ربّما يفهم الصدر الصمت على أنه بمثابة ضوء أخضر له للمضيّ في «حملته»
بالنسبة إلى المرجع الديني علي السيستاني، فلم يُعلّق هو الآخر على ما جرى، علماً بأنه – منذ انطلاق الحراك العام الماضي – دعا القوّات الأمنية إلى حماية المتظاهرين «السلميّين»، مطالباً الشارع – في الوقت عينه – بـ«تطهير» نفسه من «التخريبيّين» المعتدين على الأملاك العامة والخاصة. وفيما سُجّل غير مرّة رفض متظاهري «الحبوبي» الالتزام بتعليمات المرجعية، فإن سكوت الأخيرة اليوم لا يبدو مستغرباً لسببين: الأول حراجة موقفها في الدفاع عن شريحة لم تلتزم بتوجيهاتها، والثاني تحاشيها هي أيضاً الدخول في أيّ مواجهة مع الصدر، الذي رفع شعار «حماية المرجعية، والالتزام بتوجيهاتها» في «صولته» الأخيرة ضدّ متظاهري «الحبوبي». وعليه، فإن أهون الشرّين بالنسبة إلى النجف هو السكوت، وانتظار تحرّك الحكومة لضبط المشهد الأمني المنفلت. على أن الحكومة، برئاسة الكاظمي، ظهرت عاجزة عن اتّخاذ موقف صارم، إلى حدّ اتهامها بأن تحرّكها كان ينتظر «إشارة» الصدر. وهو ما ترفضه أوساط الكاظمي، آسفةً لـ»ترك رئاسة الوزراء وحيدة في مواجهة مدٍّ ينهش ما تَبقّى من الدولة ومؤسّساتها».
هذا التذبذب في المواقف ربّما يفهمه الصدر على أنه بمثابة ضوء أخضر له للمضيّ في «حملته»، وهو ما أوحى به بيانه الصادر أمس، الذي أنبأ بأن الرجل يسعى إلى تكريس مقولة «الملعب لي، وأنا مَن يرسم حدود اللعبة»، إذ حدّد الصدر آلية مواجهة «الفساد والفاسدين»، مستثنياً نفسه من المنظومة الحاكمة منذ 17 عاماً. كما نصّب نفسه وكيل الدولة والأعراف وحاميها، ومحارب الأحزاب والقوى والفساد في آنٍ واحد. كلّ ذلك في وقتٍ يدعو فيه أنصاره إلى المشاركة الفعّالة في الانتخابات المبكرة المرتقب إجراؤها في حزيران/ يونيو من العام الجاري، ملوّحاً بأن منصب رئاسة الوزراء سيكون هذه المرّة من حصّته، وهذا ما يشرّع الباب أمام أسئلةٍ كثيرة، بدءاً من السؤال عن المستفيد الأوّل من «حراك تشرين»، وليس انتهاءً بما استقرّ عليه القانون الانتخابي من خارطة لتوزيع المقاعد والتحالفات.