بعد مشكلة فنية في طائرتها الحكومية أذ اضطرت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بربوك، للبقاء بعض الوقت في العاصمة الإماراتية أبوظبي، اليوم الاثنين، والمشكلة الفنية هي الأحدث في سلسلة متوالية من الحوادث، أجبرتها على العودة إلى المطار بدلاً من الاستمرار في رحلتها إلى أستراليا.

وكان من المقرر أن تصل وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك إلى كانبيرا مساء الإثنين في مستهل زيارة إلى أستراليا ونيوزيلندا وفيجي.

غير أن طائرتها وهي من طراز “إيرباص أيه 340” اضطرت للعودة إلى أبو ظبي بعد توقف للتزود بالوقود بسبب “مشكلة ميكانيكية في قلابات الهبوط”، حسبما أفاد المتحدث باسم الوزارة سيباستيان فيشر على موقع إكس، المعروف سابقًا باسم تويتر.

وأفادت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) بأن الطيار لاحظ المشكلة بعد دقائق من إقلاع الطائرة من أبوظبي، وهبطت الطائرة مرة أخرى بسلام في غضون ساعتين بعد تفريغ حوالي 80 طناً من الوقود.

نشرت القوات الجوية الألمانية على موقع إكس أنها “تعمل تحت ضغط مرتفع” لتمكين الوفد من مواصلة رحلته، بحسب ما نقلت وكالة الأسوشيتد برس.

يشار إلى أن هذه هي الأحدث في سلسلة من المشكلات التي تعرضت لها طائرات الحكومة الألمانية، وبعضها متقادم، والتي أثرت على العديد من كبار المسؤولين.

في مايو الماضي، اضطرت بربوك إلى تمديد رحلة إلى منطقة الخليج العربي يومًا واحدًا بسبب تلف إطار طائرة عندما كانت في قطر.

ما بعد ميركل.. كيف ستدير ألمانيا الملفات الشائكة ؟

بملفات اللاجئين والعلاقات مع واشنطن ومكافحة الإرهاب، تتحدد رؤية التحالف الجديد الحاكم في ألمانيا، الذي يقوده الحزب الاشتراكي الديمقراطي الفائز في الانتخابات البرلمانية، وهي من أضخم محتويات التركة الثقيلة التي خلَّفتها المستشارة أنغيلا ميركل.

وظهر 3 منافسين لخلافة ميركل، وهم أولاف شولتز من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وأرمين لاشيت من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وهما المرشحان الأوفر حظا، إضافة إلى المرشح بربوك من حزب الخضر.

وأوضحت النتائج فوز الحزب الاشتراكي الديمقراطي بـ 25.7 بالمئة من الأصوات، وحصول التحالف المسيحي على 24.1 بالمئة، بينما جاء حزب الخضر الثالث بنسبة 14.8بالمئة، والحزب الديمقراطي بنسبة 11.5 بالمئة.

ملف اللاجئين

مثلت قضية اللاجئين تحديا كبيرا أمام ميركل، بعد أن اتبعت سياسة “الباب المفتوح” مع اللاجئين، وخاصة السوريين، منذ 2015 رغم الانتقادات لموقفها، وأصبحت ألمانيا من أكبر الدول استضافة للاجئين بنحو 1.7 مليون شخص.

ومع تفاقم أزمة أفغانستان، زادت مخاوف الألمان من موجة لجوء جديدة تهدد بلادهم؛ مما دفع ميركل إلى الدعوة لإبقاء اللاجئين في دول جوار أفغانستان، على أن تقدم لهم برلين المساعدات.

ويتوقع محمد رجائي بركات، خبير الشؤون الأوروبية، أن سياسة ألمانيا نحو اللاجئين وخاصة السوريين لن تتغير بفوز مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي أو مرشح حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، كما أن حزب الخضر ممن يدعم اللاجئين.

وبحسب بركات فأشد الأحزاب الرافضة للاجئين هي التي توصف باليمين المتطرف، وطالبت بوقف استقبالهم، ولم تحرز تقدما في الانتخابات.

ويبرر ذلك في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” بأن ألمانيا بحاجة إلى أيدي عاملة أجنبية بناء على تصريحات رجال أعمال ومسؤولين ألمان، فقدوم السوريين إلى ألمانيا سهل الحصول على الأيدي العاملة.

وعرف عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي تضامنه مع اللاجئين، حيث شمل برنامجه الانتخابي تطوير للنظام الأوروبي للتعامل معهم بشكل إنساني، وضم بين مرشحيه مهاجرين.

أميركا والناتو

وشهدت الأسابيع الأخيرة توترا بين الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا، عقب قرار الانسحاب الأميركي من أفغانستان، الذي جدد دعوة داخل الاتحاد الأوروبي بتأسيس جيش أوروبي موازي بحثا عن استقلالية أوروبية عن أميركا.

وزاد التأزم بعد إلغاء أستراليا صفقة الغواصات مع فرنسا، وتفضيلها توقيع صفقة غواصات مع أميركا وبريطانيا.

وفي هذا السياق، يوضح بركات أن الفترة الأخيرة رفعت الحكومتان الفرنسية والألمانية شعار “الاعتماد على النفس” وتشكيل قوة عسكرية للتدخل السريع تابعة للاتحاد، وهو الأمر الذي أغضب الرئيس الأميركي جو بايدن.

غير أن المحلل السياسي رجَّح أن تتراجع برلين عن فكرة الجيش الأوروبي بعد حدوث انفراجة مؤخرا بين الدول الأوروبية أعضاء حلف الناتو مع واشنطن لتعزيز التعاون داخل الحلف.

وانطلق الاجتماع الأول لمجلس التجارة والتكنولوجيا المشترك بين الاتحاد الأوروبي وأميركا، الأربعاء، لتعزيز النفوذ العالمي في مواجهة التهديدات الصينية.

مكافحة الإرهاب

وتتفق سياسة برلين مع باقي دول الاتحاد الأوروبي بشأن محاربة المتطرفين. ومؤخرا أصدرت قوانين وتشريعات لمكافحة الأموال الممولة للإرهاب ومراقبة المؤسسات الدينية والخيرية.

وتوافقت القوانين الألمانية مع بعض دول أوروبا حول إلغاء جنسية مواطنيهم الحاملين لجنسية أخرى إن اشتركوا في الإرهاب؛ ولذا يؤكد بركات أن التنسيق بشأن ملف الإرهاب سيظل مستمرا بين ألمانيا والاتحاد في ظل الحكومة الجديدة.

وزيرة خارجية ألمانيا فى “مرمى” سخرية الروس

خطأ حسابي، ارتكبته وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، وذلك على خلفية حديثها عن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وضعها فى مرمى “سخرية قطاع كبير من المسؤولين الروس، حيث أكدت أنه ينبغي أن يتغير “360 درجة”، حتى يتخلى عن سياسته تجاه أوكرانيا.

التصريح، الذى أدلت به بيربوك خلال حلقة نقاشية في مؤتمر ميونخ للأمن حضرها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ووزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، أثار سخرية قطاع كبير من المتابعين، حيث أن الدوران “360 درجة” لا يعني التغيير وإنما العودة إلى نفس النقطة مجددا.

خطأ وزيرة الخارجية الألمانية، ربما كان فرصة استلهمتها المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، والتي علقت عليه ساخرة بقولها إنه ينبغى أن تتعلم “موضوع دراسى” واحد حتى تكون هناك طريقة لضمان أمن ألمانيا على المدى الطويل.

ومن جانبه، كما علق دميتري مدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، على تصريحات بيربوك قائلا: “من الممتع أن يحكم أوروبا مثل هؤلاء الجهلة”.

وأضاف على حسابة بـ”تويتر”: “من المضحك للغاية أن يدير هؤلاء الجهلة أوروبا، قالت أنالينا بيربوك إنها ستكون سعيدة إذا غيرت موسكو موقفها بمقدار 360 درجة”.

وتابع: “هذا يعني ترك موقف موسكو كما هو.. لا تتردي أيتها الخبيرة الهندسية، هذا ما سيكون وسنتمسك بموقفنا”.

أول وأصغر وزيرة خارجية في تاريخ ألمانيا؟ 

أصبحت آنالينا بيربوك، التي تتشارك رئاسة حزب الخضر مع روبرت هابيك، أول امرأة تتولى منصب وزيرة الخارجية في تاريخ ألمانيا.

وستتولى بيربوك، الناشطة البيئية الأربعينية التي رشّحها حزب الخضر في الانتخابات التشريعية الأخيرة لمنصب المستشارة لكنّها فشلت في تحقيق هذا الهدف، مهامها مطلع ديسمبر/كانون الأول.

 أول وأصغر وزيرة خارجية في تاريخ ألمانيا؟
أول وأصغر وزيرة خارجية في تاريخ ألمانيا؟

وتشكل ائتلاف حكومي الأربعاء بين الإشتراكيين الديموقراطيين والليبراليين، والذي سيدشّن عهد ما بعد أنغيلا ميركل.

أما الرئيس المشارك الآخر للحزب فسيكون من جهته على رأس وزارة تجمع بين المناخ والاقتصاد.

كما ستصبح بيربوك، أصغر شخص يتولى هذه الحقيبة في تاريخ البلاد.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة

من هي بيربوك؟

توصف الأم لطفلين، المتزوجة من المستشار السياسي دانيال هوليفليش، بأنها سريعة الحركة ومتشددة، إضافة إلى اهتمامها الدقيق بتفاصيل السياسة.

نشأت بيربوك في مزرعة بالقرب من مدينة هانوفر الشمالية، وقد تعرفت مبكرا على السياسة عندما اصطحبها والداها إلى مظاهرات مناهضة للأسلحة النووية في الثمانينيات.

وعندما كانت في سن المراهقة، شاركت في مسابقات الترامبولين، وفازت بثلاث ميداليات برونزية في البطولات الألمانية. لقد علمتها الرياضة أن تكون “شجاعة”، على حد قولها.

درست بيربوك العلوم السياسية والقانون العام في هانوفر، قبل الحصول على درجة الماجستير في القانون الدولي العام من كلية لندن للاقتصاد.

بعد أن جربت العمل في الصحافة، انضمت إلى حزب الخضر في عام 2005 وترقت لتصبح رئيسة فرع براندنبورغ للحزب في عام 2009.

وينسب الفضل لبيربوك وروبرت هابيك، بصفتهما زعيما الخضر منذ عام 2018، في إكمال تحول الحزب إلى قوة رئيسية لا يستهان بها.

“أكثر حزما”
وعدت بيربوك، خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بتنشيط الدبلوماسية الألمانية، ولا سيّما من خلال تبنّي لهجة أكثر حزما تجاه كلّ من روسيا والصين.

وبيربوك معارضة شرسة لخط أنابيب الغاز “نوردستريم 2” الذي سيسمح بمضاعفة إمدادات الغاز الروسي لألمانيا، من دون المرور عبر أوكرانيا التي كانت حتى الآن دولة الترانزيت التقليدية لهذه المادّة الحيوية.

واتهمت بيربوك موسكو مؤخرا برفع أسعار الطاقة في أوروبا، من خلال وقف إمدادات الغاز حتى يتم اعتماد خط الأنابيب بالكامل، وقالت إن ألمانيا لا يمكنها السماح “بالابتزاز”.

وكذلك دعت بيربوك إلى “الحوار والصلابة” وحث الاتحاد الأوروبي على “عدم السذاجة” في تعامله مع العملاق الآسيوي.

ويتعيّن على الحكومة الألمانية المقبلة أن تعتمد “مقاربة أخرى تجاه الأنظمة الاستبدادية”، إذ إنّ بيربوك تعتبر هذا الأمر “مسألة أساسية” لضمان “سلامتنا وقيمنا”.

ما هي الانتقادات لبيربوك؟

يرى المنتقدون أن بيربوك لم تشغل قط دورا حكوميا، وكانت سياسية غير معروفة نسبيا حتى بالنسبة للعديد من الألمان منذ وقت ليس ببعيد.

وتم الكشف عن قلة خبرة بيربوك في الحملة الانتخابية، عندما واجهت تدقيقا بشأن إعلان المكافأة المتأخر، وعدم الدقة في سيرتها الذاتية، ومزاعم السرقة الفكرية في كتابها الجديد.

في مرحلة ما، بعد إلقاء كلمة أمام الجمهور، تم التقاط صوتها على الميكروفون وهي تنطق بكلمة بذيئة أثناء مغادرتها المسرح.

لكن بيربوك اعترفت بارتكاب أخطاء خلال مسيرتها، ثم سحبت كتابها من السوق لاحقا.

ورد حزب الخضر على الهجمات المتحيزة جنسيا وحملات الكراهية عبر الإنترنت، التي قالوا إنه لم يواجهها أي مرشح آخر خلال السباق.

ونجحت بيربوك في التغلب على العاصفة، بعد أن رفض هابيك الدعوات لاستبدالها كمرشح للمستشار.

وستكون بيربوك ثاني من يتولى حقيبة الخارجية في ألمانيا من حزب الخضر، على خطى يوشكا فيشر المخضرم في الحزب الذي خدم في عهد غيرهارد شرودر من 1998 إلى 2005.