ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 العراق دولة وهمية على الورق
فاروق يوسف
العرب
الدولة أو وهمها. لا فرق. المهم أن تكون هناك دولة على الورق. ليس مهما ما تقوم به تلك الدولة من خلال مؤسساتها وأجهزتها. المهم أن يتم الاعلان عن وجودها مثلما يتم تسجيل الشركات في دائرة الضرائب.
لا أحد يبحث عن شركة تدفع الضرائب.
بعد اسقاط الدولة العراقية عام 2003 صار واضحا أن المسعى كله يمكن تلخيصه في قيام دولة شبحية. دولة مسجلة في لوائح الدول المعترق بها عالميا. فهي عضوة في الجمعية العامة للأمم المتحدة وما يتفرع عنها من منظمات دولية وفي الجامعة العربية ولديها سفارات في مختلف انحاء العالم. غير أنها في حقيقة ما تقوم به ليست موجودة. فهي على الأقل لا ترعى مصالح الشعب الذي يتحقق وجودها من خلال تصريفها لشؤونه.
سيُقال إن الدولة شيء والحكومة شيء آخر. كلام صحيح. غير أنه لا ينطبق على العراق الجديد. فبعد أن تم اسقاط النظام السياسي الذي كان قائما حتى عام 2003 لم يتم الحفاظ على بنية الدولة. لقد انهارت الدولة العراقية التي تأسست في عشرينات القرن الماضي مع انهيار النظام السياسي الذي كان صدام حسين يقوده.
اختفى النظام السياسي واختفت الدولة العراقية معه.
لم يحدث ذلك بالصدفة بل هو جزء من مخطط قد وضع سلفا.
الدليل على ذلك أن سلطة الإحتلال قفزت على تلك المسألة المصيرية وطرحت صيغة النظام السياسي الذي سيكون بمثابة قاعدة لنشوء الحكومات التي تتداول السلطة في سياق ما سمي بالعملية السياسية التيهي عبارة عن عملية لتقاسم المغانم بين من اعتبروا أنفسهم منتصرين بعد أن تواطئوا مع المحتل.
ولو عدنا إلى تفاصيل الخطة الأميركية لأكتشفنا بيسر أن الدولة لم تكن موجودة في التفكير الأميركي. كان هناك عراق يقوم على أساس مكوناته الطائفية والعرقية التي يمكن أن تتفق ويمكن أيضا أن تختلف من غير أن يجمع بينها في الاتفاق والاختلاف شيء مشترك. ليس هناك من وطن وليست هناك من دولة. يمكن للفرقاء أن يذهب كل واحد منهم إلى حال سبيله في اللحظة الحرجة.
ذلك هو العراق الذي قُدر له أن لا يستعيد ملامحه، يابسة كانت أم نضرة، ولا شخصيته، قوية كانت أم ضعيفة. ولأن التفكير في إقامة دولة جديدة على ركام الدولة القديمة هو أمر مستبعد فقد تم اختصاره بالنظام السياسي.
ذلك نظام عجيب وغريب من نوعه. أهم ما فيه أن تداول السلطة فيه ينحصر بين أحزابه التي تخرج دائما من الانتخابات التي تُجرى وفق القواعد الديمقراطية فائزة جميعها.
يتقدم بعض تلك الأحزاب على البعض الآخر في النقاط غير أن ذلك لا يؤثر في شيء على بنية النظام القائم على أساس عملية فساد كبرى دفعت بالجزء الأكبر من الشعب العراقي إلى هاوية الفقر وزادت من مديونية العراق بالرغم من ثرائه.
لذلك لم تكن هناك أية بارقة أمل لقيام دولة حقيقية، تقوم مؤسساتها بحماية مصالح الشعب والحفاظ على ثرواته واعادة العمل في البنية التحية المدمرة التي تقدم له الخدمات الأساسية وتنقذه من الفقر والحرمان والجهل والمرض والبطالة وتنهي التمييز القائم على المحسوبية بين أفراده.
ولأن قيام دولة حقيقية من شأنه أن يحرم الأحزاب من الاستمرار في إدارة ماكنة فسادها فقد وقفت تلك الأحزاب بكل ثقلها ضد مطلب العراقيين باعادة الاعتبار للدولة.
لقد أقيم العراق الجديد على أساس غياب الدولة وسيبقى كذلك.
تلك هي الفكرة التي تدافع عنها الأحزاب وهي مستعدة للقتال إلى آخر نفس من أجل أن يظل العراق رهينة نظامها الفاسد الذي سيمحى يوم تعلن الولايات المتحدة عن كذبتها التي صنعت دولة على الورق.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 ويسألونك عن زواج المتعة
اسعد عبدالله عبدعلي
راي اليوم بريطانيا
البدايات في اي موضوع مهمة جدا, وهنا اريد الكلام حول اسباب تشريع زواج المتعة (المنقطع), لتوضيح حقيقة التشويش الذي يمارسه البعض وعبر التاريخ, لأهداف تسقيط الاخر فقط بعيدا عن حفظ شريعة الاسلام, وفقط لأنه يلتزم بنصوص قائده التاريخي! والتي جعلها ناسخة للنص القرآني والتشريع السماوي! مع ان المسلمون في زمن الرسول الخاتم مارسوا هذا الزواج, واستمروا في كل فترة الخليفة الاول, وفي الشطر الاول من حكم الخليفة الثاني ايضا استمر زواج المتعة, الى ان اعلن الخليفة الثاني تحريمه في الشطر الثاني من خلافته, لأسباب غير واضحة لحد الان, مع ان صحاح المسلمين تنقل ادلة حلية زواج المتعة, كصحيح بخاري 3/71 وصحيح مسلم 4/130 ومصادر اخرى كثيرة.
الحاجة البشرية للجنس طبيعية جدا, وعمل الاسلام عبر تشريعه لحفظ كرامة الرجل والمرأة, وتوفير بدائل فمن لم يوفق للزواج الدائم كان له الحل بالزواج المؤقت.
ركيزة زواج المتعة
الآية 24 من سورة النساء (( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن )), فالمسلمين على اختلاف مذاهبهم فسروا هذه الآية بان الاستمتاع هو نكاح المتعة, وبينوا انما شرع الزواج المؤقت كي يلبي حاجات الرجال والنساء ممن لا يستطيعون الزواج الدائم, فالكبت يسبب مشاكل نفسية كبيرة, والانطلاق نحو الحرام مشكلة وخطيئة اكبر, فالآية الكريمة لم تنسخ والحكم استمر الى منتصف عهد الخليفة الثاني, فهل ينسخ الحكم الالهي فقط لإرادة الخليفة الثاني منعه!
وهل يمكن لأي شخص مهما علا شأنه ان يحرم تشريع نص عليه القران والرسول الاعظم؟ واطالب كل من يحرم زواج المتعة ماذا تفعلون بهذه الآية الصريحة, هل تدركون انكم بتحريمكم لزواج المتعة تخالفون النص القرآني الصريح! وتأخذون بمقابله راي صحابي حرمه لأسباب مجهولة؟!
والسؤال هنا لو جاء شخص عالي المقام واعلن انه يمنع الصلاة او الحج هل تطيعوه؟ وتخالفون النص القرآني الذي يشرع الصلاة والحج, ام تلتزمون بالنص القرآني.
المحصلة من يؤمن بالقران عليه ان يؤمن به كله, فلا يبطل اية قرآنية فقط لاجتهاد شخص ما.
سؤال وجواب
تم تشريع زواج المتعة لان الاسلام ينظر للإنسان نظرة تكريم وتهذيب وسمو, وليس مجرد نظرة حيوانية شهوانية, بل كانت النظرة الى العامل الجنسي باعتباره عامل مهم للاستقرار النفسي للرجل وللمرأة, حيث عبر اشباعه بالحلال تستقر النفس وتبدع في عملها وعبادتها, فالإسلام لم يجعل علاقة الرجل بالمرأة علاقة بهيمية حيوانية, بل اهتم بالمشاعر والاحاسيس والذات, حيث اراد الاسلام عبر الزواج بنوعيه تكامل الانسان وتغذية حاجاته.
فان قلت: ان الزواج الدائم هو من يوفر كل ما ذكرت من اشباع للحاجات كي تستقر النفوس؟
فنقول: نقول ان كثير من الناس لظروف مختلفة مكانية وزمانية واجتماعية وشخصية تحول دون تحقق الزواج الدائم, لهذا شرع الله عز وجل زواج المتعة, ليحفظ كرامة الانسان ويحقق غرضه, والله العالم بعدم قدرة الانسان على الاستغناء عن حاجة الجنس, والتي تعتبر حقا من حقوقه, بل احيانا هي واجبة له والا وقع في انحرافات مخيفة كالشذوذ, فزواج المتعة يبني الانسان ويجعله يتكامل كما خلقه الله بعيدا عن الشذوذ والامراض النفسية.
زواج المتعة حل لازمة
يمكن اعتبار زواج المتعة علاج مهم وناجح وطبيعي لفئة الشباب, امام المغريات والمؤثرات, خصوصا هو في مرحلة الاندفاع الشبابي, وعدم اكتمال الوعي, فمن النافع جدا لهم زواج المتعة للاستقرار والتكامل, وما نشاهده اليوم من جرائم الاغتصاب, او انتشار ظاهرة اللواط, وشيوع الامراض النفسية, وازدياد حالات الانتحار, كلها حالات تظهر في فئة المراهقين والشباب, وهي انعكاس لحالة عدم الاشباع والاحتياج للأخر, فيعتبر زواج المتعة العلاج الاكمل والحل.
فلو يشرع ويصبح امرا طبيعيا يجري تحت النور وليس سريا, لامكن حماية الشباب من تلك المنزلقات الخطرة.
كذلك هو حل مناسب للواتي تعداهن سن الزواج, او المطلقات والارامل, ممن لم يجدن زواج دائم, فللحفاظ على كرامتهن امام الحاجة الجنسية الطبيعية في كل انسان, كان زواج المتعة, فجاء هذا الزواج لإشباع الرغبات بطريقة شرعية, فلا يمكن كبت جماح الرغبة بل هو تدمير للذات, فهو زواج لكل صاحب رغبة لحفظه من المنزلقات ولكي يستقر نفسيا.
اخيرا:
اولا: يجب على الدولة ان تنظم هذا الزواج بحيث يكون قانونيا, لحفظ الحقوق, مثل ولادة الاطفال, وحماية للمرأة والرجل, لكن ان يترك الامر هكذا فيعتبر خطيئة كبرى تلاحق اهل القرار في العراق.
ثانيا: على النخبة الدينية ان تعيد النظر في اراء السلف, فيرفع كل ما خالف القران, فالذي يتطابق مع القران يسري وما يخالف القران يضرب في عرض الحائط.
وللكلام بقية …
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3 أين أخطأ رئيس الوزراء العراقي المكلف؟… نصائح للمكلف الجديد
أسعد تركي سواري
راي اليوم
المقدمة:
لا يمكن لأي متخصص أكاديمي أن يغفل أحقية القوى السياسية البرلمانية العراقية في تشكيل الحكومة التي يجب أن تولد من رحم البرلمان ، بوصف العراق محكوم بنظام سياسي برلماني ،
إلا إنه في ظل الجمود السياسي الذي يكاد يصل بالبلاد والنظام إلى أزمة في الشرعية السياسية الحاكمة ، كان لابد من إجتراح الحلول الإستثنائية لإدارة الأزمة ، بهدف إعادة تحكيم الإرادة الشعبية وتجديد الثقة بالنظام السياسي الحاكم ، وهذا ما حذرنا منه منذ بدء الإحتجاجات ، إذ حذرنا من إقالة الحكومة المستقيلة تجنبا للدخول في نفق الجمود والمجهول ، وبعد فشل التكليف الأول ، يمكن القول ، بأنه كان يمكن لرئيس مجلس الوزراء العراقي المكلف أن يمرر كابينته الوزارية ، فيما لو قام بما يأتي ، وهي نصائح مقترحة للرئيس المكلف الجديد :
أولا : إقتصار برنامجه الحكومي على النقاط المتسلسلة الأربع الآتية :
١ – تعهد رئيس مجلس الوزراء المكلف وجميع الوزراء في حكومته المؤقتة بعدم الترشح لأي موقع تنفيذي أو تشريعي في الحكومة التي تلي حكومته المؤقتة .
٢ – إنجاز الموازنة المالية ، في الأسبوع الأول من عمر حكومته وإرسالها للبرلمان لإقرارها .
٣ – إنجاز ملف مفوضية الإنتخابات ، قانونا وتعيينا ، في الشهر الأول من عمر حكومته .
٤ – إجراء إنتخابات نيابية مبكرة في موعد لا يتعدى الشهر السادس من عمر حكومته .
ثانيا : سلوك أحد الخيارين الآتيين ، في كيفية إختيار الوزراء :
١ – إعتماد المعيار ( الجغرافي – الديموغرافي ) المزدوج ، بمعنى إختيار وزير من كل محافظة عراقية ، وهذا يشير إلى المعيار الجغرافي ، ثم من داخل كل محافظة نعتمد المعيار الديموغرافي ، بمعنى أن يكون الوزير في كل محافظة من المكون الأكبر في تلك المحافظة ، ومع أن النتيجة ستكون مقاربة لنتائج التوافق السياسي والطائفي السابق ، إذ سيكون للشيعة عشرة وزراء ، وللسنة أربعة وزراء ، وللكرد أربعة وزراء ، إلا أنه ستجيء تلك النتائج بناء على معايير جديدة ، لأن إختيار الوزراء سيكون من المعاقل الأكاديمية والمهنية في الجامعات والنقابات والإتحادات والمحاكم ، في كل محافظة عراقية ، وبذلك ستتمثل جميع المكونات في السلطة التنفيذية عبر تمثيل جميع المحافظات ، وذلك سيمثل تطورا نوعيا في النظام السياسي العراقي .
٢ – إعتماد المثالثة ما بين القوى السياسية السنية ، والقوى السياسية الكردية ، والمتظاهرين ، أما تمثيل المكون الشيعي فسيتجسد برئيس مجلس الوزراء الذي ستختاره القوى السياسية الشيعية الرسمية ، وبالوزراء الذين سيرشحهم ممثلي المتظاهرين في المحافظات الشيعية المحتجة .
ثالثا : إعتماد أبناء المؤسسة ذاتها ، للوزارات التي تستلزم التخصص المؤسسي وليس التخصص الأكاديمي وحسب ، مثلا لا حصرا : وزارة الصحة ، ووزارة الدفاع ، ووزارة الداخلية .
رابعا : إعتماد التخصص الأكاديمي ، بمعنى إنسجام التحصيل الأكاديمي للوزير مع الوزارة المرشح لتولي إدارتها ، مع مراعاة إمكانية بعض التخصصات الأكاديمية أن تنسجم مع عدة وزارات ، مثلا لا حصرا : تخصص الإدارة والإقتصاد .
خامسا : إعتماد عامل الخبرة للوزارات التي تستلزم الرؤية الإستراتيجية ، مثلا لا حصرا : وزارة التخطيط ، ووزارة المالية ، ووزارة التعليم العالي .
سادسا : إعتماد العناصر الشابة للوزارات التي تستلزم الإنسجام مع الشريحة المستهدفة للوزارة ، مثلا لا حصرا : وزارة الرياضة والشباب .
سابعا : إعتماد النساء للوزارات التي تستلزم اللمسات الفنية والقدرة العاطفية العالية ، مثلا لا حصرا : وزارة الثقافة والسياحة ، و وزارة العمل والشؤون الإجتماعية .
الخاتمة :
إن ما يجبر مواطن الضعف التي قد ترد في الحلول المقترحة آنفة الذكر ، هو العمر المؤقت للحكومة ، التي سيقتصر دورها على الموازنة المالية ، والمفوضية المستقلة للإنتخابات ، والإنتخابات النيابية المبكرة ، التي ستجري خلال ستة أشهر ، ولو كنا قد أعتمدنا هذه الحلول ، أو تجنبنا أصلا الوقوع في مصيدة إقالة الحكومة ، لكنا على بعد شهر واحد فقط من موعد الإنتخابات ، إذ بدأت الإحتجاجات في الأول من الشهر العاشر من العام الماضي ، وها نحن في الأول من الشهر الثالث من العام الجديد ، بمعنى دخولنا في الشهر السادس من الأزمة ،
حفظ الله تعالى العراق العظيم وشعبه الكريم .
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4 العراق… تداعيات البيت الشيعي مصطفى فحص
الشرق الاوسط
خُلع محمد توفيق علاوي من التكليف، فتخلّعت أبواب البيت السياسي الشيعي، وكُشف قاطنوه بأنهم منشغلون بـ«قسمة الغرماء» واتسعت معاناتهم بعد غياب رب البيت، فظهرت أحوالهم وأهوالهم بعد غياب ناظم العلاقات ومهندس الأحجام بينهم وبين شركائهم في السلطة. لم يكن ممكناً لهذا المشهد السياسي العراقي المتعثر والشيعي المتأزم أن يخرج إلى العلن بهذه الحدة لولا غياب الجنرال قاسم سليماني؛ غياب دفع ببعض الأقوياء المحليين إلى محاولات ملء الفراغ ولعب الدور الذي كان يلعبه… أراد البعض استعراض قوتهم وفرض هيمنتهم، فسقطوا سريعاً في امتحان التجربة.
لم يستطع مقتدى الصدر بعد انقلابه على الساحات إعطاء شرعية شعبية لترشيح جاء من خارج إرادة الساحات، وفشل حتى في منح علاوي ثقة البرلمان، ففي محاولاته لفرض علاوي؛ أثار الصدر حفيظة غرمائه الذين لم يقفوا مكتوفي الأيدي؛ لا داخل البيت الشيعي، ولا أصحاب البيوت المجاورة، لم يكن أغلبهم على استعداد للمضي بخياراته أو القبول بموقعه الجديد الذي اختاره لنفسه وتصرف كأنه شرطي النظام، فنجحوا في إسقاط مشروعه، واغتنموا الفرصة ليعيدوه إلى حجمه سياسياً فاعلاً وليس سلطةً أبوية. وفي هذا الصدد؛ يقول الباحث العراقي في شؤون الجماعات الإسلامية هشام الهاشمي: «لحماية أولوية الفصائل المرتبطة بأحزاب (تحالف الفتح)، فقد وجد أعضاؤها صعوبة في هضم خطاب السيد الصدر عن أبويته على المشهد السياسي العراقي بشكل عام والبيت السياسي الشيعي بشكل خاص، فلم يقبلوا بالتسويات التي اقترحها (تحالف سائرون) إلى درجة أن اضطرت قيادة (سائرون) إلى التبني العلني لعلاوي».
بعد انسحاب علاوي وغياب سليماني، عادت ثنائية «الفتح – ثائرون» إلى حجمها، وعاد معها صراع على الكتلة الكبرى ومن يمتلك الحق الدستوري في تسمية المكلف الجديد، وباتت هذه الثنائية في مواجهة البيت الداخلي بعد تمرد «دولة القانون» وتحفظ «تيار الحكمة» و«تحالف النصر»، وفي مواجهة ثنائيات أخرى ترفض وصاية البيت السياسي الشيعي على العملية السياسية، وتستثمر في انقساماته وخلافاته التي تهدد ما تبقى من استقرار داخلي.
ففي الساعات الأخيرة؛ لم يتردد فصيل مسلح في التهديد بحرق العراق في حال تم تكليف رئيس جهاز المخابرات الوطنية مصطفى الكاظمي تشكيل الحكومة، واتهامه مباشرة بالضلوع في اغتيال سليماني والمهندس؛ اتهام يقطع الطريق ليس أمام شخصية بمواصفات الكاظمي فقط؛ بل يكشف عن أن الموافقة على تكليفه تعني نهاية احتكار البيت السياسي الشيعي لمنصب رئيس الوزراء، خصوصاً بعدما تقلَّصت سيطرة الأحزاب الإسلامية الشيعية التقليدية على قراراته وانتقال الثقل السياسي إلى الأحزاب المسلحة، وما تسمى «فصائل المقاومة»، المتمسكة بانتماءاتها الولائية العابرة للحدود وبالحفاظ على مغانمها. ففي تصريح لافت في توقيته وحدّته أعلن المتحدث باسم ميليشيا «حزب الله العراقي» أبو علي العسكري أن «تداول بعضهم ترشيح مصطفى الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء، ليس إلا إعلان حرب على الشعب العراقي، والذي سيحرق ما تبقى من أمن العراق».
عملياً، وضع فشل محمد علاوي في تقديم كابينته الوزارية نظام 2003 أمام تحديين: الأول «انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول)» وعدم قدرة أي مرشح جديد من قبل هذا النظام على تجاوز شرعيتها. أما التحدي الثاني فهو العودة المُكلفة إلى تاريخ 2 أكتوبر 2018؛ تاريخ تكليف عبد المهدي تشكيل الحكومة وفقاً لسياقات توافق المكونات ونظام المحاصصة الحزبية، وهو ما يكشف مستوى العقم السياسي الذي يعاني منه نظام 2003، خصوصاً البيت الشيعي غير القادر على إعادة إنتاج نفسه، ورفضه أي احتمالات من خارج الصندوق، حتى لو أصبح صندوقه فارغاً.
وعليه، فإن تمسك البيت السياسي الشيعي المُسلح بمكتسباته مقابل تمسك منافسيه بمواقفهم، ولجوء الأطراف كافة إلى الآليات الدستورية في التكليف الجديد وفي مهلة التشكيل، يجعل من المستبعد التوصل إلى حل توافقي بين أصحاب السلطة يراعي مطالب «انتفاضة أكتوبر». وبذلك يكون نظام 2003 على مشارف خسارة فرصته الأخيرة في إنقاذ ما تبقى منه، فيما الشارع مصرّ على الاستمرار رغم صعوبة التغيير وتكلفته العالية… والعراق بات في مهب الفوضى.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5 الشعب العراقي.. المرجعية الأساس
ليلى بن هدنة
البيان
الحديث عن أزمة الحكومة في العراق يعني الحديث عن أزمة ثقة متفاقمة بين الفرقاء السياسيين، وعجزهم عن إيجاد الحلول للكثير من المسائل العالقة
فالكل يتستر بعباءة التوافقية ليخفي توجهات المحاصصة التي كانت وراء كل هذا التشويه للديمقراطية.يشعر العديد من العراقيين أن دورهم بات هامشياً، فلا يمكنهم الضغط لتسوية الأزمات السياسية التي يتبارى في ساحتها السياسيون، ولا يمكنهم تحقيق أي شيء من مطالبهم، فبدلاً من الإصغاء بعمقٍ إلى أوجاع العراقيين واستنتاج ما يجب استنتاجه سارعت الطبقة السياسية على اختلاف مشاربها إلى إنكار عمق المشكلة والتهافت على المناصب دون تحقيق مطالب العراقيين في محاربة الطائفية والمحاصصة، فاعتماد نفس الوجوه ونفس التركيبات لاختيار رئيس الوزراء وكابينته الوزارية يعني أساساً أن دماء المتظاهرين ذهبت هدراً.
لم يفهم السياسيون أن الشعب العراقي هو الكتلة الأكبر وهو المرجعية الأساس، وهو يلعب دوراً فاصلاً لإعادة صياغة العملية السياسية سلمياً بإلغاء المحاصصة، ولمحاربة الفساد وكشف المستور، وهو قادر على إعادة صياغة العملية السياسية سلمياً بإلغاء الطائفية ومحاربة الفساد. فالهدف الذي وضعه المتظاهرون أمامهم هو رفض جميع الأحزاب القابضة على السلطة وإلغاء نظام المحاصصة، وإذا أراد الساسة في العراق أن يحتلوا أماكن في الحكومة فعليهم أن يصبحوا جزءاً من الشعب، وينتموا إليه بصدق وفعل حقيقي.
جماهير الشعب العراقي لن تغفر للقوى السياسية التي فشلت فشلاً ذريعاً في بناء الدولة وتقديم الخدمات الأساسية، وقادت العراق إلى الخراب والفوضى. فالمسؤول الرئيس عن كل الإخفاقات التي تغرق فيها البلاد هشاشة الدولة، والإمعانِ في إضعافها من قبل الأحزاب السياسية، لذلك فالإصلاح الحقيقي في العراق يبدأ أولاً بإصلاح الأحزاب بعدما تعطّلت حركتها المُنتجة للمجتمع الذي جاء بها إلى سدة الحكم.