخفاض مدى الانتباه، وصعوبة الحفاظ على التركيز على المحتوى الأطول..
ماذا تقول استشارية نفسية؟
الاستشارية النفسية والتربوية، نهاية الريماوي، علقت على الدراسة ، قائلة :
“هذه الفيديوهات القصيرة تعمل على تدفق هرمون الدوبامين وبالتالي تمنح شعورا بالسعادة المؤقتة، والتي يسعى إليها الشخص، كما هو الحال لدى المدمن”.
“بعد مشاهدة هذه الفيديوهات يعود الطفل إلى الواقع، وهنا تحدث فجوة في الدماغ، لأن هرمون الدوبامين المسؤول عن الشعور بالسعادة توقف عن التدفق، ويحل محله القلق والتوتر والغضب”.
“الشعور بالذنب أيضا يطغى بشكل كبير على هؤلاء المراهقين، خاصة عندما يستغلون الوقت الذي كان مخصصا للدراسة، في مشاهدة الريلز، ولا يمكنوا من إنجاز ما هو مطلوب منهم”.
العلاقات الزوجية بخطر.. السبب يكمن في الهواتف المحمولة
أكد خبراء تابعون لمعهد دراسات الأسرة في الولايات المتحدة على وجود علاقة بين زيادة استخدام الهواتف الذكية وتفاقم المشكلات الزوجية، فالانشغال بالهواتف الذكية واستخدام منصات التواصل الاجتماعي بشكل مفرط يمكن أن تؤدي إلى تحول الانتباه بعيدا عن شريك الحياة، وتقلل فرص التواصل والتفاعل مما يؤدي إلى تدهور العلاقة.
ووفقا للدراسة فإن حوالي 15 بالمئة من أولياء أمور المراهقين، يستخدمون هواتفهم أو أجهزة التواصل الرقمية الأخرى بشكل مستمر تقريبا أثناء المحادثات أو الجلوس لتناول وجبات الطعام أو حتى في الفعاليات العائلية.
وأضاف الخبراء أن عملية التصفح المستمرة على الهواتف تتسبب في عدم التركيز على مشاعر الطرف الآخر أو احتياجاته العاطفية، مما يؤدي حدوث مشكلات كبيرة على أمور بسيطة.
وأكد الخبراء أنه يجب على الأزواج أن يتحدثوا معا بصراحة حول استخدام الهواتف وضرورة تخصيص وقت خاص للتفاعل الواقعي والاستمتاع بوقت جيد معا بعيدا عن التشتت التكنولوجي، من خلال تحقيق التوازن في استخدام الهواتف والتركيز على التواصل الحقيقي.
وفي حديثها حول الموضوع، لبرنامج الصباح على سكاي نيوز عربية، تقول الاستشارية النفسية والاجتماعية كارين إيليا:
• أصبحت الهواتف الذكية تأخذ مساحة كبيرة من حياتنا على حساب العائلة والأولاد.
• خطر الهواتف لا يزال يتغلغل في الأوساط العائلية مما ينتج عنه نتائج سلبية تمتد على المدى الطويل.
• ليست الهواتف الذكية السبب الوحيد بحسب ما أثبتته نتائج الاختبارات والمشاهدات العيادية في الانفصال الثنائي أو الطلاق.
• تتعدد العوامل التي تؤدي إلى الانفصال.
تعرض العائلات محدودة الدخل إلى تحديات اجتماعية واقتصادية ومالية وبالتالي ظهور مشاكل نفسية.
• الحالة النفسية المتدهورة مع إدمان الهواتف الذكية يزيد في تدهور العلاقات الأسرية.
• تجاهل الشريك أثناء إدمانه للهاتف الذكي ملاحظات الطرف الآخر والتجمعات العائلية من شأنه أن يسهم في التفكك العائلي.
• تعطل المحادثة بين الزوجين، بسبب الهواتف الذكية وزيادة المسافة الفاصلة بين الزوجين.
كيف يمكن تدارك الأمر قبل انهيار العلاقات الأسرية؟
• الإرادة هي مفتاح النجاح في إنقاذ الحياة الزوجية والأسرية.
• الاتفاق بين الطرفين على تحديد أوقات معينة لاستعمال الهواتف الذكية.
• إيجاد حلول بسيطة وسلسة لتذكير الطرف الآخر بأهمية العلاقات الأسرية.
• محاولة أحد الطرفين إخراج الطرف الآخر من حالة الإدمان على الهواتف الذكية وإعادة دمجه داخل إطار العائلة.