اليوم يستذكر العراقيون والامريكان وايران دخول الجيش العراقي اربيل وطرد جماعة طالباني منها عام 1996

تفاصيل عملية (آب المتوكل على الله) يوم 31 آب 1996
(آب المتوكل على الله) هذه التسمية الرمزية التي اطلقها صدام حسين على العملية العسكرية المخابراتية الجريئة التي قامت بها قوات منتخبة من الجيش العراقي الباسل والحرس الجمهوري والقوات الخاصه بقيادة واسناد جهاز المخابرات الوطني العراقي يوم 31 آب 1996 ولأول مرة في تاريخ معاركنا الظافرة نظرا للظروف الخاصة التي كانت تحيط بهذه العملية ولما تطلبه من جهد استخباري واستحضارات فنية لتضليل اجهزة الرصد والمراقبة لقوات التحالف الامريكي المتواجدة في المنطقة والمسؤولة عن حمايتها بموجب القرارات التي فرضتها امريكا على مجلس الأمن. ولكون الملف الكردي اصبح ضمن مهام جهاز المخابرات من حيث الادارة والتنسيق خلال تلك الفترة.
إن تقسيم العراق الى خطوط طول وعرض وحظر طيران وما شابه من اجراءات قسرية نتيجة لانفراد امريكا في اصدار القرارات الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بعد دخولنا للكويت عام 1991.
وكان من نتائج هذه القرارات المجحفة اجبار الدولة العراقية على الانسحاب من المحافظات الشمالية (أربيل , سليمانية , دهوك) واعتبار اقليم كردستان منطقة امنة تحت الحماية الدولية.
إن تحركا عسكريا عراقيا بهذا الحجم سوف يشكل تحديا خطيرا للتحالف الدولي بكل تاكيد. واحتمال قيام الطيران الامريكي الذي كان يتولى عملية مراقبة حظر الطيران في المنطقة بالتدخل المباشر لاجهاض العملية العسكرية وضرب القطاعات العراقية المتقدمة تجاه مدينة اربيل كان امرا متوقعا ويجب ان يؤخذ بالاعتبار.
ان خروج الجيش العراقي واستعداده لمنازلة جديدة بعد اقل من خمس سنوات على الضربة الموجعة التي تعرضت لها قطاعات جيشنا الباسل اثناء انسحابها من الكويت وبطريقة لئيمة وخسيسة وغادرة بعد ان تم الاتفاق على وقف اطلاق النار حيث قام المجرم بوش باعطاء الاوامر لطيرانه بقصف القطاعات العراقية المنحسبة خلافا لكل الاعراف والقيم التي تحرص عليها الجيوش النظامية اثناء الحروب.
لقد اثبتت هذه المعركة بأن الجندي العراقي حالة فريدة وطاقة كامنة بما يمتلكه من انظباط وشجاعة واندفاع ومعنويات لا تتأثر بتفوق الخصم وقدراته واسلحته لذلك كانت خطة المعركة تقتضي التقدم من محورين الاول ينطلق من كركوك والاخر من الموصل على ان يلقتي المحورين في منطقة محددة شمال مدينة اربيل وبذلك يحكم طوق بدائرة شبه كاملة على المدينة مع فتح ثغرة في قاطع الفيلق الاول لهروب بعض ميليشيات الأتحاد الوطني الكردستاني المواليه لايران بأتجاه الحدود الايرانية.
قد يتسائل البعض لماذا اقدمت القيادة على مثل هذه المخاطرة وهي لم تزل تعاني من اثار حرب الكويت سياسيا وعسكريا واقتصاديا هل هي بسبب التدخل الايراني الواسع النطاق في المنطقة من خلال الدعم المباشر لجماعة جلال الطلباني وقيام الاخير بالسيطرة على مدينة اربيل بعد انقلابه على اتفاق تقاسم السلطة بين الحزبين الرئيسيين الديمقراطي و الاتحاد الوطني حيث تم ابعاد مسعود وجماعته من اربيل ولم يبقى له تواجد او نفوذ سوى في محافظة دهوك واجزاء من اربيل بما فيها مصيف صلاح الدين الذي اتخذه مسعود مقرا له.
ان سبب القبول بهذه المخاطرة ليس فقط بسبب استنجاد مسعود البرزاني بالرئيس الراحل صدام حسين لانقاذ كردستان العراق من احتلال ايراني اصبح وشيكا بل لأن القيادة العراقية لم ولن ترضخ او تقبل اطلاقا بقرار ترك كردستان او الانسحاب منها والذي فرض علينا في ظروف ما بعد الانسحاب من الكويت بل كانت تعمل وطوال السنوات التالية وتحديدا منذ العام 1993 لبناء علاقات ستراتيجية جديدة مع اطراف واحزاب وشخصيات وشيوخ عشائر كردية وطنية مخلصة لاعادة اللحمة العراقية على اساس من الثقة والاستفادة من اخطاء الماضي وكان في مقدمتهم مسعود البرزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني.
لقد وضعت القيادة السياسية اما القادة العسكريين محددات وتوقيتات يتطلب الالتزام بها خلال تنفيذ هذه العملية وهي :
1. يتم انجاز الواجب والسيطرة على المدينة وتسليمها الى قوات الحزب الديمقراطي الكردساتي خلال (24) ساعة.
2. يتم سحب كافة القطاعات والمعدات والاليات المشاركة الى مواقع انطلاقها فور انتهاء العملية.
3. عدم دخول اي عسكري الى داخل المدينة تحاشيا لاي سليبيات او تصرفات تلحق ضررا بالمدنيين الاكراد.
عندها طلب الرئيس الراحل صدام حسين الى القيادة العسكرية ومدير جهاز المخابرات بعد ان اكملوا استعداداتهم ان يترك امر تحديد ساعة الصفر لسيادته. حيث اصدر الامر بان تتم المباشرة بالعملية في الساعة الخامسة فجر ليلة السبت الموافق 31 آب 1996 حيث تم انجاز الواجب واكملت القطاعات تطويق المدينة خلال ست ساعات ولم تكن هناك فرصة لمقاتلي جماعة جلال الطلباني للاشتباك او الدفاع عن مناطق تواجدهم سوى معركة محدودة عند بناية مقر المجلس التشريعي في المدينة.
وفي اليوم التالي بدات القطاعات العسكرية المشاركة في العملية بالانسحاب والعودة الى مناطق انطلاقها بعد ان هربت قوات جلال الطلباني باتجاه السليمانية. بعدها بفترة استقبل الرئيس الراحل صدام حسين عدد من القادة العسكريين المشاركين لغرض تكريمهم وشكرهم علىى انجاز المهمة بنجاح ساحق
واصدرت الادارة الامريكة انذارا شديد اللهجة الى العراق لسحب قواته من اربيل فوراً. حيث ظهر السيد طارق عزيز في مؤتمر صحفي واشار بان الحكومة العراقية ارسلت قواتها الى اربيل بناءاً علىى رسالة خطية من السيد مسعود البرزاني الى الرئيس صدام حسين يطلب فيها تدخل الجيش العراقي بسبب خطورة التدخل الايراني وتواجد عناصر من الحرس الثوري في بعض مناطق كردستان وان القوات العراقية قامت بالانسحاب الكامل ولم يعد لها اي تواجد في اربيل. وبذلك لم يبقى امام القيادة الامريكية سوى القيام بعمل بائس وهو اطلاق بعض الصواريخ على منشآت عسكرية عراقية مختصة في الدفاعات الجوية