“لم أكن أتصور أن نشر مجموعة من الصور على الانستغرام ستجعلني عارضا عالميا للأزياء”. هكذا أوضح آدم مولود (30 سنة) لمنصات التواصل ألإجتماعي و سبب ولوجه لهذا المجال الذي دخله “صدفة” أثناء دراسته في جمهورية مصر العربية.
درس آدم مولود مرحلة التعليم العالي، في كلية (ASTMT) العلوم والتكنولوجيا في (AAST) الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري في فرع الإسكندرية بمصر، حيث حصل على “الباكالوريس”، ولم يكن مهتما بمواقع التواصل الاجتماعي في البداية، قبل اكتشافه للانستغرام عام 2014، نظرا لشغفه بالصور والموضة منذ الصغر.
وخلال تلك الفترة، نشر مجموعة من الصور بعد جلسة تصوير، لم يكن يدري أنها ستفتح له أبواب العالمية في مجال الموضة.
ويقول آدام في حديث خاص : “حين نشرت مجموعة الصور على الانستغرام، وصلتني رسالة خاصة من إحدى مؤسسات (model agency)، طلبت خلالها لقائي.
وبعد اللقاء، أخبروني أن ملامح وجهي وجسمي الرياضي، مناسبان لأكون أحد عارضي الأزياء لديهم، ومن هناك بدأت رحلتي في هذا المجال.”
بداية صعبة وسرية
لم يأخذ آدم مجال عرض الأزياء في البداية على محمل الجد، بسبب تخصصه “الهندسة” الذي كان يتطلب جهدا كبيرا، كما أن اقتصار العروض وجلسات التصوير على العاصمة القاهرة، جعل التفرغ للموضة صعبا على من يقيم “في الإسكندرية” كما يقول.
ولم تكن فكرة عارض أزياء عالمي تخطر بباله، لذلك كان يوافق على العروض عندما يحتاج مالا.
وبعد مشاركته لبعض جلسات التصوير على “الانستغرام”، انهال عليه آلاف المتابعين على مستوى المصريين، والبلدان الخليجيلة،
ويشير آدم في حديثه، إلى أنه أصيب “بالدهشة”، خاصة بعد وصول متابعيه، إلى أكثر من 100 ألف متابع خلال فترة وجيزة.
ويتابع آدم حاليا، أكثر من مليون شخص، كأكثر حساب موريتاني متابعة في هذا التطبيق التابع لشركة ميتا.
ولأن آدم يحمل الجنسية الموريتانية، كان يعي ردة فعل مواطنيه ونظرتهم لمجال الموضة، فلجأ إلى حظرهم حتى لا يكتشفوا هذا الأمر الذي أخفاه عن عائلته في البداية.
قفزة غير متوقعة
وفي عام 2015، اختير آدام من بين عارضي الأزياء في شركة Modelmanagement الأميركية للمشاركة في مسابقة سنوية تستضيفها المؤسسة لاختيار أجمل 20 وجه جديد من جميع أنحاء العالم، عبر تصويت الجمهور.
ورغم حصوله على المركز الـ21 في هذا المسابقة، تفاجأ الموريتانيون بوصول آدام إلى هذه المرحلة “على حين غفلة”، ليستسلم ولد مولود بذلك لأمر الواقع، ويعلن للجميع، أنه أول “عارض أزياء موريتاني.”
دعم عائلي
ولأن مجال الموضة غريب على الموريتانيين، لم يسلم آدم من تعليقات سلبية لبعض المتابعين، وإن كانت نسبية مقارنة مع التعليقات الإيجابية.
ورغم توقعه لذلك، اختار آدم مولود التركيز على التعليقات الإجابية. ويقول آدم لموقع سكاي نيوز: “التركيز على الجوانب الإيجابية، يساهم في رفع معنوياتك وجعلك قادرًا على التحلي بالإبداع والازدهار، والتعامل مع التعليقات السلبية هو جزء طبيعي من هذا النجاح.”
وحظي آدم بدعم عائلته التي دعمت قراره “في تحديد مسار حياته المهني”، ليتوكأ بذلك على المواصلة في هذا المجال، الذي اكتشف أهميته مع مرور الوقت، وحقق له أرباحا كبيرة، بالإضافة إلى المجالات التي يفتحها له، خاصة أن لديه متابعين من جنسيات مختلفة.
وفي عام 2017، قرر آدم أن يتفرغ لهذا المجال، مستغلا شهرته على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأ التركيز على إعداد محتوى للموضة الرجالية، ليصبح بذلك من أكثر الوجوه ظهورا في الإعلانات على المستوى المحلي.
ويعمل آدام حاليا مديرا للتسويق في إحدى أهم الشركات الرائدة في هذا المجال، في موريتانيا، فضلا عن كونه مهندس كمبيوتر ، والمدير التنفيذي لشركته التي أنشئت عام 2019، وهي خاصة بتطوير المواقع الالكترونية، وتطبيقات الهواتف الذكية، بالإضافة إلى إنتاج الإعلانات التجارية والتلفزيونية.
ويجد آدم ذاته أيضا، في مجال الجرافيكس، والتلاعب بالصور وتحرير الفيديوهات، وعالم التكنولوجيا بشكل عام،
بالريشة والزيت .. موريتانيات يسخرن الفن لخدمة قضايا المرأة
بلوحتين عن قضايا المرأة، شاركت الفنانة الشابة رقية سيدي أحمد ، لأول مرة في معرض للفن التشكيلي، منذ توجهها إلى هذا المجال، قبل 3 سنوات.
واكتشفت رقية موهبتها في الفن التشكيلي أثناء فترة الحجز التي فرضتها جائحة فيروس كورونا عام 2020.
واقتصرت بدايات رقية في هذا المجال، على رسم الأشكال، قبل أن تتبلور لديها فكرة “مشروع فنانة” تناصر القضايا، وعلى وجه الخصوص المرأة.
وعبرت رقية خلال مشاركتها في المعرض، عن قوة المرأة الموريتانية، وصمودها أمام كافة الظروف، حيث جسدت إحدى اللوحتين، إمرأة بست أياد، تمسك في آن واحد، القلم بيد، وأخرى بطفل، ومكنسة بيد أخرى، وآلة طبخ في اليد الرابعة، في حين تمسك بالباقيتين مدقة المهراس.
وتجسد اللوحة الأخرى، امرأة تمر بحالة اكتئاب وحزن، وتوحد، تدعو من خلالها إلى مراعاة الظروف التي تمر بها المرأة.
وتقول رقية “: “دائما أحاول من خلال أعمالي، تسليط الضوء على قضايا المرأة الموريتانية، حتى يرى الجميع القوة التي تكمن فيها. لدي عدة رسائل أخرى أحاول إيصالها من خلال الفن التشكيلي، وستعرض قريبا.”
المشاركة في المعارض، تشكل فرصة كبيرة لممارسي هذا المجال، لإيصال رسائلهم، وللتأكيد أن الفن التشكيلي قضية، خاصة في مجتمع يرى معظمه أن الرسم لا يعدو كونه نوعا من مضيعة الوقت، بحسب الفنانة التشكيلية مريم بنت أحمد داداه.
وتوضح مريم لـ”سكاي نيوز عربية”، أنها اكتشفت موهبتها في هذا المجال عام 2018. وتشير في حديثها إلى أنها نذرت ريشتها “لأكثر القضايا التي تعاني منها أغلب المجتمعات العربية وخاصة موريتانيا”، في إشارة منها إلى “العنف ضد المرأة”.
وتقول مريم: “لدي لوحة تتحدث عن العنف المنزلي “ضرب النساء”، وهو من أكثر الظواهر انتشارا في المجتمعات الإفريقية للأسف، ولدي واحدة أخرى تتحدث عن ظاهرة اغتصاب الفتيات، وإزهاق أرواحهن، وهن في مقتبل العمر”.
يحتاج لفتة
وتؤكد مريم ، أن “الفن التشكيلي يحتاج لفتة كبيرة”، مشيرة إلى أن “ممارسته هنا أشبه بمخاطبة شخص بلغة لا يفهمها”.
وتضيف: “الفن التشكيلي إذا ما تأملناه جيدا، وجدناه أصدق ترجمة للأحاسيس والمشاعر الإنسانية، وأبلغ التعابير عن واقع الشعوب”.
من جهتها تقول الفنانة حنان بنت عثمان (23 عاما)، إن الجدران الموريتانية، لا تتزين إلا باللوحات التي تتعلق “بالطبيعة، والتراث”.
وتضيف بنت عثمان لمنصات السوشيال ميديا : “نادرا ما يهتم الموريتانيون باللوحات التي تتعلق بقضايا المرأة”، مشيرة إلى أن تلك اللوحات، لا يمكن تسويقها إلا في الدول المجاورة، على غرار السنغال، والمغرب العربي”.
ولفتت في تصريحها الخاص، إلى أن هناك، “اهتماما ضئيلا من طرف بعض الفنادق، والمطاعم، بتلك اللوحات، خلال الآونة الأخيرة”.
ومن أبرز أعمال بنت عثمان في هذا المجال، لوحتا “هي”، التي تجسد امرأة تنزف الكثير من الدماء، محاطة بأنواع الزهور، في إشارة منها إلى أن المرأة مهما كانت في أي مكان، ستكون ضحية “الاغتصاب والتحرش، و”عين الصحراء”، التي تجسد أن المرأة الموريتانية “لا دور لها في الحياة، سوى الزواج، والبقاء في الخيمة”، بسبب النظرة الذكورية التي تطغى على المجتمع.
وصلن إلى العالمية
ومن بين الفنانات اللاواتي نذرن ريشاتهن لمحاربة العنف بالفن، مني بنت الدف التي تبلغ من العمر 19 عاما.
وتنحدر مني من عائلة تمارس الفن التشكيلي، الأمر الذي جعلها تكتشف شغفها بهذا المجال، منذ نعومة أظافرها.
وشاركت مني في عدة مسابقات دولية ومحلية، قبل أن تنظم معرضها الخاص، الذي خصصته لعرض رسائلها عبر هذا الفن.
وتتحدث إحدى لوحاتها، عن قسوة زواج القاصرات، حيث تظهر فتاة صغيرة في ثوب العروس، وبكامل زينتها التقليدية التي طغى عليها البكاء بحرقة، بسبب إجبارها على الزواج.
وحصدت مني جائزة في مسابقة الرسم، نظمتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، توجتها بخطاب في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.
وتقول مني
“لدي عدة رسائل أوجهها من خلال الرسم، لكنني أركز بشكل خاص على قضايا المرأة الموريتانية، والمشاكل التي تعاني منها.
أطمح من خلال هذا الفن، إلى إيصال رسائل المرأة، وثقافتها للعالم، بالإضافة إلى المشاكل التي يعاني منها القصر في هذا الحيز الجغرافي.”
وتحاول الفنانات التشكيليات في موريتانيا، تسليط الضوء على هذا الفن، من خلال إقامة معارض، خصصنها لقضايا المرأة.
وتتراوح أسعار اللوحات، بين 200 دولار، و300 دولار أمريكي، لكنها لا تشترى في أغلب الأحيان.
وتوضح الفنانة خولة الشيخ لحبيب الأسباب وراء ذلك “أن المجتمع الموريتاني، ليس “مجتمعا بصريا”، مشيرة إلى أنه “لم يستوعب حتى الآن أهمية الصورة بشكل عام”.
وتقول خولة : “الفن التشكيلي بدأ يحظى مؤخرا بلفتة رسمية، لكنه مازال يتطلب الكثير لبلوغ الأهداف المنشودة منه”.
وتشير في حديثها إلى أن أبرز القضايا التي تناولتها، “هي المرأة”، وقضايا “الإنسانية “بشكل عام”.