10 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاحد

ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
1 الفقر والفساد يشعل العراق كما أشعل من قبله ساحات عربية كثيرة
د. عبد الحميد فجر سلوم

راي اليوم بريطانيا
لم تشفع للمسؤولين العراقيين، ولا للحكومة العراقية، الانتخابات البرلمانية الديمقراطية التعددية، التي كفلها دستور العراق، لان الفساد قضى على كل تلك المعاني.
في ظل الفساد وغياب المحاسبة وعدم تطبيق القوانين وعدم وجود مؤسسات فاعلة وقوية وقادرة على محاسبة أكبر مسؤول، فإن الديمقراطية حينئذ تفقد مفعولها وزخمها وتصبح بلا معنى..
الديمقراطية ليست مجرد صناديق اقتراع وتصويت وتغيير في بعض الوجوه وينتهي الأمر، وإنما هي عملية متكاملة من ألفها إلى ياؤها، وما التصويت في صناديق الاقتراع سوى الخطوة الأولى في درب الديمقراطية..
المسؤولون العراقيون لم يُدركوا هذا الأمر، وربما أدركوه ولكن لم يعيرونه اهتماما، واختزلوا العملية الديمقراطية بصناديق الاقتراع التي أوصلتهم إلى البرلمان ومن ثم إلى الحكومة، وكأن هذا نهاية كل شيء، وضمنوا المكاسب والامتيازات، وتناسوا غالبية الشعب الفقير والمحتاج لكل شيء، وأولها الخدمات الأساسية، وتوفير مستوى معيشي لائق ببني البشر، واعتماد الشفافية وتكافؤ الفرص وسيادة القانون ومكافحة الفساد والفاسدين والمستبدين من بين أبناء الطبقة السياسية، وحوّلوا العراق إلى دولة مزارع .
منذ أن بدأت العملية السياسية في العراق بُعَيد الاحتلال الأمريكي عام 2003 ونحن نسمع بذات الوجوه وذات الأسماء التي غدت طبقة عراقية سياسية حصرية، كما الوكالات التجارية الحصرية، وظيفتها فقط ” الزعامة” في أحزابها دون غيرها، وصناعة المسؤولين..
طبيعي أن يستمر تواجُد الأحزاب منذ تأسيسها وإلى ما شاء الله، ولكن ليس من الطبيعي أن تهيمن على تلك الأحزاب ذات الوجوه وتتحكم بمصيرها ومسيرتها، وتحولها إلى مزارع لها أو لعائلاتها والمُقرّبين منها .. قيادات الأحزاب يجب أن تتجدّد من خلال ترسيخ الديمقراطية داخل الأحزاب ذاتها، ومن خلال الانتخابات الديمقراطية والحرة داخل الأحزاب أيضا، ولا يُعقل أن يبقى قادة الأحزاب هم أنفسهم ابد الحياة، وهُم من يتحكمون بالدولة.. هكذا تترهل الأحزاب أولا وتتوقف داخلها دورة الحياة وتعيش على الإنعاش، وتتحول إلى أحزاب بيروقراطية همُّ قياداتها الوجاهة وحصد المكاسب والانفصام عن هموم المواطنين ومعاناتهم، وتبتعد عنهم، فيبتعدون بدورهم عنها..
في الولايات المتحدة حزبان رئيسيان هُما الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، تأسس الأول عام 1854 والثاني عام 1798 ولكن لم نسمع أن أحدا استأثر برئاسة أيٍّ منهما طويلا .. بل ولا حتى أكثر من دورة انتخابية لمجلس النواب ..
في بريطانيا حزبان رئيسيان، حزب المحافظين البريطاني تأسس عام 1834 ، وحزب العمال تأسس عام 1900، وكذلك لم نسمع أن أحدا استأثر برئاسة أيٍّ منهما طويلا..
في العراق، الأحزاب السياسية، تتربع على هرمها الأعلى ذات القيادات منذ خمسة عشر عاما، ومستمرة، حتى أضحت أشبه بالدكاكين منها إلى الأحزاب، تماما كما هو الحال مع الأحزاب اللبنانية ..
نعود للتأكيد أن المظاهرات التي قامت في العراق، في المناطق الشيعية والسنية، لها أسبابها الموضوعية نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية وسوء الأحوال المعيشية، والركود والفساد والفقر والبطالة وتردِّي الخدمات، وتمركز الثروة بأيدي طبقة ضئيلة مقابل زيادة إفقار الطبقات الشعبية، مما يجعلها عاجزة عن العيش، كل هذا قد راكَمَ كمّا هائلا من الاحتقان وكان لا بُدّ لهذا الاحتقان أن ينفجر في أي وقت.
وهذه كانت دوما مصيبة النُخب الحاكمة في العالم العربي (التي أبعدتها أضواء السلطة والمال عن شعوبها) فلا تكترث مطلقا بأحوال هذه الشعوب، ولا تلتفت إليها، ولا تتدارك أية مشاكل اجتماعية، إلا حينما تنفجر الشعوب فجأة بالشوارع..
حينما ينتشر الفساد لا بُدّ من أن ينتشر الفقر، لأن الفاسدين يُتخَمون على حساب غيرهم، ولذا لا بُدّ من أن يتسببوا بإفقار الآخرين، وقد جاء في قول الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، والذي يرقد في أرض العراق: ” ما شبِع غني إلا بما جاع به فقير” .. ويروى عن الإمام عليٍّ قوله أيضا: ” لو كان الفقر رجلا لقتلته” .. فأستغربُ مِمن يرفعون قيم آل البيت في العراق، وهُم قادة العراق الرئيسيين اليوم، أن يسمحوا بالفساد والفقر ويديرون الظهر للفقراء والمستضعفين، والعراق بلدا غنيا جدا، ومع ذلك يضطر شعبه للخروج للشوارع احتجاجا على الفقر والفساد والحاجة لأهم الخدمات..
جاء في معجم الطبراني: كاد الحسد أن يسبق القَدَر، وكادت الحاجة أن تكون كفرا..
فالحاجة هي نتيجة الفقر، والفقر يكاد أن يكون كفرا.. ولذا استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم من الفقر..
الفقر يعني قسوة الحياة وصعوبتها ويعني المذلّة والحاجة للآخرين، ويعني فقدان الإنسان لكل معاني إنسانيته، مما يدفع الفقير إلى النقمة حتى على الله سبحانه وتعالى وهكذا يقترب من الكفر.. ولذا معالجة الفقر هي واجب رئيسي وأساسي ويجب أن تكون من أولى الأولويات في كل دولة ابتلي فيها الناس بالفقر وبالفساد، حتى لا تتفاجأ حكومتها بمئات الآلاف ينزلون للشوارع من دون حسبان ولا توقُّع .. كما يحصل اليوم في العراق وكما حصل قبلها في السودان والجزائر، ووو الخ…
ولذا حينما تتسع رقعة الفقر ويكبر قوم الفقراء فالطبيعي أن ننتظر ثورة جياع، والجائع لا يخشى من شيء، لأنه لا شيئا لديه ليخشى عليه..
في فرنسا نزل أصحاب السترات الصفراء للشوارع بمئات الآلاف في 17 تشرين ثاني 2018 ولمدة 33 أسبوعا، فقط لأن قيمة الضرائب على الوقود ارتفعت، وبالتالي تأثرت قليلا جيوب الطبقتين العاملة والمتوسطة لمصلحة الطبقة الغنية، فأرغموا الحكومة على التراجع عن قراراتها، وجالَ الرئيس الفرنسي في كل أرجاء فرنسا في إطار حوار عام مع أبناء الشعب الفرنسي كي يصغي إليهم ويرضيهم.. وتعاملت الشرطة الفرنسية مع الاحتجاجات بمنتهى الحرفية ولم تطلق الرصاص الحي على متظاهر واحد.. بينما في العراق، للأسف، لجأوا لإطلاق الرصاص الحي وكأن الناس وحوشا برِّية وليست بشرا..
لا يحق للطبقة الحاكمة في العراق أن يلوموا الشعب الذي انفجر في الشوارع في غالبية المدن العراقية، وإنما عليهم أن يلوموا أنفسهم لأنهم التهوا بألاعيب السياسة والمناورات السياسية وكيفية الحفاظ على المكاسب والكراسي والوجاهة، وكيفية تكديس الثروات، وابتعدوا عن قضايا الفقراء وهمومهم ومعاناتهم..
الفقر والفساد في السودان، فضلا عن الاستبداد، دفع بالجماهير السودانية إلى الشوارع، وكانت النتيجة ثورة على الحُكم السابق وإيداع رموزه في السجون قيد المحاكمة، والرئيس البشير الذي كان يبدو مسكينا تبيّن أن في بيته أكياسا من عشرات ملايين الدولارات، بينما أوصل الشعب السوداني إلى مرحلة بات فيها عاجزا عن شراء رغيف الخبز، رغم أن السودان من أغنى البلدان، ولكن الفساد رمى بشعبه في غياهب الفقر والحرمان..
في الجزائر كانت ذات الصورة، الفقر والفساد، فضلا عن الاستبداد، مما دفع بعشرات الآلاف للنزول إلى الشوارع كل أسبوع حتى استقال الرئيس بو تفليقة، وتمّ زج كبار الشخصيات المتهمة بالفساد بالسجن، وعلى رأسهم شقيق الرئيس بو تفليقة.. ولا ننسى أيضا أن الجزائر بلدا غنيا جدا جدا، ولكن الفساد أفقرَ شعبهُ وحرمه من التنعُّم بثروات بلاده..
رئيس الفيلبين “رودريجو دوترتي” اقترح طريقة جديدة لمكافحة الفساد في بلاده الفقيرة، وهي إطلاق النار على أقدام المسؤولين الفاسدين دون قتلهم، لتجنُّب السجن لاحقا..
الصورة اليوم في العراق والسودان والجزائر سبقتهم إليها صورة الجماهير في تونس ومصر وليبيا واليمن وهي تنزل للشوارع بعشرات الآلاف احتجاجا على الفقر والفساد، فضلا عن الاستبداد.. فمن هُم الذين أوصلوا تلك الشعوب لتنفجر بالشوارع؟. هل كانت هواية أم كانت هناك أسبابا موضوعية جدا دفعتهم لذلك!.
بائع الخضار الفقير في قرية بعيدة جنوب العاصمة تونس(بو عزيزي) الذي أشعل النار في نفسه، أشعل بعدها شوارع تونس بالمظاهرات وكانت النتيجة الإطاحة بالنظام بكامله..
ما يحصل في العراق من مظاهرات ليس بجديد، فقد سبق وتظاهر العراقيون في الجنوب لذات الأسباب وهي الفساد والحاجة للخدمات الأساسية، والسلطات العراقية لم تعتبر من تلك المظاهرات، ولهذا فقد اتّسعت رقعتها هذه المرة وانتقلت إلى محافظات أخرى غير محافظات الجنوب..
ما حصل في العراق بالأمس واليوم لا يمكن معالجته بالوسائل الأمنية، وباستخدام القوة والعنف في وجه المتظاهرين، فالعنف لا يولِّد إلا العنف، كما ردّد احد المتظاهرين.. ولا يُعالجُ بتوجيه الاتهامات لهذه الجهة أو تلك من أنها تقف وراء المظاهرات.. إن الأمر يحتاج إلى معالجات جوهرية وحاسمة ، وهذه تنطبق على كل دولة غارقة بالفساد والفقر والصعوبات المعيشية، وأولها :
ــ تلبية مطالب الفقراء المعيشية بلا مماطلة أو تأخير..
ــ الضرب بيد من حديد على الفاسدين منذ الاحتلال الأمريكي للعراق وحتى اليوم، ومصادرة أموالهم وإعادتها إلى خزينة الدولة، أي إلى الشعب..
ــ تطبيق القانون على الكبير والصغير، وتحقيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص، حتى يشعر كل مواطن عراقي بأنه ليس غريبا في وطنه وأن الجميع متساوٍ بالمواطَنة، ليس فقط بالكلام الفارغ وإنما من حيث تكافؤ الفرص واحترام الكفاءات والمؤهلات العلمية والخبرات في التوظيف بالدولة، وأن لا يبقى الأمر رهينة للواسطات والمحسوبيات والسمسرات والرشاوى..
ــ وقف الهدر بالدولة، والتقليل من امتيازات المسؤولين، وخلق فرص عمل للعاطلين عن العمل، وإعطاء تعويض بطالة لمن لا عمل لهم يوفر لهم أدنى حدود المعيشة ريثما يتوفر لهم العمل، حتى لا يُرمَون بالشوارع وينحرفون باتجاه السلوكيات الخطيرة على المجتمع..
ــ تغيير المناصب كل أربع سنوات من مستوى رئيس وزراء وما دون، لأن الالتصاق طويلا بالكراسي يؤدي إلى احتكار السُلطة والنفوذ، وإلى البيروقراطية والفساد والغرور والتعالي على عموم أبناء الشعب، ويُحوِّل المؤسسات إلى مزارِع وإقطاعيات للقائمين عليها، ويخلق طبقة حُكام وطبقة محكومين دون أدنى تطبيق لمبدأ تكافؤ الفُرص والتساوي بالمواطَنة..
التغيير الدائم، وكل أربع سنوات، من أهم الضروريات، وإلا تصبح المؤسسات كما الأحواض ذات المياه الراكدة، فسوف تنبعث روائحها الكريهة في كل الاتجاهات وتنمو فيها كل أشكال الطحالب والبكتيريا والحشرات والزواحف، والأعشاب الضارّة..
يقول جون آكتون، رئيس وزراء نابولي في القرن التاسع عشر، وهو القرن الذي ازدهرت فيه السياسات الاستعمارية الأوروبية وسطوة القوة العسكرية وسُلطان الترهيب والتخويف، يقول:(السُلطة مفسَدة والسُلطة المُطلقة مفسَدة مُطلَقة) .. ومن هنا تأتي الحاجة المُلِحّة للتغيير في المناصب كل أربع سنوات من منصب رئيس وزراء وما دون، فهؤلاء حتى لو جاؤوا بانتخابات فإن انتخابهم يكون فقط لأربع سنوات ويجب أن يتغيّروا سواء (رئيس وزراء، وزير، محافظ ، سفير، مدير عام، مدير مؤسسة تعليمية أو تربوية أو إنتاجية أو حزبية .. الخ..) .. فلا يُعقَل أن تصبح المناصب وظيفة دائمة للبعض في أي مكان بالعالم.. هكذا تصبح الدول مزارِع وإقطاعيات..
الفساد مرض خطير وخبيث جدا، وإذا ما سرى في جسد الدولة فإنه يدمرها كما السرطان حينما يسري في جسم الإنسان.. وإذا ما سرى في المجتمع فإنه يدمرهُ ويدمر فيه كل القيم والأخلاق والمنظومة الاجتماعية .. ودمار الأخلاق هي المقدمة لانهيار الدول والمجتمعات..
ولذا كان توصيف السيد الرئيس بشار الأسد للإرهاب خلال اجتماعه بالحكومة يوم 29 /11 /2018 ، من أن : (الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة) كان توصيفا في مكانه تماما ..
فالفاسد لا يختلف عن الإرهابي، ولكن كلٍّ يُدمِّر على طريقته.. بل الفاسد إذا كان في موقع مهم وفاقد للضمير فقد يخرِّب أكثر من الإرهابي.. وهذا كان موضوع مقال قديم لي بعنوان: (ما الفرق بأي وطن بين المجرم الذي يغتال الكفاءات وبين المسؤول الذي يُقصي الكفاءات؟).. طبعا لا فرق..
إنا نحب العراق من كل قلوبنا.. هذه كانت الجملة التي قلتها للسيد نوري المالكي حينما أصبح رئيسا للوزراء عام 2006 وقام بجولة خليجية شملت أبو ظبي، وهناك التقى برؤساء البعثات الدبلوماسية العربية في قصر الإمارات، وكنتُ حينها رئيس البعثة السورية، فوجّه تُهما غير مباشرة بحق سورية ولكنها مفهومة، فرددتُ عليه بمداخلة لبضعِ دقائق، وقلت له أخيرا إنّا نحب العراق، فقال: ولكن أحِبوهُ من كل قلوبكم.. فقلتُ له : نعم نحن نحبه من كل قلوبنا…
ونعم، ما زلنا نحبه من كل قلوبنا، ولهذا نتمنى له الانتصار على الإرهاب، وتسود فيه دولة القانون والمؤسسات والعدالة وتكافؤ الفرص، ويُقضَى على الفساد والفاسدين الذين هم الوجه الآخر للإرهاب..
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
2 حمى الله العراق..

طلال سلمان
راي اليوم

يحمل المواطن عن العراق بعنوان بغداد صوراً متناقضة من الخليفة العباسي الاول المنصور إلى هارون الرشيد وحكاية الغيمة التي سيعود اليه خراجها حيث امطرت إلى ابي نواس وصراع الاخوين غير الشقيقين الأمين والمأمون ومذبحة البرامكة، ثم اغتيال الخليفة الامام علي ابي ابي طالب وهو يصلي الفجر في المسجد بالكوفة، وصولاً إلى مجزرة كربلاء واستشهاد الامام الحسين بن علي بن ابي طالب واخوته وابنائه وسبي نسائه ومن معه، صورة بلد الفواجع والنكبات وقسوة لا تمسحها نوبات البكاء حتى النحيب والتفجع والتحسر: “يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً”.
انها بلاد المطلق: في فرح السكر الذي يعقبه التفجع حزناً واستذكاراً لمأساة اهل البيت، ثم عراك السكارى وتضاربهم وتحطيم المقهى على الموجودين فيه.
وعبر تاريخه الطويل منذ السومريين والبابليين الحقت بالعراقيين سمات العنف المريع يعقبه البكاء ندما، والدخول من الكأس الاول في حالة سكر تستدر البكاء ثم العراك قبل الغرق في التفجع ندماً وتحسراً على ما فات.
لا وسط في سلوك العراقي: العنف حتى القتل، والشرب حتى السكر، والفرح حتى تكسير المقهى، ثم الانخراط في دوامة البكاء قبل الانطراح نوماً لا فرق في المكان، وهو داخل المقهى او في سيارة العودة.. بعد عراك مع السائق..
هو كريم حتى التفريط بثمن وجبة الغداء، وهو رقيق حتى البكاء فرحاً، اما في الحزن فهو الخنساء التي ستظل تبكي اخاها صخر حتى يوم القيامة.
منذ ثورة 14 تموز 1958 التي قام بها الجيش بقيادة اللواء عبد الكريم قاسم (ماكو زعيم الا كريم) ومعه العقيد عبد السلام عارف، تفجر العنف فكاد يدمر الوحدة الوطنية خصوصاً وقد اختلط الحابل بالنابل وعمت الفوضى واتهم الشيوعيين بتدبير التظاهرات، وجرت محاولة لاغتيال قاسم كان أحد ابطالها صدام حسين الذي اصيب خلالها بطلق ناري في ساقه، فاخرج شفرة من جيبه واخذ يعالج الجرح النازف مما أرعب سائق التاكسي فصرخ به “ابو عدي” قائلاً: هيا، التفت امامك واخرجني من هذا المكان قبل أن يصل رجال الشرطة.
بعد قاسم دخل حزب البعث إلى الحكم بعد انقلاب نفذه الجيش في بغداد فتسلم البعث (بالشراكة مع بعض ضباط الجيش) الحكم، وتم تعيين احمد حسن البكر رئيساً للدولة، في حين تولى صدام حسين نيابة الرئاسة في ظل شعارات البعث وأركانه.. على أن صدام، الذي أبقى “خاله” البكر رئيساً صار الرئيس المطلق والدكتاتور الذي لا يرحم، فسيطر الخوف على العراقيين بعد سلسلة من “موجات الاعدام” والاعتقالات حتى ساد الرعب العراق واستتب له الامر.
وخلال فترة حكمه الطويل أقدم صدام حسين على مغامرتين عسكريتين فاشلتين: الأولى بالحرب على إيران في ايلول 1980 التي كانت قد تفجرت بالثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني فخلعت الشاه محمد رضا بهلوي واعلنت قيام الجمهورية الاسلامية، وهي حرب استمرت حتى 20 اب 1988، وتوقفت بقرار مجلس الامن رقم 598 الذي قبله الطرفان والعودة إلى ما قبل الحرب التي حددتها اتفاقية الجزائر عام 1975.
ثم أن صدام حسين أقدم على مغامرة بائسة أخرى، فاحتل الكويت خلال ساعات… واستنفر ذلك العالم ضده، فنظم الاميركيون حلفاً عسكريا لإخراجه من الكويت، شاركت فيه فصائل من بعض الجيوش العربية، حتى “طردت” قواته من جنوب العراق التي احتلتها قوات اميركية (اواخر العام 1991) ثم تقدمت نحو بغداد فاحتلتها مع كامل مساحة العراق، وقبضت على صدام حسين وصورته مختبئاً في قبو في بستان، في بعض ضواحي بغداد، وسلمته إلى الغوغاء من الشيعة ـ زرعاً للفتنة ـ فاعدموه شنقاً بينما هو يلقي خطبة “قومية”، واقفاً بشجاعة، حتى عقد الحبل من حول عنقه فتدلى هامداً بينما الغوغاء تهينه بالشتائم والحركات المقذعة.
بعد ذلك تولى جنرالات الاحتلال الاميركي الحكم مباشرة، مع الاستعانة ببعض اصدقائهم من وجهاء الساسة العراقيين المستجدين الذين كانت غالبيتهم في المنافي، بعيدة وقريبة (واشنطن، لندن، بينما بقي اكثرهم في دمشق).
ولقد حدثت “انقلابات” عديدة داخل السلطة بعد جلاء العسكر الاميركي في حين بقي نفوذ واشنطن مهيمناً.. وهكذا فان العراق لم يستعد استقراره يوما، وظل شعبه يعيش حالة طوارئ، خصوصاً وقد “ظهر فجأة” تنظيم “داعش” الارهابي في الموصل، ومنها مد ظله الاسود نحو المناطق الاخرى لمدة عامين تقريباً قبل أن توجه اليه ضربات عسكرية قاسية تسببت في تشريد “المجاهدين” في هذا التنظيم الذين قصد بعضهم بعض نواحي غرب العراق في اتجاه سوريا، وصولاً إلى تركيا التي تعاملت معهم برفق، ولعلها استعانت ببعض مقاتليه في الحرب على سوريا، خصوصاً وانها لا تنكر “تعاطفها” مع مجاهديها!
ولقد تعاقب على حكم العراق ما بعد الاحتلال، الذي عدل في نظامه (على الطريقة اللبنانية) فصار رئيس الدولة “كرديا” سنياً، ورئيس الحكومة (الذي يملك القرار نظرياً) شيعيا، ورئيس المجلس النيابي سنيا، وبحسب القاعدة يتم تقاسم الحقائب الوزارية والمقاعد النيابية والوظائف العليا في الدولة.
ها هو العراق، ارض السوداء، يتفجر اليوم فقراً، ويخرج شعبه إلى الشوارع غاضبا، يشكو العنت والجوع وسوء الادارة، والسرطان الطائفي المذهبي الذي يدمر المجتمعات والدول.
حمى الله شعب العراق، بعربه وكرده، بالشيعة والسنة والأزيديين والكرد والصابئة والسريان، واعاده لأمته ليلعب دوره الذي لا بديل منه في خدمة اهله وتحقيق غدها الافضل..
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
3 هل مظاهرات العراق جزء من الرد السعودي الامريكي على هجمات أرامكو ونجران !!ولماذا يتم إقحام إيران فيها! قراءة محايدة!
احمد عبد الرحمن

راي اليوم

لا يختلف اثنان على أن الشعب العراقي العزيز يعيش حالة من الفقر والعَوز والبطالة الغير مسبوقة رغم الثروات الهائلة التي يملكها ، والتي إن استُغلت بالشكل الأمثل فستجعل هذا الشعب يعيش حالة من الهدوء والاستقرار والاكتفاء الذاتي على كل المستويات .
ولكن للأسف الشديد تلك الثروة الكبيرة ، إضافة إلى ما يتمتع به العراقيون من ذكاء وحيوية وقدرة على الإبداع في كافة المجالات ،لم تكن كافية للارتقاء بهذا الشعب إلى مصاف الدول القادرة على العيش تحت مظلة من الرفاهية والاستقرار .
وهناك أسباب كثيرة لهذا الوضع المزري الذي وصلت له هذه الدولة المهمة والمركزية وذات التاريخ العظيم والمبهر ، ومن اهمها الفساد الذي يضرب بأطنابه معظم مناحي الحياة ،وتكاد آثاره تعصف بكل ما تبقى من خيرات لهذا البلد، وتضعه في مصاف الدول الفاشلة والقابلة للانهيار .
ولكن عندما ننظر لتلك المظاهرات التي انطلقت من دون مقدمات حاسمة وواضحة خلال الأيام الاخيرة يمكن أن نلاحظ أن فيها بعض التفاصيل التي تؤشر لوجود أهداف اخرى غير تلك المتعلقة بالفساد والبطالة وغيرها من المطالب المحقة والعادلة .
والمقصود هنا ليس التشكيك بالمحتجين أو بتلك التحركات التي كفلها القانون ،ولكن ببعض الشعارات التي رُفعت وبعض الأساليب التي استُخدمت، وأخرجتها عن مسارها بشكل واضح وصريح .
فلو نظرنا إلى الشكل فسنجد أن هناك عنفا مبالغا فيه، وتخريبا ممنهجا من بعض المتظاهرين او المدسوسين إذا جاز التعبير ،وهذا قد يدفع بالأمور إلى حافة الانفجار وإلى طريق اللاعودة .
وثانيا رد فعل القوات الامنية يتسم بالشدة والعنف واستسهال القتل ،وهذا ما قد يزيد اشتعال الامور ووصولها لمرحلة لا يمكن التوقف عندها ، وهذان الأمران يؤشران إلى وجود طرف ثالث يريد زيادة وتيرة الأحداث إلى الحد الأقصى .
كذلك مما يلفت النظر أن هناك توجه واضح لمهاجمة إيران وحلفائها من المرجعيات الدينية وفصائل الحشد الشعبي، مع أن هذا الحشد وبدعم كبير من إيران هو الذي منع تمدد داعش، وأفشل مخططها للسيطرة على العراق .
وبناء عليه نحن نعتقد أن هناك من يريد توجيه الامور إلى حالة من الفلتان والانفجار بما يخدم مصالح جهات معينة ،ويضر بمصالح إيران وحلفائها في العراق والمنطقة !!
وإذا صحت هذه الفرضية فلن يكون الطرف المستفيد إن لم يكن المحرك هو الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في المنطقة خصوصا المملكة العربية السعودية .
وهنا يجب الانتباه للتوقيت ، حيث ان تلك المظاهرات جاءت بعد الانتكاسة التي تعرضت لها السعودية في حربها على اليمن ، سواء في العملية الكبيرة التي وقعت على مشارف نجران وما رافقها من صدمة من هول الخسائر المادية والبشرية ، أو ما سبقها بأسابيع من هجوم جوي بالمسيّرات والصواريخ على منشأة أرامكو بما تحمله من أهمية اقتصادية واستراتيجية للسعودية ومن وراءها حليفها الامريكي .
وتلك الاحداث التي شغلت العالم ،ومثلت تحولا استراتيجيا في الحرب على اليمن تم توجيه أصابع الاتهام فيها نحو الايرانيين إن بشكل مباشر أو عن طريق تقديم الدعم والاستشارة لحلفائهم اليمنيين .
كذلك لا يجب أن ننسى افتتاح معبر القائم – البوكمال بين العراق وسوريا ،وما يشكله ذلك من اهمية بالغة للطرفين العراقي والسوري ومن ورائهم الحليف القوي إيران، التي يعتقد البعض انها ستكون المستفيد الاكبر من وراء هذا الافتتاح، والذي سيمكنها من فتح طريق بري يصل إلى شواطئ البحر المتوسط .
ولأن السعودية لا ترغب ولا تستطيع الدخول في مواجهة مفتوحة مع إيران ، وحليفها الامريكي لا يفضل هذا الخيار ويحاول الابتعاد عنه قدر الإمكان ،فربما جاء تحريك الاوضاع في العراق وتصعيد التظاهرات أو محاولة تغيير مسارها على أقل تقدير جزء من الرد على النشاط الإيراني ،والجميع يعرف ماذا يشكل العراق بالنسبة لإيران ، وحجم التواجد والتأثير الإيراني في القطر العراقي وعلى أكثر من صعيد .
والمتابع للقنوات المدعومة والموجهة سعوديا يجد ان هناك دعما واضحا ويصل في بعض الاحيان للتحريض على استمرار وتصاعد تلك الاحداث ، وهذا يؤشر بوضوح إلى رغبة سعودية في تواصل تلك الاحداث واستمرارها أطول فترة ممكنة ، ويمكن ان تُستغل كورقة مساومة في مواجهة الاوراق الكثيرة والمؤثرة التي يملكها الجانب الإيراني .
في الختام لا يمكننا إلا ان نكون في صف الشعوب التي تطالب بالحد الادنى من حقوقها ، ولا يمكن ان نبرر للفاسدين نهبهم لخيرات بلادهم اتحت مبررات سخيفة وذرائع واهية !! لكننا في نفس الوقت ضد أن يستغل البعض وخصوصا العدو المركزي للأمة امريكا وادواته وتابعيه تلك الاحداث لتحقيق مكاسب سياسية وللتمهيد لمزيد من التشتت والفرقة بين أبناء الشعب الواحد !! حمى الله العراق وشعب العراق من كيد الكائدين ومكر الماكرين !!
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
4 بارقة أمل
ليلى بن هدنة
البيان الاماراتية

التظاهرات التي تخرج اليوم في المدن العراقية تمثل صرخة ألم على مآسي التدخل الإيراني في العراق الذي ساهم في استشراء الفساد في جل المؤسسات.

فما تشهده المحافظات هذه الأيام، هو في حقيقته هبة سياسية بالرغم من العناوين الاجتماعية والاقتصادية المهيمنة على الشعارات المرفوعة، فقد أصبح وجود إيران على أرض العراق أمراً غير مرغوب فيه، بعدما اكتشف الداخل العراقي والخارج الإقليمي والدولي، حجم المؤامرات التي تديرها «طهران» في بلاد الرافدين.

بينما وجدت القوى والأحزاب السياسية، كلها من دون استثناء نفسها أسيرة نظام المحاصصة والفساد وعجزت لظروف وأسباب مختلفة عن مقاومة هذا النظام ولم تبادر إلى التخلص منه بل ساهمت في تمدده بعدم وضع الية لمحاربته.

لم يعد العراقيون يمتلكون قدرات خارقة على الصبر أمام الفساد والولاءات الضيقة لنظام طهران، فشعارات «إيران برا برا» تعني بالضبط رفض الهيمنة الإيرانية على الحياة السياسية تحت ذريعة الاصطفاف الديني والمذهبي، وتأكيداً أيضاً أن مؤامرة نظام الملالي حول إشعال العراق لاستخدامه كورقة مساومة مع أمريكا، لن ترى النور، فخروجهم يعد انتصاراً للكرامة الوطنية العراقية ضد الهيمنة الإيرانية لأنهم أدركوا أن سبب سوء الأوضاع في البلاد هو نتيجة هيمنة نظام الملالي على مقاليد الحكم وسيطرته على المؤسسة العسكرية التي تمجد ميليشيا الحشد الشعبي التابعة لها.

لا يجوز المفاضلة عندما يتطلب الأمر الاختيار بين مصلحة بلدك وأي بلد آخر هذا الطبيعي، لكن للأسف هناك من يسعى للدفاع عن إيران ضد العقوبات الأمريكية والسير تحت مخططها التقسيمي باسم «المحاصصة»، دون أن ينتبه إلى أن تحقيق هذه المصالح الفئوية الضيقة سيكون على حساب المصالح الوطنية العليا لجميع العراقيين، صحيح أن كل مشكلات العراق الخدمية ليست وليدة ساعتها، وهي حصيلة تراكم الإهمال الحكومي والفساد المستشري منذ سنين.

لكن السلطة والأحزاب تتحمل موضوعياً المسؤولية لانها لم تتحرك. المتظاهرون على حق عندما حمّلوا إيران والقوى السياسية والميليشيا مسؤولية ما وصلت إليه الأمور، حيث أفسدت الحياة في كل المدن العراقية وأسهمت في تدميرها.

هبة العراق بارقة أمل بأن يُغيّر النظام السياسي في هذا البلد من أدائه، ويشرع بجدية أكبر بعملية إصلاح تتجاوز عقلية المحاصصة والاستحواذ التي طغت عليه، ما يسهم في إنقاذ البلاد من التدخلات الإقليمية وإعادتها إلى الحضن العربي. فالتمسك بالهوية الوطنية بعيداً عن الطائفية والمذهبية هو طريق النجاة في نظر الكثيرين من الشعب العراقي، لإعادة أرض الرافدين إلى مسارها الصحيح .
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
5 ما هكذا يُكافأ القادة يا رجل!
د. محمد عاكف جمال
البيان الاماراتية
«ما هكذا تورد الإبل يا سعد»، مثل عربي مأثور نقوله على طريقتنا إلى عادل عبد المهدي رئيس مجلس الوزراء في العراق تعليقاً على القرار المؤسف الذي اتخذه بصفته القائد العام للقوات المسلحة بإحالة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي قائد عمليات جهاز مكافحة الإرهاب إلى الإمرة في وزارة الدفاع دون إبداء أسباب لذلك.

لم يحظ قائد عسكري عراقي منذ العام 2003 بما حظي به الفريق الركن الساعدي من تقدير ومحبة واحترام بعد سطوع نجمه خلال سنوات الحرب على الإرهاب. فقد أثبت براعة في القيادة حيث شُبه بالقائد الألماني الشهير المارشال إيرفين رومل، وأبدى شجاعة فائقة في ساحات المعارك وعكس نبلاً وإنسانية في التعامل مع المدنيين في مناطق القتال.

الفريق الساعدي لم يخسر معركة قادها وارتبط اسمه بتحرير معظم المدن من تنظيم داعش وبادر الموصليون عفوياً بدافع المحبة والاعتزاز والعرفان لإقامة نصب له بأموالهم الخاصة كان من المقرر أن يقام حفل إزاحة الستار عنه في التاسع والعشرين من سبتمبر المنصرم إلا أن السلطات المحلية منعت ذلك.

تسريح الساعدي من الجهاز المهم والخطير الذي أتقن العمل والقيادة فيه ونقله إلى الإمرة في وزارة الدفاع المخصصة للمتقاعدين والمعاقبين يأتي في سياق مسلسل إقصاءات لعدد من القيادات البارزة في القوات المسلحة بدأ العمل به في الشهور الأخيرة، ومن المتوقع أن يستمر ليشمل ضباطاً كباراً آخرين من الصنوف القتالية.

القرار رفضه الساعدي واعتبره بمثابة إهانة، وهو محق تماماً في ذلك فهو إقصاء وتجميد وتعبير عن الجحود لما قدمه هذا القائد من خدمات وتضحيات في سياقات الحرب على الإرهاب، إلا أنه كعسكري محترف امتثل للقرار مع نية الطلب المبكر للإحالة على التقاعد.

أثار قرار إقالة الساعدي حملة استياء واسعة في الأوساط الشعبية انعكس في الشجب والاستنكار في وسائل التواصل الاجتماعي للشعبية الواسعة التي يتمتع بها هذا القائد، وخرجت تظاهرات في مدن عدة مطالبة بإلغائه إلا أن رئيس الوزراء قابل كل ذلك بصدود، معلناً أن القرار قد اتخذ وليس هناك مجال لإعادة النظر به.

ومع أن قرار استبعاد الفريق الساعدي قد وُضع في قالب مهني إداري يتعلق بسياقات تدوير الرتب في المؤسسة العسكرية، إلا أن ذلك لا يمكن أن يخفي نكهته السياسية التي لها بعدان، الأول وطني والثاني شخصي. فعلى مستوى البعد الأول يبعث القرار برسالة سلبية جداً ودلالية جداً على ما يحاك للجيش العراقي من مكائد منذ العام 2003.

حيث لا يزال يقبع عدد من كبار قادته في السجون ولا يزال يستهدف، مؤسسة وأفراداً، في كل مناسبة. فالاستياء الشديد والرفض التام لهذا القرار يتجاوز الدفاع عن شخص الفريق الساعدي إلى الدفاع عن الجيش العراقي بدافع القلق على مستقبله، إذ تشير دلائل عدة إلى الاستمرار في استهدافه والعمل على تقزيمه وتهميش دوره.

حيث سبق أن استمعنا منذ وقت قريب إلى من تجرأ بأصوات قبيحة على النيل منه ووصمه بالارتزاق، مطالباً بحله.

أما على مستوى البعد الثاني، الفريق الساعدي مستهدف شخصياً للمكانة المتميزة التي حصل عليها، فسيرته المهنية والشعبية الواسعة التي يتمتع بها تخيف الطبقة السياسية الفاسدة التي تهتز الأرضيات التي تقف عليها أمام الغضب الشعبي العارم لبؤس أدائها، ومن المتوقع أن تتضاعف هذه المخاوف بعد حملة التضامن الواسعة التي شهدناها مع هذا العسكري المتميز.

لا شك أن رئيس الوزراء العراقي على بينة تامة بما للفريق الساعدي من منزلة في أوساط القوات المسلحة وفي الأوساط الشعبية في معظم مدن العراق، فما الذي دفعه لاتخاذ قرار إقصاء الساعدي وإثارة زوبعة جديدة من الاعتراضات على إدارته التي تعاني الكثير من النكسات، خاصة ما أثارته استقالة وزير الصحة والبيئة من تساؤلات.

وما لاقته سياسة القمع التي مارستها إدارته ضد التظاهرات السلمية لحملة الشهادات العليا من استنكارات؟

من المرجح أن عبد المهدي قد تعرض لضغوط شديدة داخلية وخارجية لإصدار قرار إقصاء الفريق الساعدي لأن القوى السياسية المقربة لإيران ليست في حالة صلح معه.

كما أن قيادات الحشد الشعبي هي الأخرى ليست على وفاق معه، فالفريق الساعدي لم تبدر عنه غير المواقف والسلوكيات المنفرة لهؤلاء كقائد عسكري عراقي يتميز بالولاء للوطن، بعيداً عن الانتماءات الضيقة التي روّجتها حقبة الانحطاط الحضاري.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
6 الرحمة للرعية.. لا تغتنم أكلهم عبدالهادي الصالح

الأنباء

كل من يزور العراق – بلد الثروات والمقدسات – يشاهد بأم عينيه البؤس والفقر وضعف الخدمات واهتراء المنشآت العامة، لكنك تفاجأ بصبر الشعب العراقي وصموده وكرمه والتفاته حول مرجعيته الدينية ونظامه السياسي، وهذا سر انتصاره على «الدواعش». لكن للصبر حدودا، وحان الوقت للتعبير عن الضيم الذي تحمله طويلا، وبالأخص منذ تسلق البعثيين سدة الحكم في 1968 الذي دمر العراقيين بالإرهاب الداخلي، وأدخله أتون الحروب الخارجية.

حتى لاح لهم فجر الخلاص مع القضاء على نظام المقبور الديكتاتور صدام حسين في 2003، لكن مع مرور الوقت وتعاقب شعارات ووعود القوى السياسية العراقية لم يلاحظ إلا المزيد من التقهقر التنموي، وزيادة الفساد الإداري، والتوسع في نهب المال العام بشكل مفضوح وسافر على وسائل الإعلام بالصوت والصورة، بل والتجرؤ بتباهي بعض السياسيين بقصورهم في أوروبا وسياراتهم الفارهة وتضخم أرصدتهم الى مصاف ميزانيات دول. ولا يقابل ذلك تحركا حقيقيا وجادا لمطاردة هؤلاء الحرامية ومحاكمتهم واسترداد المال العام منهم.

هذه التظاهرات والاحتجاجات الحالية ضرورية لتوصيل رسالة غضب الشعب العراقي الذي ابتلي بمئات الآلاف من الأيتام والثكلى والأرامل وجيل من ذوي الإعاقة الجسدية، بعدما أعطى آلاف الشهداء والجرحى.

لكن وجدها أيتام الدواعش وذوو المقبور صدام، ومن لا تعجبهم السياسة الخارجية التي تقود العراق للتوادد الإقليمي، وضد التطبيع الإسرائيلي، ومن لا يريد للعراق الصدارة والقيادة، فرصة سانحة للاندساس بين هذه الصفوف الجماهيرية النقية في غضبها.

مطلب الهدوء الجماهيري وتنقيته من المندسين، لا بد من مقابلته بوضع برنامج تنموي معلن، بجدول زمني صارم، ترافقه برامج إصلاحية وخطط جادة لرصد سراق المال العام لمحاكمتهم واسترداده تحت ملاحقة «من أين لك هذا؟».

يقول أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام لوليه على مصر مالك الاشتر رضوان الله عليه: «وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم. ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا، تغتنم أكلهم»!
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
7 الشَّعب العراقي يُريد الحياة: “سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه”
افتتاحية
السياسة الكويتية

إذا كانت الحكومة العراقية توقعت الاحتجاجات الكبيرة التي انطلقت من بغداد فتلك مصيبة، وإذا لم تكن تتوقعها فالمصيبة أكبر، فالكيل فاض بالعراقيين الذين يشهدون منذ 16 عاما انهيار بلدهم، وتقوُّض اقتصادهم فيما تزداد ثروات المسؤولين الذين أتوا إلى السلطة على ظهر التسويات المحلية، والطائفية، والمصالح الإقليمية، وبدلا من تحويل المظلومية، التي كانوا يتحدثون عنها أيام حكم حزب البعث عدلاً ومساواة بين العراقيين، جعلوها أحد أبواب كهوف علي بابا كي يمارسوا من خلالها ليس النهب الممنهج فقط، بل أيضاً تجيير بلادهم أداة في مشاريع الآخرين حتى عم الفقر والجوع، وسادت الفوضى، وأصبحت الميليشيات الطائفية الحاكم بأمره.
هذا الغضب الشعبي العارم لا يمكن أن يهدأ إذا لم تكن هناك حكومة مسؤولة تتلمس وجع الناس وتداوي الجروح التي تسببت بها المرحلة الماضية، وتستعيد العراق من فم الوحش الإرهابي الإيراني، وتحفظ السيادة الوطنية التي استبيحت على المستويات كافة، وتدرك أن الاستعانة بالمؤسسات الدينية لإسكات الملايين، الذين يتصدون بصدورهم العارية للرصاص الحي، لن تنفعها هذه المرة، فالوضع الحالي لم يسبق أن شهده العراق في أسوأ مراحله، لذلك كانت النقمة الكبيرة على الأوضاع المعيشية والاجتماعية السيئة متوقعة، بل المستغرب أنها تأخرت كثيراً.
في المقابل، بدت ردة فعل رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي، المؤيد لإيران، في أول خطاب له رداً على الاحتجاجات بعيدة عن الواقع ما أدى إلى تفاقم النقمة الشعبية واتساع رقعة القوى السياسية المعارضة للاجراءات القمعية التي اتخذتها الحكومة، وهو مؤشر على حجم الهوة بين الطاقم السياسي الحاكم وغالبية العراقيين الذين خرجوا إلى الشوارع رافضين استمرار الوضع على ما هو عليه، ومؤكدين في هتافاتهم وحدتهم ضد القوى السياسية الممثلة في الحكومة.
اللافت للنظر تلك السذاجة التي يتحدث بها المحللون والسياسيون العراقيون عن أيد خارجية ومؤامرة إقليمية حركت الشارع في وجه حكومة المحاصصة، فهذا الكلام منبعه خيال مريض لا يصدقه مجنون، فكيف بالعقلاء الذين اكتووا بنيران الفساد والمحسوبيات، ورأوا، مثلاً، أن خمسين ألف جندي وهمي في الأجهزة الأمنية يقبضون رواتبهم فيما هم يخدمون في صفوف الأحزاب والميليشيات الطائفية، وكيف تحول بلدهم منصة لتهريب البضائع الإيرانية، وأصبح أكبر مغسلة أموال في الشرق الأوسط، بينما مليارات النفط العراقي تذهب إلى جيوب الأزلام والمحاسيب، وتهرب إلى لبنان وإيران وغيرهما من الدول كي تتنعم بها الطبقة السياسية الحاكمة.
صرخة الجوع عبّرت حقيقة عن وجع العراقيين، وفي التظاهرات عبّرت الهتافات:” بغداد حرة حرة… إيران برا برا” و”سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه” عن تحديد أصل المشكلة التي يعانون منها، فحرق مقرات الأحزاب الطائفية في الجنوب تحديداً، أسقط حجة الدفاع عن حقوق طائفة معينة، بل هي تعبير عن واقع مرير يعيشه هؤلاء الذين رأوا جثث أبنائهم تفد إليهم من سورية والمدن العراقية الأخرى بسبب حروب إيران التي استخدمتهم فيها لتمرير مشاريعها، إضافة إلى تزييف الحقائق حول من هو المسؤول عن الإرهاب الذي يتعرض له بلدهم، إذ كانت كل وسائل الإعلام الفارسية توجه الاتهامات إلى السعودية ودول “مجلس التعاون” الخليجي، فيما الحقيقة أن ثعبان الإرهاب إيراني الهوى والمنطلق.
ما يحدث في العراق اليوم، يشبه تماما ما حدث في السودان الذي لم يكن يتوقع ان يشهد ثورة على نظام البشير، أو الجزائر التي صورتها وسائل الإعلام أنها الدولة العربية الأبعد عن ثورة شعبية بهذا الزخم، غير أن الجوع لا هوية له، وحكم الفساد مهما تخيَّل أصحابُهُ أنه قويّ يبقى أوهن من بيت العنكبوت إذا أراد الشَّعب الحياة.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
8 شعب العراق ومعركته التاريخية
السيـــــــد زهـــــــره اخبار الخليج البحرينية
في السنوات الماضية، كتبت أكثر من مرة في هذا المكان أقول انه رغم الأوضاع الكارثية المأساوية التي انتهى اليها حال العراق على كل المستويات، ورغم أن الوضع يبدو كما لو أنه قد أصبح ميؤوسا منه، فإن شعب العراق العربي العظيم لا يمكن ان يقبل استمرار الحال هكذا. قلت إنه سيأتي يوم حتما يثور فيه شعب العراق ويغير هذه الأوضاع برمّتها.

اليوم، ونحن نتابع انتفاضة شعب العراق نتذكر هذا.. نتذكر ان هذا شعب عربي أصيل له تاريخ طويل وحضارة عريقة وإسهامه هائل فيما نسميه اليوم الحضارة العربية الاسلامية، وفي تاريخ العروبة.

يخطئ من يعتقد ان انتفاضة شعب العراق اليوم اندلعت فقط للاحتجاج على أوضاع معيشية متردية وقاسية، وللمطالبة فقط بوظائف والقضاء على الفساد ومحاكمة الفاسدين.. ولو ان هذه مطالب لها أهمية كبرى بالطبع.

شعب العراق انتفض لأسباب وأهداف أبعد من هذا بكثير.. انتفض دفاعا عن تاريخه وحضارته وعروبته.

شعب العراق انتفض كي يستعيد وطنه.. كي يستعيده وطنا عربيا حرا مستقلا قويا.

شعب العراق انتفض لأن أوضاع بلاده وصلت الى حد رهيب من الانهيار والضياع والمهانة.

منذ الغزو والاحتلال حتى يومنا هذا والذي يحكم العراق هو عصابة طائفية عميلة فاسدة.. عصابة دمرت الوطن وأضاعت حريته وكرامته ونهبت ثرواته وأذلت الشعب العراقي. تتغير الوجوه والأسماء لكنها نفس العصابة.

وهذه العصابة ما هي الا أداة ذليلة بيد النظام الايراني الارهابي المجرم. هذا النظام الذي لا يعرف للعراق أي حرمة او كرامة، واستباح أراضيه وسيادته وثرواته لحساب مشروعه الطائفي التوسعي الإرهابي في المنطقة.

ما فعله النظام الإيراني بالعراق لم يكن مجرد تدخل في الشؤون الداخلية، أو محاولة لفرض مصالحه على حساب الشعب ومصالحه. النظام الإيراني فعل ما هو أشنع من هذا بكثير. أذلّ الشعب العراقي وأصر على حرمانه من أي مظهر للاستقلال او الكرامة. ووصل الأمر الى حد ان أي مسؤول عراقي وطني شريف لا يتردد هذا النظام في إزاحته فورا بمنتهى الإجرام كما حدث مع عبدالوهاب الساعدي مؤخرا.

النظام الإيراني تعامل مع الشعب العراقي كله كما لو كانوا مجرد عبيد مجندين لخدمته وحسب.

رئيس الوزراء العراقي عبدالمهدي عندما تحدث للمتظاهرين العراقيين قال كلاما غريبا في معرض تخويفه لهم. قال ان الخيار المطروح اليوم في العراق هو إما الدولة وإما اللادولة. يقصد التخويف من ان الانتفاضة يمكن ان تقضي على الدولة وتثير الفوضى.

عبدالمهدي يتعامى عن حقيقة أنه منذ الغزو والاحتلال لا توجد دولة أصلا في العراق بالمعنى المفهوم للدولة. العراق فيه حكم لعصابة المليشيات الطائفية الفاسدة العميلة لإيران.

حقيقة الأمر ان هدف الانتفاضة في العراق هو إنهاء وضع اللادولة هذا حيث سطوة المليشيات العميلة، وإقامة الدولة العراقية الحقة.

لم يكن عبثا ان كان على رأس مطالب الانتفاضة التي رددها العراقيون في هتافاتهم مطلب خروج إيران من العراق. وشعار «ايران بره بره.. بغداد تبقى حرة» يتردد اليوم في كل التقارير والتحليلات التي تتابع الانتفاضة العراقية.

ولم نسمع في انتفاضة شعب العراق عن أي مطالب طائفية لشيعة او سنة، بل مطالب لكل أبناء العراق بلا استثناء. المتظاهرون هتفوا معا «إخوان سنة وشيعة». وليس هناك ما يرعب النظام الإيراني أكثر من هذا الهتاف. وحدة الشعب العراقي في مواجهة الإجرام الإيراني تطور مرعب بالنسبة إليه وهو الذي راهن طويلا على إثارة الفتنة الطائفية وشق صفوف الشعب.

شعب العراق بانتفاضته اليوم يخوض معركة تاريخية بكل معنى الكلمة.

هي معركة ليست من أجل العراق فقط واستقلاله ونهضته، ولكن من أجل كل الدول العربية.

هي معركة شرسة غاية الشراسة ولن تحسم اليوم أو غدا. لكنها بدأت بقوة.

للحديث بقية بإذن الله.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
9 اسمعوا العراقي ماذا يقول
سوسن الشاعر

الوطن البحرينية

العراقيون يوجهون رسائل لجميع أبناء الأمة العربية، لجميع الشعوب، بأن من صدق إيران خسر ومن تبعها خسر ومن آمن بها خسر ومن خدمها خسر.

الجرة لا تسلم كل مرة، والعراقيون كسروا الجرة الآن ويبكون على لبنها المسكوب، وصلوا إلى الدرك الأسفل من القدرة على التحمل والصبر من أجل المرجعية، العراق من أغنى الدول العربية والآن الشعب العراقي من أفقر الشعوب العربية.

العراقيون يبلغون جميع المؤمنين بالمرجعية الفارسية أنهم ضاقوا ذرعاً بها وبوعودها الكاذبة، فليست إيران وحدها من سيخرج «بره بره» من العراق ومن عالمنا العربي، بل سيخرج من عالمنا العربي معها كل من خدمها ولعق حذاء خمانئي إيران، جميعهم «بره بره» جميعهم سواء من كان في العراق أو لبنان أو سوريا أو اليمن وكل دولة عربية أخرى وجد فيها من يخدم إيران سيخرج هو الآخر بره بره إلى إيران مع أسياده، فوصمة العار ستلحق بجميع خدمها الأذلاء في كل بقعة عربية ولن يجدوا حجراً يختبئون به.

فإن كان زعماؤهم يخاطبون أتباعهم إما من كهوف أو من وراء زجاج، فإن هذا هو مصير كل من خان أمته العربية، ستلاحقكم اللعنات أينما كنتم ولن تجدوا لكم مأوى يؤويكم حتى من حرضكم لن يقبل بكم لاجئين عنده.

العراقيون يقولون لكم ضحكت عليكم إيران منتكم بالمن والسلوى ولم تجدوا غير العلقم المر وهذه نتيجة طبيعية واستحقاق عادل سيطال كل من خان وقبل الذلة والمهانة على يد الإيراني.

ما يقوله العراقيون الآن درس وعظة وعبرة للأجيال القادمة، لا بد من تلقينه وتعليمه للأبناء كي يتعلموا احترام الوطن وتقديسه، وتعليمهم وتدريبهم وتربيتهم على حب الوطن واحترام الهوية العربية التي هي ثابت من ثوابتهم.

ما يقوله العراقيون الآن وما عرفوه وتعلموه إنما بعد فوات الأوان أن «الدولة» لا تهدم من أجل الإصلاح، يضحك عليك من قال لك ليسقط النظام حتى يحل العدل والخير والأمان، هو يستغلك كي تسقط النظام فحسب ومن ثم بعد ذلك سيدوس عليك كما يدوس الإيرانيون الآن على رؤوس العراقيين، وهذا هو مصير اليمنيين واللبنانيين والسوريين إن لم ينتفضوا على خدم إيران ووكلائها في كل بقعة عربية.

ما يقولوه العراقيون الآن إن الدولة تحترم وتقدس وتصلح من الداخل، وإن الأجنبي أياً كانت قوته لن ينفعك ولم يحرضك إلا لمصلحته الخاصة سواء كان هذا الأجنبي إيرانياً أو أمريكياً أو بريطانياً أو أياً كانت جنسيته، فلا تتكرر هذه المهزلة من جيل إلى جيل وبدلاً من تراكم الخبرات تتراكم كمية الخسائر والخذلان.

انقذوا الأجيال القادمة، دعوا عنكم ما يقوله المستفيدون من أموالكم ومن تبعيتكم لهم، اسمعوا لأهل العراق الآن اتعظوا من أجل أجيالكم القادمة.
ت عنوان المقالة او الافتتاحية اسم الكاتب مكان النشر
10 علم إيران.. يحترق في العراق!
عشاق وعملاء إيران يتباكون على العراق!
فيصل الشيخ

الوطن البحرينية

قمة الهرطقة والمهزلة تصدر ممن يدعون أنهم من الحريات وحقوق الإنسان، من هؤلاء الذين بعض من عناصر ابتلينا بهم في البحرين، وكانوا أدوات تنفذ المخططات والأجندات الإيرانية.

ولماذا تزعلون حينما ينتفض الشعب العراقي الشقيق ضد هذا الاحتلال الظاهر لبلاده، ضد تغلغل الفيروس الإيراني في أوردة بلد عربي عريق، كانت له وقفاته التاريخية ضد نظام الملالي الطامع في عروبة الخليج، وطمس هويتنا وتهديدنا من الشمال؟!

هؤلاء ينزعجون من أي شيء فيه انتصار عربي على الطامع الفارسي، رغم أنهم عرب، ورغم أنهم يعرفون بأنهم ليسوا سوى «خدم» لدى إيران، وأدوات تستخدم ثم ترمى عند قدمي المرشد الخامنئي، لكنها «الكراهية» المتأصلة فيهم ضد «الحرية العربية» وضد «الأنظمة العربية» التي يريدون استبدالها والجلوس على كراسيها، ظناً منهم بأن الطريق لتحقيق أحلامهم لا يأتي إلا عبر مساعدة النظام الإيراني، في غباء صريح تجاه فهم المشهد الصريح، إذ إيران لن تقف وراءك بالدعم والأسلحة وقنواتها الإعلامية لأجل «سواد عيونك»، هي ستدعمك لتحارب عنها بالوكالة، ثم إذا نجحت ستتحول لخادم عندها، وستأتي هي لتسيطر على الوضع، مثلما فعلت في العراق.

النظام السيئ للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما سلم العراق على طبق من ذهب لخامنئي، وفوق ذلك كـ»هدية» من أسوأ رئيس أمريكي للنظام الذي يصف بلاده بأنها «الشيطان الأكبر»، هدية تتمثل بإرسال مليارات الدولارات التي تملكها إيران والمجمدة منذ أيام الخميني، سلمها لهم هذا «الأوباما» فوق صفقة العراق.

اليوم إن كانت من ثورة تستعر في العراق، فهي يجب أن تكون ثورة ليست فقط ضد ملفات معيشية، ليست ضد الفساد ولا المشاكل الاجتماعية، بل ثورة ضد احتلال إيراني صريح، ثورة ضد كتيبة عملاء واستغلاليين نهبوا أموال العراق، وسلبوا خيراته، وقبلوا بأن يتحول العراق ذليلاً في أرضه، وهو الذي عاش معتزاً بعروبته وبتصديه للأطماع الإيرانية في ساحة الحرب قبل أي ساحة.

من يتباكى على العراق لأجل عيون إيران، هؤلاء لا رد عليهم سوى «قبحكم الله» يا من بعتم عروبتكم في سوق النخاسة المجوسي، العراق الذي حينما تضعضع أصابتنا جميعاً قلاقل أمنية من الشمال، لأن العدو الصريح ابتلع أرضاً كانت تمثل له شوكة، ووضع عملاء له من بائعي الانتماء والولاء، وأطلق يدهم لسرقة العراق ونهب أهله مثلما يفعل المالكي وفعل كثيرون قبله.

العراق لابد أن يتطهر من الاحتلال الإيراني، لابد وأن تندحر صفوف العملاء، ويقضى على الجماعات الإرهابية وجماعات قطاع الطرق المدعومة من إيران، وهنا لابد للعراقيين أن يتحدوا خلف شعار «الحرية»، الحرية من المعتدى الآثم السارق لأراضيهم وأموالهم وخيراتهم، الحرية من نظام إيراني كاره للعروبة، أطماعه تمتد لما بعد العراق وأكثر، ولن يهمه إن كان هذا عراقياً شيعياً أو سنياً، تهمه مصلحته فقط.

نريد للعراق أن يرجع قوياً كما كان، يوم كانت إيران تضع ألف حساب قبل استهداف دولنا ومنطقتنا، لأن جبهة الشمال كانت عصية عليها وصعبة المنال.