8 مقالات عن العراق في الصحف العربية يوم الاربعاء

1 مطلوب ردع.. وكذلك حل
عدنان كامل صلاح المدينة السعودية
الاعتداء الإيراني الأخير على منشآت النفط السعودية ليس عدواناً على بلدنا فحسب، بل هو اعتداء على مصالح حيوية لكثير من شعوب العالم. بتعطيل إمدادات النفط لدول مثل الصين واليابان وغيرهما، ومسعى للإضرار بالاقتصاد العالمي. ففي ظل العقوبات الاقتصادية الأمريكية اختنقت طهران وتحاول تصعيد المواجهة وتحويلها إلى عسكرية، رغماً عن أنها لن تنتصر في مواجهة عسكرية كبرى مع أمريكا والسعودية ودول أخرى في المنطقة، إلا أنها تأمل أن تحقق لها الهزيمة التي ستصيبها تعاطفاً دولياً والتحاماً داخلياً حول قيادة فاشلة أدخلت البلاد في أزمة داخلية بعد الأخرى، وتعددت مغامراتها الخارجية.

العقوبات الاقتصادية الأمريكية جردت النظام الإيراني من بلايين الدولارات من الإيرادات التي كان سينفقها فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، على دعم حزب الله والحوثيين والجماعات الإرهابية في العراق وأفغانستان وغيرها، واعترف وزير النفط الإيراني، في يونيو الماضي، بأن العقوبات الاقتصادية التي استهدفت صادرات النفط أدت إلى هبوط الصادرات لأدنى مما كانت عليه أثناء الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي حينما تعرضت حقول النفط في إيران للهجمات العراقية. وقال الرئيس حسن روحاني على شاشة التلفزيون أوائل هذا العام: «إن البلد يواجه اليوم أكبر الضغوط والعقوبات الاقتصادية على مدى السنوات الأربعين الماضية». وبينما يكافح الشعب الإيراني، في ظل ارتفاع الأسعار للحصول على الخضروات واللحوم وضرورات الحياة، واصل النظام تصدير الإرهاب عوضاً عن تخفيف المصاعب في الداخل.

التهور الذي يتصرف به الحرس الثوري الإيراني، الحاكم الفعلي لإيران ويد الطبقة الدينية الحاكمة فيها، كان نتيجة لعدم قيام المجتمع الدولي، ولا الإقليمي، بأي رد فعل عملي حينما قام بتفجير ناقلات نفط في الخليج. واختطف ناقلة بريطانية، وهدد بارجة حربية بريطانية كذلك، وأرسل ناقلة نفط إيرانية مُحمَّلة بالبترول إلى سوريا بعد أن أفرج عنها البريطانيون في جبل طارق مقابل تعهده بعدم ذهابها إلى الموانئ السورية. كل هذه السلبية الدولية كانت نتيجتها ارتفاع مستوى التحدي الإيراني للعالم، بما فيهم القوى الدولية المتعاطفة معه، وذلك بالإضرار بمصادر الطاقة التي يستخدمها المجتمع الدولي. ولذا فإن المطلوب بعد أن تصل التحقيقات السعودية والدولية القائمة حالياً إلى مبتغاها، أن تقف دول العالم وقفة حازمة وقوية تردع استهتار الحرس الثوري الإيراني، وتُلقّنه درساً لن ينساه النظام الذي يفخر بأنه «يُصدِّر الثورة» إلى مختلف أنحاء العالم. وحيث أدى العدوان الإيراني الأخير إلى تسليط المزيد من الضوء على الأذرع الإرهابية الإيرانية مثل: الحشد الشعبي بالعراق، وحزب الله في لبنان، والحوثي باليمن، والقوات الشيعية في أفغانستان وسوريا وغيره. وكذلك ضرورة وقف برنامج الصواريخ الباليستية لخطورته بين يدي نظام عدواني، وأهمية إعادة التفاوض حول مدة زمنية طويلة لوقف النشاط النووي الإيراني يحل محل الفترة القصيرة التي قبلت بها إدارة أوباما. وأكدت الأزمة الحالية أن المطلوب حل شامل للخليج بكامله، وأن تشارك الأطراف المتضررة من إيران، أي دول الخليج العربية، في أي مفاوضات مع إيران، بعد ردعها، حول مستقبل المنطقة، ودور كل دولة فيها.

وقد يكون من المناسب التذكير هنا بأن طهران سعت دوماً لأن تكون الوكيل الوحيد لأمريكا في منطقة الخليج، وأن عدداً من المؤسسات والأفراد القائمين على إدارة وتوجيه النظام العالمي الليبرالي (الذي لازال قائماً ولم تتمكن إدارة ترمب من إحلال ما يحل محله بعد) يتعاطفون معها. وكان فالي نصر، أمريكي إيراني وعضواً فاعلاً في مجلس العلاقات الخارجية المهم في صناعة السياسة الخارجية لأمريكا والنظام العالمي الليبرالي، كتب فالي نصر كتاباً صدر عام 2006 يتبنى مقولة أساسية واحدة تتلخص في أن العدو الأساسي للغرب، وأمريكا تحديداً، هو «التطرف السني»، قائلاً في الكتاب: «إن الصحوة الشيعية وهنا (تعني حكام إيران) هي السد المنيع في مواجهة التطرف السني في المنطقة، فهي صحوة مضادة لها وللتطرف بشكل عام، تهدف إلى تغيير المنطقة بشكل ديمقراطي».

لذا علينا أن نكون حذرين ويقظين في مواجهة ما سيأتي في قادم الأيام.
2 المسرحية الهزلية..!
سلطان عبدالعزيز العنقري المدينة السعودية

ما يحصل في خليجنا العربي هو «مؤامرة» بامتياز، وسبق أن تحدثت في مقال سابق عن «نظرية المؤامرة». هذه المسرحية الهزلية لديها مُخرج وهو الغرب والشرق وإسرائيل، ولديها منتج هي دويلة «قطر»، أما المنفذون من وراء الكواليس فهم إيران وتركيا والجماعات الإرهابية (جماعة الإخوان). أما الممثلون على المسرح فهم وكلاء حرب إيران حزب الشيطان في لبنان ، الحشد الشعبي في العراق بقيادة المجرم الإرهابي قاسم سليماني، الحوثي في اليمن، وحماس في غزة، وحركة النهضة في تونس، والسراج في ليبيا، وجماعة الإخوان الإرهابية في مصر، وحركة شباب الصومال في الصومال، فالأدوار موزعة بشكل متقن، أما الراعي الرسمي الإعلامي التنفيذي فهي قناة الجزيرة.

هدف هذه المسرحية بشكل عام تدمير عالمنا العربي والقضاء عليه وجعل إمبراطوريتين سادتا ثم بادتا: العثمانية والفارسية تهيمنان على عالمنا العربي، وتنهبان خيراته.

الهدف الخاص من هذه المسرحية هو استنزاف ثرواتنا الطبيعية في الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص، التي لديها رؤية طموحة سوف لا تعتمد على النفط كلياً بل جزئياً، وهذا ما يؤرق الغرب والشرق، والذين ينظرون لهذه الرؤية على أنها تهديد لمصالحهم من خلال الاستمرار في بيع الأسلحة، والابتزاز السياسي والعسكري والاقتصادي وغيره. ولكي نبرهن على صحة ما نقول انظروا لضرب معامل أرامكو، انتبهوا لصواريخ كروز وإيران لا تملكها بل أعطيت لها وهي محاصرة؟! وبعدد من الطائرات المسيرة دقيقة التصويب وأيضاً أعطيت لها، ومعلومات استخبارية دقيقة وإحداثيات وأعطيت لإيران، وتعطل بذلك نصف إنتاج السعودية الذي يمد العالم بالطاقة. والسؤال لماذا استهدفت معامل أرامكو؟! والإجابة ببساطة لأنها هي التي تغذي الرؤية الطموحة بل هي وقود الرؤية التي تجعلها تنفذ لكي تصبح السعودية العظمى لا تحتاج لا إلى الغرب ولا إلى الشرق لأنها تعتمد على أربع ركائز طموحة، الطاقة والصناعة والثروة المعدنية وعلى المواطن الذي هو محور التنمية، ثم يأتي توطين العقول والصناعات بجميع أنواعها، والأهم الصناعات العسكرية التي سوف تجعل اعتمادنا على شراء الأسلحة بالمليارات (صفراً)، ولكن يتبقى لدينا عنصر واحد هو سن نظام (التجنيد الإجباري) بعد إنهاء الجامعة للجامعيين مباشرة، وعُمْر واحد وعشرين لمن هم ليسوا في مرحلة الجامعة، وبذلك نصبح ندًّا للجميع وفق سياستنا الثابتة التي لا نتدخل فيها في شؤون الغير ولا نسمح لأحد أن يتدخل بشؤوننا، مركزين على تنمية وطننا والنهوض به بعيداً عن المؤامرات والمسرحيات الهزلية.

هذا هو مربط الفرس (القوة البشرية) التي تدير الآلة. فنحن دولة يصل تعدادنا إلى ثلاثين مليوناً، لدينا القدرة على الدفاع عن أنفسنا. أما المنفذون (المقاولون) أمثال الشاذ الإرهابي خامنئي زعيم الشر في العالم، وأردوغان، الذي بارك وبرر الهجوم الإرهابي على مصدر قوتنا، فإن مصيرهما الزوال. فالشعوب سوف تنتفض على كل الطغاة، الذين نهبوا ثروات شعوبهم من خلال افتعال حروب بالوكالة لتشتيت انتباه الشعوب وإشغالهم بحروب عبثية من أجل سرقة أموالهم.

نخلص إلى القول أننا يجب أن لا ( ننجر) خلف هذه المسرحية الهزلية، والدخول في حروب عبثية تأكل الأخضر واليابس، فالحكم الرشيد لدينا متنبِّه لهذه المسرحية، وإلى الآن يتعامل معها برباطة جأش، لأن المبدأ النفسي يقول لنا أن المثيرات (الاستفزازات) عندما لا تجد (استجابة) فإنها تنطفئ والمثل الشعبي يقول (الحقران يقطع المصران) .

فلنحتفل بيومنا الوطني المجيد ونركز على تنمية وطننا، فهو يوم وطني مجيد يحافظ على وحدتنا الوطنية، وتماسك جبهتنا الداخلية، والعيش بأمن وأمان في ظل قيادة حكيمة.. ودام عزك يا وطن.
3 أما آن أوان انتزاع المبادرة من حكام طهران؟
حنا صالح

الشرق الاوسط

منذ بدأت واشنطن تطبيق العقوبات على النظام الإيراني، وبعد إلغاء الإعفاءات واعتماد سياسة الضغط الأقصى لتصفير الصادرات النفطية الإيرانية، قالت طهران بالفم الملآن، إنها إذا حُرمت إمكانية بيع نفطها فستمنع الآخرين من ذلك، وعلى رأس الآخرين السعودية، التي أثبتت أنها الجهة القادرة على تعويض أي نقص نفطي للحفاظ على استقرار الأسعار، وبالتالي استقرار الاقتصاد العالمي. منذ ذلك الوقت تعرضت المنشآت النفطية وناقلات النفط العالمية وممرات التجارة الدولية في مضيق هرمز وفي باب المندب، لأكثر من 100 اعتداء، كانت خلفها على الدوام بصمات النظام الإيراني، الذي قرر عن وعي عدم انتظار نتائج العقوبات، وما أدت إليه حتى الآن من شح في العائدات المالية لإيران، وهو أمر مدمر، وذهب لفرض تغيير في جدول الأعمال عبر الساحات الطويلة؛ حيث استثماراته العسكرية، من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن، غير عابئ بالنتيجة التي يمكن أن تتأتى عن ذلك. وبعبارة أخرى، فإن طهران تريد إفهام واشنطن أنها بمواجهة عقوبات الحد الأقصى قادرة على مواجهتها بخطوات الحد الأقصى مهما كانت النتائج!

استهداف قلب صناعة النفط السعودي، في بقيق وهجرة خريص، بصواريخ «كروز» وبالطائرات المسيّرة، وبموافقة المرشد الإيراني، والتسبب ولو مؤقتاً في تراجع نسبته 5 في المائة من الاحتياجات النفطية للاقتصاد العالمي، إشارة لا تقبل الجدل بأن نظام الملالي ذاهب إلى أبعد مدى في خطواته الحربية، وغير عابئ بالتسبب في جر المنطقة إلى الحرب؛ لا؛ بل بات يعتقد أن الأضرار ولو كانت كارثية التي ستنجم عن الحرب، أقلّ تأثيراً على النظام الإيراني مما تحدثه العقوبات الاقتصادية الخانقة!

ما جرى من استهداف آثم للسعودية طال الاقتصاد العالمي ويرتب مسؤوليات دولية، والتضارب في الرؤى أو التردد في هذه المرحلة قد يشجع كثيراً حكام طهران على المضي في غيِّهم. الهجوم الإيراني كما وصفته بعض الجهات أشبه بـ«11 سبتمبر (أيلول)» سعودي – عالمي، ما يحتم رداً مناسباً يأخذ صفة العمل الوقائي الواسع، ويأخذ أطرافه بالاعتبار أن ذلك قد يؤدي إلى مواجهة؛ لأن البديل عن ذلك مشكلة فادحة. فغياب الرد سيفتح الباب واسعاً أمام «الحرس الثوري» للمضي في انتقاء الأهداف وضربها، مع تجنب أي هدف أميركي ولو مرحلياً، ومن ثمّ تكليف الحوثي إصدار بيانات التبني، وتكرار تصريحات روحاني – إردوغان المكذوبة، لتغييب مسؤولية حكام طهران، بالزعم أن هناك مسؤولية على المملكة؛ لأنها استجابت لطلب الشرعية اليمنية بالتصدي للانقلاب الذي نفذته الميليشيات الحوثية!

واضح أن طهران ذهبت إلى الحد الأقصى في استغلال أولوية الإدارة الأميركية، وما يراه الرئيس ترمب يخدم حملته الانتخابية للعودة إلى البيت الأبيض في ولاية جديدة، وهو لهذا الأمر بالذات أوقف في اللحظة الأخيرة الرد الأميركي على إسقاط طائرة «الدرون» الأميركية. ورغم ذهاب واشنطن للتشدد في العقوبات على إيران وميليشياتها، وآخرها فرض العقوبات على البنك المركزي الإيراني، مع وسمه بصفة الإرهاب، أي قطع كل علاقة له بأسواق المال العالمية، وهو الأمر الذي وُصِف على نطاقٍ واسع بأنه أشبه بوقف الأكسجين عن مريض في العناية الفائقة، فإن الاقتصاد الإيراني الذي دخل حالة موت سريري، لن يمنع طهران من التحرك تحت سقف الموقف الأميركي باستبعاد الحرب، وكذلك رفض دول الخليج له، والذهاب إلى توجيه ضربات من عيار الاستهداف الذي تعرضت له السعودية، مع ما لذلك من بعدٍ دولي.

المنحى العدواني لنظام الملالي، وتهديدات حسن نصر الله بدمار الأبراج ومدن الزجاج في السعودية والإمارات، مع كل ما يحمله ذلك من رغبات دفينة لنشر السواد والدمار، على ما نرى الأمثلة له في سوريا واليمن والعراق، وفي كل مكان امتد إليه النفوذ الإيراني، لا ينبغي إدراجه فقط في سياق ردِّ طهران على العقوبات التي تبرع إيران في استغلالها.. لا، بل إن إحكام السيطرة الإيرانية على العراق بعد لبنان، والوضع المفتوح في سوريا، عجّل مخطط الملالي استهداف السعودية وكل دول الخليج، وتتحين القيادة الإيرانية الفرصة للرد على «عاصفة الحزم»، التي مهما طال بقاء الميليشيات الحوثية في كهوف صعدة وازدادت جرائمهم، فدور التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية نجح حتى الآن في عزل الحوثيين، وكسر الكماشة الإيرانية الممتدة من العراق إلى اليمن، وهدفها استتباع المنطقة لدولة الولي الفقيه!

لقد أكدت السعودية أنها جاهزة للدفاع عن أرضها وشعبها. ولا شك في أن الرياض تمتلك كثيراً من الأوراق الدفاعية والهجومية في مواجهة العنجهية الإيرانية، وفي الوقت نفسه طالبت المجتمع الدولي بخطوات حاسمة، عندما نبهت إلى أن الاستهداف يتجاوزها، والعالم يمرُّ في وضع اقتصادي متراجع، وبالمباشر هناك مسؤولية على كل الدول التي بنت الجزء الأكبر من نهضتها الاقتصادية استناداً إلى النفط السعودي والخليجي؛ لأن ما تسعى إليه إيران يستهدف مصالح الجميع. هنا بالضبط ينبغي أن يتبلور المستوى الآخر من الرد، الذي يقوم بداية على عزل نظام الملالي، الذي حوّل إيران إلى دولة مارقة باتت قاب قوسين من التحول إلى دولة نووية!

الأمر الأكيد أن طهران كشفت أن لا حدود لاستهدافاتها، للدول والأفراد. فبعد الاعتداء الآثم على السعودية، وتتالي التهديدات الإيرانية بـ«حرب شاملة»، وتحويل المنطقة «ساحة معركة» بعيداً عن الأراضي الإيرانية، وبعد الأدلة التي تضمنها القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الدولية في لاهاي، باتهام قيادي في «حزب الله» في جريمة اغتيال جورج حاوي، كما في محاولتي اغتيال الوزيرين مروان حمادة وإلياس المر، وبالتالي مسؤوليتها عن كل ذلك، وهو الأمر الذي أعاد إلى الأذهان الدور الإيراني في كل الاغتيالات التي عرفها لبنان، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فإن السؤال الحقيقي بعيداً عن الاستنكار والتضامن اللفظي: أما آن أوان انتزاع المبادرة من النظام الإيراني، بعدم الاكتفاء بخطوات محض دفاعية؟ وهي خطوات لن توقف نظام الملالي عن هضم ما حققه من هيمنة وتوسع، ليستأنف بعد ذلك وفق التوقيت الذي يراه المرشد، دفع المنطقة إلى الهاوية، وعندها لا يمكن تصور الأثمان المترتبة؛ لأنها قد تكون فلكية!
4 قراءة من زاوية إيرانية
أمل عبد العزيز الهزاني الشرق الاوسط

إن قرأنا الأحداث من الزاوية الإيرانية، سنفهم السبب الذي دعاها إلى تنفيذ أو التخطيط والاشتراك في تنفيذ العمل الإرهابي من خلال عملائها، على معامل شركة «أرامكو» في بقيق وخريص في السعودية، سنرى الأسباب بلا تشويش أو غموض.
كيف حال إيران منذ عام؟ عام فقط. القرار الأميركي بتصفير الصادرات النفطية الإيرانية كان قراراً كارثياً بالنسبة لطهران؛ لأنه انتزع منها أهم أسلحتها، وهو المال الذي تنفقه على ميليشياتها وشراء ذمم عملائها من الدول العربية وغير العربية، وبرامجها الصاروخية. ثم إدراج «الحرس الثوري»، الذي هو بمثابة شركة عسكرية ضخمة لوجيستياً ومالياً، على قائمة الجماعات الإرهابية؛ مما اضطر دول أميركا اللاتينية، وبخاصة فنزويلا إلى التوقف جزئياً عن التعامل مع «حزب الله». والدول اللاتينية هي الغرفة الخلفية التي يتم فيها إنتاج عوائد تجارة المخدرات وغسل الأموال، لكن الخوف من العقوبات الأميركية جعلها تتراجع بعد تتبع الاستخبارات مسارات التجارة القذرة. اضطرت إيران خلال هذا العام، إلى تسيير سفينتها المحملة بالنفط من مضيق هرمز، مروراً بالقرن الأفريقي، ثم رأس الرجاء الصالح، حتى جبل طارق لدخول البحر الأبيض المتوسط والوصول لسوريا! مليونا برميل نفط تطلب هذه الرحلة الطويلة والشاقة ومع هذا تم رصدها. «حزب الله»، اليد اليمنى للنظام الإيراني في المنطقة العربية وضع صناديق للتبرع، ودعا أتباعه لمنحه مساعدات مالية بسبب الضائقة التي يمر بها. وأخيراً، طار وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى مدينة بياريتس خلال اجتماع قمة السبع، ليعرض على الأوروبيين صفقة يتم فيها التزام إيران بالاتفاق النووي مرحلياً مقابل 16 مليار دولار! ثمن بخس، إن تذكرنا أن فور توقيع الاتفاق النووي في 2015 تسلمت طهران سيولة مقدارها 100 مليار دولار! هذا هو حال إيران منذ عام.
حال غير مسبوقة للنظام الإيراني، موت تدريجي للنظام، لم يُترَك لها خيار للحفاظ على هيمنتها وعبثها في الدول العربية سوى أن تفجر الوضع بقرصنة السفن وتهديد الملاحة، ثم أخيراً العملية الإرهابية التي أربكت العالم باستهداف معامل «أرامكو»، والتسبب في توقف نصف إنتاج الشركة. عمل رهيب، لكن علينا ألا ننسى أنه رهيب لأن الوضع في طهران رهيب. السبب في تردي حال نظام إيران هو العقوبات، والعقوبات فقط لا غير. الفكرة لديّ، وقد ذكرتها في مقال سابق، أن العقوبات تؤثر بشكل عميق، والاستمرار في فرض عقوبات أكثر حدة قد يتسبب في ردة فعل إيرانية عنيفة، لكنه علاج موجع. والجدير بذكره، أن العقوبات النوعية هي الرادعة، مثل تصفير الإنتاج النفطي، وتعطيل البنك المركزي من التعاملات الدولية، ووضع «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب. مثل هذا المستوى من العقوبات، وليست تلك المفروضة على أرصدة بعض الشخصيات، هي التي تمثل ضغطاً فعلياً على النظام.
السعودية استطاعت في وقت وجيز حل معضلة الإنتاج الذي توقف، وطمأنت العالم وأعادت أسعار النفط الخام إلى وضعها قبل الحادثة، بعدما قفزت نحو ستة دولارات على أثر المخاوف من توقف الإمدادات لمدة غير معلومة.
الآن السؤال الذي يراودنا جميعاً، ما العمل؟ السياسة السعودية هادئة ومتزنة، لا يثيرها حتى استهدافها المباشر، ولأن لديها أكثر من خيار على المديين المتوسط والبعيد؛ فهي تتدارس خياراتها مع أصدقائها من الدول الكبرى، التي سارعت لتقديم تأييدها ومساعدتها لكل ما تقرره الرياض في هذا الشأن.
في مقال سابق بعد أن بدأت القوارب الإيرانية باستهداف الملاحة في الخليج ذكرت أن العقوبات هي الكابوس الذي تحاول إيران أن تصحو منه من خلال أعمال استفزازية قد تؤدي إلى نشوب حرب في المنطقة، في العراق مثلاً؛ كونها المنطقة الرخوة التي قد تستعملها إيران في استهداف المملكة، لكن ليست حرباً مباشرة معها. وهذا إن حصل فسيكلف كثيراً من النفقات العسكرية، ويتسبب في تهديد أمني إلى أجل غير مسمى، وهو ما تسعى إليه طهران للضغط على إدارة الرئيس ترمب لمفاوضات جديدة مباشرة أو غير مباشرة تخفف عنها العقوبات. الولايات المتحدة لديها عقدتان في المنطقة؛ العراق وأفغانستان؛ لأنها بدأت فيهما حرباً لم تنتهِ حتى اليوم رغم الاستقرار النسبي الذي يبدو في العراق، لكن واشنطن تدرك أن عراقاً تحت مظلة إيرانية لن يكون آمناً ولا مستقراً.
السيناريوهات العسكرية المطروحة تتمثل في حرب مباشرة مع إيران وهذا السيناريو مستبعد لأنه غير مأمون النتائج، أو ضربات محدودة لمنشآت نفطية لا تعمل أصلاً وسيكون بمثابة عمل رمزي، أو ضربات لمراكز بحثية نووية لا تؤدي إلى تلوث بيئي وهذا يتطلب دقة. والواقع أن أياً منها غير مأمون النتيجة. كما أن استراتيجية الحروب اليوم اختلفت، لم تعد في الاشتباك المباشر، بل كما تفعل إيران، بأذرعها وأفرعها وعملائها. السعودية لديها خيارات متعددة سيحددها أهل الاختصاص، إنما ما يمكن قوله إن على القوى الكبرى التي تقف مع المملكة، وبخاصة الولايات المتحدة. الاستمرار في فرض مزيد من العقوبات الموجعة والمباشرة، وليست الرمزية، حتى وإن كررت إيران أفعالها الإرهابية لن يحسم معركتنا معها سوى الموت البطيء الذي تعيشه اليوم.
5 المسمار في الذهنية العراقية
خالد القشطيني الشرق الاوسط

من الطريف أن نجد أن هذه الأداة الصغيرة، المسمار قد لعبت أدواراً خطيرة في تاريخ العراق وتراثه. ففي فجر حضارتهم في العهد السومري مكّنتهم من صياغة أول نوع من الحروف والكلمات الصوتية، وذلك بتمغ المسمار على الألواح الطينية بأشكال واتجاهات مختلفة تعطي في الأخير كلمات صوتية. هذه أول حروف صوتية عرفها الإنسان قبل ألوف السنين. الكتابة المسمارية.
وقد لعب المسمار دوراً في كلام العراقيين. تسمعهم يقولون هذا مسمار ضربني به فلان. ويكفيك تهجماً بمساميرك عني! ومن حكاياتهم الفولكلورية حكاية الأب وابنه الشرير. وقد أوردها الكاتب اليهودي، ابن الرافدين، سلمان دبي، في كتابه «هاي هي القصة تفضلوا اسمعوها».
تروي الحكاية الشعبية العراقية حكاية الأب الذي ضاق ذرعاً بأفعال ابنه الشرير. فلم يجد ما يبث فيه معاناته بغير استعمال قطعة خشب. راح يدق فيها مسماراً عن كل فعل شرير يقوم به ولده حتى امتلأت الخشبة بالمسامير. وعندما قام الابن بفعل شرير آخر قال له والده: لقد امتلأ لوح الخشب بالمسامير ولم أعد أعرف أين أدق هذا المسمار الجديد. تعجب الولد لسماع ذلك ففرجه الأب على اللوحة، فصعق الابن مما رأى. وعقد العزم على تصحيح سلوكه. فكثيراً ما يعي الإنسان أبعاد سلوكه عندما يراه مجسماً وملموساً أمامه.
قال الولد لأبيه: يا أبتاه، أعاهدك أن أغير سلوكي. ماذا تفعل بهذه اللوحة وما علق بها من مسامير؟ أجابه الوالد: سأخلع مسماراً عن كل فعل خير تقوم به! ودأب الولد على أفعاله الطيبة والوالد يخلع مسماراً من اللوحة عن كل فعل جيد يقوم به الولد. جرى ذلك حتى لم يبق على اللوحة أي مسمار. قال لوالده: انظر يا أبتي. لم يعد هناك أي مسمار على اللوحة.
فقال له الأب: لكن انظر جيداً يا ولدي لتجد كل هذه الثقوب التي خلفتها المسامير المخلوعة. لقد ذهبت مسامير الشر، لكن آثارها ستبقى!
مسمار جحا من نوع هذه الحكايات الحكيمة. قالوا إن جحا أفلس وألزمه الإفلاس أن يبيع داره، ففعل لكنه اشترط على المشتري أن يستثني من البيع مسماراً معيناً في البيت. فوافق المشتري على ذلك، لكنه سرعان ما ندم حين لاحظ أن في كل ليلة ممطرة أو عاصفة يأتي جحا ويدخل البيت ليسهر على سلامة مسماره. يجلس تحته أو ينام بحجة السهر على سلامة المسمار.
وقد نالت هذه الحكاية أبعادا سياسية في عصرنا هذا. فأثناء المفاوضات على الجلاء عن مصر اشترط الإنجليز الجلاء عن عموم مصر مع الاحتفاظ بقاعدة السويس العسكرية. فرددت الصحافة المصرية تقول إن هذه ستكون مسمار جحا نعطي الإنجليز حق الرجوع إلى السويس بحجة حرصهم على سلامة القاعدة. وهكذا أصبح القوم في عموم العالم العربي يرددون حكاية مسمار جحا في سائر المناسبات السياسية.
6 أن تزور بغداد ويخيب الأمل (2-1)

كاظم الموسوي
الوطن العمانية

يشعر الزائر إلى بغداد بعد غياب، بشعور مرتبك بين الفرح ونشوة اللقاءات والزيارات العائلية والأصدقاء والكنوز الحضارية والثقافية، وبين ما يصدم به.. يتحمس نفسيا وعاطفيا وتأخذه الصور المتتالية لحضن الأم والأهل والوطن.. ولكن لا تتم هذه الأمور، كما السفن والرياح، ولا تفي ما يشعر به المواطن العراقي الزائر، في أعماقه، منذ اللحظات الأولى قبل الوصول إلى المطار، والمشاهدة من شبابيك الطائرة من السماء إلى الأرض ومن ثم النزول من الطائرة. لماذا تنقلب المشاعر ويحصل ما يخيب الأمل، ومن المسؤول عنه ومن يتحمل ما جرى ويجري؟! أسئلة كثيرة جارحة وقاسية لكل زائر وضيف ومواطن يقارن بين ما يراه وما عاشه وجربه في المطارات والبلاد التي انطلق منها باتجاه بغداد.
فوضى وتدافع وممارسات لا تعبر عن احترام “وطني” للزائرين كلهم. فالمعروف أن المطار مؤسسة عراقية عامة وليس بيتا أو مضيفا للعلاقات الشخصية والمعارف والوساطات المميزة بين الزائرين، إذ إن المفترض أنهم متساوون في رحلتهم وسفرهم ووصولهم. لا تمييز ولا إزعاجات فردية أو جماعية. لا سيما بعد تصريحات المسؤولين والجهات المختصة حول فتح المطار والاستقبال. وبعد كل تلك السنوات للأسف الشديد أو بدونه ما زالت الصورة قائمة كما هي، حتى الأشجار وملايين الدولارات التي صرفت عليها لم تتغير وتفتح أبواب الطرق والمواصلات وتغطي تجزئتها بين المطار وساحة عباس بن فرناس ومنها إلى عنوان كل مسافر. كانت التصريحات الرسمية التي نشرت عن إلغاء هذا التقسيم والسماح لاستقبال الزائرين مباشرة من مخرج المطار وتوديعه عنده، ولكنها باتت تصريحات “فضائية” كغيرها من التصريحات والأقوال والمواعيد والوعود وفقدان الشعور بالمسؤولية والحرص على التعاملات النزيهة وراحة المواطنين الزائرين. وإذا كان الدخول إلى الوطن من بوابة الطائرة وقاعات المطار بهذا الشكل من الملاحظات المتناقضة والسلبية، فإن عودة الزائر وتوديعه للوطن، الخروج منه، يتم بمأساة فعلية لا يشعر بها المسؤول ولا يهتم بها وتكشف واقعا مؤلما وفسادا صارخا في الإحساس والموقف والاحترام، يمكن اختصارها بأنها إهانة مقصودة للمواطن، وإساءة واضحة موجهة ومنظمة لإذلاله وتخيب أمله في وطنه وإمكانية تطوره. وتزداد الصورة قتامة بعد كل الإزعاج والإساءة وكشف المستور والفضائح التي تزكم الأنوف في المراجعات الرسمية والمعاملات الحكومية، تبرز الكارثة في خطوة العودة والوصول إلى أسوار ساحة عباس بن فرناس، حيث تبدأ عملية أو مسلسل التصرفات التي ترقى إلى الإهانات. وهذه خلاصة موثقة، يدفع السائق أربعة آلاف دينار رسم دخول لمسافة مئة متر فقط للوصول إلى سيارات شركة النقل الخاصة والتي تأخذ أجرة عامة خمسة آلاف دينار للفرد وهناك سيارات تكسي أيضا بسعر عدد الأفراد. (لمن هذه الرسوم ومن يتابعها وكم تدخل ميزانية الدولة منها وهل هناك شفافية في تحصيلها وإيداعها؟!)
ماذا تسمى هذه الممارسات؟! وهل هي تعكس أو تعبر عن موقف الحكومة والجهات المختصة للمواطن الزائر؟! ومن يمسح الانطباعات التي يحملها عن توديعه بهذه الصور التراجيكوميدية التي تدعي حرصها على سلامة المواطن وأمنه؟! فبعد مسافة من الانطلاق يتوقف السائق ويطلب من المسافرين ترك كل متعلقاتهم، من حقائب يدوية وأكياس والنزول من السيارة بملابسهم فقط والاصطفاف على رصيف مجاور، ليشاهد الزائر فصلا مسرحيا عبر جولة “ممثل” مع كلب يدور حول السيارة ويدخل أحيانا من أبواب السيارة المشرعة له، وما أن ينتهي المشهد ينادي السائق مرة أخرى بالعودة إلى الأماكن.
وبعد فترة أخرى يقف السائق ويطلب النزول أيضا ولكن هذه المرة حمل كل المتعلقات والحقائب أيضا والذهاب إلى قاعة فحص الأمتعة، والانتظار عند باب الخروج الآخر منها. وتدخل جموع الزائرين، بكل أعمارهم وأجناسهم مع حقائبهم للوقوف بدور من الفحص والتفتيش. يستقبلهم حراس يسألون عن الجوازات وتذاكر السفر، ومن ثم إدخال الأمتعة إلى الأجهزة مع الأحزمة وكل حديد كالساعة والخاتم وأمثالهما. وبعد فترة قصيرة يقف السائق عند حاجز ويفتح أبواب السيارة حارس آخر يسأل عن الجوازات والتذاكر مرة ثانية أيضا. وما أن تصل بنايات المطار، الموقف الأخير يفتح السائق أبواب السيارة ليحمل كل مسافر حمله، ويذهب إلى ساحة خارج بناية المطار، ويضع الحقائب والأمتعة على الأرض في ترتيب منتظم ويذهب المسافر للتفتيش الفردي من قبل حراس آخرين وينتظر داخل مربع آخر، لإعادة مشاهدة المشهد، للكلب وصاحبه حول الحقائب ومن بعد مسافة تدخل مدخل المطار عبر جهاز فحص الحقائب والأفراد للمرة الثانية. وتتصور انك دخلت المطار وانتهت المعاناة لتتابع رحلتك وتلعن تلك الساعة التي أخذك الحنين فيها وقررت السفر. ولكن لا تمر هذه هكذا فلا بد من فحص آخر بعد قاعة المطار الأولى دخولا إلى مداخل تسليم الحقائب وحجز الأماكن لدى مكتب الخطوط الجوية. وتحسب أنك عبرت الامتحانات كلها ولكن أيضا بعد ختم الجواز تفحص الحقائب اليدوية والأفراد بجهاز أخير قبل الدخول إلى قاعة الانتظار في المطار، حيث يعلن فيها الذهاب إلى بوابة الطائرة التي تغير مشاعرك وتحدد مسيرك. هذه قصة الوداع في مطار بغداد، فهل أدرك المسؤولون ما يحصل باسمهم؟ ومن هي الجهة التي وضعت لهم هذا المسلسل المبرمج لإهانة المسافرين والإساءة لهم دون اعتبار أو تقدير أو احترام؟ يجب إلغاء هذه الإجراءات فورا واحترام كرامة المواطن وإعادة النظر بأساليب الأمن وحماية المواطن والمؤسسات ووضع الأجهزة المناسبة والمتطورة تقنيا ومحاسبة كل من يخالف ذلك وأساء بتصرفه أو بإجراءاته لكرامة المواطن الإنسان.
الوقت الذي يضيعه المسافر، وهو مغادر وطنه، حيث يمر بمراحل قسرية مزعجة تتكرر مرتين، فحص الكلاب، وفحص الجوازات، وفحص الأمتعة، فضلا عما يحدث داخل مبنى المطار، يمكن اختصارها طبعا وباحترام متبادل. فهل هذه خطة “وطنية”؟ وهل يمر بها أبناء المسؤولين وعوائلهم كما يحصل هكذا مع الآخرين؟ إنها صورة وانطباع يفضح عقلية السلطات وأداءها وارتباطاتها بالشعب والوطن المبتلى. ما يحصل في هذه اللقطات والمشاهد يعري السلطات والمسؤولين والأحزاب والقوى السياسية التي تزعم وظيفتها ودورها، لأنها تطبيق عملي وموقف معبر وفضيحة صارخة بكل معانيها.
7 صواريخ “يا علي” المنطلقة من إيران تجاه السعودية إرهاب يستهدف ضرب اقتصاد العالم منى علي
الوطن البحرينية

أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع السعودية العقيد ركن تركي المالكي يوم الأربعاء الماضي، أن الهجوم الإرهابي الذي استهدف منشآت أرامكو في البقيق وهجرة خريص قد جاء من الشمال بدعم من إيران، مستعرضاً الأدلة التي تثبت تورط إيران في أعمال التخريب والإرهاب في المنطقة عبر وكلائها.

المالكي استعرض طائرات مسيرات إيرانية الصنع «درونز»، من طراز «دلتا- ونج» التي شاركت في الهجوم على أرامكو وبقايا طائرات من دون طيار إيرانية الصنع، إلى جانب استعراض مقطع يظهر الطائرات المسيرة التي هاجمت معملي أرامكو وهي تحلق من الشمال للجنوب وصواريخ كروز دقيقة من طراز مدون عليها «يا علي»، وأن الطائرات المسيرة التي هاجمت المنشأتين استخدمت نظام تموضع متقدماً، وهذا الاستعراض العلني يؤكد ويدعم أن المملكة العربية السعودية ليس لديها ما تخفيه بشأن تفاصيل ما حدث مهما حاول الإعلام الإيراني التضليل وادعاء أن الهجمات قد جاءت من اليمن رداً على مزاعم تقدم قوات التحالف العربي.

اللافت في ما فنده المالكي أمام الادعاءات الإيرانية أن الهجوم قد جاء من عصابات الإرهاب في اليمن، إلى أن الحرس الثوري الإيراني أعلن فبراير الماضي امتلاكه طرازاً متقدماً من تلك الصواريخ «على ما يبدو إعلانهم كان يختبئ وراءه هذا المخطط ويحمل رسالة تهديد مبطنة»، موضحاً كذلك أنه تم استخدام 25 طائرة مسيرة وصاروخ كروز للهجوم على المنشأتين في السعودية، وأن هناك 3 صواريخ لم تصب أهدافها في الهجوم، وأن السعودية تفتخر بقدراتها الدفاعية الجوية التي صدت أكثر من 200 صاروخ باليستي.

وقد أكد المالكي أن السعودية لديها أدلة تفند ادعاءات إيران حول الهجوم، وأنه قد انطلق من اليمن كما تزعم أذرع إيران الإرهابية، وأن هذا الهجوم الإرهابي لا يستهدف السعودية فقط وإنما أيضاً المجتمع الدولي وأمن الطاقة، داعياً المجتمع الدولي للتعامل مع ممارسات إيران الخبيثة في المنطقة، خاصة أن هذا الهجوم هو امتداد لهجمات سابقة تقف خلفها إيران.

وأمام ما ذكرته عدد من التقارير الأمريكية التي نشرها الموقع الإخباري CNN، أن الولايات المتحدة حددت مواقع في إيران أطلقت منها الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، وهي مواقع في جنوب إيران وفي الطرف الشمالي للخليج العربي، وأن الدفاعات الجوية السعودية لم توقف الطائرات بدون طيار والصواريخ لأنها كانت موجهة جنوباً لمنع هجمات قادمة من اليمن، وهذه التقارير الأمريكية بالأصل تدعم ما كشفته وزارة الدفاع السعودية أن الهجمات قد جاءت من الشمال لا من الجنوب، أي من اليمن.

إن الهجمات الإرهابية على المنشآت النفطية في السعودية من قبل نظام طهران الجائر وبشكل مباشر هذه المرة، هو تطور إرهابي نوعي، فإيران ومنذ سنوات طويلة تهاجم شرعية وأمن واستقرار الدول العربية من خلال أذرعها الإرهابية المغرر بهم في أوطاننا العربية وزرعها لخلايا إرهابية يتم تدريبهم في معسكراتها الإرهابية في إيران والعراق ولبنان، لكن هذه المرة يبدو أن إيران تود تنفيذ تهديداتها المبطنة التي خرج بها رئيسها حسن روحاني في أغسطس الماضي، حينما قال إنه إذا تم منع إيران من بيع نفطها فإن الممرات المائية الدولية لن تكون آمنة أمام التحركات الأمريكية لتصفير الصادرات النفطية الإيرانية وإزالة نحو 2.7 مليون برميل يومياً من النفط الإيراني من الأسواق العالمية نتيجة لقرار واشنطن إعادة فرض العقوبات على جميع مشتريات الخام الإيراني، فالهجوم الإرهابي يعتبر رسالة انتقام من هذا النظام الجائر لاستهداف المنشآت النفطية السعودية كنوع من محاولات ضرب الاقتصاد العالمي وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، بالأخص منطقة الخليج العربي، حيث إنه، أمام انخفاض إنتاج النفط السعودي إلى النصف، دفع السعودية والولايات المتحدة الأمريكية إلى الإعلان عن إمكانية الاستفادة من احتياطاتهما الاستراتيجية.

كما أن ما ذكره الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن الهجوم الإرهابي على المنشآت النفطية في السعودية رد فعل من الشعب اليمني، مؤشر آخر يكشف مدى تورط النظام الإيراني بهذا الإرهاب الجائر، وأن إيران مستنفرة ومصابة بهستيريا إرهابية جعلتها تتهور وتتورط في هجمات إرهابية مباشرة بدلاً من أن تنفذها أذرعها الإرهابية في اليمن أمام تقدم قوات التحالف في اليمن، وكلها أيضاً دلائل على أسباب تعالي نبرة الهجوم الإعلامي والإلكتروني الإيراني والقطري منذ بدء عاصفة الحزم في اليمن، وأسباب محاولة النظام الإيراني والقطري تحشيد الرأي العام العربي وتأليبه ضد انطلاق عاصفة الحزم للتصدي للمؤامرة الانقلابية في اليمن، والأسباب الحقيقية التي أدت إلى التحرك العسكري والتضامن من قبل قوات التحالف العربي لدعم الشرعية مع الشعب اليمني الشقيق لردع الميليشيات الحوثية التي أرادت اختطاف هوية وشرعية اليمن العربية، وأمام تهديداتهم باقتحام أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة وتهديد أمن السعودية الجنوبي.

إن دعوة السعودية الأمم المتحدة والخبراء الدوليين للمشاركة بالتحقيق في الهجوم على المنشآت النفطية السعودية هي خطوة ذكية تحسب لها، بعد المكاشفات التي ظهرت بها وزارة الدفاع السعودية واستعراضها خلال المؤتمر الصحفي للأسلحة الإيرانية، ما يؤكد أن السعودية دولة حق وأنها لم تتهم إيران جزافاً، إنما لديها كامل الأدلة والإثباتات التي تؤكد عدائية النظام الإيراني وتجاوزاته السافرة، فهذا الهجوم الإرهابي يكشف الوجه القبيح لنظام طهران الجائر ومدى تجاوزاته لمواثيق الأمم المتحدة والقوانين الدولية وتهديد الأمن والسلم الدولي، ولابد من اتخاذات إجراءات دولية من قبل المجتمع الدولي كرد على هذا الهجوم الإرهابي، تماشياً مع التوجه الدولي في الحرب على الإرهاب وتعزيز الأمن والسلام الدولي.

السؤال الذي يلي هذا الهجوم الإرهابي وأمام إعلان رئاسة الأركان العامة في الجيش الكويتي رفع حالة الاستنفار بين أفرادها مع التنسيق الأمني مع مختلف القطاعات العسكرية والأمنية لمواجهة الأخطار المحدقة ورفع حالة الاستعداد القتالي لبعض وحداتها وأعلى درجات الجاهزية والكفاءة القتالية للجيش، هل ستكون هناك حرب عالمية ثالثة -لا سمح الله- وصدام عسكري مباشر بين السعودية وإيران؟ هل ستلجأ إيران إلى تهديد أمن شمال السعودية من خلال مهاجمة الكويت الشقيقة -بعيد الشر- مثلما فعلت في اليمن الشقيق كمحاولة لاختراق الداخل السعودي جنوباً؟

المؤشرات والمعطيات تكشف أن النظام الإيراني قد يقوم في الفترة القادمة بمهاجمات مباشرة وعدائية أمام ازدياد اختناق الاقتصاد الإيراني وتقليم أذرعه الإرهابية في المنطقة والاقتراب من انتهاء الوجود الحوثي على أرض اليمن، وهو ما لا توده إيران بالطبع، وقد تكون هناك هجمات عدوانية مشابهة في مضيق هرمز تستهدف ناقلات النفط البحرية، وأن الكويت اليوم مستهدفة أمنياً وعسكرياً من قبل الميليشيات الإيرانية في المنطقة، بالأخص في العراق وسوريا وإيران، وأنه لا توجد ضمانة حقيقية ألا تتورط إيران في هجمات إرهابية جديدة وبشكل مباشر تستهدف أمن واستقرار دول الخليج العربي، أو ألا تخبئ لنا الأيام القادمة قيام إيران باستهداف أنابيب النفط البرية كذلك.

وأمام إعلان الرئيس الأمريكي يوم الأحد الماضي أن الولايات المتحدة على أهبة الاستعداد للرد على مرتكب الهجوم الإرهابي والمضي قدماً في اتخاذ الإجراء العسكري اللازم وأن الإدارة الأمريكية تبحث الرد العسكري اللازم مما يدعم أن هناك خطوات أمريكية جادة في ردع العدوان الإرهابي الإيراني وأن أمريكا ستكون من أوائل الدول المتصدية له، إلا أن الحكمة تظهر بوضوح في موقف المملكة العربية السعودية التي تسير وفق نظام الإجراءات الدولية في دعوة المجتمع الدولي للمشاركة في التحقيق، مما يعكس أن هناك خطوات جادة من قبل السعودية في إشراك مجلس الأمن للتعامل دولياً مع النظام الإيراني الجائر، حيث إن القضية لا تعني فقط المملكة العربية السعودية أو الولايات المتحدة الأمريكية، إنما أيضاً لها انعكاساتها الأمنية الخطيرة على المجتمع الدولي ككل، وأن الحاجة اليوم تكمن في التعامل مع النظام الإيراني وردع سياساته الإرهابية والتخريبية في المنطقة التي تهدد دول العالم أجمع وبالأخص الاقتصاد الدولي، فإيران اليوم ومن خلال هذا الهجوم السافر تتحدى دول العالم أجمع في قفزها وتجاوزاتها على المواثيق الدولية، وتحاول بسط نفوذ عسكري عدواني لها، دون أن تكترث للأبعاد وتبعات ما تقوم به من إرهاب مسلط نحو النفط سواء باستهداف المنشآت النفطية أو ناقلات النفط، ودون وضع أي اعتبار لردود الفعل الدولية، مما يعني أهمية إيجاد تعامل حازم ورادع لهذا النظام الذي لا يود خيراً ولا يكف إرهاباً وشراً.
8 لماذا لا تساعد الحكومة البريطانية المسيحيين العراقيين؟
هيفاء زنكنة

القس العربي

في مقابلة مع «راديو 4 ـ البي بي سي»، بلندن، صباح يوم الاحد الماضي، تحدث القس العراقي جرجيس، ضمن الفترة المكرسة للبرنامج الديني، عن مأساة المسيحيين في العراق، تعرضهم لشتى الضغوط، ومعاملتهم كأقلية من المستحسن التخلص منها، بأي طريقة كانت، بضمنها التهجير القسري والاغتيال. وكان حديثه مؤثرا حين أكد اختياره البقاء في العراق، لمساعدة الناس، على الرغم من كل التهديدات التي يتلقاها، متسائلا بأسى يعصر القلب بما معناه: أليس العراق وطن المسيحيين منذ العصور السحيقة؟
تحدث القس، ساردا قصته الشخصية، متجنبا الأرقام والاحصائيات، على أهميتها، لأنه من الصعب فهم معنى الأرقام والاحصائيات حين تتعلق بجوانب الحياة اليومية. وتزداد الصعوبة، حتى تكاد تكون مستحيلة، عندما ترتبط بالحياة الانسانية نفسها، وترتفع الأرقام لتتجاوز الآلاف، ما لم يتم ربطها بقصة، يمكن للمرء التماهي معها، بدرجة من الدرجات، لتقترب الأرقام من الأذهان. ولكن، كيف يمكن التقريب بين أعداد ضحايا الحروب وقصصهم، لاستيعاب محنتهم، وقد تجاوزت أعدادهم الملايين، وهي في نمو يزداد تسارعا بمرور الايام، لتشمل، بدرجة أو أخرى، في حصيلة الأمر، كل الناس على اختلاف قومياتهم وأديانهم؟ وكيف يمكن تلافي استخدام القصص الانسانية لاستغلال تعاطف الناس وتجييشهم لصالح أجندة سياسية محددة أو مشروع كولونيالي؟
يمنحنا تاريخ الكولونيالية وحاضرها الاستعماري الجديد، عديد الامثلة على استغلال ظلم الأقليات لتفتيت القضايا وجعل حتى أكثر القضايا إنسانية «غيتو» لما يطلق عليه «تنافس الضحايا»، للفوز بالحماية من ذات الجهة او القوة المسببة للمأساة أو من ترتكب ذات الجرائم ضد آخرين. فمن من الناس لم يتعاطف مع الشابة اليزيدية نادية مراد، التي مرت، بابشع الظروف على يد مقاتلي «الدولة الإسلامية»، وكيف باتت رمزا وصوتا للضحايا من أهلها وأتباع دينها؟ وكان من المفترض ان تكون صوتا للضحايا في جميع انحاء العالم، بعد تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة من قبل الأمم المتحدة، وفوزها بجائزة نوبل، الا انها قبلت بتسخير مأساتها لصالح الكيان الصهيوني (تعمدا أم سذاجة؟) حالما دعيت لزيارته، بدعوة من نائبة صهيونية، لتتحدث في الكنيست عن مأساة «شعبها» والعمل مع « «الإسرائيليين» على انهاء الظلم ضده، متجاهلة بذلك الظلم المستمر الذي توقعه حكومات الكيان الصهيوني، الاستيطاني، العنصري، المتعاقبة ضد الشعب الفلسطيني، بمن فيه النساء الفلسطينيات. هكذا تتم تجزئة معنى «الظلم» ومفاهيم تحقيق العدالة وانهاء الاحتلال، وفق انتقائية منهجية تماثل حماية الغيتو العرقي أو الديني.

إذا كان النظام العراقي قد بذل أقصى جهده، منذ الاحتلال الذي لعبت فيه بريطانيا دورا رئيسيا، عام 2003، لمأسسة مجتمع تسود فيه طائفة واحدة، وأعداد المهجرين قسرا الكبيرة، فانها اختارت التعامي عن مسؤوليتها في الانتهاكات

يأخذنا نموذج نادية مراد، وهي ليست الوحيدة من نوعها، الى البناء الإعلامي حول القصة الشخصية، لجذب الانتباه الى قضية انسانية، واضاءة أحداث قلما يتم الانتباه اليها، اعلاميا، على الاقل، في خضم تسارع الاحداث اليومية المتأججة، فعلا، خاصة في بلداننا، أو المسيرة وفق أجندات سياسية واقتصادية، في جميع انحاء العالم. يقابل الجانب الإنساني الايجابي، فيها جانبا آخر يمنحها امكانية الاستخدام للتضخيم والمبالغة، وتعمل على الغاء قصص الآخرين، او التغطية على جوانب قد تكون اكثر اهمية من غيرها.
خلافا للكثيرين ممن يتم استدراجهم، إعلاميا، للتفوه وفق اجندات جاهزة، تحدث القس جرجيس، بعاطفة عن العراق وعن اسباب اختياره مواصلة العيش فيه، لافتا، في الوقت نفسه، الانظار الى مأساة تفريغ البلد من أهله. وهي نقطة مهمة جدا للدلالة على سياسة نظام يدعي الديمقراطية وتمثيل المواطنين، بينما يقمع معظم المواطنين، وتتنافى سياسته وفساده وممارساته الطائفية، مع أبسط مظاهر الديمقراطية وحقوق الانسان، بضمنها حرية المعتقد الديني. وهي النقطة الجوهرية التي تجاهلها البرنامج الديني الذي فضل إعلاميوه التمشي على سطح مأساة المسيحيين بالعراق بدون التعمق في الاسباب التي أدت الى التحول المذهل تجاههم، في بلد هم جزء لايتجزأ من تركيبته التاريخية. بالاضافة الى ذلك، تم، بعد مقابلة القس العراقي، تقديم موجز لتقرير أعده أسقف كنيسة تورورو فيليب ماونستيفن، بناء على تكليف وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، بعد أن سادت حالة من الغضب حيال المعاملة السيئة والتهديدات بالقتل التي تلقتها الباكستانية آسيا بيبي بعد اتهامها بالتجديف في باكستان. يكشف التقرير، الذي تشكك جهات علمية بصحة طريقة التوصل الى نتائجه وإحصائياته، الى ان 80 بالمئة من المسيحيين يتعرضون للاضطهاد، وان «المسيحيين هم أكثر الجماعات تعرضا للاضطهاد الديني»، وأضاف جيريمي هانت، قائلا: «في بعض المناطق، يقترب مستوى وطبيعة الاضطهاد من التعريف الدولي للإبادة الجماعية». مبينا ان سبب الامتناع عن مواجهة هذه المشكلة هو «وجود قلق في غير موضعه حيال أن يكون الخطاب في هذه القضية صادرا من استعماريين عن دين يرتبط بقوى استعمارية أكثر من ارتباطه بالدول التي دخلناها كمستعمرين».
وهو محق طبعا فيما يخص ارتباط الدين، اي دين كان بالقوى الاستعمارية وسياسة الدول القمعية، فضلا عن الاستغلال الاقتصادي، حيث تشكل الحملة العسكرية التي شنها جيش ميانمار وأدت إلى مقتل الآلاف وتهجير أكثر من 700 ألف شخص من الروهينجا، الأقلية المسلمة، في ظل نظام «ديمقراطي»، أحد الامثلة الحية. كما هو العراق الذي اختاره وزير الخارجية للاستشهاد باحصائياته قائلا» تراجع عدد المسيحيين، في العراق، إلى 120 ألف مسيحي مقابل 1.5 مليون مسيحي قبل 2003». وكان المطران بشار متى وردة، رئيس أساقفة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، في زيارة له الى لندن، في 25 أيار/مايو، قد أكد «انه منذ الغزو الأمريكي للعراق الذي أطاح بنظام صدام حسين في عام 2003، تضاءل عدد المسيحيين بنسبة 83 في المئة»، مطالبا الحكومة البريطانية، في لقاء له مع وزير الخارجية، أن توفر مساعدة عاجلة للأقلية المسيحية.
ما هو نوع المساعدة التي قدمتها الحكومة البريطانية، حتى الآن، للمسيحيين العراقيين وغيرهم ممن يعانون من الاضطهاد والتمييز ومصادرة الحقوق بانواعها، باستثناء منح اللجوء لقلة منهم؟ والسبب؟ اذا كان النظام العراقي قد بذل أقصى جهده، منذ الاحتلال الذي لعبت فيه بريطانيا دورا رئيسيا، عام 2003، لمأسسة مجتمع تسود فيه طائفة واحدة، حسب كل التقارير الحقوقية المحلية والدولية، واعداد المهجرين قسرا الكبيرة، فانها اختارت التعامي عن مسؤوليتها في الانتهاكات والجرائم المرتكبة تحت الاحتلال بل واستمرت في بيع السلاح وتقديم الدعم المعنوي، والاكثر من ذلك الصمت على ممارسات النظام، في اجواء هيأت الارضية للإرهاب، وعدم اتخاذ اية خطوة رادعة بحق المسؤولين وعدد منهم من حاملي الجوازات البريطانية. وهذا ما لم يتطرق اليه مقدمو البرنامج البريطاني أو وزير الخارجية، عند الحديث عن مأساة المسيحيين، متجاهلين مأساة الشعب الذي يعيش آثار جريمة الاحتلال، بشكل يومي من إرهاب واغتيال واحكام اعدام وهدم للبنية المجتمعية، لبلد هو ملك لكل اهله وليس لطائفة أو دين أو عرق «مختار».