اتهم نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، في سلسلة تغريدات على «تويتر» قاسم سليماني بأنه «ساعد 10 من أصل 12 من الإرهابيين الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية في الولايات المتحدة، في السفر السري إلى أفغانستان»، وذلك في إطار دفاعه عن اغتيال الإدارة الأميركية قائد «فيلق القدس» الإيراني الذي وصفه بنس بأنه «رجل شرير ومسؤول عن قتل الآلاف من الأميركيين».
ورداً على نائب الرئيس الأميركي، سارع البعض بالإشارة إلى أن هناك 19 إرهابياً نفذوا هجمات 11 سبتمبر، وليس 12. لكن السكرتيرة الصحافية لبنس، كاتي والدمان، أوضحت فيما بعد أن نائب الرئيس الأميركي كان يشير إلى 12 من الخاطفين الـ19 الذين «عبروا أفغانستان». ويعترف تقرير الإدارة الأميركية حول أحداث 11 سبتمبر 2001، بأن 8 من المختطفين على الأقل «عبروا إيران في طريقهم إلى أفغانستان أو منها».
من جانبه، قال مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي في عام 2019، إنه ليس لديه شك في «وجود علاقة بين إيران و(تنظيم) القاعدة». وأضاف بومبيو أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قوله: «إن السؤال حول علاقة إيران بالقاعدة سؤال حقيقي للغاية. فقد استضافوا القاعدة، وسمحوا لها بعبور بلادهم».
وتابعت وسائل الإعلام والصحافة الأميركية تغطيتها لمقتل سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، في غارة نفذتها طائرة أميركية مسيرة فجر الجمعة بالقرب من مطار بغداد. وكشفت تفاصيل إضافية كيفية اتخاذ الرئيس دونالد ترمب قراره والأسباب التي أقنعته بتصفية الرجل الذي مضى على وجوده في قائمة الإرهاب الأميركية نحو عقدين، من دون أن يطلق الزناد عليه رغم الفرص الكثيرة التي سنحت سابقاً.
عندما كان ترمب يقضي عطلته في منتجع مارلاغو في فلوريدا، جاء فريق الأمن القومي ليعرض عليه مجموعة من الخطط لدرء الخطر الإيراني الذي تضاعف في الفترة الأخيرة، وانتهى باقتحام عناصر من «الحشد الشعبي» العراقي مقر السفارة الأميركية في بغداد، وقبل ذلك مقتل متعاقد أميركي إثر هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية في كركوك. وضم الفريق وزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الدفاع مارك إسبر، والجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة.
وبحسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، فقد ناقش المجتمعون تنفيذ العملية مع الرئيس، بعد أن خلصوا إلى أنه «كانت هناك فرصة معقولة» لأن الضربة لن تؤدي إلى نشوب حرب، بل ستمكن التيار المعتدل في إيران. وبحسب مسؤول في البيت الأبيض، فقد مرت المناقشات باستهداف سليماني بمراجعة قانونية أيضاً لتحديد ما إذا كان يمكن الدفاع عنها، أم لا. وقال رئيس أركان الجيش الأميركي مارك ميلي إنه لو لم يتمّ استهداف سليماني كنا سنُتهم بالإهمال. وأضاف: «كانت في حوزة الولايات المتحدة معلومات مؤكدة مفادها أن سليماني كان يخطط لأعمال عنف أكبر بكثير»، موضحاً أن «خطر عدم التحرك كان أكبر من خطر التحرك».
كما قالت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» إن الفريق لم يكن يتوقع قبول الرئيس ترمب فكرة قتل قاسم سليماني المصنف على قائمة الإرهاب الأميركية، رغم أنه كان يخطط لقتل أميركيين، بحسب قناة «سي بي إس نيوز». وأبلغ مسؤول أميركي الصحيفة أن الفريق عرض على ترمب كثيراً من الخيارات التي يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة، وكان من بينها استهداف سليماني، وهو ما وافق عليه ترمب. وقال المسؤول إن الرئيس ترمب وافق بشكل غير متوقع على ذلك الخيار، مضيفاً أن قراره كان مدفوعاً جزئياً من قبل بعض مستشاريه المتشددين تجاه إيران.
وبُعيد الاعتداء على السفارة الأميركية، قال وزير الدفاع مارك إسبر خلال مؤتمر صحافي إنه اجتمع مع الرئيس ترمب وناقش وأعضاء البنتاغون الخيارات المتاحة للرد على الاعتداء الذي نفذته عناصر من الحشد الشعبي موالون لإيران. وقال إسبر للصحافيين: «اليوم ناقشنا مع الرئيس الخيارات المتاحة، وأود أن أشير إلى أننا سنتخذ إجراءات إضافية عند الضرورة». وفيما لم يذكر اسم سليماني بشكل علني كهدف محتمل، لكن ترمب أوصى ببذل جهد من قبل البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لتحديد موقعه ووضع خطة عسكرية للقضاء عليه، بحسب الصحيفة.
وعلمت وكالات الاستخبارات الأميركية، التي كانت تتعقب سليماني لسنوات، أنه كان في رحلة قادته إلى لبنان ثم سوريا، وأنه سوف ينتقل من دمشق إلى بغداد في غضون أيام. وأشار المسؤولون إلى أن سليماني بدا غير قلق على نحو غير عادي بإخفاء تحركاته، في حين نقلت وكالة «إيرنا» الإيرانية الرسمية للأنباء الجمعة، عن مسؤولين إيرانيين أنه كان مسافراً من دمشق إلى بغداد على متن رحلة غير سرية، لعقد اجتماعات مع مسؤولين عراقيين. لكن مسؤولين أميركيين أوضحوا الجمعة، أن رحلة سليماني كان لها هدف آخر، وقال بعضهم إنه كان في المراحل الأخيرة من التخطيط لهجمات كبرى ضد منشآت أميركية في العراق ولبنان وسوريا، بينها هجمات على القوات الأميركية في مناطق شرق الفرات في سوريا، وأنه عقد لقاءات مع عشائر عربية في المنطقة لهذا الهدف.
وبحسب المصادر ذاتها، لم تكن الأهداف واضحة، لكنهم ربطوا ذلك بالهجوم الصاروخي الذي حدث في 27 الشهر الماضي وأسفر عن مقتل متعاقد عسكري أميركي بالقرب من كركوك. وعندما وصل سليماني إلى بغداد يوم الخميس، كانت طائرة أميركية من دون طيار وطائرات عسكرية أخرى تحلق بالقرب من مطار بغداد الدولي. وبينما دخل سليماني وعدة أفراد من العناصر الموالين لإيران في سيارتين وكانوا في طريق المطار باتجاه وسط بغداد أطلقت طائرة أميركية مسيرة 4 صواريخ قضت على سليماني وأبو مهدي المهندس الذي كان برفقته. ووفقاً لمسؤولين عراقيين، حدد رجال الإنقاذ جثة سليماني من الخاتم الذي كان في إصبعه.
وانتقدت صحيفتان أميركيتان السبت مواقف لنائب الرئيس الأميركي مايك بنس اتّهم فيها قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني الذي قُتل الجمعة بضربة أميركية في العراق، بأنه ساعد منفّذي هجمات 11 أيلول/سبتمبر.
وجاء في تغريدة أطلقها بنس الجمعة أن سليماني “ساعد عشرة من الإرهابيين الإثني عشر الذين نفّذوا هجمات 11 أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة على العبور سرا إلى أفغانستان”.
وعندما رد نقّاد على تويتر بأن هجمات أيلول/سبتمبر 2001 نفّذها 19 شخصا وليس 12، أوضحت المتحدثة باسم نائب الرئيس كيتي والدمان أن بنس كان يقصد الأشخاص الإثني عشر الذين “عبروا إلى أفغانستان”.
وأضافت أن “سليماني ساعد عشرة من أولئك الإثني عشر”.
لكن صحيفة “نيويورك تايمز” شدّدت على أن اسم سليماني الذي كان حينها قائدا لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني لم يرد على الإطلاق في التقرير الذي أصدرته لجنة التحقيق في هجمات 11 أيلول/سبتمبر، والواقع في 585 صفحة.
وخلصت لجنة التحقيق التي ضمّت أعضاء في الحزبين الجمهوري والديموقراطي إلى وجود “دليل قوي على تسهيل إيران عبور أعضاء تنظيم القاعدة من وإلى أفغانستان قبل 11 أيلول/سبتمبر… لم نجد أي دليل على أن إيران أو حزب الله كانا على علم” بالهجمات التي وقعت لاحقا في 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وأضاف التقرير أن “أعضاء القاعدة أنفسهم لم يكونوا على الأرجح في الوقت الذي عبروا فيه إيران، على علم بالتفاصيل المحددة لعمليتهم المستقبلية”.
واعتبرت صحيفة “واشنطن بوست” أنه قد “يصح تقنيا القول إن إيران +ساعدت+ في تنقّلهم” إلا أن ذلك لا يعني أن طهران، أو تحديدا سليماني “ساعد عن دراية في هجمات 11 أيلول/سبتمبر التي وقعت لاحقا”.
كما أن خمسة عشر من الخاطفين التسعة عشر للطائرات التي استخدمت في هجمات العام 2001 كانوا من السعودية، العدو للدود للجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة.
وتابع بنس في 12 تغريدة أطلقها الجمعة بشكل غير اعتيادي أورد فيها قائمة بـ”أفظع الأعمال الوحشية” المنسوبة لسليماني والتي نفّذت في أرجاء الشرق الأوسط.
ودافعت شخصيات أخرى في الإدارة الأميركية عن الضربة التي قُتل فيها سليماني.
وجاء في تغريدة لوزارة الخارجية الأميركية أن “قاسم سليماني مسؤول عن قتل 603 جنود أميركيين والتسبب لآلاف بإعاقات في العراق”.
وقالت الوزارة إن فيلق القدس بقيادة سليماني قد يكون مسؤولا عمّا نِسبتهُ 17 بالمئة من القتلى الأميركيين في العراق بين عامي 2003 و2011 .