ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 نظرة متعمقة في دلالات وأخلاقيات وقيم ساحات التظاهر في عموم العراق
حامد شهاب
العرب
من مفاخر القدر، وما يبعث في النفس العراقية البهجة والسرور، أن أجيالنا الشبابية الحالية هي من أعادت لنا صياغة معادلة جديدة، تضع خارطة طريق لكيفية خلاص العراقيين، من زمنهم العصيب،ومما مروا به من محن ونكبات ومآس وويلات، تكالبت فيها كل قوى الشر بمختلف مسمياتها وأشكالها، وكانت تدعمها جهات أقليمية ودولية، لاتكن للعراق وشعبه ذو الارث التاريخي العريق، سوى الكراهية والحقد الأعمى، وها هم أجيال العراق وشبابه يملأون ساحات التظاهر في أغلب مدن العراق وبخاصة العاصمة بغداد وساحة التحرير قبلة الثوار، وقد أقسموا على أنفسهم على أن يكونوا هم المثل الأعلى والقدوة الحسنة التي تعيد لوجه العراق إبتسامته المتفائلة المتسامحة ودوره الوطني والتاريخي المعطاء، لبلد وهبه الله من الثروات والعقول الناضجة المتفتحة ما يشكل مفخرة ونقطة إنطلاقة لمستقبل مشرق، وركيزة لأية نهوض الى حيث سلالم المجد، وما يرفع رؤوس العراقيين الى علياء السماء.
ولو تعمقنا في مدلولات وقيم ما أقرزته ساحات التظاهر في بغداد وفي محافظات أخرى لوجدنا أنها تحتاج الى أن يغوص الباحثون والنخب الثقافية في أعماق بحورها ليكتشفوا اللآليء والدرر التي أعادت لهم الأمل بإنفراجة خير معطاء، نشم روائحها االعطرة وعنفوانها الشامخ، وهي قد وضعت لنا، مسارات ثورية إيجابية، تخطت فيها الانماط القديمة، لتبتكر وسائل أكثر تطورا واكثر قدرة على المواجهة، وبالاساليب الديمقراطية نفسها التي زعم العالم الغربي أنه جاء بها الى العراق ليقيم دولة الحرية والتحضر، واذا به يعيدنا الى القرون الوسطى.
وندرج في أدناه أهم ما أفرزته ساحات التظاهر من معطيات ودلالات تمتد تأثيرها لأجيال مقبلة، وهي كالآتي:
1. إن مواقف أؤلئك الفتية والشباب الابطال الميامين وما أفرزته مواقفهم الوطنية الايجابية المسؤولة من معطيات ودلالات تؤكد بالملموس أن فجر العراق ونجمه بدأ يبزغ، وتشرق أنواره الوضاءة، لتعيدنا الى أمجاد بغداد، وايام زهوها وعزها وفخارها، وهي التي كانت عروسة الدنيا المزدانة بكل جواهر الزمن الجميل ولآليء درره، وأثيابه الجميلة وطبيعتها الساحرة الخلابة وحدائقها الغناء، لتزيح طغمة أفسدت البلاد وحاولت تخريب أمزجة وقيم العباد، لتنزل بها الى قاعها السفلي المنحط، لكي يكون بمقدورها تنفيذ رغبات حقدها الدفين واطماعها الشريرة، لكن محاسن القدر العربي، هي من حركت الاجيال العراقية لتكتب صفحة تحد ونهوض واقتلاع لمتاريس التخلف والإنحطاط، وتعيد للبلد هيبته ووقاره ويكون مفخرة لدول المنطقة وشعوبها وللعالم، ولتؤكد لدول المنطقة والعالم أجمع أن الثورة الشبابية التي بزغ فجرها في عراق الديمقراطية الجديد، هي ثورة من نوع خاص، تتخطى الأطر الانقلابية السابقة للثورات الشعبية للانتقال بالمجتمع العراقي من حالة النكوص والاخفاق واليأس، بعد فصول دامية ومريرة من حكومات تعاقبت على هذا البلد من عام 2003 وحتى الان، كي تزيح وجوهها الكالحة، وتضع حدا لجورها وظلمها وطغيانها وفسادها وانتهاكها للحرمات وتعديها على كرامات البشر، وهي إنتقالة نوعية وقفزة متطورة، نقلت الوعي الشعبي من الاجيال الشابة الى النخب والكفاءات وعامة الشعب وحفزتها على المشاركة الواسعة، فكانت أن أقامت متاريس صلبة للمقاومة الباسلة، ليس بمقدور السلطة مهما إمتلكت من أجهزة وسطوة وقوى ارهاب أن تقف بوجهها او تحول دون تنفيذ أهدافها المشروعة في بناء عراق جديد، يطمح بالحرية والانتقال به الى حيث مسارات الانفتاح على التطور العالمي وميادين تقدمه ونهوضه، وقد كتب الله على ايدي شبابنا المتفتح وصبرهم وجلدهم ومطاولتهم، ان يكونوا على مستوى التحدي، فكانوا بحق رجالا ميامين وابناء بررة، أعادوا فعلا صياغة فجر عراقي مشرق وضاء، وها هي الاجيال العراقية تصتع غدها بسواعد أبنائها، وأرغمت السلطة الجائرة على احترام ارادتها والخضوع لمتطلباتها العادلة والمشروعة لاعادة تشييد وطن افتقده العراقيون منذ عقود، وها هي الاجيال العراقية تعيد بنائه الشامخ، في صمود إسطوري قل نظيره في هذا الزمن، وكتبوا في سفر تاريخهم انهم فعلا المبشرين بعهد جديد، بعد ان مرغوا أنف السلطة وواجهوا جبروتها بصدورهم العامرة بالايمان، وقدموا على مذبح الحرية عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمصابين والمختطفين والمغيبين، لكن كل ما واجهوه من ترويع وقتل واختطاف وتنكيل لم يوقف زحفهم وتحديهم البطولي، فكانوا أشرعة المجد التي إنفتح أسارير شموخها الى العلياء، لترتفع بهم هامات العراقييم مجدا وكبرياء، فكانوا أسطورة الزمن العراقي وكبريائه، وهم رفعة رؤوسنا وتاج عزنا ومن نتفاخر بهم بين الأمم.
2. إن مآثر ساحات التظاهر وما أفرزته من سلوكيات متنورة وأصيلة أعادت بناء شعب بأكمله، فهي من أوقدت بين الكبار والوجهاء والنخب الثقافية بانهم أصبحوا منارة فخر بهذه الاجيال التي هبت وأسهمت في رسم صورة هذا العنفوان الشامخ، لكي يهب الجميع لمساندتهم ودعمهم، وأصبح لديهم قناعة أن شعبا يمتلك هكذا جيل وطني غيور على وطنه وشعبه، هو من يكون الأمل المرتجى في بناء العراق الشامخ الحر الكريم، لكي لاينام الظلم ويجثم على صدورنا لفترات طويلة، وعندما تغيب العدالة ويستشري الفساد الى حدود مرعبة ويتوقف نزيف الدم العراقي وسرقة ثروات الشعب، لابد من شباب واع مقتدر سلاحه الايمان بشعبه لكي يزيحوا تلك الغمامة التي جثمت على صدور العراقيين واعادتهم الى ظلام القرون الوسطى، وها هم شباب العراق وأجياله الأبية رفضت كل تلك الممارسات غير الأخلاقية، بعد إن شعرت أن الظلم وغياب العدالة والعوز والفاقة قد إٍستشرى وإمتد بين العراقيين الى حدود مرعبة، حتى ضاقت بهم سبل الحياة، بعد إن بلغت القلوب الحناجر، ولم يعد للصبر من منزع كما يقال، إلا أن يثأر شباب العراق ويعيدوا رسم خارطة طريقهم الى حيث بلوغ الذرى، وهم يستحقون منا كل إجلال وتقدير، في انهم كانوا في مستوى الحلم العراقي الكبير، وهم من رسخوا إسطورة بطولة فريدة، أصبحت مفخرة العالم كله، الذي يحفظ لأجيال العراق أنهم البررة الأوفياء الذين حفظوا الارض والكرامة وصانوا الوطن وحافظوا على شرف العراقيات والعراقيت من الامتهان.
3. إن تلك الممارسات القيمية البالغة الأثر التي يراها أطفال العراق ويافعته في ساحات التظاهر، ستكون نبراسهم وسلوكهم اليومي في المستقبل عندما يكبرون، بعد إن تعلموا فنون الممارسات الديمقراطية، وكيف يرسمون طريق مستقبل النهوض العراقي، وترى أطفال العراق ويافعوه يرددون أهازيج ساحات التظاهر ويقلدون ممارساتهم السلوكية الرجولية الاصيلة ليمنحونهم في المستقبل طاقة إضافية،بعد إن نهلوا من تلك السلوكيات الايجابية الفاعلة والمحببة الى نفوسهم، وكأنهم فرسان المرحلة وهم وسام عزها وشرفها، ومن يتفاخرون بها مع أهليهم ومع حبيباتهم على إنها المثل الطيب الذي زرعه شباب ساحات التظاهر، حيث سيكون معينا لا ينضب لهم لتمثل قيمهم وانماطهم السلوكية في البطولة والاقدام، وفي الاستفادة من عقولهم المتفتحة في رسم طريق مستقبلهم، وهم يتكئون على ماض عريق وحضارات زاهية وبطولات شعب عريق له جذور ضاربة في أعماق التاريخ، وثورة الشباب الحالية كرست لديهم الامل والحلم والبناء الاصيل، وهم من يتفاخرون بين أوسط مجتمعهم بأنهم الشبان الميامين القادرين على أن يعيدوا للوطن هيبته وللدولة مكانتها وأساسها المتين لكي يبقى بلدهم مصانا مهابا، لايخشى في الله لومة لائم.
4. ما ان تنظر الى أطفال العراق وممارسات شبابه ويافعيه بتلك الصورة الجمالية السارة والمشرقة، وما أرسته ثورة الشباب من قيم وممارسات غاية في الأهمية والدلالات الكبيرة، حتى يتوصل الكثيرون الى إن تلك الثورة وممارساتها وقيمها وأخلاقياتها، أصبحت لهم مثلا أعلى وقيما مقدسة، وهي محل فخرهم ومآلهم الى حيث المكانة التي يستحقون عندما يكبرون، فلا خوف على أجيال العرق المقبلة التي تعلمت من ساحات التظاهر كيف تكون الشجاعة وكيف تكون صور التضحية والاقدام والفداء وتقديم الغالي والنفيس من أجل الوطن وحفظ كرامة شعبه عندما تتعرض الى الإمتهان، وكانت ساحات التظاهر مدرسة وأكاديمية تغترف منها الاجيال المقبلة معينها الشامخ لكي تتقدم الخطى وترسم معالم الطريق الجديد، وهي التي لديها أرث شبابي وقيمي وسلوكي وحضاري واجه أقسى حروب السلطة واجهزتها، واوقفها عند حدها، وهم أي أجيال العراق الحالية من سيكونون المثال الذي يحتذى للاجيال المقبلة في ان يتعلموا منهم الحكمة والشجاعة والاقدام وكل صور الرجال الميامين، الذين تفتخر أمهاتهم بهم وانهن من أنجبنهم من أجل ان يبقى صرح العراق شامخا بالعز والكبرياء، ولتبقى راية العراق ترفرف في الأفاق شامخة على مر الزمان.
5. إن اطفال العراق وناشئته ويافعيه سيكونون عنوان الثورة المقبلة، وهم من سينقلون شرارة وحرارة تلك القيم الى المجتمع العراقي الى عقود قادمة، وستكون مدخلا لتغيير وطني شعبي عراقي، أرسى أول أسس لنظريات أخلاقية ووطنية عليا، بنت إستراتيجية السلوك المستقبلي التحرري المقدام الذي لا يعرف لغة الجبن والخوف، وكأنه يزرع لدى الكبار الأمل والتطلع بأن شباب اليوم هم أجيال المستقبل الواعد الذي لا يعرف المستحيل، وهو لن يكون في موائمة مع أية سلطة حاكمة إن لم تكن عادلة مع شعبها وتوفر له الأمن الأمان والحرية والكرامة والعيش الرغيد.
6. لقد ترسخت لدى اطفال العراق وشبابه اليافعين فكرة التمرد على الحاكم الطاغية وعلى قوى البغي والتسلط إن خرجت عن الطريق القويم ومارست التسلط والدكتاتورية أو أشاعت الفساد والرذيلة، وله من ساحات التظاهر بكل دمويتها وما واجهاته من آلة القتل وممارسات الترويخ والاختطاف والتغييب وعدم احترام قيم الديمقراطية في أبسط أشكالها، أن هذا الجيل الجديد أعاد لهم فكرة الثورة لتغوص في أعماق وعيهم وتفكيرهم، ولكي يكون بمقدور الاجيال المقبلة اذا ما واجهت إنحرافا كالذي يشهده العراق منذ اكثر من 16 عاما، أان يكون بمقدوره إزاحته من على واجهة السلطة، ولديه من المجتمع الدولي مايدعم توجهاته، وبخاصة أن الاجيال المقبلة لن ترضى بالذل والمهانة، ولن تقبل برغيف خبز مغمس بالمذلة، وهي التي رفعت رأسها من خلال ممارسات ثورة عميقة الأثر واجهت السلطة فيها بكل كبروتها واحزابها وبطشها والعصابات التي تدعمها وتقف وراءها كونها المستفيدة من واجهة الدكتاتورية وهي من أمدتها بوسائل الإستمرار لفترة أطول، ولولا أخطبوط الفساد ما بقيت تتمترس كل تلك الفترة وترتكب الموبقات واعمال القتل والترويع والاجرام بحق شعبها، وقد جرعته مرارة كل تلك السنوات العجاف، كؤوس الحنظل.
7. وما يسر الخواطر أنه ليس أجيال العراق فقط هي المستفيدة، بل هم رسموا خارطة طريق لأجيال المنطقة والعالم ربما، ليكونوا مثلهم الأعلى في مواجهة جبروت السلطة ودكتاتوريتها، عندما تمارس الإستبداد والطغيان وإذلال الشعب وكيف يثور الشعب ويثأر لكرامته، وكان أطفال العراق وشبابه المدرسة السلوكية النموذجية الايجابية المتقدمة في الوعي والسلوك، وهم من يتطلع اليهم العالم ليكونوا أنموذجهم المفضل، حيث ما أن يذكر العراق حتى تذكر بطولات ثوار ساحات التظاهر وكيف قدموا للعالم صورا رائعة في التضحية والفداء، والاصرار على انتزاع الحقوق وارغام السلطة على الاعتراف بحقوق شعبهم، وكيف أعادوا الوطن المسلوب من أيدي السلطة الغاشمة وأعادوه للشعب، بفضل صمودهم الإسطوري وعقولهم المبدعة التي تحملت أشد صنوف العذاب والضيم، الى أن تحقق لها الانتصار، في أنها هي من تفرض مطالبها على الحاكم، وما على الحاكم الا ان ينفذ مطالبهم المشروعة ويرضخ لإرادتهم، والا سيكون مصيره السقوط المريع، وأسقطوا حكومات ومتاريس سلطة، بإرادتهم الفولاذية التي صنعت المستحيل، وها هم ابطال العراق وشبابه أصبحوا مثلا أعلى لشباب العالم، وهو فخر للعراقيين جميعا أن من الله عليهم بمثل تلك الاجيال الشبابية المتفتحة صانعة البطولات والانتصارات والملاحم،وكان لها في سوح المواجهة مايرفع رأس كل عراقي الى السماء.
8. إن ساحات التظاهر لن يتوقف جريان نهرها المتدفق، وهي ستبقى مثل الشلالات التي يتدفق ماؤها العذب الهادر، وستبقى شمسها مضيئة، وزرعها يملأ الافاق بهجة وحبورا، فهم من رسموا خارطة طريق العراق نحو الخلاص من أنظمة العبودية والمذلة والمهانة الى حيث يشعر العراقيون بانهم أصحاب كرامة وغيرة قلما تجد لهم في الدنيا مثيلا.
9. لقد رفض هؤلاء الشباب أية شكل من أشكال الوصاية والتبعية للآخر، ورفضوا ان يكون العراق ذيلا تابعا لهذه الدولة او تلك، واستهجنوا صور العمالة التي غرق بها الساسة حتى آذانهم، وأكدوا أن العراق للعراقيين ولن يكون بلدهم من حصة أحد، او ذليلا تابعا لاحد يريد ان يتآمر على شعبه أو يهيمن على مقدراته، لا من ايران ولا من أميركا او دول الجوار الاخرى، فهم عراقيون أولا وأخيرا، ويرفضون ان يكونوا عبيدا لا سمح الله للآخر المتحكم في رقاب العراقيين ومن تسلطوا عليهم وحرمومهم من فرصة ان يبنوا وطنا كريما يرفل بالعز، وأصبح الولاء للعراق ولشعبه، ومن يريد ان يكون تابعا للآخر فليس له مكان في العراق الجديد.
10. ويحفظ العراقيون لساحة الحبوبي في ذي قار وساحة التحرير في بغداد أنها كانت عنصر التوازن في معادلة البطولة العراقية، وهي من رفدت ساحات التظاهر في النجف وكربلاء والكوت والمثنى وبابل والديوانية والبصرة وميسان، بعناوين الشموخ والكبرياء، وقدمت كل الساحات شهداء بالمئات وجرحى ومصابين بعشرات الالوف، لتسجل عنوان مفخرة عراقية أصبحت محل فخر وتقدير عال، ولولا الناصرية ما صمدت ساحات التظاهر الاخرى، فهم القدح المعلى ابطال ساحة الحبوبي الذين كان لهم الفضل أن يثبت شباب بغداد بعد إن تعرضوا لمختلف صنوف القتل والترويع والاختطاف، كما حال أهل ذي قار وشبابها الأشاوس، وهم من أسهموا في ابقاء جذوة التظاهر مشتعلة، بعد إن أراد غربان السلطة والجماعات الخارجة عن القانون إطفاء نورها وجذوتها المتقدة الى أن حفظ الله شباب ذي قار والنجف وكربلاء وبغداد، التي تعد مصدر الثورة وشعلتها الوهاجة، فلهم من شعبهم العراقي الأبي كل الثناء والتقدير والعرفان بالجميل.
11. إن ثورة شبابية تمتلك كل تلك المواصفات، يحق لها أن تكون الصوت الهادر وهي مثل أعلى لشعوب العالم والمنطقة، فهي محل فخرهم وثنائهم، وهم أي شباب العراق، من أعادوا الأمل لشعوب العالم أجمع التأكيد أن من يريد أن يواجه الطغيان وجبروته، فما عليه الا أن يتمثل بقيم ثوار العراق الأشاوس وبطولاتهم وممارساتهم السلمية طيلة أكثر من أربعة اشهر، فقد صنعوا فجرا عراقيا مكللا بالغار، وهم من تنحني لهم دول العالم إكراما لوقفتهم..وهم مثلها الأعلى على كل حال.
12. إن أحداث كورونا وتداعياتها، حتى وان أوقفت حركة ساحات التظاهر وخفت بريقها بعض الشيء، بسبب عدم قدرتهم على اعادة تجمعاتهم بزخمها السابق، لابد وان يتم اجتياز محنتها، ويعود التدفق الشبابي الى سابق عهده وربما يكون أقوى مما كان، فهم لم يتركوا ساحات التظاهر، بل خففوا من زخم تواجدهم فيها، وبقيت خيمهم ومواقع تجمعاتهم السابقة يتناوب عليها الشباب، لكي تبقى شعلة وهاجة، وكم أراد الكثير من ساسة السلطة واحزابها إاطفاء نورها ووهجها، لكنهم أخفقوا في وقف تدفقها، وها هم الان بدأوا بالعودة الى ساحات التظاهر، ليراقبوا المشهد، ويعيدوا حضورهم البهي، وهم من سيفرضون وجودهم وتبقى كلمتهم وصوتهم الهادر، يتلألأ وهاجا، ويسمع من به صمم.
هذه هي خلاصة القيم وخارطة الطريق التي أشادتها لنا سواعد أجيالنا الشبابية العامرة بالإيمان، بعد إن عرفت كيف تشق طريق نهوضها، وتواجه أخطبوط السلطة وجبروتها ومتاريسها، وترغمها على الإنقياد والتسليم بمطالبها العادلة والمشروعة، وهي مطالب شعب بأكمله، أبى إلا أن يشارك تلك الأجيال ثورتها الصاعدة، ويسندها بما يستطيع ويقدم لها كل وسائل الدعم الممكنة، لكي لايتهاوى بريقها، وتبقى بعون الله وكما عهدها العراقيون، بيارق خير وبشائر فرح، بعد أن أقسمت على أن تبقى راية العراقيين خفاقة موحدة تحت ألوانها الزاهية،بكل أطيافها ومكوناتها ونخبها وبسطائها وتراثها وثقافاتها، لكي يشارك العراقيون جميعا في صنع قرارهم الوطني، ويرفضوا كل محاولات التدخل في شؤون العراق والهيمنة على مقدراته، وتكون كلمة هؤلاء الشباب الميامين وشعبهم الطيب المعطاء هي العليا، وكلمة أعدائه ومن أرادوا له الشر والضغينة هي السفلى، وإن الله على نصرهم لقدير.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 كيف ستتعامل امريكا مع العراق بقيادة رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي؟
الدكتور جواد الهنداوي
راي اليوم
لاعبان أساسيان يتقاسمان او يتنافسان الأدوار في التأثير على المشهد السياسي والأمني العراقي وهما امريكا وايران، وكلاهما خاضا حروباً مع العراق، و كلاهما والضحيّة (العراق) تكبدوا خسائر في الأرواح و الثروات .
ايران والعراق يتشاطران حدود طويلة وعريضة بأكثر من 1450كيلومتر، برية و مائية، وايران، في استراتيجيتها تعتبر العراق جزء من أمنها القومي ، وهذا ما يفسّرُ نفوذها و دورها في العراق، وتدخلها و مساعدتها العراق في محاربة الإرهاب وداعش.
امريكا، ورغم احتلالها العراق و قواعدها العسكرية وتدخلها ونفوذها فيه ،فهو ( ايّ العراق ) ليس جزءاً من أمنها القومي والاستراتيجي، جغرافية الامن القومي الامريكي في المنطقة (الشرق الاوسط) تتمثل، ليس في العراق، وانما في اسرائيل و دول الخليج.
العراق بالنسبة لأمريكا هو الساحة الخلفية لجغرافية الامن القومي الامريكي في المنطقة، بعبارة أخرى، امريكا تنظر للعراق وتتعامل مع العراق على ضوء المصلحة الاسرائيلية وعلى ضوء المصلحة الخليجية باعتبار هذه المصالح هي جزء من مصلحة الامن القومي الامريكي . تصريح الرئيس ترامب الأخير، والذي يصف فيه الاحتلال الامريكي للعراق بالخطأ الكبير والجسيم، يعّبر بصراحة عن ثانويّة المصلحة الامريكية في العراق، لم يترددوا رؤساء امريكا السابقين، والرئيس الحالي، بالتصريح بأنَّ سياستهم في العراق هو لاحتواء ايران و الحد من نفوذها، ولضمان امن حلفاءها في المنطقة .
ايران تعمل باستراتيجية ثابتة و واضحة و صريحة تجاه العراق والمنطقة: استراتيجية ثابتة بمعنى غير قابلة للتغيير بتغيّر رئيس الجمهورية، على خلاف ماهو سائد و معمول به في امريكا، استراتيجية واضحة بمعنى لا يكتنفها الغموض وغير قابلة للتأويل، واستراتيجية صريحة بمعنى خالية من الخداع والتضليل والسّرية في أهدافها، الايرانييون يصرحون علناً بالدفاع عن نفوذهم في المنطقة وخاصة في العراق وسوريا ولبنان وغيرهم .
التفاوت الكبير بين استراتيجية ايران تجاه العراق وسياسة امريكا تجاه العراق يفرز تداعيات ونتائج غير محمودة على العراق .ماهي إذاً تلك التداعيات ؟
امريكا لا تعرف كيف تكسب او كيف تربح العراق، وفشلت في كسب الرهان على العراق، ومستعدة الآن للخروج منه سياسياً و ليس فقط عسكرياً، وقد تكون حكومة السيد الكاظمي آخر المحطة في مسارها في العراق، نتمنى ان تدرك امريكا المُعادلة التالية و أنْ لا تُحّمل رئيس الوزراء ما لا في وسعهِ: في حكم و إدارة العراق لا يكفي الاعتماد على شخص رئيس الوزراء وانماّ ايضاً على واقع وما مُصاب به العراق: وباء الفساد و فوضوية مساره الديمقراطي، ومناعة النظام السياسي تجاه البناء والتطور، رضيت امريكا بمجئ السيد عادل عبد المهدي رئيساً للوزراء واستبشرت بقدومه الخير، حتى ان السيد ماكغورك، ممثل الرئيس الامريكي لقوات التحالف الدولي في العراق، اشادَ بكفاءة وبخبرة ثلة من وزراء السيد عبد المهدي، ولكن حينما فرض واقع العراق على السيد عبد المهدي (رئيس الوزراء السابق)، تبنيه مساراً ازعجَ اسرائيل ولم يزعج ايران، خسرَ الرجل رضا امريكا و رضخَ و استقال ،بينما الاحتجاجات الشعبية لم تكْ ضده فحسبْ وانما ضّدَ النظام السياسي وضّدَ مجلس النواب ،ايّ ضّدَ السلطتيّن التشريعية والتنفيذية.
ليس فتح المعبر الحدودي مع سوريا ، ولا الاتفاق الاقتصادي الصيني العراقي ، ولا اتهامه لاسراييل بقصف وحدات عسكرية عراقية، هي وحدها اسباب الغضبْ الامريكي تجاهه، وانما السبب الأساسي هو انه (واقصد السيد عبد المهدي ) لم يقمْ بما فيه الكفاية لإزعاج ايران او العمل لتقليص نفوذها (وهو أمرٌ عجزت عنه امريكا ذاتها) او الانفتاح نحو التطبيع مع اسرائيل!
السؤال هو هل ستستمر امريكا بأملها و بحلمها مِنْ ان يكون عهد السيد الكاظمي مناسبة لما ترجوه ، وما لا تستطيع هي من تحقيقه ، الأ وهو تقليص نفوذ ايران و انخراط العراق في صفقة القرن و حّل الحشد الشعبي؟
نأملُ ان تغتنم امريكا فرصة وجود السيد الكاظمي حُجّة لجعل سياستها تجاه العراق والمنطقة عقلانية و واقعية وتساهم في أمنه و استقراره و امن واستقرار المنطقة ، و تساهم في تطويره اقتصادياً.
كتبت صحيفة ويل ستريت الصادرة في 2020/5/7، من انَّ سبب إقدام امريكا على سحب بطاريات باتريوت وبعض طائراتها من المملكة العربية السعودية هو انَّ ايران لم تعدْ تشكّل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة، في صحة هذا الخبر أملاً كبيراً في خفض التصعيد في المنطقة و جرّها نحو السلام والاستقرار، أمرٌ، إنْ تحققْ، سيكون من مُسببات نجاح الكاظمي في مهامه وعمله ، و قدْ تعزّزَ هذا الرأي (ايران لم تعدْ تشكّل تهديداً لمصالح امريكا في المنطقة) بقرار أمريكي يسمح للعراق بالاستمرار باستيراد الوقود لاستهلاك الكهرباء من ايران ولمدة أربعة شهور بدلاً من شهر واحد .
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3 اقتدوا بالإمام الحسن إذا كنتم شجعاناً يا حكام طهران
افتتاحية السياسة
ثمَّة قناعة راسخة لدى المسلمين كافة، سنَّةً وشيعةً، أنَّ الإمام الحسن بن علي، سعى إلى درء الفتنة بين المسلمين من خلال صلحه مع معاوية بن أبي سفيان، وذلك حقنا للدماء، في وقت كانت أصابع المتآمرين الطامعين بالحكم تقدح شررها.
في هذه الأمثولة التاريخية ثمة عبر، للأسف، لم يدرك معانيها من يتمسحون اليوم بسبط رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فيحاولون توظيف سيرته لمآربهم الشخصية، من خلال اللعب على عواطف الايرانيين عموما، وأنصار الإمام الحسن خصوصا.
أمس، وفي ذكرى ولادة هذا الإمام، غرد مرشد الجمهورية الايرانية علي خامنئي، ممتدحاً ما أسماه “الشجاعة المرنة” التي تحلى بها الحسن بن علي في صلحه مع معاوية، وقوله:” أعتقد أن الإمام الحسن المجتبى هو أشجع شخص في تاريخ الإسلام. حيث استعد للتضحية بنفسه وباسمه بين أصحابه والمقربين منه، في سبيل المصلحة الحقيقية، فخضع للصلح، حتى يتمكن من صون الإسلام وحماية القرآن وتوجيه الأجيال القادمة في التاريخ في وقتها”.
في هذا السياق نسأل السيد الخامنئي: أليست ما تسمونها “ثورة إسلامية” مستلهمة من سيرة الامامين الحسن والحسين، رضي الله عنهما؟
أليس حقن دماء المسلمين، بل البشر جميعا من ثوابت الاسلام؟ فلماذا لا تقتدون بهما، وتسعون المسعى الذي سار فيه الإمام الحسن، فتركنون إلى علاقات حسن الجوار مع جيرانكم، الذين منذ أربعين سنة، يمدون لكم يد التعاون والصداقة، لكنكم تقابلونها بالإرهاب والتجسس والتهديدات، والكشف يوميا عن أطماع جديدة؟
أليس الذين على الضفة الغربية للخليج العربي من المسلمين، ولهم عليكم حق المسلم على المسلم كما قال رسول الله: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”، أم أنكم تفسرون الإيمان على طريقتكم وهو تغييرعقائد المسلمين؟
منذ زمن سعت دول “مجلس التعاون” الخليجي، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، الى الحوار معكم من أجل مستقبل المنطقة واستقرارها، غير أنكم رفضتم ذلك، ولا تزالون الى يومنا هذا تردون الحسنة بالسيئة.
حتى في الحرب العراقية- الإيرانية، رفضتم كل الوساطات، وتحديتم العالم، لكن عندما فرضت عليكم الهزيمة بعد دمار البلدين والخسائر البشرية الهائلة التي تكبدها الايرانيون والعراقيون، أقدم سلفكم الخميني على توقيع قرار وقف إطلاق النار بعدما قال في خطاب إذاعي: “ويل لي (…) أنا أتجرع كأس السم (…) كم أشعر بالخجل لموافقتي على اتفاقية وقف إطلاق النار”.
الامام الحسن لم تكن لديه عصابات إرهابية تحت مسمى “أحزاب الله” تعيث إرهابا وتدميراً في الدول، أكان في لبنان المعزول حاليا، عربيا ودوليا، والواقع بين فكي كماشة الفقر بسبب الحصار الذي جلبه صبيتكم عليه، أو في العراق الغارق في أزمة مستعصية، بعدما جعله أزلامكم بلدا مدمرا مديونا بسبب نهبهم ثرواته ونقلها الى ايران.
أما في اليمن فالعالم كله يشهد على ما تفعلونه يوميا، وكيف أن شرذمة من العملاء ترهن مصير 26 مليون نسمة للعبث والخراب والموت، وتمعن في الاعتداء على الجيران منذ نحو خمس سنوات، تلبية لأوامركم، أما سورية حيث أججتم الحرب بين أبناء البلد الواحد، وسفكتم دماء الأبرياء، فقد ضجر منكم حتى اتباع النظام، وفرضوا عليكم البدء في سحب قواتكم.
لم تقتصرعدوانيتكم على العالمين، العربي والإسلامي، بل جعلتم من أميركا الجنوبية معسكراً لغسل الأموال، وتهريب المخدرات، كما ساعدتم بأفعالكم تلك على زيادة الخناق على فنزويلا التي نهبتم ذهبها حين أسقط بيدكم، وضاق عليكم الحصار.
الإمام الحسن كان يسعى الى رخاء المسلمين، وليس الى إفقارهم كما فعلتم بإيران، هذه الدولة التي كانت في عهد الشاه على أبواب نهضة كبيرة، في المجالات كافة، الصناعية والزراعية والتعليمية، بينما شعبها اليوم، وتحت حكمكم منبوذ في العالم بسبب سياستكم العدائية، ولو كانت إيران استمرت على تلك السياسة لأصبحت قطب الرحى في الاقليم، ولكانت بالديبلوماسية التي أرساها سبط رسول الله، قد أخذت من جيرانها الكثير، غير أن سياستكم لم تخلف غير الدمار والكراهية، لذلك نأمل أن تكون لديكم يقظة وتقتدون بالإمام الحسن، اذا كانت لديكم الشجاعة المرنة.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4 لماذا رحلت استثمارات عقارية من الأردن؟
نضال البرديني
الدستور الاردن
منذ 10 سنوات أتابع هذا القطاع عن كثب. و تبين لي ما يلي:
١- أن الطفرة التي حدثت في وقت الحرب على العراق و دخول مبالغ ضخمة على القطاع العقاري ضخمت قيمة العقار إلى أضعاف و كان ذلك في حينه جيدا ، فقد استفادت فئات كثيرة من هذه الطفرة .
٢- بعد هذه الطفرة رجع الهدوء واستفاد من هذه الفرصة من استفاد ، ولكن هناك من كان ينتظر أن يحصل على صفقات أكبر وأسعار أفضل وخسر فرصته، و هذه المجموعة لا تتقبل أن يتم العرض عليها بسعر أقل من ٣٠% على الأقل من الأسعار السابقة ، و السوق والتدفقات النقدية عند المستثمرين العقاريين تجعلهم يوجهون استثماراتهم لأسعار العقارات المنخفضة أو سعر اللقطة، أي أقل من سعر السوق .
٣- عدم تنازل أصحاب الأراضي عن أسعار الطفرة و ضغط المستثمرين للحصول على أسعار أفضل أدى إلى بطء في عجلة دوران هذا القطاع .
٤- الظروف الاقتصادية المتتابعة مع تغير أسعار النفط و أثره على تكاليف الاستثمار أدت إلى ارتفاع تكاليف المواد الأولية و تكاليف الأجور مما أدى أيضا إلى تراجع هذا القطاع .
٥- الاستثمار العقاري السلبي ، عمد البعض إلى شراء الأراضي و من ثم بيعها و دوران هذه العقارات بهذه الطريقة يزيد من سعرها لأن رسوم نقل الملكية سيتم إضافتها للقيمة الأصلية بشكل متراكم ، و كان ذلك واضحا في المناطق المرغوبة عند الأغلبية .
٦- إن التذبذب الذي حصل في هذا القطاع أدى إلى أضرار كبيرة على قطاعات المقاولات و الإسكان بالإضافة إلى أن القدرات المالية للأفراد و التجار المبتدئين تتراجع .
٧- كثير من شركات الإسكان الكبيرة أصبحت تتجه نحو العقار التجاري لتقلل من خطورة الاستثمار، لان من يشتري سيكون أيضا تاجرا ووضعه أفضل من الأفراد و لديه القدرة على الإلتزام .
٨- نتيجة لكل ما سبق أصبح مستثمرون عقاريون يبحثون عن خيارات أخرى فوجدوا أن التكلفة الأقل موجودة في تركيا و أن القدرة الشرائية موجودة في الإمارات، لذلك خسرنا مستثمرين واستثمارات بالمليارات.
ما هي الحلول ؟
الحكومة استخدمت ما يسمى خلق القيمة أو القيمة المضافة أو الطريقة العنقودية ، حيث يتم استحداث مساحة كبيرة بعيدة عن مكان الأزمة و بناء مبنى حكومي أو جامعة أو مستشفى و النتيجة تكون أن الأراضي المحيطة تزيد قيمتها لأنها ستكون فرصة لبناء أسواق ومساكن .
الأمثلة كثيرة …
أكبر مثال هو عمان الجديدة في منطقة الماضونة …
و لكن هل هذا كاف ؟
بصراحة هناك فجوة بين توقعات مستثمرين و بين التسهيلات التي تقدمها الحكومة ، هذا ليس رأيي الشخصي لقد سمعته من الكثير من المستثمرين .
نتمنى على الحكومة أن يكون هناك لقاءات أكثر مع ممثلين القطاع العقاري و نتمنى من هيئة تشجيع الاستثمار وضع شروحات كافية على موقعها عن الفرص الاستثمارية في المجال العقاري و كذلك شرح أنواع الشركات العقارية ونشاطاتها وشروطها .