9 مقالات في الصحف العربية والامريكية اليوم السبت عن العراق

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 أوراق ايران التي ذبلت
خير الله خير الله
العرب

خصص الرئيس دونالد ترامب جزءا صغيرا من خطابه عن حال الاتحاد لإيران. مثلما عمل رونالد ريغان ابتداء من العام 1981 على تفكيك الاتحاد السوفياتي، يبدو ان ترامب في طريقه الى إعادة ايران الى حجمها الطبيعي. سيسمح له ذلك بترك بصماته على تاريخ الشرق الاوسط وخريطته الجغرافية… هذا اذا استطاع وضع ايران في مكانها الصحيح بعد سنوات طويلة نجحت خلالها في تغيير طبيعة المجتمعات في دول عدّة قريبة منها وبعيدة عنها.

أورد ترامب، في الخطاب السنوي الذي يلقيه كلّ رئيس أميركي امام الكونغرس، توصيفا واقعيا لحال الاقتصادي الايراني ومدى تدهوره في ضوء العقوبات الاميركية. تطرّق ايضا الى تصفية الولايات المتحدة لقاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الايراني مطلع هذه السنة. كان قاسم سليماني المشرف الفعلي على النشاط الايراني في العراق وسوريا ولبنان وفي الأراضي الفلسطينية، خصوصا قطاع غزّة وحتّى في اليمن وافغانستان. كان نشاطه يعتمد على تجنيد الميليشيات المذهبية في كلّ بلد من هذه البلدان في خدمة المشروع التوسّعي الايراني.

تريد ايران ان يكون كلّ بلد من هذه البلدان او الاراضي، وهي بلدان واراض عربية باستثناء أفغانستان، جرما يدور في فلكها وورقة من اوراقها. هدفها تكريس دورها الإقليمي، بغض النظر عن البؤس الذي يعاني منه القسم الأكبر من الايرانيين داخل “الجمهورية الإسلامية” التي اسّسها آية الله الخميني قبل واحد وأربعين عاما.

يمكن اعتبار التدهور الذي يعاني منه الاقتصاد في “الجمهورية الإسلامية” تطورا طبيعيا نتيجة المكابرة التي تتميّز بها تصرفات كبار المسؤولين الايرانيين الذي يرفضون الاعتراف بانّ ليست لديهم حلول من أي نوع للداخل الايراني، خصوصا انّ البلد بقي أسير ما يصدّره من النفط والغاز. امّا على الصعيد الخارجي، ليس هناك نموذج إيراني ناجح يمكن تقديمه في أي مجال سياسي او اقتصادي او حضاري.

من الواضح ان ايران ترفض التعاطي مع المعطيات الإقليمية والدولية الجديدة التي نشأت مع وصول دونالد ترامب الى البيت الابيض. لهذا السبب نرى رئيس الجمهورية حسن روحاني يتحدّث عن إعادة العمل في الاتفاق النووي مع مجموعة الخمسة زائدا واحدا الذي مزّقه الرئيس الاميركي. لا يدري روحاني، او ربّما يدري جيّدا، ان ورقة الاتفاق النووي لم تعد صالحة لابتزاز أي كان وان الرهان على أوروبا ليس رهانا في محلّه. اكثر من ذلك، لم تستطع ايران التخلّص من عقدة تتحكّم بكلّ تصرفاتها هي عقدة رفض الاعتراف بالفشل مع ما يعنيه ذلك من امتلاك شجاعة القيام بعملية نقد للذات.

في العام 1986، مرّ حدثان كشفا الاتحاد السوفياتي الذي كان رونالد ريغان ادخله قبل ذلك في سباق تسلّح غير قادر على السير فيه. كان ذلك عندما تحدّث الرئيس الاميركي عن “حرب النجوم”، أي عن منظومة صاروخية موجودة في الفضاء قادرة على تعطيل أي صواريخ يمكن ان تنطلق من الاتحاد السوفياتي. تبيّن مع الوقت ان ما اعلن عنه ريغان كان اقرب الى الخيال من الواقع، لكنّ “حرب النجوم” أظهرت عدم امتلاك الاتحاد السوفياتي القدرة على منافسة الولايات المتحدة في حرب تسلّح من هذا النوع. تبيّن بكل بساطة انّ الاقتصاد السوفياتي من الهشاشة الى درجة تجعله شبيها بجسم عملاق تحمله ساقان لا تقويان على التحرّك من دون عكازين!

حصلت على الأرض ترجمة للحال الاقتصادية للاتحاد السوفياتي. كان الحدث الاوّل في الثالث عشر من كانون الثاني – يناير 1986 عندما انفجر الوضع في اليمن الجنوبي الذي كان يسمّى “جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية”. كانت هذه الجمهورية مستقلّة وبقيت كذلك حتّى العام 1990 تاريخ تحقيق الوحدة اليمنية. كذلك، كانت مجرّد جرم يدور في الفلك السوفياتي وموطئ قدم له في شبه الجزيرة العربية. جاء انفجار الداخلي في اليمن الجنوبي، على شكل حرب اهليّة، بين انصار الرئيس (وقتذاك) علي ناصر محمّد وخصومه ليظهر ان السيطرة السوفياتية على البلد انتهت فعليا. تبيّن، بكلّ بساطة، ان القوة العظمى الأخرى في العالم ليست سوى نمر من ورق. لعلّ ابرز دليل على ذلك الاستعانة بيخت ملكة بريطانيا لاجلاء الرعايا السوفيات من “جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية”…

امّا الحدث الثاني، فكان الحادث الذي تعرّض له مفاعل تشيرنوبيل النووي في أوكرانيا يوم 26 نيسان – ابريل 1986. كانت أوكرانيا في تلك الايّام جمهورية سوفياتية وجاء حادث تشيرنوبيل ليؤكّد بما لا يقبل ادنى شكّ انّ الاتحاد السوفياتي دولة من العالم الثالث تمتلك مفاعلات نووية لكنّها غير قادرة على المحافظة على سلامتها.

في ظلّ الكارثة التي يمرّ فيها الاقتصاد الايراني، جاء اغتيال قاسم سليماني الذي يعتبر رمزا للمشروع التوسّعي الايراني. لم يعد لدى ايران ما تردّ به على تصفية من تعتبره المسؤول الاوّل عن مشروعها الإقليمي. كان قصف قاعدة عين الأسد الاميركية في العراق اقرب الى تمثيلية هزلية اكثر من أي شيء آخر. وجاء اسقاط طائرة الركاب الأوكرانية عن طريق الخطأ ليكشف ان ايران دولة من دول العالم الثالث في احسن الأحوال.

مثلما لم يستطع الاتحاد السوفياتي تطوير نفسه والتكيف مع المعطيات الجديدة التي رافقت وصول رونالد ريغان الى البيت الأبيض خلفا لرئيس عاجز اسمه جيمي كارتر، لم تستطع ايران التكيّف مع عهد دونالد ترامب. الأكيد ان المكابرة لا تنفع في شيء. كذلك لن ينفع الرهان على انّ الرئيس الاميركي لن يكون رئيسا لاربع سنوات أخرى بعد انتخابات تشرين الثاني – نوفمبر المقبل. لم يفشل الحزب الديموقراطي في محاكمة ترامب امام الكونغرس بسبب ما وُصف بانه ضغوط مارسها على الرئيس الاوكراني فحسب، بل ان جولة الانتخابات الاولى في ولاية ايوا أظهرت ان الحزب الديموقراطي يعاني من فوضى داخلية. ما صار واضحا بعد جولة الانتخابات في ايوا، الهادفة الى اختيار مرشّح للحزب الديموقراطي يواجه ترامب بعد نحو تسعة اشهر، ان لا مرشّح جدّيا قادرا على هزيمة ترامب في تشرين الثاني – نوفمبر المقبل.

لا يعمل الوقت لمصلحة “الجمهورية الإسلامية” مثلما لم يلعب لمصلحة الاتحاد السوفياتي. هل هناك في طهران من يريد ان يعي انّ باراك أوباما رئيس سابق وانّ ليس من هو مستعد للتفاوض معها بشروطها، خصوصا ان الاوراق التي تمتلكها ليست أوراقا. ذبلت كلّ الاوراق الايرانية اكان في لبنان، الذي دخل مرحلة الانهيار الكامل في غياب من يسأل عنه عربيا او اميركيا… او في العراق حيث ثورة حقيقية على كلّ من له علاقة من قريب او بعيد بالمستعمر الايراني!
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 إيران وسياسة الكذب المطلق
فاروق يوسف
العربي

حين تعبر إيران عن رغبتها في تسوية خلافاتها مع المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة لا أعتقد أنها ستكون قادرة على كشف خبايا وأسرار عدائها لشعبي ونظامي الدولتين اللتين لم يُعرف عنهما أنهما قد ناصبتا إيران العداء في الماضي.

وإذا ما كانت الدولتان قد تعاملتا مع السلوك الإيراني بكثير من الحكمة والصبر فأنهما كانتا في الوقت نفسه حازمتين دائما إذا ما تعلق الأمر بسيادة دول الخليج وشؤونها الداخلية وهو ما لم تكن إيران قادرة على تفهمه لا بسبب عنجهية حكامها وهو مرض قديم حسب بل وأيضا بسبب انفصال نظامها عن العصر وعدم قدرته على التكيف مع المفاهيم السياسية الحديثة.

فمنذ أربعين سنة وهو عمر الجمهورية الإسلامية هناك لا تكف إيران عن استعمال لغة طائفية، هي ليست واحدة من لغات العصر بل هي من بقايا عصور غابرة في التعامل مع دول المنطقة باعتبارها اللغة الوحيدة الممكنة التي تجيد استعمالها. وهي عن طريق تلك اللغة تسعى إلى التدخل في شؤون مجتمعات لا تفهمها ولا تمت لها بأية صلة.

كانت تلك اللغة تجسيدا لروح الوصاية التي أعتقد النظام الإيراني أنها جزء من بنيته المصيرية وأن وجوده لا معنى له من غيرها. فهي من وجهة نظره تكليف مطلق ليس على الآخرين سوى الخضوع له.

ذلك ما يعني أن أية دولة ترغب في الحوار مع نظام الملالي ما عليها سوى أن تهيء نفسها للقبول بلغة مجانين تقع خارج أصول العقل والمنطق وليست لها علاقة بتقنيات السياسة الممكنة أو المحتملة.

لذلك فشلت كل المحاولات السابقة لدفع النظام الإيراني إلى تفهم المحيط الاقليمي وشروط العلاقة بين الدول. لا لأنه لا يعترف بالدول في سياق وضعها السياسي الحديث بل لأنه لا يتصرف انطلاقا من كون إيران دولة يجب عليها احترام القانون الذي يخضع له الجميع.

إيران التي رفعت شعار تصدير ثورتها هي في حقيقتها ليست دولة مسالمة. إنها دولة حرب. وهي في سياق ذلك تعرف ماذا تريد؟ دولة لا تحيا من غير حرب. الحرب هو مشروعها الوحيد.

ولكن النظام الإيراني لا يمكنه أن يعترف بحقيقة ما يريد.

ذلك اعتراف فائض عن الحاجة. يكفي أن نلقي نظرة سريعة على المناطق التي نجح النظام الإيراني في الهيمنة عليها حتى نرى ونلمس حقيقة ما تفكر فيه إيران على مستوى مستقبل المنطقة.

لقد أفلس لبنان ودخل العراق في نفق متاهة مظلمة يبدو الخروج منها أشبه بالمعجزة. كل ذلك حدث بعد أن وقع البلدان تحت الوصاية الإيرانية.

لذلك يمكن القول إن خلاف إيران مع السعودية والامارات يكمن في أن الدولتين لم تسمحا لها بالتدخل في شؤونهما واتخذتا مواقف حازمة لحماية شعبيهما في مواجهة سموم الدعاية الإيرانية.

إيران التي تزعم اليوم بأنها تسعى إلى تحسين علاقاتها مع السعودية والامارات لا يمكنها في أية حال أن تضع أسباب خلافها على الطاولة. فهي أصلا لا ترغب في مفاوضات تقوم على أساس عقلاني يستند إلى لغة القانون الدولي.

في كل ما تقوله إيران هناك نوع من السخرية من الحقيقة.

فلو استحضرنا مواقف إيران في مواجهة حدث جلل مثل اسقاط الطائرة الأوكرانية سنكون على بينة من طريقة التفكير الإيرانية القائمة على مبدأ المناورة والرهانات المتعددة التي تنطوي على الكثير من الكذب.

لقد كذب محمد جواد ظريف، وزير خارجية النظام كثيرا أثناء المفاوضات التي سبقت الاتفاق النووي. كان يكذب في كل اتجاه من أجل أن يُخفي الحقيقة.

ولأن الظاهرة الإيرانية فريدة من نوعها في عصرنا من جهة ما تنطوي عليه من عدوانية مغلفة بطابع ديني فإن التعامل مع مزاعم النظام الإيراني بايجابية لن يؤدي إلى نتائج يمكن أن تعود بالنفع على السلم والامن العالميين.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3
الإقليم السني في سطور صفقة القرن؟! محمد حسن الساعدي

راي اليوم

مايجري من احداث في المنطقة العربية عموماً مرتبط ارتباطاً وثيق بصفقة القرن التي دعها اليها الرئيس الامريكي ( دونالد ترامب) حيث اخر ما تم الكشف عنه في داخل هذه الصفقة المشبوهة هو اقليم غرب العراق والذي يعد تمهيداً لأسكان اللاجئين الفلسطينيين بعد اقامته , حيث سيقوم على اقامة هذا الاقليم في غرب العراق وعلى ثلاث محافظات (الانبار , صلاح الدين , الموصل) حيث تؤكد التقارير في المواقع الاخبارية العالمية ان احد بنود صفقة القرن انتقلت الى العراق , وبات هذا البلد يواجه خطر التقسيم بعد ما كان دولة قوية تتمتع بالاستقلال .
خطوات هذا التقسيم بدأت في العراق , حيث دعت السعودية الى اجتماع لرجال الاعمال وسياسيين سنة عراقيين في السفارة السعودية بعمان , وكان يقود الاجتماع الوزير السابق ثامر السبهان والذي يعد رجل مهمات محمد بن سلمان الخاصة , حيث تضمن هذا الاجتماع الدفع بأتجاه اقامة اقليم سني وتقديم كافة انواع الدعم لأقامته ويتمتع بحكم ذاتي , كما هو الحال عليه في اقليم كردستان , حيث ان قيام مثل هكذا اقليم يحتاج الى ايادي عاملة كبيرة وهذا ما سيوفره اللاجئون الفلسطينيون , وهذا ما يتناسب مع مخططات ترامب التوسعية في المنطقة وتنفيذ خارطة الطريق التي باتت تعرف بأسم صفقة القرن وتهدف بالاساس الى تخليص اسرائيل من مشكلة الاجئين الفلسطينيين , ولكن هذا الامر لم يرق للاردنيين في استخدام السفارة السعودية في عمان كمحطة لقاء لتقسيم العراق مما اضطر السلطات الاردنية ابلاغ العراق بهذا الاجتماع , الامر الذي اثار حفيظة العراق مما اضطره الى مفاتحة السعودية وانعكس ذلك من خلال اللقاء الذي جرى مع ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي , وعندما تمت مواجهة بن سلمان بهذا الاجتماع انكر كعادته واعرب عن استغرابه بمثل هذا الكلام بقوله انه كلام فارغ , ومع ذلك استمرت الاجتماعات حيث عقد هذه المرة اجتماع اكبر في عمان وحضره ممثلون عن الولايات المتحدة واسرائيل اذ قدم هذا الاجتماع دعماً كاملاً للحلبوسي رئيس البرلمان العراقي في جهوده ضد الحكومة لأضعافها , الى جانب خطواته في اقامة الاقليم السني والذي هو الاخر تم تسريبه الى الحكومة العراقية , والتي ارسلت بدورها مبعوثاً امنياً الى السعودية , حيث تشير التقارير ان هذا الاجتماع ساده التوتر والمواجهة مع الجانب السعودي , لذلك كانت السعودية جادة في موقفها الداعم لأقامة الاقليم السني وتنفيذ خطوات صفقة القرن والتي جزء منها العراق , واستمرت الاجتماعات التحضيرية حيث عقد الاجتماع هذه المرة في دبي وكان الحلبوسي حاضراً بجانب عدد من اعضاء البرلمان السنة وحضور مدير فضائية الشرقية سعد البزاز الذي يمتلك الدعم المالي لأسقاط العملية السياسية في العراق اعلامياً , الى ذلك يستمر مسلسل المؤامرات على العراق وشعبه وتقسيم واضعاف وانهاء وتفكيك المجتمع العراقي بما يحقق الاهداف التي اتحد عليها ( أمريكا ـ إسرائيل ) وكل هذا يدخل في مصلحة قوة وتوسيع النفوذ اليهودي في المنطقة عموماً .
ختاماً …
هذه المخططات وغيرها من مؤامرات لا يمكن لها ان تتحرك اكثر من ذلك لان العراق يمتلك منظومة دعم كبيرة وهائلة فهناك المرجعية الدينية العليا والتي تمسك بالعراق ارضاً وشعباً وتمتلك الوعي الكامل للوقوف بوجه المؤامرات الخبيثة ضد البلاد , الى جانب وجود المنظومة العسكرية واهمها الحشد الشعبي الذي يعد صمام الامان للعراق وشعبه , لذلك ستسقط هذه المؤامرات ويبقى صوت العراق عالياً موحداً .
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4 خطة اسرائيل في شرذمة الوطن العربي تبعث من جديد.. والصفقة البائسة هي البداية.. والعراق الدولة المرشحة الاولى
د. سعد ناجي جواد

راي اليوم

منذ ان نشر احد الصحفيين الاسرائيليين خطته الرامية الى تفتيت دول الجوار الجغرافي لفلسطين في عام 1982، كإجراء ضروري لحماية اسرائيل من وجهة نظره، والحديث عنها يخفت ويثار حسب حالة الأمة العربية والحاجة الاسرائيلية لها. لمن لم يطّلع على هذه الخطة، والتي روِّجَ لها كثيرا في حينه وخاصة اسرائيليا، تحدث كاتبها عن ضرورة تقسيم وتفتيت الدول المجاورة لفلسطين وخاصة لبنان وسوريا ومصر. ولكنه اكد وشدد ان اهم دولة يجب ان تعمل اسرائيل على تفتيتها الى ثلاث دويلات هي العراق، حيث اعتبرها، وان لم تكن دولة مجاورة لفلسطين، اخطر دولة على بقاء ومستقبل الكيان الاسرائيلي، ودليله على ذلك مساهمات الجيش العراقي في كل الحروب العربية مع اسرائيل، ورفضه لتوقيع هدنة مع الكيان بعد حرب 1948، او اي تطبيع بعد ذلك. طبعا الكاتب الصهيوني كان يأمل ان تؤدي الحرب العراقية-الايرانية او الحرب الأهلية في لبنان والاجتياح الاسرائيلي الى هذه النتيجة، الا ان فأله خاب عندما نجحت المقاومة اللبنانية في افشال المخطط وبعد ان خرج العراق منتصرا في تلك الحرب، التي كان يجب تجنبها بالحكمة آنذاك. وعلى الرغم من ان الغالبية العظمى من العراقيين كانوا ضد فكرة الحرب اساسا، الا انهم، وبغالبيتهم العظمى ايضا دافعوا عن بلدهم ضد محاولات احتلاله وتجزأته. وربما كانت هذه النتيجة (التلاحم الوطني لحماية العراق والدفاع عن تربته) هي اكثر ما ادهش أعداءه والحصيلة الوحيدة المفرحة لحرب جلبت الكثير من الماسي والتدمير، وسالت بسببها دماء زكية كثيرة، والتي جرَّت بعد ذلك كوارث اخرى على العراق، لا تزال اثارها باقية لحد اليوم.
إلا انه وعلى الرغم من فشل الخطة الاسرائيلية آنذاك، الا ان احتلال العراق في عام 2003 أحياها مرة ثانية. وخير دليل على ذلك حديث نائب الرئيس الامريكي السابق جو بايدن عنها في اكثر من مناسبة، كان اخرها في عام 2007. ومن لم يتكلم عنها من قيادات المحافظين الجدد من الصهاينة الأمريكيين فانه كان في الحقيقة يضع الخطط المحبوكة للوصول الى هذه النتيجة. والأدلة على ذلك كثيرة جدا، ابتداء من الدستور الذي وضعوه ثم حل كل أصناف القوات المسلحة العراقية وبيع أسلحة الجيش العراقي في أسواق الخردة او تهريبها للخارج ودعم فكرة فدرالية غريبة قائمة على أضعاف السلطة المركزية والاعتماد على فاسدين والتستر على فسادهم وطائفيتهم ومن كل الاطراف، وتحريض ابناء محافظة على اخرى، الى غير ذلك من الأمور التي أصبحت اكثر من معروفة. ولكن العراقيين افشلوا هذه الخطة ايضا، على الرغم من ان أطرافا كثيرة في الحكومات التي توالت على حكم العراق بعد الاحتلال كانت اما متواطئة او راضية عنها.
اليوم ايضا تحاول الولايات المتحدة وإسرائيل احياء هذه الفكرة مرة اخرى، على أساس ان نجاحها سيسهل كثيرا في تمرير صفقة ترامب البائسة. وهكذا كانت الولايات المتحدة وإسرائيل حاضرتان في الاجتماعات التي عقدت في الاْردن او دولة الإمارات، التي خططا لها ورتباها، مع (عراقيين) بعضهم يحمل صفة رسمية او عشائرية متوافقين مع هذه الفكرة الرامية الى تقسيم العراق الى ثلاثة اجزاء بحجة زيادة عدد الأقاليم.
الخطوة الثانية في هذا الاتجاه جاءت مع الأسف من السودان، ومن مسؤول كبير يفترض فيه انه جاء إثر ثورة شعبية على نظام فرَّط بارض سودانية وقبل بتجزئتها بدفع ودعم اسرائيليين. والعذر المضحك المبكي الذي أعطاه هذا المسؤول للقائه مع رئيس وزراء اسرائيل، المتهم بالفساد والذي أحيل للقضاء بسبب ذلك وفشل تامين أغلبية لمي يستمر في الحكم، انه فعل ذلك من اجل الأمن القومي السوداني!! هذا الأمن الذي تستهدفه اسرائيل صباح مساء.
اما اخر الألاعيب الاسرائيلية في هذا الاتجاه هو التلويح للمغرب بفكرة ان التطبيع مع الكيان الصهيوني يمكن ان يؤمن للمغرب الاحتفاظ بالصحراء الغربية. وهذه الفرية تندرج مع الأكاذيب المكشوفة التي قُدِمَت للفلسطينيين كي يوقعوا اتفاق اوسلو ويعترفوا (بدولة اسرائيل اليهودية)، ولمصر والأردن كي يقبلا بالتطبيع. وكانت النتائج تمادي اسرائيل في سياساتها التوسعية ومحاولاتها لتفتيت الدول العربية، وخير مثل على ذلك ما يواجهه الاْردن اليوم من مؤامرة صهيونية- أمريكية شرسة لتركيعه لكي يقبل بالصفقة المشبوهة، وإلا فان النتيجة هي تدميره. ومصر لم تزل ضمن خطة التهميش والتفتيت الاسرائيلية.
اخيرا وليس آخر فان ما يندرج ضمن خطة اسرائيل الرامية الى تدمير الأمة العربية المحاولات الاسرائيلية-الامريكية لدفع حكام دول خليجية عربية كي تكون دولهم اداة لاشعال حرب جديدة في المنطقة كما فعل نظام خليجي في عام 1990.
ان كل ما يجري الان هو ليس فقط محاولة لتهميش او محو القضية الفلسطينية من الساحة والاهتمام الدوليين بالكامل، وإنما ايضا لمحوها من الذاكرة العربية تماما. الا ان هذا الحلم على الرغم من التشرذم العربي واصطفاف أنظمة عربية معه، سرا او عَلناً، خوفا او رغبة بالانصياع للأوامر الامريكية، سوف لن يكتب له النجاح لسبب بسيط هو وجود الشعب الفلسطيني وثباته على استرداد حقوقه، وخاصة الجزء المقاوم منه، واصراره على افشال هذه الخطة البائسة. هذه المقاومة التي قلبت الصفقة الى صفعة لمن قبل بها او روّج لها. نعم هناك من قال ويقول ان العرب والفلسطينيين بالذات لم يفعلوا شيئا عندما قامت الولايات المتحدة بالاعتراف بالقدس الشريف عاصمة ابدية موحدة لإسرائيل وأيدت ضم الجولان وستؤيد ضم غور الاْردن وزيادة عدد المستوطنات، وهذا الكلام صحيح، لكن الصحيح ايضا ان كل ما حصل هو في أراض محتلة اساسا من قبل اسرائيل منذ عام 1967 وهي تتصرف بها كما تشاء، والاهم ان يسال اصحاب هذا الرأي سؤالا اخر هو هل استطاعت اسرائيل ان تضم غزة بالقوة العسكرية مثلا؟ او هل تمكنت من ان تنهي المقاومة على الرغم من كل ما استخدمته من قوة عسكرية هائلة؟ والاهم هل تستطيع ان تنهي روح المقاومة والتحدي داخل نفوس الغالبية العظمى من الفلسطينيين؟ ان هذا الشعب البطل هو من سيفشل هذه الصفقة، والدليل ان كل التحليلات المستقبلية الاسرائيلية تؤكد على سوداوية ما سياتي بالنسبة لهذا الكيان الغاصب. في نفس الوقت فان انتفاضات الشباب العربي في كل الوطن العربي لابد وان تفشل المخططات الاسرائيلية للتطبيع التي اعتمدت لفترة طويلة على فساد النخب الحاكمة. وهذا الكلام ليس عاطفيا او خياليا أبداً وإنما نابع من حقائق تاريخية كثيرة أكدت ولا تزال توكد ان كل ما بني على باطل فهو باطل، وان الكيانات الغاصبة مهما طال بها الوقت فانها الى زوال، حتى وان لم يسعفنا العمر، نحن الجيل الذي شهد النكبة وعاشها، ان نشهد هذا الانتصار المحتوم الذي وعدنا به الباري عز وجل.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5 البحث عن “حمدوك” لبناني وآخر عراقي

د. عبدالحميد بن قدوع
راي اليوم

حامد كرزاي كان أنموذجا لما تمخضت عنه عقلية الطاغوت (الامپريالزم) في بداية الألفية الثانية عقب انهيار الشيوعية. فقد كان يمثل مظهرا من مظاهر الاستثمار في عروض اللجوء السياسي وعروض الهجرة التي تمنحها دول الطاغوت (الامپريالزم) لمواطني دول العالم الثالث على نحو خاص. في العراق كان هناك أفراد مثل إياد علاوي وأحمد الجلبي وحيدر العبادي، وحتى الرئيس الحالي برهم صالح، يمثلون نماذج على تطبيق هذه النظرية الاستراتيجية. بعد التطور الذي شهدته وسائل التواصل الاجتماعي تطور نموذج “كرزاي” إلى نموذج “حمدوك”.
عبدالله حمدوك كان أول التطبيقات للنموذج الجديد للهيمنة غير المباشرة على شعوب ما يعرف عند الطاغوت (الامپريالزم) بالشرق الأوسط بالمفهوم الموسع. يختلف حمدوك عن النماذج السابقة في عدة أمور، منها أنه يصنف باعتباره منتميا إلى طبقة التكنوقراط التي هي المسير الحقيقي والفعلي للأمور في معظم دول العالم الثالث، وبخاصة العناصر المنتمية للمحافل الماسونية على وجه الخصوص. وحمدوك خلفيته السياسية شيوعية حيث كان ينتمي للحزب الشيوعي السوداني زمان انتشار الشيوعية، ولو ظلت الشيوعية كما كانت لكان مكانه في الهامش، ولكن بما أنه لم يعد هناك خطر من الشيوعية على الطاغوت (الامپريالزم) فلا بأس من الاستفادة من عناصرها الانتهازية ذات الخلفية المهنية المحتاج إليها في تنويم الجمهور وخداعه.
وصل التطور في وسائل التواصل الاجتماعي سريعا إلى درجة النجاح في توجيه الرأي العام من خلال تكثيف الذباب الالكتروني. وأبرز الأمثلة على هذا النجاح هو توجيه البريطانيين في اتجاه التصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي من أجل مصلحة ضيقة للطبقة الغنية المسيطرة على الاقتصاد. وهناك مثال بارز آخر هو وصول دونالد ترمب للبيت الأبيض، فقد كانت استطلاعات الرأي إلى آخر الأسابيع التي سبقت الانتخابات تشير إلى تقدم هيلاري كلنتون على ترمب، وفجأة انقلبت الأمور عندما تحرك الذباب الألكتروني وركز على غفلة هيلاري عن حسابها الالكتروني الحكومي وفتحه للاستخدام العام، وتصوير ذلك باعتباره خيانة للأمن القومي.
لبنان كبير وعراق صغير
لبنان عراق مصغر والعراق لبنان مكبر من حيث التركيبة الاجتماعية للسكان. فما ينطبق على لبنان ينطبق على العراق والعكس صحيح. يتحرك الذباب الألكتروني تحركات جنونية وكأنه في سباق مع الزمن في بيروت وبغداد من أجل تحريف بوصلة الرأي العام باتجاه قبول عملاء للمؤسسات الربوية الكبرى، التي هي أذرعة الطاغوت (الامپريالزم) في مجال الاقتصاد، وتقديمهم باعتبارهم منقذين للبلاد من الأزمات الاقتصادية من حيث إنهم كفاءات علمية ومهنية قادرة على تلبية حاجات الناس الملحة، حتى وإن حصل وصولهم إلى السلطة من سبيل غير ديمقراطي على طريقة “حمدوك”. وما إن يحصل ذلك حتى يشرع الذباب الاكتروني في تغيير السياق إلى سياق يؤدي إلى تمديد فترتهم الانتقالية أطول فترة ممكنة من خلال استحداث أزمات تتلوها أزمات لا تنتهي ولا معالج لتلك الأزمات إلا “حمدوك” لبناني في بيروت و “حمدوك” عراقي في بغداد.
فرص النجاح والفشل
لا يراودني أدنى شك في أن نظرية “حمدوك” تطبيقها سيفشل في لبنان وفي العراق على حد سواء. ذلك لأن أهل لبنان يختزلون حضارات الفينيقيين وحضارات الشام الكبير العريقة، وكذلك الحال عند أهل العراق. إن الوعي بالمشكلة هو أول وسيلة لمواجهتها وهو الأساس الذي تبنى عليه الوسائل والأدوات الأخرى اللازمة للتعامل مع المشكلة واحتوائها، وإن الوعي متوفر في لبنان وفي العراق.
النخب السياسية غير المتصلة بالطاغوت (الامپريالزم) في الشام والعراق هي الطرف الأكبر والأقوى قوة ذاتية وسوف تعمل على توعية أنصارها وأتباعها بالمخططات المعادية، أما العناصر المتصلة بالطاغوت (الامپريالزم) فهي قليلة العدد. وكثيرون منهم، إن لم يكن كلهم، لا يحفلون بالطاغوت على مستوى الوجدان، فتجدهم في جلساتهم الخاصة يلعنونه، ولكن لاعتبارات تجارية بالدرجة الأولى تليها اعتبارات اجتماعية، وربما اعتبارات سيكولوجية، تجدهم مرتبطين بالطاغوت ويعتمدون عليه. ولذلك فإن أمريكا تتجسس على حلفائها أكثر مما تتجسس على خصومها، فالثقة بين الطرفين معدومة.
إن انتخاب رئيس السلطة التنفيذية مباشرة من الشعب، وليس بالتوافق، هو الخطاب الصحيح الرامي إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي. أما ما يروج له من أساليب واقتراحات أخرى فيدخل في مقولة الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، “كلمة حق أريد بها باطل”. لماذا لا يجب أن يكون المرشح مواطنا لم يسبق له التجنس بجنسية الطاغوت (الامپريالزم)؟
وظيفة “حمدوك”
يقول المثل “إذا وقعت في حفرة فأول شئ يجب أن تفعله هو أن تتوقف عن الحفر”، أما “حمدوك” فأول شئ يجب أن يفعله هو أن يشرع في الحفر وأن يستمر فيه. عندما وصل عبدالله حمدوك إلى السلطة في الخرطوم كانت قيمة الدولار الأمريكي حوالي خمسين دينارا ولم يمر عام حتى تجاوزت قيمته المائة. أما في لبنان والعراق فالأرقام أرقام فلكية.
وسوف يفشل حتما مشروع “حمدوك” في السودان أيضا. وهذا الزعم مبني على معطيات تاريخية، فمنذ أن وافق زعيم “الوحدة العربية” طوعا على انفصال (!) السودان ودار فور عن مصر عام 1956 (ورث الزعيم عن الملك فاروق مساحة بحجم الهند تشمل مصر والسودان ودار فور إضافة إلى سيناء وغزة) أصبحت أجيال متعاقبة من المخابرات البريطانية هي التي تدير الأمور السياسية في السودان بالتنسيق مع أجيال متعاقبة من طبقة التكنوقراط التي أسستها من عناصر النخبة السياسية التي تلقت تعليمها في بريطانيا. فكانت هناك على طول تاريخ السودان الحديث مراوحة بين انقلابات عسكرية وانتخابات ديمقراطية. الانقلابات يقوم بها ضباط من الجيش مدعومين إما من الشيوعيين أو الإسلاميين، في مشهد مشابه للمشهد الذي يحدث في باكستان، المشهد الذي تديره بريطانيا كذلك.
فالتركيبة السياسية في السودان تتألف من أربعة أضلاع، ضلعان كبيران لا يحتاجان إلى التآمر مع الجيش من أجل الوصول إلى السلطة هما حزب الأمة والحزب الاتحادي، ويستند كل منهما إلى قاعدة صوفية شعبية كبيرة واحدة في غرب البلاد وأخرى في شرقها على التوالي. والضلعان الصغيران هما الحزب الشيوعي والحركة الإسلامية اللذان يستندان على الطبقة المثقفة العلمانية والمتدينة على التوالي. وقد جرت العادة أنه عند الانتخابات يتصدر النتائج حزب الأمة والاتحادي فيتقاسمان معظم مقاعد البرلمان والوزارات السيادية، ثم ما يلبث أن يقوم الجيش بانقلاب بإيعاز إما من الشيوعيين أو الإسلاميين.
وما حدث منذ عام تقريبا هو في الحقيقة انقلاب عسكري أبيض رتبته المخابرات البريطانية من خلال أذرعتها الشيوعية في الخرطوم بعد قص أجنحة البشير في الحركة الإسلامية، وقدم للناس باعتباره ثورة شعبية ضد الفساد والاستبداد. في زمن ازدهار الشيوعية ظل الطاغوت (الامپريالزم) يوظف الاسلاميين في مواجهة الشيوعيين، وأحد الأمثلة على ذلك في مصر إيعازهم للسادات بتقريب الإسلاميين فوصل الشيخ شعراوي إلى منصب وزير الأوقاف، الشيخ الذي صلى ركعتين شكرا لله على هزيمة الزعامة اليسارية في حرب حزيران. أما بعد انهيار الشيوعية صار الطاغوت (الامپريالزم) يوظف الشيوعيين في مواجهة الإسلاميين في كل مكان من العالم الإسلامي خاصة في الدول العربوفونية.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
6 أسرار مجزرة النجف فريد أحمد حسن

الوطن البحرينية

لا يتردد البعض عن القول بأن المجزرة التي حصلت في النجف ليلة الخميس الماضي وراح ضحيتها نحو عشرة من العراقيين وجرح فيها أكثر من مائة متظاهر هي من صنع إسرائيل أو الولايات المتحدة أوغيرها من الدول التي يتخذ منها موقفاً وتعود الكثيرون توجيه الاتهامات لها في مثل هذه الأحوال، لكن هذا واقعاً غير صحيح لأن الأمور في العراق اليوم صارت أكثر وضوحاً، فما يجري في هذا البلد العربي كله نتاج دسائس النظام الإيراني وممارساته، ومن يقول بغير هذا يغالط نفسه.

النظام الإيراني متغلغل في العراق ومتمكن من كثير من مفاصله وهو يحرك الميليشيات التابعة له وقت ما يشاء وبالكيفية التي يشاء. يكفي ملاحظة أن الذين هاجموا المتظاهرين وأحرقوا خيامهم وطاردوهم في الطرق الضيقة وأعملوا فيهم سكاكينهم وبنادقهم لم يكونوا من الأمن العراقي ولا الجيش واستدل المتظاهرون من الذي كانوا يرتدونه على أنهم تابعون لميليشيات تابعة لشخصية معروف ولاؤها لإيران.

اختلاط الأوراق في العراق يفتح المجال للعبث، لكن هذا لا يمنع من تحديد الفاعلين، فإيقاع الأحداث والتطورات الحاصلة يعين المتابعين والراصدين تبين أولئك وتبين أهدافهم ومراميهم، وهؤلاء وغيرهم لا يجدون صعوبة في التوصل إلى أن ما يجري هو من صنع النظام الإيراني، والكل يعرف بأنه لو كان الهدوء من مصلحة هذا النظام لما حصل كل الذي حصل في الآونة الأخيرة وعلى الخصوص ليلة الخميس.

النظام الإيراني يسعى إلى فرض أمور في العراق لم تعد خافية، والمتظاهرون في الشوارع والمعتصمون في الساحات يعيقون تحركه وتحقيقه ذلك، لهذا جاءت الأوامر مرفقة بالفتاوى التي تجيز قتل المتظاهرين وإحراق خيامهم وفعل كل شيء من أجل دفعهم لترك الساحات والعودة إلى البيوت.. والقبول بالأمر الواقع.

لكن لأن الشعب العراقي صار يعرف الحقيقة ويعرف تفاصيل المخطط الفارسي، ولأن أبناءه لا يهابون الموت ويفدون وطنهم بأرواحهم لذا فإنهم لم يتوقفوا عن التظاهر والاعتصام والاستمرار في المطالبة بحصولهم على كامل حقوقهم والتي يتقدمها طرد إيران من العراق ومنع النظام الإيراني من التدخل في شؤونهم الداخلية.

ما جرى في العراق قبلاً هو من صنيع النظام الإيراني، وما يجري فيه حالياً هو من صنيع النظام الإيراني، وما سيجري فيه بعد هو من صنيعه أيضاً، والأكيد أن الأمور ستتطور بشكل سالب طالما استمر هذا النظام في تدخله في شؤون العراق، والأكيد أن مجزرة ليلة الخميس في النجف ستتكرر إن لم يتم طرد إيران من العراق، فالنظام الإيراني لن يقبل بفرض رئيس وزراء لا يقبل به ولا يرضى عنه، ولن يقبل برفض رئيس وزراء حصل على رضى وقبول المرشد الإيراني ويريد فرضه على العراق، وهذا يعني أنه أوعز لميليشياته بالنزول إلى الشوارع والساحات لفرض ما يريد فرضه ومنع العراقيين من تحقيق مطالبهم بل حتى التعبير عن أحلامهم.

منع النظام الإيراني من الاستمرار في هذا العبث ليس مسؤولية حكام العراق وحدهم ولكنها مسؤولية المجتمع الدولي كله، ذلك أن تمكن إيران من السيطرة على العراق نتائجه وخيمة على هذا البلد العربي وعلى كل بلدان المنطقة، ويكفي للتدليل على هذا القول بأن ما يجري في العراق حالياً هو نتاج تمكنه من بعض مفاصل الحكم فيه، فكيف سيكون الحال لو تمكن من كل شيء وقام بفرض الأمر الواقع؟

الشعب العراقي لا يطلب المستحيل، كل ما يريده هو أن يتمكن من حكم بلاده بنفسه، لكن هذا لا يمكن أن يتحقق طالما استمر التواجد الإيراني وطالما استمر النظام الإيراني في السيطرة على ما صار مسيطراً عليه في العراق.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
7 ديكارت ومحافظ البصرة
سمير عطا الله

الشرق الاوسط
تحول اسم الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (1550 – 1696) إلى صفة في اللغات الغربية. فالديكارتية هي الدقة والوضوح، وإحكام العقل، ونبذ الخرافة والتحرر من الأساطير التي ينشأ عليها الإنسان في العائلات البسيطة، وتتوارثها الأجيال من قرن إلى قرن، من دون أن تسائل احتماليتها.
أثار ديكارت في حياته كثيراً من الجدل. ومثل كثيرين من مفكري المرحلة، هرب إلى هولندا بعيداً عن اضطهاد العقول المغلقة بأقفال الجهل والتبلد. وبعدها أصبح المدرسة الفلسفية الأولى في البلاد، والمرجع الفكري الأخير. وصار ديكارت منذ نشر أطروحاته المعاصرة، بمثابة أرسطو أو أفلاطون في العصور الأولى.
كان موسيقياً وفارساً وعالماً. وقد استدعته ملكة السويد لكي تتلقى مزيداً من العلم على يديه. غير أن الرجل الذي وضعت عنه ألوف الأطروحات لشهادات الدكتوراه في جامعات العالم، ظل يعاني طوال عمره من عقدة التعلم الرسمي، أو الأكاديمي. فمجموع سنواته الدراسية لم تتجاوز التسع، منها 3 في دراسة الفلسفة.
وكان يعايره في ذلك جهّال وأغبياء لم يحملوا من العلم سوى شهادة الحفظ. ولم ينكر هو أنه مهما بلغ من الثقافة والمستوى الفكري، فقد حرمته ظروفه الصحية من شهادة سوف ينالها الألوف بمجرد التبحر في أفكاره.
هكذا حدث لعباس محمود العقاد، وسعيد عقل. ولم يتردد صحافي من لبنان أن يسأل العقاد، وهو يضع عينه في عينه؛ هل صحيح أنك لم تبلغ مرحلة الصف الرابع الابتدائي؟ فماذا كان الجواب؟ نظر العقاد في وجه سائله، قائلاً له؛ صحيح يا بني! وفي إمكانك أن تذهب سعيداً الآن. فأنت طرحت عليّ السؤال الذي تُحرج في طرحه على طه حسين وزكي مبارك وزكي نجيب محمود وعبد الرحمن بدوي.
وقد ذكرتني الحادثة بطرفة قديمة من العراق، تقول إن محافظ البصرة اضطر إلى الغياب عن مكتبه، فاتصل هاتفياً، وردّ رئيس الفراشين، فسأل المحافظ مَن على الخط؟ أجاب الرجل: «السيد أحمد عبد الجواد عبد العظيم عبد الإله، رئيس دائرة الفراشين في محافظة البصرة، وحضرتك من أغاتي؟ أجاب الرجل؛ أنا المحافظ».
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
8 أمل «علاوي» الوحيد

بوبي جوش
واشنطن بوست

منصب رئاسة الوزراء في العراق مقرون بالعبأين المشهورين للسلطة السياسية: «تاج شوك» و«كأس مسمومة». مسكين محمد توفيق علاوي، الذي يتعين عليه التعاطي مع هذا النوع من الأعباء. تكليفه، بعد شهرين من الصراع بين أكبر الكتل السياسية في البلاد، رُفض فوراً من قبل المحتجين العراقيين الشباب الذين أطاحت مظاهراتهم المعارضة للفساد بسابقه. وفرصه في معالجة تظلماتهم ضئيلة، لأن الأحزاب التي تدعمه لا مصلحة لها في أي إصلاحات.
علاوي هو المرشح التوافقي الذي وافق عليه الزعيمان الشيعيان الأقوى في البلاد – هادي العامري، الذي يعتبره البعض رجل إيران في بغداد، والسياسي ورجل الدين مقتدى الصدر. طهران رحبت بتعيينه. وذهب الصدر إلى أبعد من ذلك، حيث سحب أنصاره من ساحة التحرير وأماكن أخرى يحتلها المحتجون. ويحاول «الصدريون» الآن إرغام المحتجين على المغادرة.
رئيس الوزراء الجديد يعرف ما الذي يتوقعه منه العامري والصدر: تقسيم للوزرات الحكومية المربحة بين أنصارهما وطرد القوات الأميركية من العراق.
وقد سبق لعلاوي أن شغل مرتين منصب وزير الاتصالات في حكومة شخص آخر كان يحظى بدعم إيران، رئيس الوزراء نوري المالكي، ولكنه استقال احتجاجاً على الفساد وسياسات رئيسه الطائفية بشكل صريح. ويمكن القول إنه تحت ظروف أخرى، ربما كان هذا سيشفع له ويُكسبه بعض التأييد بين المحتجين.
ومع ذلك، يظل المحتجون أمل علاوي الوحيد للوقوف في وجه خصومه السياسيين. ذلك أنه إذا استطاع توجيه غضبهم وتبني طموحاتهم الإصلاحية، فإنه قد يكتسب بعض المجال السياسي الخاص به.
وهذا هو ما كان ينبغي على سلف علاوي، عادل عبد المهدي، القيام به – أو على الأقل محاولة القيام به. فهو أيضاً كان مرشحاً توافقياً مديناً لشخصيات سياسية من الوزن الثقيل. ولكن بدلاً من أن يعمل على استقطاب المحتجين، أشرف على قمع عنيف، شمل أمن الدولة إلى جانب الميليشيات الشيعية، التي لم تزد الوضع إلا سوءا. وفي نهاية المطاف، لم يكن أمامه خيار سوى الاستقالة.
فهل يستطيع علاوي أن يكون أحسن منه؟ الواقع أن هذا الأخير بدأ بقول الأشياء المناسبة، إذ شجع المحتجين على الاستمرار ووعد بإصلاحات سياسية واقتصادية. وقال: «الآن أنا موظف عندكم، وأحمل أمانة كبيرة، فلا تتركوا ساحات التظاهر دون تحقيق مطالبكم».
غير أن الخطابات وحدها لن تكسبه رأسمال سياسيا. والاختبار الحقيقي لعلاوي هو إن كان سيستطيع حماية المحتجين من قوات الأمن والمليشيات. فخلافا للعامري والصدر، فإن علاوي لا يملك أي عضلات ليستعرضها في الشوارع. وبالتالي، فربما أفضل رهان لديه هو السعي وراء دعم الرجل الذي يهابه كلا الرجلين: علي السيستاني.
وهذا المرجع الديني الأكبر للشيعة في العراق لا يملك مليشيا، ولكن حجم أتباعه الشيعة يجعل مباركته ضرورية لأي رئيس وزراء. وقد عبّر السيستاني عن تعاطفه مع المحتجين، وعارض التأثيرين الإيراني والأميركي على حد سواء، ودعا إلى تطهير المشهد السياسي للبلاد. وعلى غرار المحتجين، يعتقد أن البلاد في حاجة إلى انتخابات جديدة.
وعلاوي يبدو أنه متفق مع هذا الرأي، إذ وعد بانتخابات يشرف عليها مراقبون دوليون. والحال أن الأحزاب السياسية – وليس الفصائل الشيعية فقط – لديها مصلحة في الإبقاء على الوضع الراهن في البرلمان وستبدي مقاومة شديدة لأي تغيير. مقاومة سيتطلب التغلب عليها قيادة سياسية محنكة من قبل علاوي ودعم السيستاني، ولكن ذلك قد يكون الوعد الوحيد الذي يستطيع رئيس الوزراء الوفاء به.

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
9 مليونية الناصرية
د. علي القحيص
الاتحاد

ما يزال الشارع العراقي، في عدد من مدنه، مستمراً على حراكه الغاضب، فهو يغلي ويرفع الصوت ثائراً ورافضاً الفوضى والإهمال والهوان والتخاذل من جانب حكوماته المتعاقبة على السلطة منذ عام 2003. وقد وتواترت الاحتجاجات الغاضبة وتنامت منذ عدة أشهر خلت، زادت خلالها الاحتجاجات بلا توقف ولا هوادة ولا تهاون ولا استسلام لليأس من تغيير الواقع، رغم تعرض المحتجين لشتى أساليب البطش والقمع والقتل بلا رحمة ولا شفقة، على أيدي حكومة غير مبالية بأحوال شعبها وإرادته، وقد انتهجت ذات المسار الذي انتهجته سابقتها، بما في ذلك تجاهل متطلبات الشعب ومطالبه المشروعة العادلة، حيث أبلت هذه الحكومات المتعاقبة بلاءً غير حسن في تبديد الأموال العراقية دون وازع ديني أو رادع وطني ولا حتى حس إنساني!
مَن كان يتوقع أن بعض العراقيين وعوائلهم المتعففة، سيضطرون ذات يوم للتفتيش في القمامة لسد رمق جوعهم من شدة ما أصابهم من ضرر، ويتسولون في الشوارع يستجدون رغيف الخبز وحبة الدواء وجرعة الماء.. رغم أن بلدهم يطفو على بحيرة من النفط، فضلاً عن مياه الرافدين وأسماكهما الكثيرة وأراضيهما الخصبة الصالحة للزراعة والاستثمار.
المراقبون أصحاب الضمائر الحية والإحساس بالآخر، استبشروا خيراً فرحين بهذه الانتفاضة الشعبية العارمة، التي اجتاحت بلاد الرشيد ودار السلام ومهد الحضارات، والتي أظهرت أن الشعب العراقي أصبح أكثر نضجاً ووعياً بأوضاعه بعد انتظار طويل ووعود كثيرة كاذبة وتعهدات والتزامات واهية. لقد استيقظ الشعب العراقي بعد ما عاناه من التهميش والتهجير والقتل والاعتقال والتنكيل.. وهذه الاحتجاجات قد تعيد للعراق والعراقيين كرامتهم ومجد تاريخهم الذي سُلب واختُطف من قبل الميليشيات الطائفية الدخيلة على البلد والتي أغرقته في وحل الكوارث والمحن والمآسي.
لكن الانتفاضة المليونية التي ثارت وتجمهرت في محافظة ذي قار (مركزها الناصرية)، لها تأثيرها الواضح وطعمها الخاص ومشهدها المتميز اللافت ضمن اللوحة العامة لاحتجاجات العراق الحالية، إذ تنم عن حس وطني عالي المستوى، من حيث توقيتها ومعناها وحجمها ومكانها، ولأنها صادقة وعفوية وبدون تدخل سياسي أو ديني أو طائفي يوجهها ويسيسها ويحرِّف مسارها.
وحين تثور الناصرية وتنتفض، فذلك يعني أن جنوب العراق كله يتحرك ويحتج ويثور ضد الاحتلال والتبعية والاضطهاد، مستعيداً انتماءه الوطني والقومي الحقيقي، فالناصرية أم الانتفاضات وأم الأبطال والشهداء والشعراء والرموز الوطنية التاريخية المشهودة، وهي التي ما فتئت تحلم بالثأر لسيل من دماء أبنائها. فهذه المدينة ذات التاريخ الضارب في عمق العراقة، سميت على معركة «ذي قار» الشهيرة بين العرب والفرس، وهي مدينة السعدون والمنتفق وناصرية العشائر التي ثارت ذات يوم على المحتلين بـ«الفالة» و«المكوار» (سلاحان قديمان)، وهي مدينة الأصلاء والنبلاء والغيارى أصحاب الدم الحار. وقد تأسست في عام 1870، ويبلغ عدد سكانها اليوم نحو 270 ألف نسمة. وما برحت الناصرية تهزم كل عدو ودخيل وغاز، وما تزال رائحة البارود تنفث من نسمات هوائها العليل، وما فتئ رجالها يتذكرون صرخات المقاتلين وصهيل الخيل وصليل الرماح والسيوف، وأبطال العراق يطاردون الغزاة دفاعاً عن الدين والعروبة والهوية والتاريخ.
فهل ترسم مليونية الناصرية خارطة طريق جديدة لمستقبل العراق؟!