تتواصل التسريبات عن التقارير التابعة للاستخبارات الإيرانية في الكشف عن المزيد من التفاصيل حول حقيقة توغل طهران في العراق وتجنيد جواسيس للكشف عن أسرار القوات الأميركية، وفقا لما نقله موقع “ذا إنترسبت“، الأحد.
وفي عام 2019، نشر موقع “ذا إنترسبت” مع صحيفة نيويورك تايمز تسريبات من تقارير ميدانية لأنظمة الاستخبارات الإيرانية، كشفت مخططات طهران في العراق، ما بين عام 2013 وحتى 2015.
وفي التقرير الجديد، أزال الموقع الغطاء عن كواليس سعي النظام الإيراني لتوظيف جواسيس في العراق من أجل الوصول إلى معلومات استخباراتية عن الولايات المتحدة.
ونقل الموقع سلسلة محادثات لجاسوس يعمل لصالح إيران في العراق، أشارت إليه التقارير الميدانية برقم “3141153”، كان يقدم معلومات استخبارية لسنوات لطهران حول العمليات الأميركية في العراق.
وعندما سحبت الولايات المتحدة معظم قواتها وقلصت وجودها في العراق عام 2011، لم يعد لدى الجاسوس معلومات تثير اهتمام الإيرانيين “لذلك انفصل الإيرانيون عن العراقي” وفقا للموقع.
وذكر الموقع أنه، وبحلول عام 2015، كان لدى الرجل وظيفة جديدة في جهاز الأمن العراقي، بينما بقيت حاجته الملحة إلى المال، لذلك عاد وتقدم بطلب لاستعادة وظيفته القديمة كعميل مزدوج.
وخلال اجتماع سري، وجه ضابط المخابرات الإيرانية أن يراجع الجاسوس العراقي كل ما يعرفه وقد يكون ذا فائدة لإيران، ما كان يعني أن إيران مهتمة أيضا بتوظيفه مجددا، وفقا للتقرير.
وكان هناك شيء واحد قاله العراقي جعل الضابط الإيراني ينتبه حقًا لملفه وهو إن لديه صديقًا كان مهتمًا أيضًا بالتجسس لصالح إيران، وكان الصديق يعمل مع الولايات المتحدة في قاعدة إنجرليك الجوية في تركيا.
آليات التوظيف
وبحسب إحدى البرقيات التي حصل عليها “ذا إنترسبت”، طلب الضابط الإيراني من العراقي مقابلة صديقه في رحلته القادمة إلى تركيا.
وقال العراقي للضابط الإيراني إن الأمن في قاعدة إنجرليك سيجعل من الصعب على صديقه التواصل مع الإيرانيين بانتظام، كما أفاد العراقي: “بما أن القوات الأميركية تسيطر بشدة على العناصر العاملة داخل قاعدة إنجرليك الجوية، وأن مغادرة القاعدة والسفر حول المدن ستكون مشكلة”، وفقا للتسريبات.
وأشار الموقع إلى أن صديق العراقي كان قد ذهب في غضون ذلك إلى الولايات المتحدة لحضور دورة تدريبية لمدة شهرين، وعندما عاد، كان يعمل في قاعدة الأسد الجوية في العراق.
لذلك قال العراقي لضابط في وزارة الداخلية: “في هذه المرحلة، سيكون من السهل إقامة اتصال معه”.
وكتب العراقي في تقريره أن “المراحل الأولية لملف تعاونه قد اكتملت، وهو مستعد لتلقي رمز التعاون” وأن العميل كان مستعدًا للخطوة التالية في تعيينه كجاسوس، “بناءً على توجيهات المدير العام 364”.
اللقاءات مباشرة
البرقيات المسربة التي حصل عليها موقع “ذا إنترسبت” تظهر أن عمليات المخابرات الإيرانية تتم عادة في جميع أنحاء العراق، وأن أحد أسباب نجاحها قد يكون أن ضباط الاستخبارات الإيرانية العاملين في العراق يستخدمون أسلوبًا تقليديًا لتجنب اكتشافهم أثناء مقابلة مصادرهم.
ووفقا للموقع فإن تقارير الاستخبارات تؤكد أن الإيرانيين يعتمدون على أساليب قديمة نسبيا لتجاوز المراقبة الأميركية، بحيث تركز عناصرهم الاستخباراتية على “العمل الشاق عوضا عن اللجوء إلى التقنيات الحديثة”.
يتوالى دوي تفاصيل الوثائق السرية الإيرانية التي تم تسريبها من أرشيف الكابلات الاستخباراتية التابعة للنظام في طهران، ونشرت صحيفة نيويورك تايمز وموقع ذا إنترسبت تقريرا حول تفاصيل ما ورد فيها وتعليقات من أفراد وردت أسماؤهم فيها.
وكتب أحد ضباط وزارة الداخلية الإيرانية في تقريره عن اجتماعه مع مخبر عراقي، قائلا: “غادرتُ القاعدة سيرًا على الأقدام قبل عقد الاجتماع بساعة، وبعد عشرين دقيقة مشيًا على الأقدام وإجراء الفحوصات اللازمة، استقلت سيارتي أجرة عبر الشوارع المجاورة إلى موقع الاجتماع، ثم مرة أخرى، انطلقت سيرًا على الأقدام لمدة عشر دقائق، وعدت إلى الموقع، وبعد الاجتماع استقلت سيارتي أجرة مرة أخرى وعدت إلى القاعدة”.
وكتب آخر ينتمي كذلك لوزارة الداخلية في تقرير عن اجتماع آخر مع مصدر في أربيل بإقليم كردستان “بعد مغادرة مكان الإقامة والتنزه، ركبتُ السيارة وتوجهتُ إلى السوق”.
ثم تابع “أثناء القيادة لمسافة، عدت إلى الموقع المرغوب، ركبت سيارة المصدر بالقرب من السوق وذهبت لمسافة أبعد من المكان”.
وأضاف “اجتمعنا في إحدى ضواحي المدينة داخل السيارة، ثم نزلنا من السيارة، كان سلوك المصدر وحالته طبيعيين، أراد زيادة أجره، بسبب الصعوبات المالية التي يواجهها ومرض والديه”.
استغلال النشاطات الدينية لأغراض التجسس
ولفت تقرير “ذا إنترسبت” إلى أن الإيرانيين “مبدعون” أيضًا في كيفية الاستفادة من المؤسسات والأحداث الدينية والثقافية في العراق لأغراض استخبارية.
وذكر التقرير أن العديد من عملائهم العراقيين، يتم توظيفهم خلال الزيارات الشخصية للمواقع الدينية الشيعية في العراق، إذ أن ذلك “يوفر غطاءً جيدًا لاجتماعات التجسس”.
ومن أجل تجنب خيانة عملائهم في العراق، كان الإيرانيون أكثر استعدادًا للثقة في المخبرين الذين كانوا من الشيعة العراقيين ولديهم بعض الروابط العائلية مع إيران، وفقا للتقرير.
وأشار أحد تقارير وزارة الداخلية الإيرانية حول ضابط استخبارات عراقي أراد التجسس لصالح إيران إلى أن والده لجأ إلى إيران في السبعينيات وأن العميل المحتمل “قضى ثلاث سنوات في المدرسة الابتدائية في إيران”.
وبينما اعتمد الإيرانيون العاملون في العراق بشكل كبير على العلاقات الشخصية والثقافية، تظهر البرقيات المسربة أيضًا أن الإيرانيين اعتمدوا أحيانًا على التكنولوجيا الإلكترونية لإجراء عمليات التجسس في العراق، وفقا للموقع.
لكن مثل الجواسيس الآخرين في جميع أنحاء العالم، وجد الإيرانيون أحيانًا أن تقنيتهم لم تكن جيدة تماما.
في إحدى البرقيات، أبلغ ضابط في وزارة الداخلية بغضب عن فشل جهودهم في إجراء مراقبة إلكترونية على أحد مخبريهم العراقيين للتأكد من أنه كان يقدم لهم معلومات دقيقة.
وأفاد ضابط وزارة الداخلية أن المخبر اكتشف معدات المراقبة الخاصة به، وأن العراقي المشبوه أصر على تغيير خطط اجتماعهم، وفقا لما نقله “ذا إنترسبت” عن التقارير الاستخباراتية.