ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 الصين ليست ليبيا
نسيم عنيزات
الدستور الاردنية
في شهر أيلول من عام ٢٠٠٢ قالت شبكة تلفزيون « cbs» الإخبارية الأمريكية إنها حصلت على وثائق تظهر ان قرار غزو العراق اتخذه وزير الدفاع الأمريكي آنذاك دونالد رامسفيلد بعد ساعة من وقوع هجمات ١٢ سبتمبر عام ٢٠٠١ على واشنطن.
وفي عام ٢٠٠٢ نشرت الحكومة البريطانية برئاسة توني بلير تقريرا عن المخاطر التي يشكلها امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل وذلك في محاولة لكسب تأييد الشعب البريطاني والرأي العام لصالح القيام بغزو العراق ولكن الهدف الحقيقي هو السيطرة على ثروات العراق النفطية والمنطقة بأسرها.
وبعدها توالت التصريحات الأمريكية على لسان مسؤوليها عن أسلحة العراق الكيماوية ومدة خطورتها وأخذ الإعلام الغربي برمته يضخ مواد إعلامية كل ساعة لكسب الرأي العام الغربي وإيجاد المبرر لضرب العراق الذي ثبت بعد الغزو زيف وكذب هذه الادعاءات.
وهذه المرة وفي ظل جائحة كورونا وبعد أن أخذ الأمريكان والغرب التقاط أنفاسهم من آثار الكارثة اخذوا يوجهون أصابع الاتهام إلى الصين بأن الفيروس قد خرج من معهد علم الفيروسات في ووهان الصينية التي تحاول الأخيرة نفي كل هذه الادعاءات.
ومع جدلية وخلاف العلماء على هذه الفرضية بين مؤيد ورافض أخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يهدد قائلا في إحدى إطلالاته اليومية الصحفية بأن الصين ستواجه عواقب اذا كانت مسؤولة عمدا عن جائحة كورونا حيث أصبحت هذه القضية مادة مهمة ودسمة للاعلام الأمريكي.
وفي مشهد يكرر نفسه كما حدث للعراق انتهج مسؤولو الغرب نفس الأسلوب حيث عبرت استراليا عن قلقها من الصين مطالبة بتحقيق وكذلك غمزت فرنسا تصريحا وتلميحا وكذلك بريطانيا على لسان وزير خارجيتها المكلف برئاسة الوزراء مستغلين تحديث الصين بياناتها حول أعداد الوفيات في ووهان.
ان هذا الامر يقودنا إلى سؤال هل يريد زعماء هذه الدول التغطية على فشلهم في إدارة الأزمة وتأخيرهم في الاستجابة مع تداعياتها التي أحدثت آثارا مدمرة لديهم من خلال توجيه هذه التهم خاصة الرئيس الأمريكي المقبل على انتخابات بنهاية هذا العام وما يتعرض من انتقادات على هذا الموضوع من خصومه الديمقراطيين.
ام انه بالفعل ستستغل هذه القوى جائحة كورونا للانتقام من الدب الصيني القادم بقوة إلى زعامة العالم لما يمتلكه من قوة عسكرية واقتصادية.
لكن هل ستتمكن هذه القوة من فرض شروطها وتحميل الصين كافة المسؤولية؟.
ام تعتقد هذه الدول ان الصين ليبيا ثانية في حادثة لوكربي ام ستكون ضحية كما العراق ام ان كل هذا زوبعة بفنجان؟.
لا اعتقد ذلك في ظل تحالف الصين القوي مع روسيا وإيران وبعض دول شرق آسيا التي تسعى إلى القضاء على الهيمنة الأمريكية.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 نبوكو – نبوخذنصر
خالد القشطيني
الشرق الاوسط
ظهرت في القرن التاسع عشر الحركة الصهيونية بوصفها ردَّ فعل ضد انتشار وتعاظم الحملة العنصرية المعادية للسامية. وبوحي الفكرة الصهيونية ظهرت أعمال أدبية وفنية عدة بقلم يهود وغير يهود، تُصوّر قيام دولة يهودية تحتضن اليهود؛ كانت منها الرواية التي كتبها هيرتزل؛ أبو الحركة الصهيونية، بعنوان «وطن قديم – جديد». صوّر فيها قيام الدولة اليهودية وكل ما تميزت به من حضارة ومدنية.
انقرض معظم هذه الأعمال الأدبية باستثناء رواية هيرتزل التي تبنتها إسرائيل والمنظمة الصهيونية. ولكن كان بين الأعمال التي انقرضت رواية مسرحية فرنسية، لم يكن لها أي شأن. وكانت تمثل هجوم البابليين على القدس أو «أورشليم»، كما جاء اسمها في الرواية، واستعباد سكانها اليهود وسَوْقهم إلى بابل.
قرأ المؤلف الموسيقي الإيطالي الشهير غوسيبي فيردي هذه المسرحية. وكان قد صاحبه الفشل في محاولاته الأوبرالية وعقد العزم على التنحي عن دنيا الأوبرا. بيد أن المسرحية الفرنسية أثارت فضوله واهتمامه وأوحت له بمواصلة مسعاه الأوبرالي بتأليف أوبرا جديدة تستوحي الفكرة الصهيونية عن مصير الدولة اليهودية. ولا بد من أنه سمع كل هذا الضجيج عن إقامة هذه الدولة. كلّف أحد المختصين بكتابة النص مع تجاوز المصداقية التاريخية، كما يحدث دائماً في عالم الأوبرات.
وكان أول خروج له عن التاريخ تغيير اسم الملك نبوخذنصر إلى «نبوكو» ليسهل على المغنين تلفظه. كما خلط بين هويته ملكاً بابلياً وكونه ملكاً آشورياً. وتراكمت المغالطات التاريخية. لا يذهب المرء للأوبرا ليتعلم التاريخ، بل ليستمع للأغاني والموسيقى. وفي عام 1842 كان العمل قد اكتمل وتدرب العازفون والمغنون بما فيه الكفاية لأداء أدوارهم. وهكذا قُدمت هذه الأوبرا الخالدة ليلة التاسع من مارس (آذار). وكانت ليلة خالدة أعادت غوسيبي فيردي إلى دنيا التأليف الأوبرالي. استمعت إليها فهزّتني مقاطع كثيرة منها، ما لبثت أن شاعت في العالم الموسيقي، كالأنشودة الخالدة للأسرى اليهود يتغنون فيها بذكريات وطنهم في أورشليم، وحنينهم للعودة إليه، ودعائهم للرب ليخلصهم من عبوديتهم.
من المقاطع الموسيقية الأخرى التي هزّتني وخلّدت في ذهني المارش الموسيقي للجيش البابلي. ويظهر أن غوسيبي فيردي قد تأثر به أيضاً، فراح يردد ضرباته الإيقاعية في شتى المواقف.
بيد أن المصداقية التاريخية لهذا العمل قد تمزقت كلياً. فبطل الأوبرا، نبوكو يدخل في حلم سوريالي يعرّضه للهوس والجنون، فبينما يهتف قادته بعزمهم النازي على إبادة كل اليهود، نرى نبوكو يتحول إلى الإيمان بدين اليهود وينضم إليهم ويعطيهم الحرية في العودة لوطنهم.
قلّما يوجد عمل أوبرالي من دون جوانبه الغرامية. هناك مغنيات على المسرح ينتظرن أدوارهن ليغنين ويصرخن في آذاننا، وإلا فما معنى مجيئهن وظهورهن على خشبة المسرح؟ نجد خليطاً من السيدات يقعن في حب هذا وذاك من شخصيات الأوبرا. نجد أن ابنة نبوكو قد وقعت في حب سفير يهودا، وهلم جرا… بما عقّد عليّ النص وضَيّع بعض الألحان الخالدة.
وكما قلت أولاً؛ تعبّر نبوكو عن ذلك الهوس الذي اجتاح الساحة الأوروبية في القرن التاسع عشر بصدد أحلام الصهيونية في بناء دولتهم