قُتل السفير الروسي أندريه كارلوف في تركيا بالرصاص في يوم الاثنين 29 ديسمبر 2016، في هجوم مسلح وقع في أنقرة، بعد أن قام رجل مسلح بفتح النار عليه، بينما كان يزور معرضاً فنياً في العاصمة التركية أنقرة. وبعد الهجوم، كان يقول الجاني: «الله أكبر، الله أكبر، لن ننسى حلب، لن ننسى سوريا، هذا من أجل حلب».
وقعَ الاغتيال بعدما بدأت وسائل الإعلام المحليّة والدولية في تغطية أخبار روسيا وما تقومُ به في سوريا، كما تزامت عمليّة الاغتيال معَ احتجاجاتٍ قادها أتراك ضدّ التدخل الروسي في الحرب الأهلية السورية وخاصة الهجوم على حلب. من جهةٍ أخرى؛ كانَ المسؤولون الروس والأتراك قد أجروا محادثات حول التوسط لوقف إطلاق النار في سوريا أثناء إخلاء المدنيين من حلب؛ حيثُ كانت تعتزم روسيا وتركيا بالإضافةِ إلى إيران الاجتماع للتفاوض على تسويةٍ بشأن الحرب الأهلية السورية.
الاغتيال
تلقى كارلوف السفير الروسي في تركيا دعوةً لإلقاء خطابٍ في افتتاح معرضٍ للتصوير الفوتوغرافي التركي للريف الروسي. أُقيم المعرض تحتَ اسمِ «روسيا من خلال عيون الأتراك» في مركز للفنون الحديثة بأحدِ مناطق مدينة أنقرة.
دخل مولود الطنطاش – وهو شرطيّ تركي كان خارج الخدمة حينها – إلى القاعة باستخدام هويته كشرطي ما جعل الحضور والمنظمين يعتقدون أنه أحد الحراس الشخصيين لكارلوف. بمجرّد ما بدأ هذا الأخير حديثه؛ باغتهُ مولود بعدة طلقات من مسدسه من الخلف مُتسببًا له في جروح قاتلة كما أصابَ عدة أشخاص آخرين.
بعد إطلاقه النار على كارلوف؛ رفعَ مولود الطنطاش مسدسه في الهواء صارخًا: «الله أكبر، الله أكبر … لا تنسوا حلب ولا تنسوا سوريا.» كما قال: «[السوريون] يموتون هناك؛ يموتون في حلب.» بعد فترة وجيزة؛ أطلقت قوات الأمن التركية النار على الطنطاش متسببةً في إصابتهِ هو الآخر.
وُلد أندريه غناديفيتش كارلوف في موسكو عام 1954؛ وتلقى تعليمه في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية. بدأَ حياته المهنية مع الحكومة في وزارة الشؤون الخارجية في الاتحاد السوفياتي في عام 1976. كان كارلوف يُتقن الحديث باللغة الكورية وشغلَ العديد من المناصب الدبلوماسية في السفارة الروسية لدى كوريا الشمالية بما في ذلك منصب سفير روسيا في كوريا الشمالية في الفترة الممتدة من حزيران/يونيو 2001 إلى كانون الأول/ديسمبر 2006. عُيّن كارلوف كسفيرٍ لروسيا لدى تركيا منذُ تمّوز/يوليو 2013.
أندريه كارلوف هو رابع دبلوماسي روسي يُفارق الحياة أثناء تأديته لواجبه؛ بعد ألكسندر غريبايدوف الذي قُتل حينما كان يشغلُ منصب سفير إمبراطوري روسي لدى القاجاريون عام 1829، وفاتسلاف فوروفسكي الذي قُتل كممثل سوفيتي في مؤتمر لوزان عام 1923 بالإضافةِ إلى بيوتر فويكوف الذي قُتل عام 1927 حينما كان سفيرًا للاتحاد السوفييتي لدى بولندا.
تمّ التعرف على قاتل السفير الروسي؛ حيث تبيّن أن اسمهُ مولود الطنطاش (بالتركية: ˈmevlyt ˈmæɾt ˈaɫtɯntaʃ) ووُلد يوم 24 حزيران/يونيو 1994 بينما توفيّ في 19 كانون الثاني/ديسمبر 2016 وهوَ ضابط شرطة في وحدة مكافحة الشغب خارج الخدمة.
رُفض مولود من الجامعة مرتين؛ فالتحقَ بمدرسة الشرطة في مدينة إزمير قبل أن يتخرّج منها في عام 2014. نَقل عنه شقيقته قوله: «حينما التحقَ بكليّة الشرطة؛ كان قد بدأ تأدية الصلاة.» خدم مولود في وحدة شرطة مكافحة الشغب في أنقرة لمدة عامين ونصف؛ وكان واحدًا من الحراس الأمنيين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ثماني مناسبات منذ تمّوز/يوليو 2016.
أفادت صحيفة محليّة تركية أن الطنطاش قد تم تعليقه عن العمل في أوائل تشرين الأوّل/أكتوبر 2016 بسبب الاشتباه في تورطه في محاولة الانقلاب على الرئيس أردوغان لكنه عاد إلى الخدمة في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر.
زار الطنطاش الدوحة عدة مرات؛ وقد حقّقت معهُ الشرطة حول سبب تلكَ الزيارات عقبَ اغتيال السفير الروسي. أثارَ شخصيّة مولود الطنطاش الكثير من الجدل؛ بينما رفضت عائلتهُ تسلم جثته حيثُ قال والديه: «نخجلُ منه بسبب جريمة القتل تلك.» دُفن الطنطاش في مقبرة للجثث مجهولة الهويّة