الجواهري ايراني الأصل ولماذا قبل يد خامنئي في طهران ؟

التبعية الإيرانية للشاعر الجواهري

الجواهري: صدام حسين فارس شجاع

الشيعي .. الصفحة الأولى .. والصفحة الأخرى – سني عراقي

المعروف أن هذه الأسرة في النجف كانت تحمل الجنسية الإيرانية منذ أوائل القرن الرابع عشر الهجري. ويذكر لنا الشيخ محمد رضا المظفر قصة تسجيل الأسرة بالتبعية الإيرانية([120]). فيقول:

«وأما تسجيل أسرة الجواهري بالتبعية الإيرانية فقد حدث متأخرًا كسائر الأسر النجفية الأخرى لأجل التخلص من الجندية الإجبارية في عهد الأتراك.

ولهذا الأمر قصة طريفة خلاصتها أن الحكومة العثمانية شددت في إحدى السنين على تجنيد الناس بالنجف وطلبت من المرحوم الشيخ علي الجواهري المتوفى 1318هـ. ، حفيد الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر المعروف بـ «علاوي» أن يحضر المشمولين من أسرته. وحينما رأت دائرة التجنيد تباطؤه أرسلت عليه ثلة من الشرطة (الجاندرمة) وهو في المسجد للصلاة فأخذوه مخفورًا. وكان طريقهم على دار رئيس البلدية يؤمئذ الحاج محمد سعيد شمسة، وكان هذا واقفًا على باب داره لاستقبال الناس لمجلس التعزية عنده، فلما رأى الشيخ وقد حفّت به الشرطة وقع عليه مقبلاً يديه ونهرهم وأخذ بيده إلى أن أدخله المجلس. ولما علم أهل النجف بهذا التحدي ثارت ثائرتهم وعُطلت الأسواق وتجمهروا، مما اضطر «القائم مقام» إلى زيارة الشيخ في ديوانه (برّاني آل الجواهر المعروف) معتذرًا، ولكن التدابير قد سبقته فقد عزم الشيخ أن يسجل أسرته بالتبعية الإيرانية مع أسر أخرى نجفية رغبت في ذلك، وأرسل إلى القنصل الإيراني للحضور، فاتفق حضوره في وقت حضور القائم مقام، فتشادّا في الأمر، ومنعه القائم مقام من التسجيل، والقنصل رفع قلنسوته (الكلاه) وأقسم ألا يضعها على رأسه قبل أن تسجيل أسرة الجواهري بالتبعية الإيرانية.

وهكذا استمر الجدال مما اضطر المرحوم الشيخ جواد نجل الشيخ علي أن يسافر في يومه إلى بغداد وهو يؤمئذ ابن خمس وعشرين، واتصل هناك بالسفارة الإيرانية، وبالمقام العالي بالآستانة، فاهتمت الحكومة الإيرانية بالأمر، وأوعزت إلى ممثلها عند الباب العالي أن يفهم الحكومة العثمانية بضرورة الخضوع لهذا الأمر. أما السلطان فقد أوعز إلى والي بغداد أن يترك هذه الأسرة وباقي الأسر النجفية الطالبة للتبعية الإيرانية وشأنها. ولكن الوالي لم يحفل بأمر السلطان، والسلطان يكرّر عليه الأمر ثلاث مرات وهو مصرّ على عناده، مما أثار حفيظة الحكومة الإيرانية حتى قطعت علاقتها مع الحكومة العثمانية فقد أمر الشاه ناصر الدين سفيره في الآستانة بإنزال العلم.

وحينما رأى السلطان ذلك أرسل إلى العراق رسولاً خاصًا بهذه المهمة، وهذا الرسول جاء مع الشيخ جواد إلى النجف وحلّ ضيفًا عليه، فسجلت الأسرة بحضوره وحضور القائم مقام والقنصل في ديوان آل الجواهر، كما سجلت كثير من الأسر كآل الصافي وآل سميسم في ذلك المجلس.. ووجه الشيخ جواد كلامًا قارصًا إلى القائم مقام مهددًا له بالتحاق جميع رعايا الدولة العلية بإيران إن بقى موظفوها على مثل هذه الغطرسة. وكان ذلك الموقف باكورة أعمال الشيخ جواد، ومنه ارتفع شأنه وعلا صيت فعاليته.

ولاشك أنه سجل بذلك – نصرًا مبينًا للحوزة العلمية بالنجف وللحكومة الإيرانية معًا، فان النجف التي هي مرجع تقليد الأقطار الشيعية وقبلة أنظارهم كانت موضع عناية الحكومة الإيرانية واعتزازها، فكيف إذا طلب عيون أهلها التبعية لهم والالتحاق، لاسيما وإن النجف كانت تلاقي من اضطهاد الدولة العثمانية ما لا يوصف، ولم يكن شيء يقف في وجهها غير تعهد الحكومة الإيرانية بصيانة العتبات المقدسة وأهلها، ولولا ذلك لنسفوها نسفًا وما أبقوا فيها ديارًا».

 

الجواهري في زيارته الأولى والثانية لإيران

كان للجواهري في العشرينات زيارتان لإيران الأولى سنة 24 والثانية سنة 26، وفي هاتين السفرتين أنشد أجمل قصائده وهي: «على حدود فارس» ومطلعها:

أحبـــابنا بين مـحاني العـراق كلفتـم قلبي مــــا لا يطاق([121])

و«الذكرى المؤلمة» ومطلعها:

أقـــول وقد شاقتني الريح سحرة ومن يذكرالأوطـان والأهل يشتق([122])

و«على كرند» وكرند مدينة على الحدود الإيرانية العراقية، ومطلعها:

خليلـــيَّ أحسـن مـا شاقني بفارس هـذا الجمال الطبيعـي([123])

وقصيدة «بين قطرين» ومطلعها:

جددي ريح الصّبا عهد الصبا وأعيـدي فالأحاديـث شجون([124])

سقــى تربها من ريّق المزن هطّال ديــار بعثـن الشوق والشوق قتال([125])

وقصيدة «الأحاديث شجون» ومطلعها:

وقصيدة «البادية في إيران» ومطلعها:

بهجــة القلـــب جلاء البصر هذه الأرياف غـب المطـر([126])

وقصيدة «على دربند»، ودربند مصيف شمال طهران، ومطلعها:

أحبتنا لو أنزل الشوق والهوى على قلب صخر جامدلتصدعا([127])

وقصيدة «بريد الغربة» ومطلعها:

هبّ النسيـــم فهبّت الأشواق

وهفا إليكم قلبــه الخفّــاق([128])

وهي القصيدة التي تتضمن دعوة لإيران لكي تنتفض من رقدتها وتتطلع إلى الفجر المرتقب:

يا بنت «كومورث» أقلي فكرة

وتطلعي تتبينـي الفجــر الذي

فلقد أضرّ برأسك الإخفاق

تتوقعيـن وتنجلـي الآفــــاق

كما أنها القصيدة التي أثارت حوله ضجة طائفية وسمته بالشعوبية بسبب بيت جاء فيهاهو:

لي في العراق عصابـة لـولاهم

مــــاكـان محبوبًا إليّ عــراق

وسنذكر قصة هذه الضجة في حديثنا عن الطائفية في ذكريات الجواهري.

ومن قصائده في إيران أيضًا: «في طهران» ومطلعها:

ما انتـــفاعي بغيض هذي الدموع

والجوي ملء مهجتي وضلوعي([129])

وقصيدة «الخريف في فارس» ومطلعها:

يا هائجين لخــــريف فـارس

ما تصنعون لو أتــــى ربيعه

.

وحين رُشّح الجواهري للعمل مدرسًا في المدرسة الثانوية كان عليه أن يبرز الجنسية ولم يكن يحملها. لأن العراقيين كانوا مصنفين آنئذ إلى «عثماني» يحمل الجنسية العثمانية أيام سيطرة الدولة العثمانية على العراق، وهو الذي يحق له بحكم قانون الجنسية العراقي أن يحمل الجنسية العراقية بعد «الاستقلال»، والى غير عثماني وهو من أبى لأسباب عديدة أن يحمل الجنسية العثمانية، فاعتبره القانون غير عراقين حسب قانون الجنسية العراقية وليس بسبب الجواهري

«تلقيت في أوائل عام 1927 وأنا في مدينتي «النجف» من صديقي «باقر الشبيبي» يخبرني فيه، أنني مرشح للتدريس في إحدى ثانويات العراق، وكان ذلك خبرًا طبيعيًا ، لكن الشيء الذي فاجأني مفاجأة لا تخطر على بالي بحال من الأحوال أن يكون شرطًا في ذلك تقديم «الجنسية العراقية».

تلقيت أوراقًا هي بحد ذاتها غريبة عليّ، بعيدة عني، أوراقًا يحمل تساؤلاً «هل أنت عراقي؟» مفهوم أنني عراقي، ثم وبالحرف الواحد، هل أنت مسلم؟ طبعًا مسلم. والمفاجأة الأخرى التي توقفت عندها..

تسلمت الأوراق فجأة وبكل بساطة كتبت مستهزئًا وساخرًا بأكثر من تساؤل وعلى سبيل، سؤال: ماهي شهادتك المدرسية؟ كتبت إن شهادتي «لا اله إلا الله!!»، كما أجبت على سؤال عن شيعيتي، أجل أنا مسلم، وعن سنيتي بمثلها. أجل أنا مسلم . وعن عراقيتي، وهنا أحب أن استوقف القارئ، أجبت: إنني هندي  :

«..أما البيت الشعري في قصيدتي والأصح جريمتي، تلك، هو:

لي في العراق عصابـة لـولاهم

مــــاكـان محبوبًا إليّ عــراق

والذي ورد ـ كما أشرت ـ ضمن قصيدتي المشحونة بالحنين الى العراق وحسبي مطلعها:

هبّ النسيـم فهبّت الأشواق

وهفا إليكـم قلبـه الخفّـــاق ».

 

الجواهري في زيارته الثالثة لايران

بكيت مرات عند قراءة قصائد الجواهري.. هكذا قال الخامنئي في بعض محاضراته التي يلقيها أسبوعيًا باللغة العربية حول مختلف شؤون الأدب والحياة.

دار الحديث في بعض تلك المحاضرات عن الجواهري فعاد المحاضر إلى ذكريات شبابه، حين تعرف لأول مرة على شعر الجواهري .

راح الخامني يستعيد تلك القصائد التي أثارت فيه هياجًا بالغًا ويردد:

أطبقْ دُجى، أطبق ضبابُ

أطبقْ دخانُ من الضمير

أطبق على متبلّد

لــم يعــــرفـوا لون السمـاء

أطبق جهامًا يا سحابُ

محرّقًا أطبق، عذاب..

ين شكا خمولَهم الذباب

لفرط مـا انحــنـت الرقــاب

ويواصل قراءة أبيات القصيدة بتأثر بالغ وتفاعل كامل مع التجربة الشعورية للشاعر.. ثم ينتقل منها الى قصيدة:

نامي جياع الشعب نامي

نامي فإن لم تشبعي

نامـــي علـــى زبد الوعـود

حرستك آلهة الطعام

من يقظة فمن المنام

يــداف في عسـل الكــلام    .

بعدها بمدة وصل نبأ برغبة الجواهري أن يقيم مدة في إيران ..

بعث خامنئي من يدعو الشاعر فما هي إلا أيام وإذا الجواهري في مطار طهران يبدأ زيارته الثالثة والأخيرة إلى إيران. كان في استقباله عدد من الأدباء والكتاب، وألقى أحد الأدباء العراقيين قصيدة رحّب فيها بالجواهري وعتب عليه عتابًا خفيفًا لسكوته عما يجري في بلده، وعمّا حدث في إيران، لم يجبه الجواهري، لكنه أحسّ بمرارة العتاب.

بعد ذلك تحدث عن سبب سكوته، ثم أنشد بمناسبة «الغدير» قصيدة برّر فيها هذا السكوت، سيأتي ذكرهاو زار قبر خميني

فرح كثيرًا حينما سمع بشغف الإمام الخامنئي بشعره، وتعجب حينما علم بأن السيد قد طالع ذكرياته بولع وبسرعة مع تهميش على كثير من الصفحات. وكان يقلقه انزعاج السيد من الصفحات التي تتحدث عن لحظات ضعف الشاعر وانهيار إرادته وانغماسه أيامًا من حياته في المجون. وسجّل هذا القلق في آخر بيت من مقطوعة دوّنها على كتاب ذكرياتي الذي قدمه للسيد في لقائه به يوم 10/5/1992.

وقال لخامنئي: هذه أول يدٍ وآخر يدٍ أُقبّلها.

سيدي أيها الاعزّ الاجل

يعجز الحرف أن يوفّي عظيمًا

أيها الشامخ الذي شاءه الله

لك في السلم منبر لا يبارى

لك في ذمّة الإله يمين

لك أهل فوق الذرى ومحلّ

فاغتفر لي مازلّ من ذكرياتـي

أنت ذو منة وأنت المدلّ

كل مازاد عن سواه يقل

زعيمًا لثورة تستهلّ

لك في الحرب مضرب لا يفلّ

يد مَنْ مَسّها بسوء تُشلّ

لك بعد في المكرمات وقبل

يا عطـوفًا على خطى من يزلّ .

وأمضى الجواهري بضعة أشهر في إيران كان يعاني فيها من ضعف البصر والسمع وانهيار القوى والأعصاب. غير أن ما يقرب من قرن من الزمان عاشه الجواهري لم يؤثر على ذاكرة الرجل، فقد كان خلال إقامته في إيران يتحدث عن ذكرياته السياسية والأدبية والاجتماعية، منذ أيام صباه وشبابه، وبالتفاصيل ، وكأن كل شيء كان ماثلاً أمامه.

عقد له الشعراء والأدباء الإيرانيون في طهران جلسة تكريم، أنشد فيها الشاعر قصيدته «آمنت بالحسين»:

فداءٌ لمثواك من مضجع

بأعبق من نفحات الجنا

ورعيـًا ليومـك يوم «الطفوف»

تنوّر بالأبلج الأروع

ن رَوحًا، ومِنْ مِسكها أضوع

وسقيـــًا لأرضك مـن مصرع :

«بسم الله الرحمن الرحيم

سيدي سماحة القائد الاعلى الجليل دام ظله

أقبل يدكم وأتشرف – وأنا الغريق بألطافكم – بأن أرفع الى سماحتكم تهنئتي هذه المتواضعة بعيد (الغدير) السعيد آملاً أن تحوز شرف قبولكم إياها.

كما أنني أتشرف بأن أرفع إليكم قصيدة جديدة بدأت بها مرفقة بقطعة شبه جديدة لم تنشر بعد جاءت بمحض الصدفة على وزنها وقوافيها بل حتى لكأنها جزء لا يتجزأ مما أريد أن أقوله فيها. كل ذلك لمجرد مباركتكم إياها على أن تكون بعد إتمامها في الجملة من قصائدي التي تحوز شرف رضاكم عنها.

أعاد الله على سماحتكم مدى عمركم الطويل عيد الغدير السعيد وقد تخلّص المسلمون برعايتكم وتوجيهاتكم الكريمة من براثن المستكبرين والمستعمرين، وعاد إليهم ومن جديد عز الإسلام ومجده القديم. وتقبلوا يا سيدي صميم إجلالي وإعزازي.

والسلام عليكم

المخلص الامين محمد مهدي الجواهري

19/6/1992»

 

القصيدة الاولى التي قدمها الشاعر بالنصّ على النحو التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

مرفوعة إلى حضرة سماحة سيدنا القائد الأعلى للجمهورية الاسلامية في إيران آية الله السيد علي الخامنئي حفظه الله ورعاه.

أبا الحسين تحيات معطرة

كان الوليّ (أمير المؤمنين) به

يا سيد الأمة الكبرى وقائدها

تعطل الزند منها واستشاط دم

نحن الدعاة الى (التوحيد) يعوزنا

تسابقت من (قريش) سادة نجب

كلٌّ وللواحد الجبار عصمته

وكان ماكان من نهج، ومن شطط

واستنفر (الدين) رهط بعدهم شعث

ديست بهم عرصات(الوحي)،وانتبهت

واليوم تدفع عنهم فديةً أممٌ

مستعبدين لحكم الفرد يرهقهم

يمتصّ من قدرهم طورًا، ومن دمهم

خطب ألم بدنيا كل مسلمةٍ

وأنت يا سيد المستضعفين لها

لك الأمانة ألقت ثقلها، شرفٌ

تخيرتك إمــام الناهضين بهــــــا

في يوم عيد (غدير) رحت ترعاهُ

واليوم أنت (وليُّ الأمر مولاهُ)

يُسراه تحسد عند الله يمناهُ

سوح الجهاد تلقاه وتسقاهُ

قول نعايش معناه ونخشاهُ

(خلائف) من رسول الله أشباهُ

ممدّح في حمى الإسلام مسعاهُ

للآن يشتط مغزاه ومرماهُ

من كل مستكبر عبدٍ لدنياهُ

عصائب أهل بيتٍ صانه اللهُ

بريئةُ الدم من ذئبٍ تبنّاهُ

بكل ما يتشهاه ويأباهُ

مستعمرٌ بالذي يمتصُّ تيّاهُ

وليس يعرف إلا الله عقباهُ

عن كل مااستطعت من غوث‌ستجزاهُ

ما كل من يتمنّاه يلقّاهُ

كأنـــها دون كل النــاس تهواهُ

المخلص الأمين محمد مهدي الجواهري

18/6/1992

والقصيدة الأخرى التي أشار إليها الشاعر في رسالته إلى خامني تحت عنوان «إيران» ونصّها:

إيران عاد الصبح من أفراح

سبحان من يسع الفتى وغروره

ولقد بكيت لفرط ما طمح الردى

قالوا سكتّ وأنت أفظع ملهبٍ

حتى على صور الملاح أثارةٌ

فعلام أُبدل وكرُ نسرٍ جامحٍ

فأجبتهم: أنا ذاك حيث تشابكت

قد كنت أرقب أن أرى راحاتهم

لكن وجدت سلاحهم في عطلةٍ

قد كنت أُحمل فوق أجنحةٍ لهم

واليوم أحمل جذوة مسعورة

لابد أبرد حرّها فأعرتها

ولقد أقول لصاحبي لم أدره

كن فوق داجية الخطوب وريبها

وتحدّها، فلقد تحدّت صخرةٌ

وارحمتا للجيل دون عذابه

ترمــي بـــه الأطماح في متفجرٍ

حذرَ الفوات، فآذني بصباح

ويمدّه لوحًا من الألواحِ

بأحبتي، فسخرت من أطماحي

وعن الجموع، لزندها قدّاحِ

حمراء من صور لديك ملاحِ

حردٍ بعشِّ البلبل الصداحِ

هام الفوارس تحت غاب رماحِ

مدّت لأدفع عنهم بالراحِ

فرميت في قعر الجحيم سلاحي

واليوم أحمل مهجتي بجناحي

لاشيء ينجدها من الأرواحِ

ريح الصبا، ووهبتها للراحِ

أسيان أم ثملاً، أفق يا صاحِ

وألح من آذيها الذلحاح

طوفان (نوح) ببطشه المجتاحِ

حمم (الجحيم) ومدية الذباح

صخبٍ، وتسقطــه على ضحضاحِ

.