5 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاثنين

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 هل ستختفي دولة الولي الفقيه بعد العاصفة؟
فاروق يوسف
العرب
بعد أن سقط أكثر من ستين الفا من البشر موتى لا يمكن الاستهانة بالحرب الدفاعية التي تقاوم البشرية من خلالها فيروسا، لا تزال إمكانية القضاء عليه مرهونة بتجارب وبحوث مختبرية لن تعلن نتائجها في وقت قريب.

حرب غير مسبوقة سواء من جهة نوعها أو من جهة رقعتها الجغرافية كشفت عن عيوب خطيرة في تقنيات دفاع الإنسان عن نفسه. لم يكن الاطمئنان القديم في محله. لقد تبين أن جبهة الإنسان بكل تحصيناتها كانت ممكنة الاختراق.

ذلك ما يجعلنا نعيد النظر في مسألة وجودنا على مستويات متعددة.

فإذا كانت القطاعات الصحية في دول متطورة كإيطاليا واسبانيا والولايات المتحدة، تسعى إلى ابعاد شبح الانهيار عنها بصعوبة فهل يمكن التعويل على دول، قطاعاتها الصحية منهارة ولا تؤدي واجبها اليومي في علاج الأفراد بشكل صحيح؟

إيران تقف في مقدمة تلك الدول وتليها دول عربية عديدة تعاني أصلا من تخلف وفقر قطاعاتها الصحية. وإذا كان كذب إيران في احصاءاتها قد صار مفضوحا بالنسبة للعالم بسبب كونها بؤرة وباء فإن دولة كالعراق، تم تطبيع الموت فيها لا يمكن أن تكون ارقامها مصدر ثقة.

فالقطاع الصحي في العراق وفق المعطيات المعروفة لا يمكنه أن يتصدى لأمراض البرد العادية فكيف به وهو يواجه مرضا يضرب الرئة ويقضي على فريسته في وقت قصير؟

عمليا فإن القطاع الصحي تهاوى في العديد من الدول ولم يعد قادرا على تقديم اقل الخدمات نفعا للمرضى. ليست هناك أسرة كافية. كما أن غرف الانعاش تكاد تكون مفقودة. اما أجهزة التنفس فلا يمكن التفكير بوجودها.

لم تكن تلك الدول مستعدة لحماية الأفراد وعلاجهم لذلك اكتفت بالاستعراض الاعلامي وهي تقف مكتوفة الأيدي أمام وباء جعل المجتمع كله مريضا.

ما صار جليا بعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على ظهور الوباء العالمي أن المجتمعات تحتاج إلى وجود الدولة القوية بمفهومها الجذري الحقيقي لا لأن تلك الدولة تدرأ عنه الاخطار الصحية حسب بل وأيضا لأنها تكون مستعدة للتعامل مع تداعيات ما بعد الأزمة والتي تتعلق بالاقتصاد بشكل خاص.

ذلك امتحان حقيقي ستجتازه الدول الحقيقية بصعوبة اما الدول الزائفة وقد سلمت شعوبها للموت المجاني فإنها ستتشبث برجاء الاعتراف الدولي بها باعتبارها دولا على الورق. اما واقعيا فإنها لا تستحق حتى ذلك الاعتراف الذي لا يقدم ولا يؤخر.

أكثر من 190 دولة لها سفراء في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ذلك الرقم يجعل اجتماعات تلك المنظمة أشبه بالحفلة التنكرية. أعتقد أن هناك حاجة إلى أن يكون الرقم كبيرا من أجل تسويغ رعاية المنظمة لمشروع السلم العالمي الذي لا تعترف به دول عديدة.

السلم هو آخر ما تفكر فيه دولة مثل إيران.

إيران دولة معترف بها دوليا وهي عضو في الجمعية العامة للامم المتحدة غير أنها لا تعترف عمليا بميثاق تلك المنظمة الدولية كما أن طريقتها في التصدي لوباء كورونا كشفت عن أنها الدولة الأقل شعورا بالمسؤولية. لقد صدرت إيران الفيروس إلى الدول المجاورة لها مستغلة سطوة ميليشياتها على تلك الدول.

ولكن إيران، بالفيروس أو من غيره، ليست دولة حقيقية ولا تستحق أن تكون عضوا في الامم المتحدة. فهي أولا دولة حرب ولا تحافظ على السلام الدولي وهي ثانيا تعرض أمن وسلامة مواطنيها لمختلف أنواع الأخطار بحثا عن منافع سياسية. ناهيك عن أنها لا تحترم الاعراف الدبلوماسية.

وفي مواجهة وباء كورونا لا تملك إيران سوى الحرس الثوري.

قد ينقذها العالم من خلال مد يد المساعدة إليها ولكن الحقيقة تظل شاخصة. تلك دولة يمكن أن تختفي في سنوات ما بعد العاصفة.

هناك شعوب في إيران تناضل من أجل تقرير المصير. عرب وكرد وأذريون يجمعون على زوال سلطة الفرس.

من المتوقع أن يؤدي فشل النظام الإيراني في مواجهة الوباء العالمي إلى تفكيك دولة الولي الفقيه وهو ما يعني عمليا نهاية الدولة الزائفة في إيران.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 ثورة تشرين العراقية… ثورة لا تموت
يوسف علي يوسف

راي اليوم
منذ قرابة القرن لن يشهد العراق ثورة حقيقية على ارضه، ولان العراق من البلدان الغنية جداً بمواردها حيث قيل عنه (انه بلد طائف في بحر نفط) ربما هذا هو سبب مأساة العراق والعراقيين وسبب وقوعه في الكثير من المؤامرات .
وبعد سقوط بغداد أوائل أبريل/نيسان عام 2003 على أيدي القوات الأمريكية، واعتلاء منصة الحكم لهذه الحكومات المتعاقبة على مدار 17 عام تولدت الكثير من المشاكل ومنها الفساد الإداري على مستوى جميع المؤسسات، الطائفية، الخطف، القتل على الهوية، النفوذ الإيراني إلخ….
انتاب الشارع العراقي غضب شديد والوصول إلى مرحلة الثورة، ففي عام 2019 الماضي اندلعت الثورة العراقية الكبرى في 1 تشرين الأول في بغداد وبقية المحافظات الجنوبية والوسطى بسبب تردي الأوضاع وانتشار واسع للفساد وكثرة البطالة ليس فقط على مستوى الأيادي العاملة بل على مستوى الشهادات العليا.
جيش من الخريجين ذوي الشهادات الرفيعة من كلية الصيدلة والهندسة والآداب الى خريجي الدراسات العليا والكثير لن يجدوا من يحتضن قدراتهم، فضلاً عن نقص هائل بالخدمات العامة.
كل هذه كانت دوافع كافية لاندلاع ثورة سلمية الغرض منها رفع المستوى الذي وصل اليه البلاد، كان رد الحكومة العراقية شديد الوقع وأدى الى إسقاط ضحايا بين صفوف المتظاهرين، فضلاً عن إعلان حظر التجوال في العاصمة بغداد وإغلاق الطرق المؤدية الى ساحة الاعتصام (ساحة التحرير)، وكذلك غلق شبكات التواصل الاجتماعي بشكل تام وانقطاع خدمة الإنترنت في عموم البلاد، ونزول قوات مدججة بالسلاح الى الشا.
تم تأجيل المظاهرات لفترة ما بعد زيارة الأربعين، اعقب ذلك حرق السفارة الإيرانية في النجف بسبب التدخل الإيراني الملحوظ في الموقف الحكومي العراقي، وفي تاريخ 25 للشهر نفسه كانت عودة المظاهرات السلمية بشكل اوسع.
كانت ركيزة المظاهرات على ساحة التحرير وسط بغداد ومنها يتم التثقيف حول الالتزام بسلمية المظاهرات والحث على المطالب المشروعة، وكانت احدى اهم هذه المطالب هي استقالة حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي واستبدالها بحكومة يتم الموافقة عليها من قبل المتظاهرين والشارع العراقي، لكن ايضاً كان الرد حازماً حيث استخدمت الحكومة أسلوب القوة والترهيب من اجل فض الاعتصامات، وظهور القناص و قتل عدد كبير من المتظاهرين، فضلا عن عمليات الخطف وعمليات الاغتيال والاعتقالات، تبع ذلك اتهام ناشطي الثورة بأنهم مدعومين من قبل جهات عديدة كالسفارة الأمريكية او اجندات خارجية الى ما ذلك، كل ذلك يأتي من باب التسويف والمماطلة لمطالب المتظاهرين وتزييف الحقائق وتصدير حق الشعب.
واجهت القوات الحكومية الاعتصامات بالرصاص الحي ورمي القنابل الدخانية بشكل مباشر وعلى مناطق الرأس من قبل ما تسمى “قوات فض الشغب”، وايضاً رشاشات المياة الحار، فضلاً عن تسلل بعض الأشخاص المدعومين مليشياوياً الى الكثير من ساحات الاعتصام واغتيال المتظاهرين بواسطة السكاكين او أسلحة كاتمة للصوت، وايضاً تدخل شخصيات ذات مصالح شخصية وحزبية على حساب ارواح المتظاهرين السلميين والمساومة بدمائهم.
كل هذه الأفعال لن تردع عزيمة المتظاهرين أو أضعفت عزيمتهم وإصرارهم بل كان ذلك دافع كبير للاستمرار ، اعقب ذلك مجازر في محافظات عديدة كمجزرة الناصرية في ذي قار ومجزرة ساحة الصدرين في النجف، التي أعلن بعدها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي استقالته وايضا استجابة الى المرجع الديني في النجف علي السيستاني، والتمهيد الى حكومة منتخبة جديدة.
اصبح عدد الضحايا والمصابين كبير ولا يمكن الإسكات عنه حيث صرحت مفوضية حقوق الإنسان في بيان لها على ان عدد الضحايا الذين سقطوا جراء عمليات العنف التي استخدمتها بعض الجهات الحكومية ضد المتظاهرين السلميين قد بلغ عددهم الى 700 قتيل، وعدد الإصابات قد بلغ 21 الف مصاب بينهم 5 الف حالة إعاقة، فضلاً عن 170 مختطف دون معرفة أماكن وجودهم حد الان.
التدخل الإيراني في شؤون العراق بشكل مباشر وكثرة الفساد خلق موجة غضب في ارواح الشباب الثائرة الذين يبحثون على لقمة عيش في بلد يقع على جبل من الموارد، والى الان والشباب المعتصمين يلتزمون طرق الوقاية لاجتياز مرحلة فايروس كورونا والعودة من جديد، وقد اطلق الكثير من الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي حملة (وعد ترجع الثورة) وقد اطلقوا على هذه الفترة اي فترة حظر التجوال هي (فترة استراحة) للبدأ من جديد على اعادة جميع ساحات الاعتصام لحين تحقيق مطالب المتظاهرين السلميين الحالمين ببلد يليق بهم ويليق بشهاداتهم و حبهم لوطنهم.
ايضاً اعرب الكثير من الناشطين ان ثورة تشرين ما هي الا الشرارة الأولى لكل الثورات وأننا مستمرون لحين تحقيق المطالب بالكامل وأخذ حق الضحايا الذين سقطوا جراء العمليات الحكومية بدعم مليشياوي.
جميع ساحات التظاهر تنتظر انتهاء الأزمة الحالية (أزمة فايروس كورونا) للانطلاق من جديد واعلاء كلمة العراق واسمه وانهاء الظلم والمحاصصة والطائفية و فساد الدولة وسرقة أموال الشعب و مناهضة النفوذ الإيراني والحد من البطالة وسوء الخدمات الأساسية، وان البلدان لا تقودها الا ابناءها فهم اولى وأجدر بها.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3 سترجع من ساحة التحرير مهزوما يا ولدي
محمد رجا
راي اليوم
:

لعل هذا الوقت المناسب لكي اتحدث اليك أيها الثائر المهزوم منذ اول ايام ثورته، والفاشل في فكره الثوري، والمسكين في كفاحه البدائي، والطفولي في تفكيره السياسي، لعل لا اريد ان احمل سوط اللوم واجلدك، فالأيام القادمة كفيلة بذلك.
عزيزي الثائر اود ان اشرح لك بعض اسباب فشل ثورتك، وتبين الحالة التي ستكون عليها نفسياً وامنياً وفكرياً، وبالوقت ذاته اريد منك ان تدرك وتعي تلك الدروس فأن لم ترتد عن الثورة والثوار، وان لم تكفر بها كما كفر الاولين.
ستدرك بعد فض الاعتصامات ورحيل الهتافات انك مهزوماً, و لست ذلك الذي كان ممكن ان يكون سبباً في تغيير مصير امة كما كانت تخيل له الاناشيد الحماسية، وانه ليس كما قرأت في التاريخ وفي خطابات الاحزاب عن اهمية الشباب القيادية، بل انك رقماً عابراً في نشرة اخبارية، وتدرك ان الثائر الحق هو من يكافح خلف الشاشات والمنتديات بصمت، وان كل يوم جديد في الثورة سيكون بحاجة ماسة الى ثورة.
سوف تدرك حتماً ان هتافات “العكال يبقى يسولف والكذله كذله” كنتيجة واقعية اكثر من ان شيء غير ذلك، فالكذله لايمكن ان تكون قائدة للثورة، فالثورة دوماً بحاجة الى الفكر، فلن لم تحمل في طياتها فكراً ورسالة، فهي صرخة جياع، او نوبة محبط، اوعبث يائس.
لان الثورة الناجحة تلك التي تتحلى بالوعي لا بالحماسة، وتعمل بالتخطيط لا بالفوضوية، ان تستطيع اذخار قوة ثوارتها في نهايتها اكثر من بدايتها، ان تتقن استخدام الوسيلة قبل الوصول للمبادئ، ان تؤمن بالفشل فرضية متوقعة قبل ان تؤمن بان النجاح حتمية، ان تقرأ التاريخ كما يفهمه الطغاة قبل ان تقرأ كيفما يقرأه الثوار، وان تأخذ بالأسباب قبل ان تنطلق بالوسائل، ان تتعلم قبول الخسارة قبل السعي للنصر.
ان كنت تجد ايها الثائر في هذا مبالغة فوق العقلانية، وان قلت لم سبق وان سمعت بثورة كانت بهذا القدر من التعقيد، فأعلم ان وجود مثل هكذا ثورة لم يخطر على افلاطون في أسوء حالاته او اي يساري سكير.
وستدرك ان العمامة اسوأ بكثير وانها سوف تبقى معضلة العراق الازلية فكريا واجتماعيا وان الحديث عنها يطول، لكن حتماً ستدرك حجم تلك المعضلة من واقع معاناتها المتزايد بعد انتهاء الثورة، ستجد نموذجا اقبح من العمائم ورجال الدين.
وستدرك ان ثمة اسباب ميتافيزيقية ان شئت اوصفها، اذ كثيرة تلك الدول والامم التي عانت وكانت عرضة للظلم والاضطهاد ليست فقط لسنوات انما لعصور متتالية، حيث هناك نوع من الظلم والطغيان، تفشل امامه كل الوسائل والأليات او تحد منه.
وهناك نوع اخطر من الاضطرابات ليس لها حلاً، لتعقيدها البالغ وتأثيرها الواضح، لهذا ان فشلت كل الوسائل الثورية المثالية، يبقى الرهان على الزمن هو الحل القائم، فهذه سنة كونية تكاد تلتمس عند قراءة التاريخ، فان يبقى العراق كما هو الحال عليه الى أمد طويل هو افتراض تاريخي اكثر من اي شيء اخر.
وستدرك حتماً ان انك انت المشاغب ليس قوات مكافحة الشغب, وستدرك حتماً بان خروج عارياً وانت تتلاقى رصاص الشغب، حماقة ثورية كنت تمارسها انت وتحت تأثير الاناشيد الثورية، وتدرك ان ما كنت تسميه تضحية في سبيل الثورة، هو رخص مبتذل منك اليك، والا كيف تفسر انعزالك عن كل الاحتمالات، وكيف يمكن ان يكون عقلك الذي يريد ان يحرر بلداً لم يحرر نفسه من احلامه وخياله الذي وقع اسيرا في حدود ساحة الاعتصام، كيف لم تأخذ بالعواقب السلبية والايجابية وكيف لم يفكر بالحلول النوعية.
ستدرك انك ضيعت من عمرك عمراً، وعرضت نفسك وذويك لقهراً تكاد تسميه غير مبرراً، وانت تتجرع لعنة الندم على ما كنت تعتقد انه صوابا، وتعاني انكساراً قاسيا وما اقسى الخيبة بالوطن، ومااخطرها ايضا فانها تدفع الثائر للاستحقار الوطن ان لم يكن ناضجاً، اما تلك الدموع التي ذرفتها في تلك الساحات ستفكر كيف كانت طفولية الى هذا الحد وكم ان الاحداث متسارعة وفوضوية.
ستدرك ان الكثير من الرفاق الثوار مندسون ومدعون وان اكثرهم مزايدة اسرعهم للخيانة، ستجد ان القلة هم الصامدون المبدئيون. وكما سوف تدرك ان كل الطقوس الثورية اليومية في ساحات الاعتصامات التي تمارسها بطمأنينة وسلام انها عاراً وتهمة مكلفة تلاحقك بها السلطات وكلام الشعب الذي سوف يحملك العواقب قبل غيرك.
ستدرك ان صاحبك الذي استشهد في هذه الثورة، كان يمكن ان يعيش بسلام، وان موته فكرة عاهرة، والا كيف يموت الثائر وتصبح الثورة فاشلة، ان كل تلك الدماء والرصاصات والايام المؤلمة ستكون ثمن بخس لقضية عظيمة وهي تحرير وطن يأبى ان يتحرر.
ستدرك يا صديقي ان نجاح الثورات بفكرها وعقلها واساليبها، وطرقها، ستدرك ان الثائر الحق هو من يحافظ على حياته ليذيق الطغاة الوجع، لا من يقدمها قربناً عاجلاً، وكما تدرك ان الصراع مع هؤلاء الاوباش صراعاً طويلاً, انه صراع كيف يمكن تجد حلاً ثوريا يزيل وجودهم وانت استنفذ الحل الاخير بالثورة هذه!
فاذا كانت الثورة التي كنت تشارك فيها عجزت عن ازالة وجودهم فأي فكرة او تسمية يمكن ان تقلع جذورهم النتنة من هذه الارض الطاهرة؟
تدارك واستدرك حجم المعضلة وتفهم الواقع جيدا وتمعن بالمعطيات لتخرج بحلول جديرة, فنجاح الثورة اليوم، يتطلب ثورة نوعية جديدة بل انه يتطلب مفاهيم جديدة تليق بهذا الجيل من الطغيان وبهذا الحجم من التعقيد، اذ ان قيمة الثائر اليوم ليس بالرقص امام قوات الشغب ولا بأي وسيلة تقليدية ثورية سلمية او دموية كانت؛ لأننا امام منعطف جديدة مختلف جذريا فالعالم ليس كما تعتقد انظر جيداً وتمعن.
لان ستدرك ان النظام العالمي اختلف وان العولمة قد أثمرت، وتدرك ايضا ان الخارطة السياسية الدولية اختلفت، وان الوسائل تبدلت، وان الافكار والانظمة السياسية تنوعت، ستدرك ثمة تغييرات وانماطاً جديدة في العالم السياسي مختلفة كليا، وكما ستدرك ان التطور في التفكير السياسي للأمم يكاد يكون ضعف التطور التكنولوجي الذي تعيشه، فهل وجدت التكنولوجيا بدون السياسة!
ستبدأ بفهم كيف يجري العالم، وتكتسب مهارة ان لا يجذبك اي خبر عاجل، وان لا يثير انتباهك اي قضية رأي عام، ستتعلم كيف تقرأ الاخبار وتفهم العناوين ومضامينها وتفهم المستقبل من الماضي وتفهم ان السياسة اعمق من نعيق محلل سياسي خريج جامعة اهلية تابعة لحزب سياسي، ستفهم السياسة والعالم من وجهة نظر مختلفة تماما.
وستدرك ايضاً ثمة تغير وعقلانية في تفكيرك الثوري وان ثمة برود شاحب يسيطر على انفعالاتك السياسية ويحدد سلوكها، وتفهم بان الوسائل مهمة وان السياسة هي كما فهما مازاران وهي الواقع فعلا, ليست كما تنظر الحركات الثورية اليسارية والاحزاب الدينية الاسلامية وغير الاسلامية، ببساط لان الحق ليس دوماً منتصر، ان تقنع بهذا هو ثورة ذاتية شرسة في تأثيرها.
وكما سوف يشمل ادراكك المتأخر بان الواقع المحلي ومكوناته مقرفة وبشعة، والصدر مثالا بظاهرته السياسية والدينية والاجتماعية اخطر من المهدي والمهندس، وتفهم ان هذا النوع هم “القواد” الفعلييين والخطر الواجب الحذر منهظ لا التعاون معهم وطلب حمايته او الرضا بها.
لان ليس هناك احمق من فكرة ان تتعاون مع طرف ذا علاقة بمن تحارب ولا احمق من ان تحاربهم جمعياً في آن واحد، وهنا تكمن سمات العقل الثوري الذكي في التعامل وايجاد الحلول، لان التعقيد بالغ فان حاربت الصدر يعني ان تواجه قطيع غير منضبط، وان لم تحرب حتماً سوف يغدر بك.
وستدرك ان التيار المدني والشبابي وكل الانشطة الشبابية المستقلة هي انشطة ثورية خاوية، انها تفتقد للتأثير والقوة، فحتى ان كان لها اتباع كثر وهو امر مبالغ به فالناس يتبعون القوة وخاصة العراقيين، فهل تضن ان فلان المدني يثق به شريحة من العراقيين بانه سيكون غاندي ؟
وغير ذلك من الاسباب المهمة وهي الوضع الديني والسياسي من تشتت وانقسام وتأثير الطائفية الذي لازال قابعاً، ناهيك عن التدخلات الدولية والاقليمية المسيطرة التي ان تعاملت معها بمبدأ صديق عدوي صديقي، يلزم ان تتساءل هل تعتقد انك ناضجاً لكي تمرر هكذا تكتيك على الكبار.
لهذا سوف تؤمن بأننا بحاجة الى عقل ثوري ناضج بدأ من هذه الايام ، لكي يحاول تلافي الاخطاء ويضع من البدائل ما تضمن حفظ كرامة الشهداء, ويدرك حتماً بان الصراع طويل وان مهما كان لابد من الثورة لأنها الفطرة التي يولد عليها الانسان الحر!
ومن هذا يؤسس كياناً علميا في ثورته, منهجياً في تفكيره على الاقل يبقى يناشد وانت في السجن بدمك وحقك عندما تلاحقك الميليشيات، ويكون سيرة ثورية سياسية عالمية في تأثيرها وايقونة في كفاحها, يستمر بالكفاح داخلا وخارجاً هناك بين اروقة الامم المتحدة ومن على شاشات الاعلام على الاقل ان يستمر وفاءا لتلك الدماء.
ليس بالضرورة ان يكون نموذجا لحركات مجاهدي خلق والجماعات التقليدية السائدة، المهم ان يتطلع هذا الكيان ثورية علمية ناضجة في اسسها قادرة على تسطر مفاهيما ودروسا للعالم في نجاحها عظيمة في اهدافها تكون قادرة على ايجاد الحلول الناجحة، بما يتلائم لمواجهة الجيل الجديد من الطغيان والاستعمار.
وستدرك ختاما يا صديقي ثمة دروس لا يمكن ان تعبر عنها كلمات ولأيمكن ان توصل أحاسيسها اي لوحات بائسة ، لأنها دروس صادمة وجودية، دروس ترفض الاقتناع بها العقول السطحية.
لا أريد ان اكون قد بالغت، ولهذا لعل لا أريد ايضا سولا ان تحسب هذه الكلمات الا خاطرة عابرة لثائر محبط، وثوري فاشل من ثوار العبث-الربيع- العربي، لأنني صدقا أتألم عندما ارى نزيف الثوار في تزايد، وأنزف قهراً عندما اجده بلا ثمن وانه مجرد ارقام..
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4 ترامب لم يغير سياسته العدوانية الهجومية رغم الخطر المحدق بثلاثة ملايين مواطن اميركي على الأقل
بسام ابو شريف

راي اليوم

حان الوقت لمحاسبة البرازاني ، ووقف النشاط الاسرائيلي الخطير الذي يدور في كردستان بالتعاون مع البرازاني ، المخابرات العراقية والمسؤولون العراقيون مطالبون بفتح تحقيق مع حكومة كردستان لمعرفة بنودالاتفاق ، الذي توصل اليه بنس وبومبيو حول تسليح البيشمركة ونشر القوات الاميركية في كردستان ، واقامة قواعد لصواريخ تاد وباتريوت على أرض العراق قبالة حدود ايران ، وعلى مشارف كركوك .
ترامب المريض يهدد السلام العالمي : –
تصرف ترامب في مواجهة كورونا ، يظهر للجميع حتى الذين انتخبوه كم هو فاقد للتوازن الانساني والاخلاقي وكم هو لذلك غير مؤهل للعب أي دور بناء ( أو على الأقل غير مدمر ) على صعيد السياسة العالمية ، وهذا وحده كاف للتدليل على خطورة وجود مثل هذا الشخص في مكان يمكنه من الضغط على أزرار حمراء قد تدمر العالم ان فعل .
قرأنا كل الكتب التي صدرت عن ترامب وزوايا شخصيته ، وقرأنا مانشره هو حول مهاراته في عقد الصفقات ، وهو يعتبر عقد الصفقات مهارته الأساسية لكنه يجهل وهو في هذا المنصب أن مهاراته في فنون وأسلحة عقد الصفقات لافائدة لها أمام بحث حياة البشر ومستقبلهم وثقافتهم ومناخهم وبيئتهم ، يتصرف ترامب أمام الكورونا وكأنما يحاور الفايروس لعقد صفقة معه .
عدد المصابين وعدد الموتى وعدد أيام الاقفال ومتى يعود الناس للعمل ، وكذلك يتصرف مع حكام الولايات ، وكذلك يتصرف مع المواطنين فهو يحاول اقناعهم بصفقة تعطي الولايات بعضا مما تحتاج من أجهزة طبية ضرورية وكمامات …. الخ ، ويحاول التوصل لصفقة مع المواطنين حول تقبلهم لعدد معين من الموتى كشيء ضروري لانهاء الأزمة الاقتصادية وكلما طال أمد الحوار حول الصفقة اختلفت الظروف ليتراجع هنا ويتقدم هناك ، وكأنه بالفعل يلعب القمار مع شعبه ، وظهر وجهه الآخر في محاولة التحكم بالدواء واحتكاره واغراء العلماء لينتجوه لاميركا ، ليس المهم الدواء بالنسبة له المهم هو احتكار الدواء ، ولم يمانع في اطلاق يد القراصنة التجاريين ليقضوا على أملاك دول اخرى والتهامها ، ولقد شكت المانيا وايطاليا واسبانيا من عمليات قرصنة اميركية ( وهي في الواقع مشتركة مع اسرائيل ) ، لمواد طبية كانت بطريقها لالمانيا وايطالا واسبانيا ، وستظهر الأيام دولا اخرى تعرضت للقرصنة أيضا ( وفي هذا الاطار نتمنى ألا تكون تبرعات الدول لفلسطين ، والتي تتضمن أجهزة طبية ومواد ضرورية لمحاربة الكورونا قد جرى قرصنتها عبر اتفاق بين جهاز المخابرات الاسرائيلية وجهاز المخابرات الفلسطينية – كما نشرت يديعوت احرونوت ) ، فنحن ندرك أن الاعلام الاسرائيلي يستمر في محاولة شق الصف الفلسطيني عبر أكاذيب تبدو منطقية وقابلة للتصديق لكن قرصنة المساعدات الطبية تنتشر كما تنتشر في نيويورك السرقات وجرائم القتل والاغتصاب والنهب هذه الأيام ، ولا شك أن كلام الأخ السنوار في غزة مستند الى معطيات تتصل بهذه القرصنة ، فاسرائيل تقرصن وتصادر كافة الأجهزة والمواد الطبية المرسلة لفلسطين ، وهذا المنع والحصار والنهب الاسرائيلي سوف يولد مخاطر كبيرة في فلسطين وفي اسرائيل ذاتها .
على صعيد آخر يتابع ترامب خططه لضرب ايران ، ومايسميه هو وكلاء ايران في المنطقة ويجري التحضير لذلك عبر مناورة مكشوفة يصر بعض المسؤولين في العراق ( !!!) على تسميتها انسحاب القوات المتحالفة من القواعد وتسليمها للجيش العرقي ؟!! ، والحقيقة أن كلمة انسحاب هي كلمة كاذبة ولايحتاج هذا الأمر لذكاء أو فطنة لمعرفته ، فالأمر واضح ابتداء من تصريح علني للرئيس ترامب يقول فيه : ” لن ننسحب من العراق مهما كان الثمن ” ، وقول ماكنزي ” ان القوات الاميركية تعيد انتشارها في العراق ” ، ولم يشر لانسحاب لابل ثبت أن القوات لن تنسحب ، وكان الاميركيون قد طلبوا ” أو أبلغوا ” ، الحكومة العراقية عن قرارهم نصب صواريخ باتريوت لحماية قواتهم ، وكانت الصواريخ قيد التركيب عندما وجه هذا الكلام للحكومة العراقية .
ولقد شحت أقلامنا وبح صوتنا ، ونحن نصرخ بأعلى صوت ونكتب باكبر حرف أن الولايات المتحدة عقدت اتفاقا مع البرازاني لاقامة قاعدتين عسكريتين ” على الأقل ” ، في كردستان وحددنا المكان ، لكن لم نسمع أحدا يثير ذلك بل الكل يتحدث حول خروج الاميركان من العراق ، فهل تخلى المسؤولون العراقيون عن كردستان أرضا عراقية تحت السيادة العراقية أم أنهم يلتفون على قرار الشارع والبرلمان بالصمت ؟
عندما تكتمل ” قريبا ” ، ترتيبات ترامب في كردستان يصبح الأمر سهلا عليه في قمة الحرب الكورونية تطرق ترامب الى : – ” سنضرب ايران وسندفع ايران ثمنا باهظا ان قام أحد وكلائها أو هي بالاعتداء على جنودنا في العراق ” ، الكل يعلم خاصة في العراق أنه بمقدور واشنطن ، وكل من يعمل معها بالعراق ( مسؤولين أو داعشيين أو اسرائيل أو عملاء اسرائيل من المسؤولين وعملاء واشنطن من المسؤولين ) ، بامكانهم ترتيب مسرحية قصف لاتؤذي الاقليلا لتأخذها واشنطن ذريعة لشن عدوان واسع ودموي ضد قواعد القوات الثورية المقاومة في العراق ، وربما على أطراف ايران وفي سوريا ، ولاشك أن هذا القرار الاميركي يراد منه ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد ، ولكن حتما هدف من الأهداف الاستراتيجية هو انقاذ ترامب ونتنياهو من مآزقهما الداخلية لدفع عجلة صفقة القرن ، وبطبيعة الحال لايمكننا أن نعزل هذا الموضوع في أنبوب اختبار دون أن يمس العوامل المتغيرة في المنطقة ، ومنها الخلاف القوي الذي نشب حول أسعار النفط بين السعودية وواشنطن ودخول موسكو على خط ” الحل من خلال اوبيك ” ، والاتصالات التي تجري سرا بين دول ( قاطعت سوريا سابقا ) وبين الحكومة السورية ، كذلك لايمكن أن نغفل قدرة ترامب على استعمال ورقة اردوغان الطيعة .
قد يوافقني البعض أو الأقلية أو يرفضون ما أقول ، لكن سواء أقروا بالاحتمالات أم لا لابد أن تحضر المقاومة ( محور في المنطقة ) ، لتصعيد تصديها ، وألا تهادن أو تهدئ حسب بوصلات مواقع صدام اخرى بين واشنطن ومقاوميها .
التصعيد أساسي وضروري لأن العدوان قائم ومستفحل ، وليس قادما انه واقع وعلينا التصدي لجنونه .
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5 خواطر حظر التجول أيام الغزو غانم النجار
الجريدة

عندما غزا العراق الكويت، برّر ذلك بمسرحية عبثية أو بعثية، لا فرق، بأنه كان مساندة لثورة قام بها كويتيون. في تمام الساعة الثالثة والنصف من عصر الثاني من أغسطس 1990 ، أصدر ما سُمي بالحكومة الحرة المؤقتة، بيانه الركيك الثاني، ونصه:

“من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد، ومنع احتمالات أي أعمال ضارة بمصالح البلاد، نعلن منع التجول، اعتباراً من هذه الساعة، وحتى إشعار آخر، كما نعلن إغلاق كافة الحدود، والمنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع السفر للمواطنين والمقيمين والأجانب، حتى إشعار آخر، كما يمنع الإبحار والتقرب من المياه الإقليمية للبلاد”.

بالطبع، لا حاجة لتبيان أنه لم يكن هناك حكومة، لا حرة ولا مؤقتة ولا غير ذلك، بل كانت نكتة سمجة في سيناريو الغزو.

وبعد “وحدة اندماجية” مزعومة، بين الكويت والعراق، تم تعديل حظر التجول في 17 أغسطس، ليصبح من 11 مساء إلى 6 صباحاً.

لم نكن نعرف حينها معنى حظر التجول، ولا ما هو المطلوب منا بمواجهة نظام قمعي بطبيعته. لم يَطُل بنا الوقت، لنرى نقاط تفتيش (أسموها نقاط سيطرة)، على كل مداخل ومخارج المناطق السكنية، استمرت طوال فترة الغزو لـ 7 أشهر. وعندما كنا نتجول نهاراً، كان لابد من المرور على نقاط السيطرة، مستخدمين هويات أغلبها مزور. لم تكن سلطة الاحتلال حينها مسؤولة معيشياً عن أي شيء تجاهنا، لا غذاء ولا صحة ولا حتى نظافة عامة، بل قمنا بالخدمات العامة بأنفسنا. عند نقاط السيطرة تلك، كان احتمال العبور مثل احتمال التوقيف، كانت أخطر نسبة 50 ٪ عرفناها. أما خلال فترة الحظر، فالعقاب شديد، وقد يكون اختفاء لا ظهور بعده، أو الحبس والتنقل من مكان إلى مكان، مصحوباً بأنواع من التعذيب.

وبعد أشهر من تجربة الإغلاق، والسيطرات والأذى المستحكم، كان لنا أن ننظم رحلات لزيارة أسرانا، في معتقلات بعقوبة والموصل وتكريت والرمادي، حيث كان الآلاف من الأسرى، بين كويتيين وبدون (يسمونهم بنُكرانٍ مقيمين بصورة غير قانونية). محطتنا الأولى كانت الأعظمية ببغداد، للحصول على ترخيص زيارة الأسرى. كانت المفارقة هي خلو بغداد من نقاط السيطرة. كان علينا أن نتكيف على عدم وجود نقاط سيطرة، ونتمكن من الاتصال بأهلنا في الخارج، وهكذا جعل صدام بغداد تبدو أكثر حرية من بلد آمن كالكويت بسيطراته المثقوبة.

بين حظر التجول أثناء الاحتلال، الذي كان يستهدف الحفاظ على أمن الغزاة والاعتداء علينا وترويعنا، وحظر التجول الحالي الذي يستهدف الحفاظ على صحتنا وحياتنا، على الرغم من خطر كورونا، وملاحظة هنا وملاحظة هناك، فإن الفرق اليوم هو الشعور بالأمان، لا الخوف. الفرق واضح.